اليونان تنصاع لشروط الدائنين وتتجنب أزمة مالية وشيكة

أثينا تخفض رواتب التقاعد للمرة الـ14 منذ 2010

اليونان تنصاع لشروط الدائنين وتتجنب أزمة مالية وشيكة
TT

اليونان تنصاع لشروط الدائنين وتتجنب أزمة مالية وشيكة

اليونان تنصاع لشروط الدائنين وتتجنب أزمة مالية وشيكة

توصلت اليونان ودائنوها أمس (الجمعة) خلال اجتماع وزراء مال دول «منطقة اليورو» في مالطة إلى «اتفاق مبدئي» حول الإصلاحات التي يترتب على أثينا القيام بها للخروج من الأزمة بعد أشهر من القلق المتزايد بشأن انتعاش الاقتصاد اليوناني.
وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي «أريد أن أرحب بالاتفاق المبدئي الذي يأتي بعد أشهر من العمل الشاق»، وأضاف: «حان الوقت لإنهاء حالة الشك المحيطة بالاقتصاد اليوناني».
من جهته، صرح رئيس «مجموعة اليورو» يورن ديسلبلوم، بأن «النبأ السار اليوم هو أننا تمكنا من تسوية المشكلات الكبرى المتعلقة بالإصلاحات التي يجب القيام بها»، وكان ديسلبلوم صرح عند وصوله إلى الاجتماع في فاليتا، الذي يشارك فيه وزراء مالية الدول الـ19 الأعضاء في «منطقة اليورو»، بأنه يتوقع نتائج «إيجابية».
من جهته، مارس موسكوفيسي بعض الضغط على كل الأطراف. وقال: «إنه يوم مهم، وعلى الجميع العمل من أجل إنجاز تفاصيل اتفاق جيد». وأشار إلى أن «اليونان تحتاج إلى ذلك. حان الوقت لإنهاء الشكوك التي تزعج المستثمرين»، وكان يفترض أن تنتهي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي المفاوضات التي ستسمح بصرف دفعة جديدة من قرض بقيمة 86 مليار يورو، تم الاتفاق عليه في يوليو (تموز) 2015؛ وذلك في إطار الخطة الثالثة لمساعدة اليونان التي تستمر حتى يوليو 2018.
وتحتاج اليونان إلى هذا المال لتسديد استحقاقات تتجاوز قيمتها سبعة مليارات يورو في يوليو. ومقابل هذا القرض الجديد، يفترض أن تطبق الحكومة اليونانية بعض الإصلاحات التي تريدها الجهات الدائنة بهدف تعزيز القدرة التنافسية لاقتصادها، لكن ما يزيد من تعقيد الملف هو أن أثينا وكذلك الجهات الدائنة، «منطقة اليورو» وصندوق النقد الدولي، تقيّم الوضع الاقتصادي في اليونان للسنوات المقبلة وطرق معالجة ذلك، بشكل مختلف عن الآخرين.
ويرى صندوق النقد الدولي الذي يلعب حاليا دور الاستشاري التقني في خطة المساعدة الثالثة، أن أهداف الميزانية التي حددتها أثينا للأوروبيين لا يمكن تحقيقها إلا إذا التزمت الحكومة اليونانية من الآن بدء تطبيق إصلاحات إضافية اعتبارا من 2019 من بين هذه الإجراءات اقتطاعات إضافية في رواتب التقاعد وخفض عتبة الإعفاء الضريبي ورفع القواعد التي تضبط سوقي الطاقة والعمل.
وكانت أثينا ترى أن هذه الطلبات «غير مناسبة»، خصوصا فيما يتعلق برواتب التقاعد التي ستتعرض للخفض للمرة الرابعة عشرة منذ 2010، لكنها وافقت في النهاية.
وقال جيري رايس، الناطق باسم صندوق النقد الدولي في واشنطن، الخميس «نشهد تقدما في المحادثات، لكن ما زالت هناك قضايا عالقة».
وكانت المفاوضات متوترة مع اقتراب موعدي الانتخابات الرئاسية في فرنسا في السابع من مايو (أيار) المقبل والانتخابات التشريعية في ألمانيا في سبتمبر (أيلول) المقبل.
وتدعو برلين البلد المانح الرئيسي لليونان، إلى الحزم حيال هذا البلد، وتؤيد مطالب صندوق النقد الدولي؛ لأنها ترغب في أن يساهم ماليا في الخروج من الأزمة، لكن الاقتراح الآخر الذي تقدمت به هذه المؤسسة المالية الدولية بتخفيف ديون اليونان لتجنيبها إجراءات جديدة، مرفوض من قبل ألمانيا، وستكون هذه القضايا بالتأكيد على جدول أعمال المحادثات التي ستجرى في 21 و22 أبريل (نيسان) الحالي خلال الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي في واشنطن، الذي يشارك فيه وزراء «منطقة اليورو».
من جانبه، صرح وزير المالية اليوناني يوكليد تساكالوتوس، بأن بلاده توصلت إلى «اتفاق مهم» مع الجهات الدائنة بعد المحادثات التي جرت بين الطرفين بشأن شروط الحزمة المقبلة من مساعدات الإنقاذ لأثينا.
وسيُسمح للحكومة اليونانية بزيادة النفقات الحكومية على موازنة بعض الملفات الاجتماعية، مثل فقر الأطفال والتوظيف والإسكان والرعاية الصحية لأرباب المعاشات.
وقال تساكالوتوس: إن الأطراف الدائنة بدت ملتزمة باختتام المحادثات «قبل الصيف»، حيث تحتاج اليونان إلى صرف القرض من أجل الوفاء بديونها المستحقة في يوليو المقبل.
وصرحت مصادر مطلعة على المحادثات بأنه تم التوصل إلى حل وسط سياسي بشأن المزيد من الإصلاحات وإجراءات خفض الإنفاق، وتسمح هذه التسوية للجهات الدائنة بإنهاء مراجعة الماليات اليونانية والإفراج عن الحزمة الثانية في إطار اتفاق المساعدات الذي أبرم في يونيو (حزيران) عام 2015.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.