تركيا: لا أطماع لنا في سوريا ونريد ملاذات آمنة ومناطق حظر جوي

ترحيب واسع بالقصف الأميركي ومطالبة بإزاحة فورية للأسد وانتقادات لموسكو وطهران

اردوغان مخاطبا أنصاره في هاتاي أمس (أ.ب)
اردوغان مخاطبا أنصاره في هاتاي أمس (أ.ب)
TT

تركيا: لا أطماع لنا في سوريا ونريد ملاذات آمنة ومناطق حظر جوي

اردوغان مخاطبا أنصاره في هاتاي أمس (أ.ب)
اردوغان مخاطبا أنصاره في هاتاي أمس (أ.ب)

رحبت تركيا ترحيبا واسعا بالضربة الجوية الأميركية في سوريا، إلا أنها اعتبرتها غير كافية، مطالبة بفرض مناطق حظر طيران وملاذات آمنة، وبالإطاحة فورا برئيس النظام السوري بشار الأسد، وتشكيل حكومة انتقالية. ومن ناحية أخرى، أكد الرئيس رجب طيب إردوغان ألا أطماع لتركيا في سوريا، لكنها تريد إقامة ملاذات آمنة، وأن «الوقت قد حان لاتخاذ خطوات جادة لحماية الشعب السوري»، مضيفا: «تركيا ستقضي على الإرهابيين الذين ظلموا الأبرياء في إدلب وحلب».
إردوغان كان يتكلم وسط حشد من أنصاره في مدينة هطاي المتاخمة للحدود السورية بجنوب تركيا، عقب افتتاح عدد من المشروعات في إطار حملة دعم التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء على تعديل الدستور للانتقال إلى النظام الرئاسي في 16 أبريل (نيسان) الحالي. ومما قاله إن هدف تركيا هو تحقيق الأمان في المنطقة وتحقيق الأمان لشعبها، وليس لها أي أطماع في المنطقة، مؤكدا أنهم يسعون للقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية.
وشدد الرئيس التركي على أن «الشعب السوري فقط هو من يجب أن يقرر مستقبل سوريا دون تدخلات خارجية». وأعرب عن الرغبة في توسيع المناطق الآمنة شمال سوريا من أجل استيعاب اللاجئين السوريين، وتسخير جميع الإمكانات من أجل الوقوف إلى جانب المظلومين في سوريا.
ومن جهة ثانية، اعتبر إردوغان أن القصف الأميركي في سوريا فجر أمس الجمعة «كان خطوة إيجابية لكنها غير كافية، ويجب اتخاذ خطوات فعلية تجاه إنشاء ملاذات آمنة في سوريا» مؤكدا امتلاك أنقرة الإمكانات الكافية لوقف المنظمات الإرهابية، ولافتا إلى أن الدعوة لإنشاء ملاذات آمنة في سوريا «قرار صائب... ولن ننسى الأبرياء الذين يتعرضون للقتل في سوريا، وهو انتهاك واضح لحقوق الإنسان».
وكان الرئيس التركي إردوغان قد استبق العملية الأميركية، بإعلانه استعداد بلاده للقيام بكل ما يقع على عاتقها حيال أي تحرك بخصوص الملف السوري، تعليقا على تصريحات ترمب بخصوص الإجراءات المحتملة ضد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على خلفية هجوم خان شيخون الكيميائي، قبل تنفيذ العملية الأميركية في وقت لاحق. وقال إردوغان، معلقا على تصريحات ترمب: «ينبغي ألا تظل مجرد تصريحات، وإذا ما اتُّخذت أي إجراءات فعلية على أرض الواقع، فتركيا مستعدة لعمل ما يقع على عاتقها وما يلزم في هذا الخصوص». ومن ثم، انتقد الموقف الدولي من الأزمة السورية، معتبرا أن اقتصار التعاطي مع تلك الأزمة عند استخدام الأسلحة الكيميائية فقط «أمر خاطئ». ولفت إردوغان إلى أنه بحث الهجوم مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، «إلا أنه قال لي لم يتبيّن بعد هل الأسد يقف خلف الهجوم أم لا! إذا كان السيد بوتين لم يفهم ذلك بعد مرور 3 أيام، فهذا أمر يحزننا». وتابع: «ينبغي أن نتجاوز ذلك (التردد) بسرعة، وأن نصدر قرارنا، لنعرف من هو الصديق، ومن هو العدو، ومن هو الفيروس في المنطقة... ولنتخذ خطواتنا على ضوء ذلك».
في هذه الأثناء، قوبلت العملية الأميركية بترحيب كبير في تركيا، واعتبر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين الهجوم الصاروخي الأميركي على قاعدة الشعيرات الجوية في حمص: «ردا إيجابيا على جرائم الحرب التي يرتكبها النظام السوري، ويشكل خطوة مهمة في عدم بقاء الهجمات الكيميائية والتقليدية للنظام السوري من دون رد». وشدد كالين، في بيان، على ضرورة إنشاء ملاذ آمن ومنطقة حظر جوي بأسرع وقت، من أجل تفادي مجازر مشابهة للمجزرة بالأسلحة الكيميائية التي شهدتها بلدة خان شيخون في إدلب. وأكد أهمية التحرك المشترك للمجتمع الدولي من أجل إنهاء المأساة الإنسانية في سوريا.
ومن جانبها، أعلنت وزارة الخارجية التركية أيضاً، أنها تعتبر الهجوم الصاروخي الأميركي «أمراً إيجابياً للغاية». وقالت في بيان: «تركيا ستدعم كل الخطوات التي من شأنها ضمان عدم بقاء الجرائم دون عقاب، ومحاسبة مرتكبيها». وأضاف البيان أن العالم بأسره «شاهد على وحشية النظام السوري واستهدافه المدنيين بشتى أنواع الأسلحة على مدار السنوات الست الماضية»، وأن «تركيا بصفتها دولة تستضيف 3 ملايين سوري، ستواصل تعاونها مع المجتمع الدولي من أجل الوقوف أمام النظام السوري وردعه عن استهداف شعبه، إلى جانب تمهيد الطريق للوصول إلى حل سياسي للأزمة».
وبينما رحب نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش، بالعملية الأميركية ووصفها بالتطور الإيجابي والمعبر، مشددا على ضرورة معاقبة نظام الأسد على الصعيد الدولي، قال وزير الدفاع التركي فكري إيشيك، إنه ينظر بأهمية لتنفيذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب وعوده في استهداف قوات النظام السوري، داعيا المجتمع الدولي بأسره للتضامن بشأن استهداف أميركا لقوات النظام السوري. وفي سياق موازٍ، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن أميركا أبلغت بلاده قبل أن تشن الهجوم الجوي ضد القاعدة السورية في حمص عبر السفير الأميركي لدى أنقرة جون باس، الذي تواصل مع وكيل وزارة الخارجية أوميت يالجين. وأضاف، في تصريحات أدلى بها في أنطاليا بجنوب تركيا أمس الجمعة، أنه تحدث هاتفيا مع نظرائه في فرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، داعيا إلى ضرورة انسحاب رئيس النظام السوري بشار الأسد من السلطة فورا، وتشكيل حكومة انتقالية. في الوقت نفسه، انتقد جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية الدور الإيراني في المنطقة، قائلا إن طهران «تمارس سياسات غير صحيحة، وعليها أن تراجع سياساتها تجاه دول الخليج».
هذا، وكانت تركيا قد بعثت، الخميس، رسالة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، تطالب فيها بمعاقبة نظام بشار الأسد على شنه هجوماً بالأسلحة الكيميائية على بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب السورية، الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 مدني، غالبيتهم من الأطفال.
وأكدت الرسالة أن نظام الأسد واصل استخدام الأسلحة الكيميائية في خان شيخون، و«انتهك» بذلك قرارات مجلس الأمن. واعتبرت أن استخدام الغازات الكيميائية «جريمة حرب»، و«جريمة ضد الإنسانية»، و«انتهاكاً» لمعاهدة حظر هذه الأسلحة. وأشارت الرسالة إلى أن النظام السوري لديه سجل سيئ في استخدام مواد كيميائية سامة ضد شعبه بكل قسوة، وتم توثيق ذلك في الغوطة الشرقية بريف دمشق في أغسطس (آب) 2013. وفي 20 و30 مارس (آذار) الماضي في سوريا (دون ذكر مكان محدد)، وأخيراً الهجوم الأخير على خان شيخون.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.