القمة الأميركية ـ المصرية: تعهدات متبادلة بتقوية العلاقات ومكافحة الإرهاب

ترمب مخاطباً السيسي: سنقف خلف مصر وشعبها بقوة

ترمب يستقبل السيسي في مدخل البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
ترمب يستقبل السيسي في مدخل البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
TT

القمة الأميركية ـ المصرية: تعهدات متبادلة بتقوية العلاقات ومكافحة الإرهاب

ترمب يستقبل السيسي في مدخل البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
ترمب يستقبل السيسي في مدخل البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)

تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، أمس في البيت الأبيض، بتعزيز العلاقات ومكافحة الإرهاب.
وركز اللقاء الأول للرئيس المصري مع نظيره الأميركي منذ تسلمه الرئاسة على ترميم العلاقات بين واشنطن والقاهرة، بعد ما شابها التوتر خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما. كما اهتم الجانبان بضرورة التعاون لمكافحة الإرهاب.
ورحّب الرئيس الأميركي بنظيره المصري ظهر أمس الاثنين، في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. وقال ترمب، قبل انطلاق المحادثات الثنائية، إنه التقى مع الرئيس السيسي أثناء حملته الانتخابية في نيويورك العام الماضي. وتابع: «نتفق على أشياء كثيرة. وأريد فقط أن يعرف الجميع في حال وجود أي شك أننا نساند الرئيس السيسي، وقد قام بعمل رائع في وضع صعب للغاية، ونحن نساند مصر وشعب مصر». وأضاف ترمب موجها حديثه إلى السيسي: «صدقني، الولايات تساند وتؤيد مصر، ولديك صديق وحليف كبير في الولايات المتحدة».
من جهته، قال الرئيسي المصري متحدثا بالعربية، إن «هذه أول زيارة لرئيس مصري للولايات المتحدة منذ ثماني سنوات، ومنذ اجتماعنا في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأنا لديّ عميق التقدير والإعجاب بشخصيتكم الفريدة». وأشاد السيسي بوقوف إدارة ترمب ضد قوى الشر والإرهاب والآيديولوجيات الشريرة. وأكد السيسي دعمه لمواقف إدارة ترمب، وقال: «سوف تجدني أؤيدكم بقوة وبكل جدية في إيجاد حل لمشكلة القرن»، في إشارة إلى الإرهاب.
ورد ترمب: «سنحارب الإرهاب وغيره من الأمور، سنكون أصدقاء لفترة طويلة من الزمن، ولدينا علاقة وطيدة مع شعب مصر، وأتطلع إلى علاقة طويلة وقوية». ولم يشر ترمب إلى ملف حقوق الإنسان أو المساعدات العسكرية والاقتصادية التي تطالب بها مصر، وقال: «سنجري محادثات رائعة مع رئيس مصر وممثلي مصر، ولدينا أشياء كثيرة مشتركة وبعض الأشياء القليلة التي لا نتفق عليها، وسيكون يوما مثمرا للغاية، وإنه شرف كبير».
وأظهر الاجتماع المباشر بين ترمب والسيسي، الذي أعقبه اجتماع منفصل مع كبار المساعدين، مدى عزم الرئيس الأميركي الجديد على إعادة بناء العلاقات وتعزيز العلاقة القوية التي أرساها الرئيسان عندما اجتمعا أول مرة في نيويورك في سبتمبر.
وشارك في المحادثات من الجانب الأميركي كل من ريكس تيلرسون وزير الخارجية، وجيمس ماتيس وزير الدفاع، وستيف بانون كبير الاستراتيجيين، ودينا باول مساعد مستشار الأمن القومي الأميركي.
وأشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى أن المحادثات المصرية - الأميركية ركزت بشكل أساسي على مكافحة الإرهاب، وعرض الجانب المصري مخاطر تنظيمات تابعة لـ«داعش» في شبه جزيرة سيناء، وأهمية تعزيز التعاون العسكري بين البلدين لمكافحة تلك التنظيمات. كما استعرض الجانب المصري خطوات الإصلاح الاقتصادي التي تقوم بها مصر، كما تطرقت النقاشات إلى القضايا الإقليمية، وكيفية دفع جهود السلام لحل القضية الفلسطينية والمضي قدما في حل الدولتين، إضافة إلى رؤية الجانبين فيما يتعلق بالأزمة السورية والوضع في ليبيا واليمن.
وقد عبّر مسؤولو البيت الأبيض نهاية الأسبوع الماضي عن ترحيب الإدارة الأميركية باستقبال السيسي، باعتبارها أول زيارة لرئيس مصري بالبيت الأبيض منذ عام 2009. وأشاد مسؤولو البيت بما يقوم به السيسي في مصر من خطوات إصلاحية جريئة. وقال مسؤول للصحافيين: «لدينا علاقة طويلة الأجل مع مصر حول المساعدات العسكرية والدعم الاقتصادي، وسيدور النقاش حول تحسين وتطوير العلاقات، حيث تريد واشنطن تلبية احتياجات مصر بشكل شامل». وأضاف: «المصريون أوضحوا لنا اهتمامهم بتقوية وضع الأمن، وأتوقع أن تجري محادثات حول إقامة نظام أمني قوي، وسبل مكافحة الإرهاب، وهزيمة (داعش)».
وأشار المسؤول بالبيت الأبيض إلى احتمالات التطرق في المناقشات إلى قضية التدفقات المالية (CFF) التي تسمح لمصر بشراء معدات دفاعية عسكرية بالائتمان، وهو البرنامج الذي قررت إدارة الرئيس السابق أوباما إنهاءه بحلول عام 2018.
وأوضح المسؤول بالبيت الأبيض، أن واشنطن تتطلع أيضا إلى زيارة العاهل الأردني، ومناقشة العلاقات الثنائية، وسبل هزيمة «داعش»، وتقديم الدفع الكافي لاستئناف محادثات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية.
وتعد القمة المصرية - الأميركية وزيارة الرئيس المصري إلى البيت الأبيض هي الأولى بعد تولي السيسي منصبه رئيسا لمصر في 2014. وقد التقى الرئيس السيسي مع المرشح الجمهوري آنذاك دونالد ترمب على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، وأبدى ترمب إعجابه بالسيسي. وصرّح الأخير لشبكة «سي إن إن»، بأن «ترمب إذا فاز في الانتخابات الأميركية فسيصبح رئيسا رائعا للولايات المتحدة».
وقد توترت العلاقات المصرية الأميركية خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما، إذ إن واشنطن جمدت بعض المساعدات العسكرية لمصر، ووضعت قيودا على قدرة مصر على الحصول على مزيد من المعدات العسكرية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وصل إلى العاصمة واشنطن مساء السبت الماضي، وعقد عدة لقاءات خلال يوم الأحد (أول من أمس) مع رئيس البنك الدولي ورؤساء شركتي «لوكهيد مارتن» المخصصة في التصنيع العسكري، وشركة «جنرال إلكتريك» الصناعية، إضافة إلى لقاء مع أعضاء من الجالية المصرية. ويشمل برنامج الرئيس المصري خلال الأيام المقبلة لقاءات مع عدد كبير من الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات الأميركية، التي تنظمها الغرفة التجارية بواشنطن مع نظيرتها المصرية، ولقاء مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، حيث يراجع الرئيس برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه مصر بعد حصولها على قرض من الصندوق قيمته 12 مليار دولار. ويسعى السيسي لزيادة الاستثمارات المصرية - الأميركية، وجذب كبرى الشركات الأميركية للعمل في مصر. كما تشمل أجندة الرئيس السيسي لقاءات مع عدد من المشرعين ورؤساء اللجان الخارجية بالكونغرس، وهي اللقاءات التي يتوقع أن يثير خلالها أعضاء الكونغرس كثيرا من النقاش حول حقوق الإنسان وأوضاع منظمات المجتمع المدني.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.