عاصفة انتقادات دولية لإسرائيل بعد قرار بناء مستوطنة جديدة

«فتح» تطالب بتكوين جبهة رفض تتحول للاعتراف بفلسطين

عاصفة انتقادات دولية لإسرائيل بعد قرار بناء مستوطنة جديدة
TT

عاصفة انتقادات دولية لإسرائيل بعد قرار بناء مستوطنة جديدة

عاصفة انتقادات دولية لإسرائيل بعد قرار بناء مستوطنة جديدة

تصاعدت بشكل كبير حملة الانتقادات الدولية والعربية ضد قرار إسرائيل بناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، فيما أعلن الفلسطينيون أنهم لن يقبلوا بأي معادلات تشرّع الوحدات الاستيطانية غير القانونية في فلسطين المحتلة، ويرون أن الرد الأمثل هو الاعتراف بفلسطين.
وندد الأمين العام بقرار إسرائيل وأدانته مصر والأردن بقوة، فيما طالب الاتحاد الأوروبي بوقف كل المشاريع الاستيطانية فوراً وتفكيك البؤر. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الأمين العام يشعر بخيبة أمل ومنزعج من قرار إسرائيل بناء مستوطنة جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأضاف ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيريش، في بيان: «أكد الأمين العام مراراً أنه لا توجد خطة بديلة للفلسطينيين والإسرائيليين للعيش معاً في سلام وأمان».
وندد غوتيريش بجميع الأعمال الأحادية - مثل القرار الحالي - التي من شأنها أن تهدد السلام وتقوض حل الدولتين. وقال دوجاريك: «الأنشطة الاستيطانية تعتبر غير قانونية حسب القانون الدولي وتشكل عقبة أمام السلام». كما أدانت مصر قرار بناء المستوطنة، وهو الأمر الذي يحدث أول مرة منذ 20 عاماً، وقالت الخارجية المصرية في بيان، إن «استمرار الأنشطة الاستيطانية وتسارع وتيرتها يقلل من فرص حل الدولتين، ويقوض الجهود الرامية لاستئناف عملية السلام، وإحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية تستند إلى المرجعيات الدولية ومقررات الشرعية الدولية».
وأضاف البيان أن «القرار يفتئت على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كونه يفرض أمراً واقعاً يخالف مبادئ وقرارات الشرعية الدولية»، مشدداً على «ضرورة التوقف عن الأعمال أحادية الجانب، وتكثيف المجتمع الدولي لجهوده من أجل تشجيع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على استئناف المفاوضات، بهدف التوصل إلى تسوية نهائية تنهي الصراع بشكل نهائي».
وفي الأردن، شجبت الحكومة الأردنية وأدانت بشدة المصادقة على بناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، والاستيلاء على ما يقارب 977 دونما من الأراضي الفلسطينية. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، في تصريح مكتوب إن «هذا القرار يشكل اعتداء صارخاً على حقوق الشعب الفلسطيني، لا سيما حقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني في حدود الرابع من يونيو عام 1967، ويضرب جهود إحياء عملية السلام وإنهاء الصراع، ويبعث على إحياء البيئة التي تعتاش عليها قوى التطرف والإرهاب».
وأضاف: «إن هذا القرار يخالف قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، لا سيما قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في الثالث والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) عام 2016». وأشار إلى أن القرار الإسرائيلي يتنافى مع مبادئ عملية السلام ومسؤوليات القوة القائمة بالاحتلال، ويقوض حل الدولتين وجهود السلام في المنطقة. ودعا إلى تكاتف المجتمع الدولي في إدانة السياسات الإسرائيلية التوسعية الاستيطانية اللامسؤولة من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ووقف كل الاستفزازات الإسرائيلية والأحادية، واستئناف المفاوضات، تمهيداً للتوصل إلى سلام عادل وشامل يضمن إقامة الدولة الفلسطينية على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية.
والإدانة لقرار إسرائيل هي الموقف الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي كذلك، واصفاً الخطوة الجديدة بأنها «تقوض الآمال بحل قابل للحياة فيما يتعلق بحل الدولتين». وجددت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في بيان صحافي، تأكيدها على أن كل المستوطنات التي تقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية غير شرعية وفق القانون الدولي، وتشكل عائقاً أمام السلام، وتهديداً لحل الدولتين.
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل إلى وقف كل الأنشطة الاستيطانية، وتفكيك البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ عام 2001 بما يتوافق مع التزاماتها السابقة.
وكان المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل وافق بالإجماع على بناء مستوطنة جديدة على أراضي جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة. وجاء القرار الجديد فيما تتحضر السلطة الفلسطينية لاحتمال إطلاق عملية سلام جديدة بعد تدخل مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ويفترض أن تتضح إمكانية الانخراط في مفاوضات جديدة من عدمه، بعد لقاء ترمب هذا الشهر بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويحمل ثلاثتهم إلى ترمب تصوراً عربياً حول الطريقة المثلى لبدء المفاوضات وإنهائها.
وأجمع القادة العرب في القمة العربية في عمّان الأسبوع الماضي على مبادرة السلام العربية من دون أي تعديلات كمرجعية لعملية السلام.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة لن تتحرك في هذا الوقت ضد إسرائيل قبل أن تتضح معالم اللقاءات الثلاثة مع ترمب.
وأضافت المصادر: «السلطة لن تتحرك منفردة في إطار الاتفاق العربي المشترك على رأي واحد وموقف واحد وتحرك واحد».
والإدانات التي صدرت عن الأمين العام والاتحاد الأوروبي ومصر والأردن جاءت بعد إدانات أخرى أبرزها من بريطانيا والسويد. وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون قال إن «المملكة المتحدة تدين بشدة قرار الحكومة الإسرائيلية بناء مستوطنة جديدة في عمق الضفة الغربية». وأضاف: «إعلانات كهذه مخالفة للقانون الدولي، وتقوّض بشدة فرص وجود دولتين لشعبين. وإنني، كصديق لإسرائيل وعلى استعداد للدفاع عنها إن واجهت أي تحيز أو انتقاد غير معقول، أحث إسرائيل على عدم اتخاذ خطوات كهذه تبعدنا عن هدفنا المشترك بتحقيق السلام والأمن، وتجعل تحقيق وجود علاقات مختلفة بين إسرائيل والعالم العربي أكثر صعوبة».
أما السفير السويدي لدى الأمم المتحدة أولوف سكوج فقال إنه يجب على مجلس الأمن أن يرد على أحدث إعلان من إسرائيل بشأن المستوطنات. وأضاف قائلاً للصحافيين: «إلحاح الوضع والتدهور على الأرض ربما يستدعيان إجراء ما من مجلس الأمن، رغم أننا نعرف أنه ليس من السهل إيجاد توافق حول هذا».
ورحبت أمس حركة فتح بالمواقف الدولية والعربية التي تدين الاستيطان الإسرائيلي، مطالبة بجعلها قوام جبهة دولية للرفض العملي التام للاستيطان ومنتجاته. وقالت حركة فتح في بيان للناطق باسمها في أوروبا جمال نزال، إن «الاستيطان هو التهديد الفعلي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة الأراضي، وعليه فإن الاعتراف الفوري بدولة فلسطين هو الرد المنطقي الوحيد والمجدي نفعاً كرادع عملي لتطرف الاحتلال في سلوكياته الإجرامية وأبرزها محور الاستيطان».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.