شرطيو نقاط تفتيش بغداد يشكون من صعوبة مهمتهم وعدم رضا الجمهور

ملازم في إحدى النقاط: نقف في ظروف جوية سيئة ونقرأ في عيون سائقي السيارات الاستياء

لجان فرز الانتخابات تواصل عملها في العاصمة بغداد أمس (أ.ب)
لجان فرز الانتخابات تواصل عملها في العاصمة بغداد أمس (أ.ب)
TT

شرطيو نقاط تفتيش بغداد يشكون من صعوبة مهمتهم وعدم رضا الجمهور

لجان فرز الانتخابات تواصل عملها في العاصمة بغداد أمس (أ.ب)
لجان فرز الانتخابات تواصل عملها في العاصمة بغداد أمس (أ.ب)

يقف أحمد مصطفى، وهو أحد عناصر الشرطة الاتحادية العراقية مع ثلاثة من زملائه في نقطة تفتيش في جانب الرصافة وسط بغداد لتأمين السلامة الأمنية وعدم نقل أي سيارة لمواد متفجرة أو أسلحة.
ومثل هذه النقاط التي يطلق عليها العراقيون تسمية «السيطرات»، تنتشر بكثافة في جميع شوارع العاصمة العراقية الرئيسية والفرعية وتمثل مصدر إزعاج للمواطنين كونها تؤخر انسياب حركة السير، لكن مصطفى (28 سنة) الذي كان بذل جهدا كبيرا لقبوله في الشرطة الاتحادية وتأمين حياته ماديا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نبذل جهودا كبيرة من أجل تأمين سلامة المواطنين وهم غير راضين عنا، نقف هنا في ظروف جوية صعبة خاصة في الصيف ونقرأ في عيون سائقي السيارات الاستياء نتيجة تأخرهم لدقائق».
الجانب الأخطر في عمل القوات الأمنية في بغداد وبقية المدن العراقية هو أنهم الأكثر تعرضا للموت حيث غالبا ما يفجر الإرهابيون الانتحاريون سياراتهم المفخمة قرب نقاط التفتيش هذه، يقول الملازم نصيف الساعدي، وهو شاب (24 سنة» لـ«الشرق الأوسط» وهو يقف تحت أشعة شمس حارقة: «نحن بمثابة الدرع أو المصدات أو الدروع البشرية التي تتحمل الضربة الأولى للإرهابيين عندما يعجزون المرور بوسائل الموت من المتفجرات من خلال نقاط التفتيش»، مشيرا إلى أن «غالبية الإرهابيين خاصة أولئك الذين يخططون للهجوم على أبنية مؤسسات حكومية أو أمنية يفجرون سياراتهم المفخخة بنقاط التفتيش أو الحراسة لقتل العناصر الأمنية ومن ثم يمر من معهم إلى داخل البناية كما يحدث في مثل هذه العمليات الإرهابية».
في نقطة تفتيش أخرى عند جسر الجادرية يمر العنصر الأمني قرب السيارة وهو يحمل جهاز الكشف عن المتفجرات، هذا الجهاز المثير للجدل بسبب ما قيل عن عدم جدواه أو عدم تمكنه من الكشف عن المواد المتفجرة، نسأل العنصر الأمني عما إذا كان هذا الجهاز يعمل بالفعل أو مجديا أم لا، يقول: «بالتأكيد يعمل ومفيد للغاية وإلا فلماذا نستخدمه؟»، مشيرا إلى أن «الشائعات التي قيلت ضد الجهاز انطلقت من سياسيين وأن العملية عبارة عن مناكفات سياسية»، وقال: «نحن لا علاقة لنا بما يقولون، السياسيون يتشاركون مع بعضهم ونحن بعيدون عن السياسة»، بينما قال الملازم الساعدي إن «ما يثير السخرية بالفعل هو أن الحكومة هي التي استوردت هذه الأجهزة ووزعتها في جميع مناطق العراق وأصدرت الأوامر باستخدامهما، حتى الأجهزة الأمنية في مدن إقليم كردستان تستخدم هذه الأجهزة، ثم انطلقت الأقاويل من مصادر في الحكومة ذاتها بأن الجهاز لا يعمل وهو ليس ذا جدوى».
وعندما سألناه إن كانت هناك أجهزة تعمل وأخرى بلا جدوى، أجاب قائلا: «هي الأجهزة ذاتها التي تستخدم في جميع مناطق العراق وحتى عند بوابات ونقاط تفتيش المنطقة الخضراء التي يقيم فيها كبار المسؤولين بالحكومة وبينهم رئيس الوزراء والسفارات العربية والغربية فهل تعتقد أنهم يكذبون على أنفسهم ويعرضون حياتهم وحياة عوائلهم للخطر».
ويرفض الشرطي خضير كامل التعليق على هذا الموضوع ويقول: «نحن لا نناقش مثل هذه الأمور، نحن ننفذ الأوامر، والأوامر تقول لنا بأن نستخدم هذا الجهاز ولهذا علينا أن نستخدمه». وعندما نسأله عن جدوى الجهاز يعود ويكرر رفضه الإجابة ويقول: «اذهبوا واسألوا المسؤولين».
«الشرق الأوسط» اتصلت بمسؤول كبير سابق في وزارة الداخلية وكان طرفا في صفقة استيراد جهاز الكشف عن المتفجرات لسؤاله عن مدى فاعلية هذا الجهاز، قال: «إن دولا كثيرة غيرنا تستخدم هذا الجهاز ونحن جربناه وشكلنا لجنة فنية لفحص الجهاز وقد اجتاز الاختبار وإلا كنا سحبناه من الاستعمال». وتساءل قائلا: «هل تتصورين أننا نعرض حياة مواطنينا لخطر التفجيرات الإرهابية لمجرد التغطية على فشلنا أو فشل الجهاز؟».
ويضيف المسؤول السابق في وزارة الداخلية الذي رفض نشر اسمه، قائلا: «في الأشهر الست الأولى من استخدام جهاز الكشف عن المتفجرات انخفضت العمليات الإرهابية وانحسر مرور المتفجرات من خلال نقاط التفتيش، لكن هناك جهات سياسية استخدمت القصة ضد خصومهم وادعوا أن هذه الأجهزة لا تعمل، مما أدى إلى اختلاق وسائل للتحايل على الأجهزة من جهة، وإلى اعتقاد عناصر الأمن أنهم يحملون أجهزة لا تعمل، لهذا لم يأخذوا الأمر بعين الاهتمام، لكن غالبية منهم يتعاملون مع هذه الأجهزة باعتبارها عاملا مساعدا للكشف عن المفخخات والعبوات الناسفة».
وفي رده على سبب محاكمة صاحب الشركة البريطانية التي صدرت هذه الأجهزة إلى العراق وسجنه مع تغريمه، قال المسؤول السابق في وزارة الداخلية: «هذا موضوع يتعلق بالحكومة والقضاء البريطاني، ربما هم حاكموه بسبب عدم دفعه للضرائب»، مضيفا: «ليس من العدل والمنطق أن نحمل هذه الأجهزة سبب الخروقات الأمنية والتفجيرات وفشل المسؤولين عن الملف الأمني في العراق؛ فهناك إخفاقات في الاستخبارات وفي أداء المسؤولين الأمنيين، ثم إن هناك أجهزة غالية (سونار) متطورة وغالية الثمن تستعمل في مناطق حساسة في بغداد».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.