الانتحاريون الأجانب يعاودون الظهور بقوة في العراق

ارتفاع الهجمات الانتحارية إلى مستويات عام 2007

ملثمون يحملون أسلحتهم خارج مدينة الفلوجة أمس (رويترز)
ملثمون يحملون أسلحتهم خارج مدينة الفلوجة أمس (رويترز)
TT

الانتحاريون الأجانب يعاودون الظهور بقوة في العراق

ملثمون يحملون أسلحتهم خارج مدينة الفلوجة أمس (رويترز)
ملثمون يحملون أسلحتهم خارج مدينة الفلوجة أمس (رويترز)

في السادس من فبراير (شباط) الماضي قاد البريطاني، الباكستاني المولد، عبد الواحد مجيد، شاحنة ملغومة وفجرها في هجوم انتحاري استهدف سجنا في سوريا. وبدا هذا وكأنه حلقة من حلقات عودة هجمات أحدثت تحولا مقلقا في أسلوب عمليات الجهاديين على ساحات الاقتتال الطائفي في سوريا والعراق.
ويقول مسؤولو أمن ومخابرات أميركيون وبريطانيون إن كثيرا من هذه الهجمات نفذها أجانب جاءوا من أجزاء مختلفة من المنطقة ومن أوروبا. وقال ويل مكانتس الخبير في مؤسسة بروكنغز للأبحاث في واشنطن إنه إذا امتدت الحرب في سوريا مع هذه الزيادة السريعة في عدد المقاتلين الأجانب «فسيتجاوز عدد المقاتلين بكثير ذلك العدد الذي رأيناه في أفغانستان».
ويقدر مسؤولو الأمن عدد الأجانب الذين ينشطون في البلدين بالآلاف. ويعمل معظم هؤلاء مع الدولة الإسلامية في العراق والشام - وهي جماعة متشددة انبثقت عن جماعة كانت تستلهم نهج «القاعدة» - ومع «جبهة النصرة» المرتبطة بـ«القاعدة» وأحد أقوى فصائل المقاتلين في سوريا.
وقال مسؤولون أميركيون إن معدل التفجيرات الانتحارية في العراق العام الماضي زاد بقوة وعاد لمستويات لم تحدث منذ عام 2007. وأشار المسؤولون إلى أنهم لا يملكون بيانات دقيقة عن عدد المقاتلين الأجانب المشاركين في أحداث العنف. لكن في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين وحدهما نفذ ما لا يقل عن 14 تونسيا يقاتلون إلى جانب الدولة الإسلامية في العراق والشام هجمات انتحارية في أماكن مختلفة بالعراق، وفقا لما كتب على مواقع اجتماعية مرتبطة بالجماعة وتتابعها السلطات الأميركية والأوروبية. وقال ليث الخوري، المحلل بمجموعة فلاشبوينت بارتنرز التي تتابع مواقع المتشددين على الإنترنت، إن هذا يمثل نحو نصف إجمالي عدد الأجانب الذين نفذوا هجمات انتحارية خلال هذين الشهرين. وكان بين الانتحاريين الآخرين في العراق خلال مارس وأبريل مقاتلون من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهو أحد أخطر أجنحة «القاعدة» ويتركز الجانب الأكبر من نشاطه في اليمن. وذكرت الجماعة أن مواطنا من الدنمارك وآخر من طاجيكستان فجرا نفسيهما أيضا.
وخلال ذروة الاقتتال الطائفي الذي شهده العراق عامي 2006 و2007 شاعت التفجيرات الانتحارية التي كان الأجانب يمثلون النسبة الكبرى من منفذيها. وبعد أن أحدثت الولايات المتحدة زيادة كبيرة في قواتها عام 2007، تراجعت الهجمات كما انحسر العنف الطائفي بصفة عامة.
والآن تعاود هجمات المتشددين الظهور بقوة في العراق، حيث تسعى الدولة الإسلامية في العراق والشام لفرض رؤية متشددة للشريعة الإسلامية في المناطق التي يغلب عليها السنة. أما في سوريا فقد اتخذ الصراع بعدا إقليميا، واجتذب إليه مقاتلين أجانب بعد قليل من تفجر انتفاضة شعبية على حكم الرئيس بشار الأسد عام 2011 وكان معظم المشاركين فيها من السنة.
وتدفق مقاتلون سنة من الخارج على سوريا للقتال إلى جانب قوات المعارضة السنية، في حين أقبل شيعة من العراق ولبنان للانضمام لقوات الأسد. ومع استخدام الأسد لقوة نيران كاملة مع مقاتلي المعارضة، الذين يفتقرون للأسلحة المتطورة، مال الميزان العسكري في غير صالح المعارضين العام الماضي، مما دفع المقاتلين الأجانب لتنفيذ هجمات انتحارية لتعويض جانب من الخسائر على ساحة المعركة.
ويلعب المتحدثون بالإنجليزية دورا بارزا بين المقاتلين الأجانب. وتقدر مصادر أمنية بريطانية أن 400 مواطن بريطاني على الأقل شاركوا في الصراع السوري وأن أرض المعركة كان بها دوما ما يصل إلى 25 مواطنا بريطانيا في ذات الوقت والأوان. ويظهر تسجيل مصور للانتحاري البريطاني شاحنة معدة بإتقان للانفجار. وعلى مقربة وقف شخص - قال المحققون إنه مجيد - يتحدث إلى رفاق آخرين فيما يبدو.
ورغم أنه لا يظهر في التسجيل وهو يقود الشاحنة ويصطدم بها في السجن، يعتقد المحققون أنه هو الذي قادها وأن شريط الفيديو حقيقي. ويقول مسؤولو مخابرات أميركيون إن عددا من الكنديين والأميركيين، ربما يقل عن مائة، انضم أيضا لفصائل متشددة في سوريا. ويقدرون عدد الأميركيين الذين شاركوا في الصراع بأنه «عشرات».
وفي تقرير صدر في 23 أبريل الماضي، ذكر جهاز المخابرات الهولندي أنه يعلم أن مواطنين هولنديين نفذا هجومين انتحاريين في العام الماضي أثناء قتالهما مع عناصر متشددة. وقال مسؤول أمن أوروبي إن أحدهما فجر نفسه في سوريا والآخر في العراق. وذكر مسؤول أوروبي آخر أن هناك اعتقادا بمشاركة مواطن ألماني أو اثنين في هجمات انتحارية في الآونة الأخيرة.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.