رئيس الحكومة التونسية في ثاني زيارة له إلى الجزائر خلال ثلاثة أشهر

الأمن في صدارة المباحثات.. وطموح لإرساء شراكة استراتيجية متكاملة

رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة في طريقه لإجراء مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في مقر إقامته في تونس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة في طريقه لإجراء مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في مقر إقامته في تونس (إ.ب.أ)
TT

رئيس الحكومة التونسية في ثاني زيارة له إلى الجزائر خلال ثلاثة أشهر

رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة في طريقه لإجراء مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في مقر إقامته في تونس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة في طريقه لإجراء مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في مقر إقامته في تونس (إ.ب.أ)

حل مهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية، أمس بالجزائر، في ثاني زيارة له إليها منذ توليه مهامه على رأس الحكومة قبل ثلاثة أشهر، وأول زيارة بعد إعادة انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للبلاد لولاية رئاسية رابعة.
وجاءت زيارة جمعة للجزائر بدعوة من عبد الملك سلال رئيس الوزراء الجزائري، وتدوم يومين. ويرافقه المنجي الحامدي وزير الخارجية، وعدد من كبار المسؤولين. وستركز مباحثات الطرفين على ملفات متعددة أهمها ملف الأمن ومحاربة المجموعات الإرهابية المسلحة المتحصنة على الحدود بين البلدين، والتنسيق المشترك لتأمين الحدود والقضاء على المخاطر الإرهابية.
وذكر بيان لرئاسة الحكومة التونسية أن تونس والجزائر تعملان على ضمان «شراكة استراتيجية متكاملة» في جميع المجالات. وتحتل قضايا محاربة ظاهرة الإرهاب وبسط الأمن على الحدود المشتركة صدارة اهتمامات الطرفين. وقالت مصادر في رئاسة الحكومة التونسية لـ«الشرق الأوسط» إن «ملف الأمن وتأمين الحدود المشتركة ومواجهة معضلة الإرهاب سيكون من بين أهم الملفات المطروحة في المباحثات بين الجانبين، إضافة إلى توقيع اتفاقية للتبادل التجاري، والبحث عن سبل التنمية المشتركة للمناطق الحدودية».
ولم تتوقف المشاورات بين البلدين خاصة بعد نجاح ثورة الربيع العربي في تونس، والخشية من انتقال «عدوى» الثورة إلى الجزائر. وقدمت الجزائر دعما اقتصاديا وسياسيا للحكومات المتعاقبة بعد الثورة، وأسهمت في درء مخاطر المجموعات الإرهابية المتطرفة المتدفقة على تونس من خلال الحدود المشتركة بين البلدين، والممتدة على قرابة 900 كم.
وتدفع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستفحلة في تونس بعد ثلاث سنوات من نجاح الثورة والبحث عن مصادر مالية لتمويل الاقتصاد التونسي، باتجاه دعم العلاقات مع الجزائر البلد النفطي المجاور صاحب الإمكانيات المالية الهائلة. وتعول تونس على الدعم الجزائري لتجاوز الكم المتنامي من المطالب الاجتماعية في مجالي التنمية والتشغيل. وتأمل تونس في الاستفادة القصوى من تجربة الجزائر في مواجهة ظاهرة الإرهاب لأكثر من عقد من الزمن، ومن ثم التخطيط المشترك لتأمين الحدود التونسية ضد مخاطر التنظيمات المسلحة المتحصنة في جبال الشعانبي وسط غرب تونس.
وبشأن الملف الأمني المعقد بين الطرفين وتداخل الإرهاب والتهريب، قال العقيد المتقاعد محمد الصالح الحدري لـ«الشرق الأوسط» إن «الجوانب الأمنية تحظى دوما بالأولوية في مباحثات رئيس الحكومة التونسية مع المسؤولين الجزائريين»، وذلك بهدف تحصين الوضع الأمني في كلا البلدين، على حد قوله. وتسعى الجزائر إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع تونس من خلال سلسلة من اللقاءات بدأت بزيارة رئيس الدرك الجزائري إلى تونس نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وتواصلت من خلال زيارة عبد المالك سلال رئيس الوزراء الجزائري إلى تونس وإشرافه المشترك مع جمعة على أشغال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في الثامن من فبراير (شباط) الماضي.
ويرى متابعون للوضع الأمني على الحدود المشتركة للبلدين أن مشاريع التنمية والقضاء على البطالة تمثل المحور الأساسي للقضاء على التهريب الناشط بين البلدين، من ناحية، وفك الارتباط بين الإرهاب والمهربين المعتمدين على نفس المجال ونفس المسالك، من ناحية ثانية. ومن المتوقع أن يتباحث جمعة وسلال بشأن تفعيل مجموعة من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية الهادفة إلى دفع التنمية بالمناطق الحدودية.
وبشأن البعد الاقتصادي لزيارة رئيس الحكومة التونسية إلى الجزائر، أكد الخبير الاقتصادي التونسي عز الدين سعيدان لـ«الشرق الأوسط» على أهمية الملف الاقتصادي والاجتماعي في ثاني زيارة إلى الشقيقة الكبرى الجزائر. ونبه سعيدان إلى أن الاستقرار الأمني، وتهيئة الظروف للإنتاج والعمل، يفترضان السيطرة على مطالب التنمية والتشغيل غير الملباة. ولم ينف سعيدان حاجة الاقتصاد التونسي الملحة لموارد مالية تسهم في إنعاش الاستثمار، ومن ثم تلبية جزء من مطالب الفئات العاطلة عن العمل المقدرة في تونس بنحو 800 ألف، من بينهم قرابة 350 ألف من حملة الشهادات الجامعية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.