تكتل سياسي جديد في تونس هدفه كسر هيمنة «النداء» و«النهضة»

«جبهة الإنقاذ والتقدم» تضم 11 حزباً

تكتل سياسي جديد في تونس هدفه كسر هيمنة «النداء» و«النهضة»
TT

تكتل سياسي جديد في تونس هدفه كسر هيمنة «النداء» و«النهضة»

تكتل سياسي جديد في تونس هدفه كسر هيمنة «النداء» و«النهضة»

أُعلن في العاصمة التونسية أمس عن تأسيس «جبهة الإنقاذ والتقدّم»، وهي تكتل سياسي يضم 11 حزباً، ويهدف إلى كسر التحالف بين حزبي «النداء» و«النهضة»، المهيمنين على المشهد السياسي في البلاد.
وأعلن محسن مرزوق، رئيس «حركة مشروع تونس» المنشقة عن «حزب النداء»، في اجتماع شعبي بالعاصمة، تأسيس «جبهة الإنقاذ والتقدم» بشكل رسمي، قائلاً إن الأحزاب المكونة للجبهة اتفقت على أن يمثل التكتل الجديد «انطلاقة كبرى في تاريخ تونس». وأجمعت القيادات السياسية المنضوية في التكتل الجديد، على أن الجبهة تسعى إلى كسر الاستقطاب السياسي الذي يقوده «حزب النداء» و«حركة النهضة» ويستحوذان من خلال وزنهما البرلماني (136 صوتا من إجمالي 217) على القرار السياسي.
وتضم «جبهة الإنقاذ والتقدم» 11 حزباً جديداً، أبرزها «حركة مشروع تونس» و«حزب الاتحاد الوطني الحر»، و«الحزب الاشتراكي»، و«حزب العمل الوطني الديمقراطي»، و«حزب الثوابت» وجناح في «حزب النداء» يرأسه رضا بلحاج.
وبيّن مرزوق خلال اجتماع أمس، أن الجبهة ليست بديلاً للأحزاب السياسية الموجودة في تونس، وأنها ستتولى التنسيق بين مختلف الأحزاب المنادية بتغيير المشهد السياسي الحالي، مضيفاً أن مشكلات تونس كبيرة ولا يمكن معالجتها بشكل منفرد.
وبشأن التوجهات السياسية للجبهة، أكد أيمن البجاوي، القيادي في «حركة مشروع تونس» للصحافيين، أن الوثيقة التأسيسية لـ«جبهة الإنقاذ والتقدم» تنص بالخصوص على إيمان مكونات الجبهة بمدنية الدولة، ووقوفها ضد الإسلام السياسي. وتخطط الجبهة للمنافسة على الحكم عبر خوض كل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وأولها الانتخابات البلدية.
وبخصوص خوض «جبهة الإنقاذ والتقدم»، الانتخابات البلدية والمحلية المقبلة بقوائم موحدة، أوضح البجاوي أن الأحزاب الموقعة على الوثيقة التأسيسية اتفقت على تفعيل استراتيجية موحدة للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لكنها لم تتفق على خوض الانتخابات بشكل موحد.
وكان موعد الإعلان الرسمي عن تأسيس الجبهة قد تأخر مرات عدة في السابق، نتيجة خلافات حول بعض المواقف والتوجهات بين أعضائها. وعللت مكونات الجبهة أسباب ذلك التأجيل بمسائل تنظيمية، وتعميق المشاورات مع شخصيات وأحزاب أخرى.
وقبل يوم من الإعلان الرسمي عن تأسيس الجبهة، أعلن علي الحسناوي، عضو المكتب المركزي لـ«حركة مشروع تونس» في تصريح إعلامي خبر استقالة 12 عضوا من الحركة بين أعضاء المجلس المركزي والمكاتب الجهوية في دائرة تونس الثانية. واتهم المستقيلون محسن مرزوق بالانقلاب على النظام الداخلي للحزب، وتوسيع صلاحياته ومشاركته في جبهة دستورية دون استشارة بقية هيئات الحزب، على حد تعبيره.
وفيما يتعلق بهذه الاستقالة واتهام مرزوق بالانفراد بالرأي، قال مهدي عبد الجواد، القيادي في «حركة مشروع تونس»: إن قرار الانضمام إلى «جبهة الإنقاذ والتقدم» صادر عن المؤتمر السياسي للحزب، وشارك في اتخاذه كل من المكتب السياسي والمكتب التنفيذي، وهما يملكان شرعية تحديد التحالفات السياسية في اللحظات التاريخية المناسبة.
وترتكز الجبهة السياسية الجديدة على خمسة مبادئ أساسية، المبدأ الأول هو الولاء للوطن بعيداً عن مظاهر التزاوج بين العائلة والسلطة والدولة وجميع أشكال المافيا والفساد، والثاني هو التقدم بتونس عبر إرساء إصلاحات كبرى. أما المبدأ الثالث فيتمثل في الحفاظ على نمط عيش التونسيين وعدم السماح بتغييره مثلما كانت المحاولات في 2011 و2012 و2013، في إشارة إلى حكم «الترويكا» بزعامة حركة النهضة. أما المبدأ الرابع فيتمثل في استكمال بناء المؤسسات الدستوري لضمان الحقوق والعدل، بينما يتمثل المبدأ الخامس في العمل على المسألة الثقافية والحفاظ على كرامة الإنسان.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».