السعودية: تحرك لمنح تجارة الذهب تسهيلات جمركية لتعزيز مكانتها إقليميا

تتضمن مطالب تيسيرية للمستثمرين الأجانب

جانب من الحضور في معرض الذهب والمجوهرات الذي أقيم أخيرا بالسعودية («الشرق الأوسط»)
جانب من الحضور في معرض الذهب والمجوهرات الذي أقيم أخيرا بالسعودية («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية: تحرك لمنح تجارة الذهب تسهيلات جمركية لتعزيز مكانتها إقليميا

جانب من الحضور في معرض الذهب والمجوهرات الذي أقيم أخيرا بالسعودية («الشرق الأوسط»)
جانب من الحضور في معرض الذهب والمجوهرات الذي أقيم أخيرا بالسعودية («الشرق الأوسط»)

كشف عدد من المستثمرين في صناعة الذهب والمجوهرات بالسعودية عن تحرك لمنح تجارة الذهب مرونة أكثر من خلال إقامة مشروع تعاون مشترك بين المستثمرين وممثلي لجان الذهب في الغرف السعودية وعدد من الجهات الحكومية.
وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن المشروع يضم مطالب المستثمرين بفتح المجال أمام المستثمرين الأجانب لإقامة تحالفات وشراكات على مستوى إقليمي بفضل القوة الشرائية للسوق السعودية، مؤكدين أن تلك الخطوات تهدف إلى تحويل السعودية إلى مركز إقليمي للذهب والمجوهرات في الشرق الأوسط، من خلال مطالب بتسهيل التأشيرات للمستثمرين المشاركين في المعارض التي تقام بالسعودية، حيث يواجهون مصاعب في الحصول على التأشيرات والسماح لهم بإعادة تصدير مشغولاتهم من الذهب والماس، مما يحد من استمرار التعاون التجاري في هذا المجال.
وقال طارق فتيحي، المستثمر في الذهب والمجوهرات، إن الجهات الحكومية عقدت اجتماعات خلال الأيام الماضية من أجل تشجيع صناعة الذهب بالبلاد، لا سيما في ظل توافر القدرات المالية والاقتصادية لذلك، متوقعا حدوث انفراجة قريبا في هذا المجال.
وأشار فتيحي إلى أن ذلك الهدف يستهدف بالضرورة المزيد من التسهيلات الجمركية وإلغاء البيروقراطية، مشيرا إلى أن السعودية تعد سوقا جاذبة للاستثمارات على المستويات كافة. وتشهد المبيعات نموا سنويا، مما يؤدي إلى إقبال المستثمرين، يضاف إلى ذلك كثرة المواسم على مدار العام.
من جانبه، أشار أحمد الكوهجي، المستثمر في سوق الذهب، إلى أن تحول السعودية إلى سوق إقليمية لتجارة المجوهرات من الإصلاحات الهيكلية التي يجب اتخاذها حاليا، مشددا على ضرورة ألا يؤدي ذلك إلى أي ضرر بالنسبة لصغار المستثمرين. وأشار إلى أهمية إعادة النظر في إجراءات التأشيرات والجمارك والتوسع في الشراكات العالمية أسوة بتجربة الإمارات.
وقال الخبراء إن مطالب المستثمرين التي جرت مناقشتها تتضمن مطالبهم بإعفاء الماس من التعريفة الجمركية، قياسا بما هو مطبق في دول العالم، كما تضمنت أيضا مطالب بإنشاء بورصة خاصة بالماس لتنافس مراكز الماس العالمية.
وقدر المستثمرون حجم سوق الذهب في البلاد بأكثر من 30 مليار ريال، متوقعين أن يشهد الطلب ارتفاعا خلال العام الحالي، مرجعين ذلك إلى الاستقرار السياسي في البلاد، الأمر الذي ساهم في تشجيع دخول كميات ضخمة من الذهب، حيث يقدر عدد المحلات التجارية للذهب بنحو ستة آلاف متجر في المدن السعودية كافة، إلى جانب وجود 250 مصنعا.
وعد الخبير الاقتصادي أحمد الخطيب، المدير التنفيذي لشركة أمانة كابيتال، كل المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل بالنسبة لوضع السعودية في ظل الاستقرار السياسي مقارنة بالكثير من دول الجوار ونمو المؤشرات الاقتصادية، مشيرا إلى أنه سيكون هناك وضع مهم جدا للمستثمر السعودي على خريطة الاستثمار العالمي، مما يدل على أهمية دورها وعلى أهميتها الاقتصادية في المنطقة.
يشار إلى أن الحكومة السعودية أقرت في وقت سابق تخفيض نسبة التعريفة الجمركية من 21 في المائة إلى خمسة في المائة على المشغولات الذهبية والمعادن الثمينة، وذلك بهدف منح قطاع الذهب والمجوهرات والحد من العوائق والتحديات التي تواجه المستثمرين في القطاع.
وتحتل صناعة الذهب في السعودية المركز الرابع على مستوى العالم، في ظل توقعات بأن تشهد السوق حجم مبيعات كبير للذهب والمجوهرات يجعلها من أهم وجهات تجار الذهب.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.