القيارة بلا دخان... لكن الأضرار كبيرة

بعد 8 أشهر من تفجير «داعش» عشرات الآبار النفطية فيها

فريق إطفاء يحاول إخماد حرائق آبار النفط في القيارة («الشرق الأوسط»)
فريق إطفاء يحاول إخماد حرائق آبار النفط في القيارة («الشرق الأوسط»)
TT

القيارة بلا دخان... لكن الأضرار كبيرة

فريق إطفاء يحاول إخماد حرائق آبار النفط في القيارة («الشرق الأوسط»)
فريق إطفاء يحاول إخماد حرائق آبار النفط في القيارة («الشرق الأوسط»)

بعد محاولات عدة استمرت ثمانية أشهر، تمكنت فرق وزارة النفط العراقية خلال الأيام الماضية من إخماد حرائق 22 بئرا نفطيا في حقول ناحية القيارة (جنوب الموصل) كان مسلحو «داعش» أشعلوها وفجروا غالبيتها قبل تحرير الناحية في نهاية أغسطس (آب) الماضي.
وقال مدير ناحية القيارة التابعة لمحافظة نينوى، صالح الجبوري، لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنت الفرق العاملة في إطفاء حرائق آبار القيارة النفطية، من إطفاء آخر الآبار المحترقة، وبهذا أخمدت الحرائق في حقول القيارة النفطية بشكل كامل». وأضاف أن «سماء الناحية الآن أصبحت صافية بعد انتهاء سحب الدخان السوداء الكثيفة التي كانت تغطيها منذ الصيف الماضي».
ولفت إلى الأضرار التي لحقت بالناحية من جراء الحرائق، قائلا إن «عشرات الدور السكنية في الناحية تعرضت لأضرار كبيرة نتيجة سحب الدخان، خصوصا أن البئرين رقم 38 ورقم 39 ضمن الآبار المحترقة قريبان جدا من مركز الناحية، وتسبب هذا بنزوح أكثر من مائة عائلة من منازلها، ولم تعد حتى الآن». وأضاف أن «غالبية الدور السكنية في الناحية أصبحت سوداء وتلطخت بالقير من جراء احتراق الآبار النفطية»، لافتا إلى أن «مساحات واسعة من الأراضي الزراعية تعرضت للدمار بسبب القير المحروق الذي سال من الآبار المحترقة باتجاه هذه الأراضي مكونا مستنقعات كبيرة تمنع الزراعة فيها في الوقت الحالي لأنها ملوثة».
وناشد الجبوري وزارة النفط إعادة إصلاح وتأهيل حقول القيارة النفطية التي تحتضن نحو 97 بئراً، وإعادة خطوط الأنابيب الناقلة للنفط، مشيرا إلى أن «22 بئرا تعرضت للتدمير الكامل تحتاج إعادتها إلى العمل في إطار قواعد فنية».
وخلال الأشهر الثمانية الماضية، لم تر القيارة الشمس، وتحول كل شيء إلى الأسود، حتى الأغنام والطيور البيضاء. وكانت «الشرق الأوسط» تجولت في الناحية قبل إطفاء الحرائق، وكان الجو ملوثا جدا والتنفس صعباً، وقطرات القير تتساقط على البلدة، بينما النيران ثائرة تتصاعد وتنخفض من بئر إلى أخرى كأنها براكين، والقير السائل يغطي الأراضي المحيطة بهذه الآبار.
وأكدت الشرطة أن «داعش» فخخ محيط الآبار بالعبوات الناسفة بعدما أضرم النار فيها كي يحول دون إطفائها سريعاً. وقال الملازم محمد الجبوري، من الشرطة الاتحادية، لـ«الشرق الأوسط»، إن فرقا هندسية طهرت محيط الآبار وفوهاتها من المتفجرات والعبوات الناسفة، كي يتسنى للفرق المختصة التقدم لإطفاء الحرائق.
وحتى بعد تطهير محيطها، لم يكن إطفاء الحرائق سهلاً. ويقول العامل في شركة «نفط الشمال» جبار العبيدي لـ«الشرق الأوسط»، إن «أبرز عائق كان يواجهنا هو إيجاد فوهة البئر، لأن حرق الآبار دمر فوهاتها... كذلك كانت هناك عبوات ناسفة مخفية تنفجر بين الحين والآخر قرب إحدى الآبار، وتتسبب في توسيع الحريق وتضخيمه».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.