تلفزيون «فوكس» شاشة ترمب المفضلة

الرئيس الأميركي لجأ إليه في الأزمات

ميغان كيلي على شاشة «فوكس نيوز» («الشرق الأوسط»)
ميغان كيلي على شاشة «فوكس نيوز» («الشرق الأوسط»)
TT

تلفزيون «فوكس» شاشة ترمب المفضلة

ميغان كيلي على شاشة «فوكس نيوز» («الشرق الأوسط»)
ميغان كيلي على شاشة «فوكس نيوز» («الشرق الأوسط»)

خلال الحملة الانتخابية، وفي لقاء جماهيري، صاح ترمب: «يا روسيا، إذا تعرفين أي شيء عن أكثر من 30 ألف وثيقة من وثائق الخارجية الأميركية أخفتها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، اكشفيها».
وبعد أن دخل البيت الأبيض، شجع تلفزيون «فوكس» ليحقق في علاقة جون بوديستا، رئيس حملة هيلاري كلينتون الانتخابية، مع الروس. وغرد لقرابة 30 مليون متابع له في موقع «تويتر»: «شاهدوا الآن في تلفزيون (فوكس) معلومات خطيرة عن علاقة بوديستا مع روسيا». يشير هذا إلى خبر عن استثمارات بوديستا السابقة في شركة طاقة روسية كانت حصلت على قرض من الحكومة الروسية قيمته 35 مليون دولار. (في الحقيقة، نشرت الخبر صحيفة «برايتبارت» اليمينية التي كان يرأس تحريرها ستيف بانون، وهو الآن «مستشار استراتيجي» في البيت الأبيض).
ليست هذه أول مرة يتورط فيها تلفزيون «فوكس» في هذا الموضوع. خلال الحملة الانتخابية، طلب الكرملين منه الاعتذار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد أن وصفته بأنه «قاتل». وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحافيين: «نعتبر مثل هذه التصريحات من قبل صحافي في تلفزيون (فوكس نيوز) غير مقبولة ومهينة. ونفضل أن تقدم هذه القناة المحترمة اعتذارا للرئيس بوتين».
الذي حدث هو أن المذيع اليميني بيل أورايلي كان يقدم مقابلة مع ترمب في تلفزيون «فوكس». وسأل عن علاقة ترمب مع بوتين. وأجاب ترمب: «أحترمه. أنا أحترم عددا كبيرا من الناس، لكن ذلك لا يعني أنني أتفق معهم».
لكن، قاطعه المذيع، ووصف بوتين بأنه «قاتل» لكن، سارع ترمب وقال عبارة يمكن أن تدخل قاموس السياسة الأميركية: «يوجد كثير من القتلة. لدينا كثير من القتلة. هل تعتقد أن بلادنا بريئة»؟
وتعرض ترمب لانتقادات حادة من جمهوريين وديمقراطيين بسبب ما قال. لكن، لأن ما قال كان مثل هزة ضمير، يبدو أن كثيرا من الجمهوريين والديمقراطيين لا يريدون الخوض فيها. ويبدو أن الستار قد أسدل عليها. حتى تلفزيون «فوكس»، الذي أذاعها، كررها مرات قليلة، ثم أسدل الستار عليها.
ثم جاء فشل ترمب في إجازة قانون «ترمب كير» (قانون الرعاية الأميركية)، ليحل محل «أوباما كير» (قانون الرعاية المتوفرة). واضطر قادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب لسحب مشروع القانون، بعد فشلهم في تأمين الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة (218 نائباً من أصل 435).
ومرة أخرى، لجأ ترمب إلى تلفزيون «فوكس». في صباح يوم باكر، وبعد أن غرد ليشاهده الناس في ذلك الوقت المبكر في مقابلة في التلفزيون، قال في المقابلة: «ليخاطب المواطنون ممثليهم في مجلس النواب. لينفذوا الديمقراطية الحقيقية».
وعندما فشل مشروع القانون، هاج مذيعو ومعلقو تلفزيون «فوكس». وشنوا هجوما عنيفا، ليس فقط على الديمقراطيين في مجلس النواب الذين رفضوا (كلهم) تأييد مشروع القانون، بل على الجناح اليميني في الحزب الجمهوري الذين فعلوا نفس الشيء. (لكن، طبعا، كانت معارضة كل جانب نقيض معارضة الجانب الآخر).
ثم جاءت تغريدة ترمب التي أثارت، وتثير، ضجة كبيرة: اتهام الرئيس السابق باراك أوباما بأنه تجسس على حملته الانتخابية. دعا بعض معارضي ترمب إلى محاكمته بتهمة الاتهام الكاذب، ليس فقط لرئيس سابق، ولكن، أيضا، لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، ولمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) اللذين نفيا ما قال ترمب.
مرة أخرى، هب تلفزيون «فوكس» ليدافع عن ترمب. ومرة أخرى، بالغ في الدفاع.
هذه المرة، قال أندرو نابوليتانو، من كبار مذيعي «فوكس» إن أوباما، عندما كان رئيسا، طلب من الاستخبارات البريطانية الخارجية (إم آي 6) التنصت على «برج ترمب» في نيويورك، حيث كانت رئاسة حملة ترمب الانتخابية. سارعت الاستخبارات البريطانية، ونفت نفيا قاطعا ما قال. واضطر تلفزيون «فوكس» لأن يعتذر، ويوقف المذيع.
ولا تذكر العلاقة بين تلفزيون «فوكس» وترمب، إلا وتذكر ميغان كيلي، مذيعة سابقة في «فوكس».
خلال الحملة الانتخابية في مناظرة تلفزيونية، سألته: «لماذا وصفت نساء لا ترتاح لهن بأنهن خنزيرات سمينات، وساذجات، وحيوانات قذرة؟» فوجئ ترمب بالسؤال. وتهرب من إجابة مباشرة. وقال إنه يحترم «كل النساء».
لكن، في اليوم التالي، غرد ترمب في «تويتر»، وقال: «كانت كيلي غاضبة جدا علي. ويقول المثل: حتى سعير نيران جهنم أقل من امرأة غاضبة». وأضاف: «كأن الدم يخرج من عينيها، ومن أماكن أخرى في جسمها..».
في الحال، هب معارضون لترمب ضده (خاصة نساء، قلن إن ترمب كان يقصد عادة كيلي الشهرية). ورب ضارة نافعة، بسبب الهجوم (أغضب كثيرا من النساء)، زادت شهرة كيلي، وارتفع راتبها. ثم أصدرت كتاب مذكرات. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن كيلي فاوضت (عن طريق مستشارها المالي) تلفزيون «فوكس» لزيادة عقدها من 12 مليون دولار إلى 25 مليون دولار في العام. وعندما رفضت «فوكس»، استقالت. مع زيادة شهرة كيلي، انتشرت أخبار بأن تلفزيون «فوكس» عرض عليها 100 مليون دولار في العام لتعود.
لم تسلط كيلي الأضواء على مشاكل ترمب مع النساء فقط، بل، أيضا، على مشاكل تلفزيون «فوكس»، نفسه، مع النساء.
في العام الماضي، خلال الحملة الانتخابية، كانت كيلي واحدة من مذيعات في تلفزيون «فوكس» قلن إنهن تعرضن للتحرش الجنسي من قبل الرئيس التنفيذي للتلفزيون: روجر ايليز». (استقال في وقت لاحق).
واستغلت كيلي برنامجها التلفزيوني «كيلي فايل» (ملف كيلي)، في نفس تلفزيون «فوكس»، لشن حملة ضد رجال بتهمة التحرش الجنسي. بالإضافة إلى ايليز، هاجمت الرئيس السابق بيل كلينتون، والمرشح في ذلك الوقت ترمب. وقدمت في برنامجها نساء اتهمن ترمب بأنه تحرش بهن جنسيا (خلال 40 عاما).
في الوقت الحاضر، تعمل كيلي في تلفزيون «إن بي سي»، مع أخبار بأن تلفزيون «فوكس» يريدها أن تعود إليه. ليس فقط لأنها مذيعة ناجحة، ولكن، أيضا، بسبب «علاقة الحب والكراهية» بينها وبين ترمب. يريد تلفزيون «فوكس» أن يكسب الاثنين، ويكسب منهما.



مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.