هل ماتت الحقيقة في عصر ترمب؟

الصحف الأوروبية: «الطلاق المكلف» بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي... والضربات الجوية ضد «داعش»

هل ماتت الحقيقة في عصر ترمب؟
TT

هل ماتت الحقيقة في عصر ترمب؟

هل ماتت الحقيقة في عصر ترمب؟

كان الأسبوع الماضي هو أسبوع تركيز أخبار وآراء الإعلام الأميركي على «الكذب»، أو «عدم الدقة»، أو «التهاون مع الحقيقة» من قبل الرئيس دونالد ترمب.
بدأ الأسبوع، ليس بافتتاحية فقط، ولكن بموضوع غلاف في مجلة «تايم». 3 كلمات بخط أحمر عملاق، على خلفية سوداء، ولا شيء غيرها: «هل ماتت الحقيقة؟».
وكتبت نانسي غيبز، رئيسة تحرير المجلة: «في عام 1966، قالت نسبة 97 في المائة من الأميركيين إنهم يؤمنون بالله. يبدو أن نفس النسبة، في الوقت الحاضر، تؤمن بالحقيقة. لكن، ها هو رئيس الولايات المتحدة، وزعيم العالم الحر، يتهاون مع الحقيقة، إذ لا يكذب كذبا واضحا».
وأضافت: «يبدو غريبا أنه، خلال المعركة الانتخابية، أوضحت تحقيقات صحافية أن 70 في المائة من معلومات ترمب كانت خطأ. وأيدت ذلك نسبة 60 في المائة من الأميركيين. لكن، يبدو أكثر غرابة أن 35 في المائة من الذين قالوا ذلك صوتوا له».
وقالت افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز»: «قبل أن يكمل ترمب 100 يوم في البيت الأبيض، يواجه سلسلة تحقيقات حكومية عن صحة معلومات نشرها». كان عنوان الافتتاحية: «كل أكاذيب الرئيس» (إشارة إلى كتاب وفيلم «كل رجال الرئيس»، عن أكاذيب فضيحة «ووترغيت» التي أجبرت الرئيس نيكسون على الاستقالة).
وقالت افتتاحية صحيفة «بولتيمور صن»: «ها هو ترمب يكذب في أكاذيبه. بعد أيام قليلة في البيت الأبيض، تحدث ترمب عن (الحقيقة البديلة). وفي الأسبوع الماضي تحدث عما كان تحدث عنه، وقدم (حقيقة بديلة) أخرى».
عن «الحقيقة البديلة»، تحدثت افتتاحية صحيفة «بوسطن غلوب»، وأشارت إلى كيلي آن كونواي، مديرة حملة ترمب الانتخابية، والآن كبيرة المستشارين في البيت الأبيض. في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، بعد أسبوع من بداية رئاسة ترمب، قالت للصحافيين: «توجد حقيقة، وتوجد حقيقة بديلة».
وقالت افتتاحية صحيفة «دنفر بوست»: «قبل أن نخاف من تأثير أكاذيب الرئيس ترمب على أولادنا وبناتنا، يجب أن نخاف من تأثيرها على وزرائه. بداية بمستشاره الذي استقال، الجنرال مايكل فلين». (كذب عن علاقته مع روسيا، وحصوله على أموال مقابل محاضرات واستثمارات هناك).
اهتمت الصحف الأوروبية بملفات عدة، منها ما يتعلق بتطورات ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفاتورة الطلاق المكلف، بحسب كثير من الصحف، إلى جانب ملف الحرب ضد «داعش»، والانتخابات الرئاسية في فرنسا، وسياسات الإدارة الأميركية الجديدة، وخاصة فيما يتعلق بملف التغير المناخي.
ونبدأ الجولة من لندن والصحف البريطانية. وجاءت افتتاحية صحيفة «التايمز» تحت عنوان «البريكست: الطلاق المكلف والفوضوي»، وكرستها لمناقشة آثار وتبعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقالت الصحيفة إن بريطانيا أرسلت رسالة وداعية للاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، الأمر الذي أزعج القادة الأوروبيين، كما أثارهم تهديدها للاتحاد الأوروبي بأنه لن يكون بمقدورها الاستمرار في التعاون العسكري معه في حال عدم تمتعها ببعض الامتيازات ومنها الأسواق المفتوحة.
وأردفت الصحيفة بأنه «من المؤكد أن يؤدي هذا الطلاق بين الجانبين الأوروبي والبريطاني، إلى أن يجعلنا أكثر فقراً، كما ستثقل تلك المباحثات التي ستستمر لمدة عامين كاهلنا». وأوضحت الصحيفة أن أيا من الجانبين لن يستطيع تحقيق ما يريده.
ونقرأ في صحيفة «آي» الصادرة عن دار «الإندبندنت» تقريراً لباترك كوبرن بعنوان «الضربات الجوية هي الطريقة الوحيدة لدحر تنظيم داعش... لذا أعلنوا عن عدد المدنيين الذين يقتلون فيها». وقال كاتب المقال إنه «في الحروب الحديثة، يختلف القصف المدفعي لأي مدينة عن قصف الطائرات، إلا أن التبريرات التي تُعطى من قبل الساسة والقادة العسكريين هي نفسها كالعادة». وأضاف أن «أولئك الذين يأمرون بتنفيذ هذه الضربات الجوية أو الصاروخية أو المدفعية، يؤكدون دوماً على أنها تنفذ بحذر شديد كي لا تتسبب بمقتل كثير من المدنيين»، مشددا على أنهم «يرددون على مسامعنا في حال مقتل المدنيين أن السبب وراء ذلك اتخاذهم دروعاً بشرية من قبل الطرف الآخر».
ومع ملف «داعش» أيضا ننتقل إلى الصحف الفرنسية في باريس ونبدأ بتقرير في صحيفة «لوفيغارو»، يخلص إلى أن الإرهابيين يعملون على الحصول على وسائل ذرية، إشعاعية، بيولوجية أو كيميائية، للتأكيد على إمكانيتهم امتلاك «أسلحة فتاكة». تقرير خصصته الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني في فرنسا لما يسمى بـ«الصدمات المستقبلية» التي تهدد فرنسا من الآن وحتى عام 2030. هذا التقرير الذي لم يكشف عنه من قبل، سيعرض بالكامل في نهاية شهر أبريل (نيسان) 2017، على جمهور محدد من الباحثين والجامعيين والنواب.
الأمين العام للدفاع لوي غوتيه، الذي كان وراء إعداد هذا التقرير، يقول: «إن هدفنا هو لفت نظر أصحاب القرار حول ميادين استراتيجية لم تخطر ببال». ومن الميادين التي تضمنها هذا التقرير: الردع النووي، والحرب والسلام في الفضاء الإلكتروني، أو علم الأحياء الاصطناعية. وفي التقرير أن «تنظيم داعش ربما حاول الحصول على مصادر إشعاعية لصناعة القنبلة القذرة».
صحيفة «لوموند» عنونت: «كيف تفخخ الانتخابات الرئاسية الفرنسية الحزب الاشتراكي؟»، فالحزب محاصر بين مرشح اليسار الراديكالي جان لوك مولونشه عن اليسار، وبين إيمانويل ماكرون عن اليمين. ويواجه مرشح الحزب الاشتراكي بونوا هامون انشقاقا داخليا يوميا.
صحيفة «ليبراسيون» تساءلت عما إذا كان مانويل فالس الاشتراكي، الذي لم يدعم مرشح الحزب الاشتراكي بونوا هامون، بينما أعلن عن دعمه لمرشح من خارج حزبه إيمانويل ماكرون الوسطي يمينا ويسارا، سيقال من الحزب أم لا؟ سؤال يبرره ارتفاع عدد طلبات العقاب المتزايدة ضده داخل الحزب.
صحيفة «ليبراسيون» خصصت صفحتها الأولى لموقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من موضوع المناخ والاحتباس الحراري، حيث عنونت الصحيفة إلى جانب صورة للرئيس ترمب: «إنها جريمة ضد الأرض... هل ستتوجب محاكمته؟» وتذكِّر الصحيفة بأن ترمب خلال حملته الانتخابية وعد بإحياء صناعة الفحم، وهاجم مبادرات سلفه باراك أوباما في شأن اتفاق باريس حول المناخ، الذي وقعته أكثر من 190 دولة، بينها الولايات المتحدة الأميركية نهاية عام 2015. وتقول الصحيفة إن ترمب بتفكيكه خطة الطاقة النظيفة لسلفه أوباما ليحيي صناعة الفحم، وهي الصناعة الأكثر تلويثا، يكون مذنبا في جريمة ضد الأحياء.



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.