تأييد خليجي كامل للضربات الأميركية رداً على جرائم الأسد

المعلمي لـ «الشرق الأوسط»: نراقب عن كثب التحركات في مجلس الأمن... وسندعم سوريا عبر الأصدقاء

مصابون في الهجوم الكيماوي يغادرون مستشفى في هاتاي التركية بعد تلقيهم العلاج (أ.ف.ب)
مصابون في الهجوم الكيماوي يغادرون مستشفى في هاتاي التركية بعد تلقيهم العلاج (أ.ف.ب)
TT

تأييد خليجي كامل للضربات الأميركية رداً على جرائم الأسد

مصابون في الهجوم الكيماوي يغادرون مستشفى في هاتاي التركية بعد تلقيهم العلاج (أ.ف.ب)
مصابون في الهجوم الكيماوي يغادرون مستشفى في هاتاي التركية بعد تلقيهم العلاج (أ.ف.ب)

أيَّدَت كل من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر ودولة الكويت، العمليات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد أهداف عسكرية داخل سوريا، رداً على استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية ضد المدنيين الأبرياء أودت بحياة العشرات، من بينهم أطفال ونساء.
مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية أوضح، أمس، أن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين الأبرياء «استمرار للجرائم البشعة التي يرتكبها النظام منذ سنوات ضد الشعب السوري الشقيق»، مشيراً إلى تأييد السعودية الكامل للعمليات العسكرية الأميركية على أهداف عسكرية سورية، منوهاً بالقرار الشجاع للرئيس الأميركي دونالد ترمب «الذي يمثل رداً على جرائم هذا النظام تجاه شعبه في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن إيقافه عند حده».
وحمّل المصدر السعودي، النظام السوري مسؤولية تعرّض سوريا لهذه العمليات العسكرية «التي جاءت رداً على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين الأبرياء، مما أودى بحياة العشرات من بينهم أطفال ونساء في بلدة خان شيخون (محافظة إدلب)، التي تأتي استمراراً للجرائم البشعة التي يرتكبها هذا النظام منذ سنوات ضد الشعب السوري الشقيق». وتُعَد السعودية، أول دولة أعلنت تأييدها للعملية العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة، فجر أمس، ضد قاعدة الشعيرات الجوية بمحافظة حمص، مستهدفة طائرات سوريا ومحطات تزويد الوقود ومدرجات المطار، في رد أميركي على قصف نظام بشار الأسد خان شيخون في إدلب بالأسلحة الكيماوية.
هذا، وصرح السفير عبد الله المعلمي مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة خلال اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» معه بأن الموقف السعودي «ثابت من فترة طويلة، حول تأييد الشعب السوري وتأييد تطلعاته المشروعة، وهذا البيان الصادر من الخارجية السعودية، يعيد التأكيد على هذه المواقف السعودية التي لم تتغير على الإطلاق». وأشار السفير المعلمي إلى أن هذا البيان «يأتي في المقام الأول تأكيداً على ثبات الموقف السعودي، إلا أنه يُستفاد منه في توضيح دور السعودية، الذي من خلاله نعمل على جذب وتأسيس قاعدة عريضة للتأكيد على الموقف السعودي وموقف الشعب السوري»، لافتاً إلى أن السعودية نجحت في عدد من القرارات التي طرحت من الجمعية العامة. وقال المندوب السعودي إن «التحركات الآن تجري في أروقة مجلس الأمن، ورغم أن السعودية ليست عضواً فيه، فإنها ستعمل في هذا الجانب لدعم الأشقاء في سوريا، وسيكون تحركنا في مجلس الأمن من خلال الدول الشقيقة والصديقة، ونراقب ما يحدث في مجلس الأمن ونرقب أن يحدث الأفضل».
وشدد السفير المعلمي، على أن العملية العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة الأميركية لمواقع سورية «رسالة موجهة إلى النظام السوري بأن التصرفات التي يقوم بها النظام لم تعد مقبولة على الساحة العالمية وعلى مستوى الرأي العام، وأن هذه الأعمال غير مقبولة، وستواجَه بعواقب شديدة، وسيشاهد النظام السوري هذه العواقب». وحول ما قدم من مشاريع قرارات منها مشروع قرار «أميركي - بريطاني - فرنسي» لمشروع روسي وآخر سويدي، قال المعلمي إن «جلسات التشاور ما زالت مستمرة منذ الخميس، ولم يكن هناك أي إجماع على كل المشاريع التي قُدّمت في الشأن السوري، وقد تستمر هذه الجلسات لساعات مقبلة».
وفي المنامة، نوهت وزارة الخارجية البحرينية في بيان لها أمس بمضامين كلمة الرئيس دونالد ترمب «التي تعكس العزم والرغبة في القضاء على الإرهاب بكل أشكاله»، مشيرة إلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها الولايات المتحدة، في هذا المجال، كما أكدت وقوف مملكة البحرين إلى جانب أميركا في حربها ضد الإرهاب أينما وُجِد وبكل حزم. وأكدت الخارجية البحرينية أن «هذا الموقف الأميركي الواضح يشكل دعماً لجهود إنهاء الأزمة السورية، ويشدد على ضرورة التزام جميع الأطراف بإعلاء مصلحة الشعب السوري والعمل بكل جدية وشفافية لإنهاء معاناته، وأن تتضافر جميع الجهود من أجل ضمان وقف إطلاق النار، والتهيئة لمفاوضات تفضي لحل سياسي شامل، استناداً إلى بيان مؤتمر (جنيف1) لعام 2012، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبما يحفظ لسوريا سيادتها ووحدة أراضيها وسلامة شعبها».
وفي أبوظبي أعربت الإمارات عن تأييدها الكامل للعمليات العسكرية الأميركية على أهداف عسكرية في سوريا، وحمّل الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، النظام السوري مسؤولية ما آل إليه الوضع السوري، كما نوَّه بالقرار الذي وصفه بالشجاع والحكيم «والذي يؤكد حكمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويبرز ويعزز مكانة الولايات المتحدة بعد تقاعُس مجلس الأمن الدولي عن أداء دوره في حماية السلم والأمن الدوليين، ويجسِّد تصميم الرئيس الأميركي على الرد الحاسم على جرائم هذا النظام تجاه شعبه وإيقافه عند حده».
إلى ذلك، ذكر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويت، أن دولة الكويت تؤكد رفضها القاطع واستنكارها الشديد لاستخدام جميع أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة الكيماوية لما تمثله من انتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية. وأوضح المصدر في تصريح صحافي، أمس، أن «هذه الخطوة تأتي نتيجة عجز المجتمع الدولي، ممثلاً بمجلس الأمن، عن وضع حد لمأساة الشعب السوري الشقيق»، مؤكداً على «ضرورة إلزام كل الأطراف وحَملِهم على التجاوب مع المساعي الدولية للوصول إلى الحل السياسي المنشود الذي يعيد لسوريا أمنها واستقرارها ويحقن دماء شعبها».
وأخيراً أعربت دولة قطر عن تأييدها للعمليات العسكرية، إذ أكدت وزارة الخارجية في الدوحة، في بيانٍ لها أمس، أن «استمرار الجرائم البشعة التي يرتكبها هذا النظام منذ سنوات ضد الشعب السوري الشقيق، والتي أودت بحياة الآلاف، بينهم أطفال ونساء، تتطلب منا تكثيف الجهود لوضع حد لمأساة الشعب السوري الشقيق». وحمّلت الخارجية القطرية، النظام السوري مسؤولية تعرُّض سوريا لهذه العمليات العسكرية. ومن ثم، دعت قطر، المجتمع الدولي إلى ضرورة الاضطلاع بمسؤولياته لوقف جرائم النظام واستخدامه للأسلحة المحرمة دولياً، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم للعدالة الدولية، وإيجاد حل للأزمة يستجيب لإرادة الشعب السوري، وتشكيل حكومة انتقالية تضمن الحفاظ على وحدة سوريا ومؤسساتها.



«خط أحمر»... «الحكومة الموازية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموازية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».