الظواهري يحل «داعش» ويولي «النصرة» في سوريا.. والبغدادي يرفض

خبراء: التسجيل تجديد لمقترح قديم.. ومن شأنه تصعيد الاقتتال بينهما

الظواهري يحل «داعش» ويولي «النصرة» في سوريا.. والبغدادي يرفض
TT
20

الظواهري يحل «داعش» ويولي «النصرة» في سوريا.. والبغدادي يرفض

الظواهري يحل «داعش» ويولي «النصرة» في سوريا.. والبغدادي يرفض

أمر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، أمس، بـ«إلغاء الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، مؤكدا «استمرار العمل باسم دولة العراق الإسلامية»، فيما تعد «جبهة النصرة لأهل الشام فرعا مستقلا لجماعة (قاعدة الجهاد) يتبع القيادة العامة». ويعطي هذا التصريح لجبهة النصرة التي سبق وبايعه زعيمها في سوريا أبو محمد الجولاني، غطاء شرعيا لها كفرع من «القاعدة»، في حين رفضت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ما قاله زعيم تنظيم القاعدة، مؤكدة على لسان زعيمها أبو بكر البغدادي، أمس، أن «الدولة باقية في العراق والشام».
وأكد خبراء في الحركات الإسلامية أن هذه الرسالة هي تكرار حرفي لرسالة سابقة بثها الظواهري في مايو (أيار) الماضي، وتحمل المضمون نفسه. وقال الخبير بالجماعات الجهادية الداعية عمر بكري فستق لـ«الشرق الأوسط» إن الفيديو الذي عرضته أمس قناة «الجزيرة»، ما ورد فيه «اقترحه الظواهري قبل 6 أشهر، واطلعت عليه»، مشيرا إلى أنه «لا جديد فيما ورد في الفيديو». وأكد فستق أن ما ورد «كان مجرد اقتراح لم يعمل به، وواصل التنظيمان الإسلاميان في سوريا عملهما، ونسقا عملياتهما».
وتقاطعت المعلومة مع ما أكده عضو المجلس السوري والخبير بالجماعات الإسلامية عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، أن الرسالة الصوتية «هي نفسها التي بثت في مايو»، مشيرا إلى أن الظواهري آنذاك «تدخل لحل الخلاف بين الجولاني والبغدادي، عبر اقتراح فصلهما، وإنشاء مجلس شورى جهادي». وأشار إلى أن «جبهة النصرة» في ذلك الوقت «نشرت الرسالة على نطاق واسع، لكن البغدادي، زعيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، رفض الرسالة.. الآن يجدد الظواهري التأكيد بنص حرفي للنص القديم أمره»، معربا عن توقعاته أن «يكون لهذه الرسالة تأثير على الأرض، ومن شأنها أن تعزز وضع جبهة النصرة وتضعف داعش بسبب امتعاض الناس منها».
وتعد الدولة الإسلامية في العراق والشام أقوى التنظيمات الإسلامية المعارضة في سوريا، وتتفوق على جبهة النصرة بعددها وعدتها. ويصفها فستق بأنها «أقوى فصيل جهادي، وتأتي النصرة في المرتبة الثانية، بينما يأتي فصيل (أحرار الشام) في المرتبة الثالثة»، مشيرا إلى أن الفصائل الثلاثة «تتماهى مع منهج (القاعدة)، فيما تختلف مع الفصائل الإسلامية الأخرى الأقل تشددا، التي تتماهى مع الجيش السوري الحر».
وكانت ممارسات «داعش» في المناطق التي تسيطر عليها، في الرقة وحلب، أثارت موجة استنكار السكان، لجهة قطع الرؤوس وفرض تعاليمها عليهم. ويشير الحاج إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن «تصعد الخلاف بينهما، وتدفع باتجاه الاقتتال بينهما».
وظهرت هذه الحرب بينهما أمس بتسجيل لزعيم «داعش» تناقلته مواقع إسلامية تحت عنوان «باقية في العراق والشام»، ردا على الظواهري. وقال أبو بكر البغدادي: «لقد اعتدنا ومنذ عشر سنوات من الدماء والأشلاء أننا لا نخرج من محنة إلا ويبتلينا الله تعالى بمثلها أو أشد منها». وأضاف: «الدولة الإسلامية في العراق والشام باقية ما دام فينا عرق ينبض أو عين تطرف، باقية ولن نساوم عليها أو نتنازل عنها حتى يظهرها الله أو نهلك دونها».
ويأتي أمر الظواهري بفصل تنظيم سوريا عن العراق، وتحديد نطاق عمل التنظيمين، على قاعدة «الولاية المكانية لدولة العراق هي العراق، والولاية لجبهة النصرة لأهل الشام هي سوريا»، بعدما رفض زعيم «النصرة» الانضمام إلى دولة العراق. وكان زعيم دولة العراق أبو بكر البغدادي عين الجولاني أميرا لـ«جبهة النصرة» في سوريا في بداية عام 2012. وما لبث أن أعلن البغدادي ضم «النصرة» إلى دولة العراق الإسلامية، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، معلنا توحيدها مع سوريا تحت اسم «دولة العراق والشام الإسلامية». وجاء ذلك في أعقاب رسالة مصورة نشرها زعيم القيادة المركزية لـتنظيم القاعدة أيمن الظواهري قبل يومين، دعا فيها إلى توحيد الجهاد في سوريا.
في ذلك الوقت، رفض زعيم «النصرة» الانضمام إلى دولة العراق والشام الإسلامية المستحدثة، رغم أن قسما من عناصر وقياديي «النصرة» انضموا إليها. ويوضح فستق لـ«الشرق الأوسط» أن الجولاني «ارتأى أن لا يكون هناك انضمام، وأن يبقى مستقلا، على خلفية أنه يرى بالضم مساوئ على الجهاد في سوريا». وقال إن الأسباب التي دفعت الجولاني للرفض «تمثلت في أرجحية رفض فصائل سورية إسلامية معارضة لهذا التوحد، كما كان يخشى من أن تسحب فصائل المعارضة السورية الغطاء من (النصرة) بعدما دافعت عنها ودعمتها ضد وضع اسمها على لائحة الإرهاب الأميركية».
إزاء ذلك، يضيف فستق: «تدخل الظواهري، واقترح أن تبقى (النصرة) مستقلة عن دولة العراق الإسلامية، لكن الاقتراح لم ينفذ، وبقي الواقع على ما هو عليه».
ويشير فستق إلى أنه وسط التباين، اقترح قادة جهاديون، بينهم أبو محمد المقدسي وأبو قتادة من معتقله، أن ينشأ «مجلس شورى للمجاهدين في سوريا يتألف من مندوبين لكل الفصائل الجهادية، على أن يكون أبو خالد الشامي الذي زكاه الظواهري الحكم بينهم، ويبقى كل فصيل مستقلا». ويضيف أنه «رغم رفض الانضمام اتسمت العلاقة بين التنظيمين بالتوفيق والتعاون، ولا محاربة بينهما، ولا تناقض، وظهر التعاون في العمليات العسكرية والتقديمات الاجتماعية، لا سيما في عيد الأضحى».
وطرحت قضية الولاء لـ«القاعدة» شكوكا حول دور التنظيمات الجهادية في سوريا، لكن فستق يؤكد أن فصيلا «يوالي أميره». وفيما كان الجولاني أعلن ولاءه للظواهري فيما لم يعلنه البغدادي، أكد فستق أن «منهج الطرفين واحد»، مجددا تأكيده أن «إعطاء الجولاني البيعة للظواهري لا يعني أنه بات فصيلا من (القاعدة)».
وكان الظواهري اعتبر في تسجيل صوتي بث أمس أن البغدادي أخطأ بإعلانه دولة العراق والشام الإسلامية دون أن يستأمرنا أو يستشيرنا، بل دون إخطارنا. وأمر بإقرار البغدادي «أميرا على دولة العراق الإسلامية لمدة عام من تاريخ هذا الحكم، يرفع بعدها مجلس شورى دولة العراق الإسلامية تقريرا للقيادة العامة لجماعة (قاعدة الجهاد) عن سير العمل، تقرر بعده القيادة العامة استمرار الشيخ أبي بكر البغدادي الحسيني في الإمارة أو تولية أمير جديد». كما أمر بإقرار «الجولاني أميرا على (جبهة النصرة لأهل الشام) لمدة عام من تاريخ هذا الحكم، يرفع بعدها مجلس شورى (جبهة النصرة لأهل الشام) تقريرا للقيادة العامة لجماعة (قاعدة الجهاد) عن سير العمل، تقرر بعده القيادة العامة استمرار الشيخ أبي محمد الجولاني في الإمارة أو تولية أمير جديد».
وأصدر الظواهري تعليماته بأن يتبادل «داعش» و«جبهة النصرة» على قدر استطاعتهما، «ما يطلبه كل منهما من إمداد بالرجال والسلاح والمال ومن مأوى وتأمين». وطالب الطرفين بالتوقف عن «أي اعتداء بالقول أو الفعل ضد الطرف الآخر»، كما طالبهما بـ«عدم الاعتداء على مسلم أو مجاهد إلا بناء على حكم قضائي، يبين تفصيله أدناه».



في الفاشر السودانية المحاصَرة... إسعافات أولية بمواد بدائية ونباتات طبية

لاجئة سودانية تحمل ابنها خلال مغادرتهما السفينة «يو إس إن إس برونزويك» في ميناء جدة (أ.ب)
لاجئة سودانية تحمل ابنها خلال مغادرتهما السفينة «يو إس إن إس برونزويك» في ميناء جدة (أ.ب)
TT
20

في الفاشر السودانية المحاصَرة... إسعافات أولية بمواد بدائية ونباتات طبية

لاجئة سودانية تحمل ابنها خلال مغادرتهما السفينة «يو إس إن إس برونزويك» في ميناء جدة (أ.ب)
لاجئة سودانية تحمل ابنها خلال مغادرتهما السفينة «يو إس إن إس برونزويك» في ميناء جدة (أ.ب)

يُعد محمد (8 أعوام) من المحظوظين في مدينة الفاشر الواقعة غرب السودان، رغم أنّ ذراعه التي تحتوي على شظايا قد عولجت بقطعة قماش لا تزال تلفّها، وذلك في ظل معاناة جرحى حرب آخرين من إصابات أكثر خطورة تصعب معالجتها، نظراً إلى الحصار الذي تشهده المدينة وشحّ المعدّات الطبية فيها.

الأسبوع الماضي، شنّت «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً ضد الجيش منذ عامين، هجوماً دامياً على عاصمة شمال دارفور ومحيطها، حيث انهار النظام الصحي أيضاً. وقد أدّت الهجمات المتكرّرة التي شنّتها «قوات الدعم السريع» على العاصمة الإقليمية لمنطقة دارفور الشاسعة، إلى جعل أي تحرّك للمدنيين محفوفاً بالمخاطر. فضلاً عن ذلك، تعرّضت جميع المرافق الصحية فيها لقصف أو لهجوم.

طائرة متضررة تظهر في مطار الخرطوم الدولي بعد استعادتها من «قوات الدعم السريع»... (أ.ب)
طائرة متضررة تظهر في مطار الخرطوم الدولي بعد استعادتها من «قوات الدعم السريع»... (أ.ب)

ويقول عيسى سعيد (27 عاماً)، والد محمد، لوكالة الصحافة الفرنسية، في اتصال عبر الأقمار الاصطناعية (ستارلينك)، في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة بشكل كامل، «بمساعدة جارتنا التي كانت سابقاً تعمل في مجال التمريض، أوقفنا النزيف، لكن اليد فيها تورّم، ولا ينام (محمد) ليلاً من الألم».

وكما هو حال سكان آخرين في مدينة الفاشر المحاصَرة من «قوات الدعم السريع» منذ مايو (أيار) 2024، فإنّ عيسى لا يمكنه نقل ابنه إلى غرفة الطوارئ في أي مستشفى،. وفي سياق متصل، يقول محمد، وهو منسّق مساعدات إنسانية نزح إلى الفاشر هذا الأسبوع، إنّ مئات الجرحى يجدون أنفسهم محاصَرين حالياً في المدينة.

نباتات طبية للعلاج

كان محمد هو نفسه قد أُصيب في فخذه خلال الهجوم الدامي الذي نفَّذته «قوات الدعم السريع» على مخيم «زمزم» للنازحين الواقع على بُعد 15 كيلومتراً جنوب الفاشر. ويضيف محمد، الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، إنّ «الناس فاتحون بيوتهم، وكلّ الناس يتلقّون العلاج بشكل خصوصي في البيوت».

وحسب مصادر إنسانية، فإنّ مئات آلاف الأشخاص فرّوا من مخيّم «زمزم» الذي أعلنت الأمم المتحدة أنّه يعاني من مجاعة، وذلك للجوء إلى مدينة الفاشر.

وفي الفاشر، يحاول الناس تقديم الإسعافات الأولية وعلاج الحروق أو الجروح الناجمة عن الرصاص وشظايا القذائف، بالاعتماد على مواد بدائية للإسعافات الأولية وباستخدام نباتات طبية.

ويروي محمد أبكر (29 عاماً) أنه كان يحاول إحضار الماء لأسرته عندما أُصيب بطلق ناري في رجله. ويقول: «حملني جيراني إلى داخل المنزل واستدعوا جارنا الذي لديه خبرة في معالجة الكسور بالجبيرة، وهو نوع من العلاج الشعبي... باستخدام أخشاب وقطع قماش». ويضيف: «المشكلة أنّه حتى لو عولج الكسر، فإن الرصاصة لا تزال في رجلي».

وبينما أصبح وجود المعدّات الصحية محدوداً للغاية في المدينة، يشير محمد إلى أنّه لو كان هناك مال لكان من «الممكن إرسال مَن يشتري شاشاً أو مسكّناً، هذا إن كان موجوداً ولكن بشكل عام لا توجد مستلزمات، يتم العلاج بما هو موجود».

الملح كمطهّر

أسفرت الهجمات الأخيرة التي شنّتها «قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر ومخيّمات النازحين المحيطة بها، عن مقتل أكثر من 400 شخص، حسبما أفادت الأمم المتحدة يوم الاثنين. وفي السياق، تزداد التحذيرات من مخاطر مثل هذه العملية في منطقة الفاشر، حيث يجد 825 ألف طفل على الأقل أنفسهم محاصرين في «جحيم»، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). ويمكن لأي هجوم واسع النطاق قد تشنّه «قوات الدعم السريع» التي تحاصر المدينة، أن يترك آثاراً تدميرية عليها.

تفاقم الوضع الإنساني في الفاشر إلى حد كارثي (أرشيفية - الشرق الأوسط)
تفاقم الوضع الإنساني في الفاشر إلى حد كارثي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وبعد 11 شهراً من الحصار وعامين من الحرب، بنى كثير من سكان الفاشر ملاجئ مرتجلة، وكثيراً ما حفروا على عجل حفراً غطّوها بأكياس رمل لحماية أنفسهم من القصف. ولكن لا يتمكّن الجميع من الوصول إلى الأمان في الوقت المناسب.

الأربعاء، سقطت قذيفة على منزل هناء حماد، مما أدى إلى إصابة زوجها في بطنه. وتقول المرأة البالغة 34 عاماً، لوكالة الصحافة الفرنسية: «حاولنا بمساعدة جارنا وقف النزيف ومعالجة الجرح باستخدام ملح الطعام كمطهّر». لكنّها تضيف «في الصباح التالي، توفِّي».

ومن جانبه، يناشد محمد الذي يجد نفسه طريح الفراش، «التدخّل العاجل من كل من يستطيع إنقاذ الناس».

والجمعة، دعت منظمة «أطباء بلا حدود» إلى إرسال مساعدات إنسانية. وقال رئيس البعثة راسماني كابوري: «رغم إغلاق الطرق المؤدية إلى الفاشر، يجب إطلاق عمليات جوية لإيصال الغذاء والدواء إلى مليون شخص محاصَرين هناك ويعانون الجوع».