المحكمة العليا في الولايات المتحدة

مبنى المحكمة العليا في واشنطن
مبنى المحكمة العليا في واشنطن
TT

المحكمة العليا في الولايات المتحدة

مبنى المحكمة العليا في واشنطن
مبنى المحكمة العليا في واشنطن

* المحكمة العليا للولايات المتحدة هي أعلى هيئة قضائية في البلاد، وهي قمة السلطة القضائية، التي هي إحدى «السلطات الثلاث» التي تشكل «ثالوث» الحكم في البلاد، بجانب السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) والسلطة التشريعية (مجلسا الكونغرس).
تتكوّن المحكمة العليا للولايات المتحدة من رئيس و8 قضاة معاونين، الذين يعينهم رئيس الجمهورية، ويثبت تعيينهم بـ«مشورة وموافقة» (تصويت بالأغلبية) مجلس الشيوخ. وبعد التثبيت يتولى القضاة مناصبهم مدى الحياة، بخدمة السلوك الحسن، التي لا تنتهي إلا عند الوفاة أو الاستقالة أو التقاعد أو الإدانة. ويقع مقر المحكمة الذي أُسس بموجب التشريع الثالث في الدستور الأميركي (1789) في مبنى المحكمة العليا بالعاصمة واشنطن. وهي في المقام الأول محكمة استئناف، لكنها لا تملك الاختصاص الأصلي إلا في مجموعة صغيرة من الحالات.

أعضاء المحكمة الحاليون
تضم المحكمة العليا حالياً - قبل البت باختيار القاضي نيل غورستش - القضاة التالية أسماؤهم:
جون روبرتس (62 سنة) وهو رئيس المحكمة، عيّن في عهد الرئيس جورج بوش الابن، وبدأ عمله يوم 29 سبتمبر (أيلول) 2005، حل محل القاضي ورئيس المحكمة السابق ويليام رينكويست.
أنطوني كيندي (80 سنة)، عيّن في عهد الرئيس رونالد ريغان، وبدأ عمله يوم 18 فبراير (شباط) 1988، حل محل القاضي لويس بوويل.
كلارنس توماس (68 سنة)، عيّن في عهد الرئيس جورج بوش الأب، وبدأ عمله يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 1991، حل محل القاضي ثورغود مارشال.
روث بايدر غينزبرغ (84 سنة)، عيّنت في عهد الرئيس بيل كلينتون، وبدأت عملها يوم 10 أغسطس (آب) 1993، حلت محل القاضي بايرون وايت.
ستيفن براير (78 سنة)، عيّن في عهد الرئيس بيل كلينتون، وبدأ عمله يوم 3 أغسطس 1994، حل محل القاضي هاري بلاكمون.
صامويل آليتو (67 سنة)، عيّن في عهد الرئيس جورج بوش الابن، وبدأ عمله يوم 31 يناير (كانون الثاني) 2006، حل محل القاضية ساندرا داي أوكونور.
سونيا سوتومايور (62 سنة)، عيّنت في عهد الرئيس باراك أوباما، وبدأت عملها يوم 8 أغسطس 2009، حلت محل القاضي ديفيد سوتر.
إيلينا كاغان (56 سنة)، عيّنت في عهد الرئيس باراك أوباما، وبدأت عملها يوم 7 أغسطس 2010، حلت محل القاضي جون بول ستيفنز.
وعليه، تضم المحكمة 5 رجال (روبرتس وكيندي وتوماس وبراير وآليتو) و3 نساء (بايدر غينزبرغ وسوتومايور وكاغان). أحد هؤلاء القضاء من أصل أفريقي (توماس)، وقاضية من أصل لاتيني (سوتومايور)، أما الباقون فمن البيض الأوروبيين غير الهسبانيكيين. ويذكر أنه خلال القرن الـ19، كان كل القضاة من الرجال البيض الأوروبيين والغالبية الساحقة من البروتستانت. لكن اليوم، على صعيد المذاهب الدينية، فإن 5 من القضاة مسيحيون كاثوليك (روبرتس وكيندي وتوماس وآليتو وسوتومايور) و3 يهود (بايدر غينزبرغ وبراير وكاغان). وبالنسبة للولاء الحزبي، ينتمي إلى الحزب الجمهوري أو يؤيده كل من القضاة روبرتس وكيندي وتوماس وآليتو، بينما ينتمي إلى الحزب الديمقراطي أو يؤيده كل من القضاة بايدر غينزبرغ وبراير وكاغان، وكانت القاضية سوتومايور ديمقراطية حتى 2009، وهي اليوم مستقلة.

رؤساء المحكمة العليا
- جون جاي (تولى المنصب بين 1789 - 1795)، تولى منصب وزير الخارجية بالوكالة في عهد الرئيس جورج واشنطن.
- جون رتليدج (1795 بين يونيو/ حزيران، وآخر ديسمبر/ كانون الأول).
- أوليفر إلزوورث (1796 – 1800).
- جون مارشال (1800 – 1835)، تولى منصب وزير الخارجية قبل ترؤسه المحكمة العليا، وذلك في عهد الرئيس جون آدامز.
- روجر تايني (1836 – 1864)، تولى منصب وزير المالية قبل ترؤسه المحكمة العليا، وذلك في عهد الرئيس آندرو جاكسون.
- سالمون تشايز (1864 – 1873)، تولى منصب وزير المالية قبل ترؤسه المحكمة العليا، وذلك في عهد الرئيس أبراهام لنكولن.
- موريسون ويت (1874 – 1888).
- ملفيل فولر (1888 – 1910).
- إدوارد دوغلاس وايت (1910 – 1921).
- ويليام هوارد تافت (1921 – 1930)، الشخص الوحيد الذي احتل أعلى منصبين في تاريخ الولايات المتحدة؛ هما رئاسة الجمهورية (1909 – 1913) ورئاسة المحكمة العليا.
- تشارلز إيفانز هيوز (1930 – 1941)، تولى منصب وزير الخارجية قبل ترؤسه المحكمة العليا، وذلك في عهد الرئيس هربرت هوفر، وكان المرشح عن الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية عام 1916، لكنه خسر أمام المرشح (الرئيس) الديمقراطي وودرو ويلسون.
- هارلان ستون (1941 – 1946).
- فرد فينسون (1946 – 1953)، تولى منصب وزير المالية قبل ترؤسه المحكمة العليا، وذلك في عهد الرئيس هاري ترومان.
- إيرل وارين (1953 – 1969)، كان حاكماً لكاليفورنيا، والمرشح لمنصب نائب الرئيس الأميركي عام 1948 مع المرشح الرئاسي الجمهوري توماس ديوي حاكم نيويورك. تولى ترؤس لجنة التحقيق باغتيال الرئيس جون كيندي.
- وارين برغر (1969 – 1986).
- ويليام رينكويست (1986 – 2005).
- جون روبرتس (منذ 2005 - ....).



كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.