رئيس هيئة الانتخابات في تونس لـ «الشرق الأوسط»: بعد التصديق على القانون الانتخابي يمكن إجراء الاقتراع قبل نهاية السنة

الفصل أو التزامن بين «الرئاسية» و«البرلمانية» عقبة كأداء أمامه

محمد شفيق صرصار
محمد شفيق صرصار
TT

رئيس هيئة الانتخابات في تونس لـ «الشرق الأوسط»: بعد التصديق على القانون الانتخابي يمكن إجراء الاقتراع قبل نهاية السنة

محمد شفيق صرصار
محمد شفيق صرصار

توقع محمد شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تجري الانتخابات في تونس بشقيها الرئاسي والبرلماني قبل نهاية السنة الحالية.
وقال صرصار إن الهيئة ماضية في أقرب وقت ممكن نحو تحديد تاريخ ثابت لثاني موعد انتخابي بعد الثورة احتراما لمحتوى الدستور التونسي، الذي حدد نهاية السنة آخر أجل لإجراء الانتخابات. ورأى صرصار في التصديق على القانون الانتخابي أول من أمس خطوة مهمة في اتجاه حسم المسار الانتخابي وإجراء الانتخابات، وأضاف قائلا: «الرؤية باتت واضحة الآن وسنشرع قريبا في إعداد الروزنامة الانتخابية».
وقال أيضا إن الفترة الزمنية المتبقية تخضع للمعايير الدولية في إجراء الانتخابات، مشيرا إلى أن المدة محددة بين ستة أشهر إلى ثمانية، وهي تقريبا المدة المتوفرة حاليا في تونس. وبشأن مسألة الفصل بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي قد تعوق الموعد الانتخابي، قال صرصار لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار سياسي ولا دخل للهيئة الانتخابية في اتخاذه». وأضاف «أن حسم الأمر يعود إلى الأفرقاء السياسيين وفي نطاق الحوار الوطني بين الأحزاب السياسية، وما ستتفق عليه تلك الأحزاب ستكون الهيئة ملزمة بتنفيذه». وبعد التصديق على القانون الانتخابي، في أول مايو (أيار) الحالي، وإسقاط الفصل 167 من القانون الانتخابي المثير للجدل والمتعلق بالعزل السياسي لرموز النظام السابق، كان من المنتظر أن تسير البلاد نحو انفراج سياسي نهائي، إلا أن لغة التجاذب السياسي في تونس لم تنته بعد، ولا تزال عدة عقبات تعترض المسار الانتخابي المؤدي إلى صناديق الاقتراع.
ومن أهم تلك العقبات يوجد الفصل أو التزامن بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما لم ينص عليه القانون الانتخابي الجديد. وتحول الصراع بين الأفرقاء السياسيين بسرعة من معارضة بعض محتويات القانون الانتخابي، إلى استهداف مبدأ إجراء الانتخابات المقبلة، والتساؤل إن كانت ستنظم بالتزامن فيما بينهما أو باعتماد الفصل بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وتتمسك عدة أحزاب سياسية، من بينها حركة النهضة الإسلامية، بمبدأ التزامن بين الانتخابات وتقدم عدة مبررات من بينها تمديد الفترة الانتخابية، وإمكانية تأثير هذا الأمر على الوضع الأمني بالإضافة إلى الكلفة الباهظة لفصل المحطتين الانتخابيتين. فيما أعلنت قيادات حركة نداء تونس، أبرز منافس سياسي لحركة النهضة، عن تمسكها بمبدأ الفصل بين الانتخابات، وهو ما يطرح عودة الاستقطاب الثنائي إلى المشهد السياسي التونسي. وحسب المتابعين للوضع السياسي في تونس، تتحكم غايات انتخابية بالأساس في مواقف الأحزاب السياسية بشأن مسألة التزامن أو الفصل بين الانتخابات.
ويمثل هذا الخلاف العقبة الكأداء قبل الدخول الفعلي في العد العكسي لإجراء الانتخابات. وفي هذا السياق، قال خالد الحداد المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن التمسك بالفصل بين الانتخابات يطرح أكثر من تساؤل حول خلفياته الحقيقية، ولمح إلى إمكانية علاقة هذا الموقف بترشح الباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس، للانتخابات الرئاسية المقبلة.
ورجح أن يكون إصرار قيادات حركة نداء تونس على ارتباط بتخوفهم من صعوبات ممكنة على مستوى الانتخابات البرلمانية، وهو ما يمكن تلافيه عبر فوز ساحق لقائد السبسي في الانتخابات الرئاسية. ونبه الحداد إلى ضرورة التفريق بين عمليات التصويت الموجهة لقائد السبسي في «الرئاسية» وأصوات الناخبين الموجهة لحركة نداء تونس في الانتخابات البرلمانية، ودعا السياسيين إلى الابتعاد عن لغة المغانم والأطماع الذاتية والحزبية في التعاطي مع ملف الانتخابات المقبلة.
في غضون ذلك، فتحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم أمس باب الترشح لعضوية الهيئات الفرعية للانتخابات في خطوة جديدة لاستكمال الإمكانيات اللوجيستية والبشرية الضرورية لإجراء الانتخابات. وحددت هيئة الانتخابات يوم السابع من مايو الحالي آخر أجل لقبول الترشحات.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.