قيادي «مؤتمري» يتهم الحوثي بـ«العنصرية» والتحريض

قيادي «مؤتمري» يتهم الحوثي بـ«العنصرية» والتحريض
TT

قيادي «مؤتمري» يتهم الحوثي بـ«العنصرية» والتحريض

قيادي «مؤتمري» يتهم الحوثي بـ«العنصرية» والتحريض

دخلت الخلافات والصراعات بين طرفي الانقلاب في صنعاء (ميليشيات الحوثي وصالح) مرحلة متطورة من التصعيد المتبادل، ففي مقابل تصعيد الحوثيين ضد شركائهم في الانقلاب من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، خصوصاً الوزراء ومداهمة مكاتبهم وتوجيه الصفعات إليهم، يقوم قياديون في حزب صالح بتوجيه خطابات سياسية وإعلامية حادة تنقد الحوثيين، وقد وصل التصعيد، أمس، إلى درجة أن يتقدم أحد القيادات الموالية لصالح ببلاغ رسمي إلى النائب العام في سلطة الانقلابيين، ضد عبد الملك الحوثي، زعيم المتمردين الحوثيين، يتهمه فيها بـ«العنصرية».
وقال الدكتور عادل الشجاع، عضو الأمانة العامة (المكتب السياسي) لحزب المؤتمر الشعبي، الجناح الموالي لصالح، في بلاغ إلى النائب العام في سلطة الانقلاب، إن خطاب عبد الملك الحوثي، بمناسبة «جمعة رجب»، يعد فعلاً من «أفعال التمييز العنصري وإشعال نيران الكراهية والحقد العنصري والتمييز المذهبي»، إنه «يميز بين صحابة رسول الله الذين نبجلهم جميعاً، قائلاً إن التكفيريين سعوا إلى إبعاد أهل اليمن عن الإمام علي، ولم يكتفِ بذلك، بل حاول أن يستخدم الدين أداة للتفرقة وتعميق روح الكراهية وهذا انتقاص سافر لحقوق اليمنيين، زاعماً أن المشكلة في اليمن ليست سياسية بل دينية».
وأضاف الشجاع أن «الحوثي اعتبر الحرب الحالية حرباً دينية تريد اقتلاع جوهر الدين». واعتبر الشجاع أن عبد الملك الحوثي استخدم الدين «لبث روح العنصرية»، واتهمه، في البلاغ الذي نشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بإعطاء «توجيهات الأوامر مباشرة بممارسة العنف ضد الشباب الذين لا يتعلمون ملازم (الملازم هي عبارة عن كتب غير مطبوعة، طائفية شيعية لمؤسس جماعة الحوثي حسين الحوثي) جماعته»، قائلاً: «هناك معاهد ترفع تعليم اللغات في صنعاء وهي تعمل بشكل رئيسي على تميع المجتمع واستهداف أخلاقه، والأدهى من ذلك أنه دعا بشكل واضح لتصفية المعارضين لأفكاره بقوله: شعبنا سينظف الساحة الداخلية وأدعو الشعب للجهوزية لعملية التنظيف للجبهة الداخلية». ويردف الشجاع أن خطاب الحوثي تضمن مفردات «التكريه والتحريض الطائفي والعنصري وعبارات الإقصاء والتمييز المذهبي»، مؤكداً أن «التغاضي عن هذا الخطاب أو غض الطرف عنه سيبيح دماء فئات من الشعب المحرض ضدهم وسيجعلنا أمام مجازر أفظع من مجازر النازية نفسها». ويقول القيادي الموالي لصالح إن «هذا الخطاب يهدر دم كل اليمنيين، فهو خطاب يدعو لاستمرار الحرب دون أن يأبه لحياة الناس أو لاختيار مستقبلهم».
ويرى مراقبون يمنيون أن التحالف الانقلابي بين الحوثي وصالح، هو تحالف وهن «يمكن أن يتعرض لانهيار في أي لحظة، وهذه الخلافات والانشقاقات الحادة تعبر عن عدم الانسجام بينهما، لكنهما يضطران للاستمرار في هذا التحالف، لأنهما يواجهان رفضاً محلياً وإقليمياً ودولياً». وفقاً للناشط السياسي اليمني، وضاح الجليل، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قد نشهد، في أي لحظة بالمستقبل القريب، مواجهات مسلحة بين الطرفين، تؤدي إلى كسر العظم بينهما، فهنالك كثير من المؤشرات والدلائل التي تشير إلى أن علي صالح فقد كثيراً من سلطته ونفوذه لصالح الحوثيين الذين أدخلهم بيده إلى صنعاء وإلى مؤسسات الدولة».
ويرى الجليل أن «المجتمع الدولي أصبح يتعاطى مع طرفي الانقلاب بمنطقين مختلفين، فعلي عبد الله صالح لم يعد مرغوباً به من الداخل والمجتمع العربي والدولي ينظر له كشخصية تثير كثيراً من المشكلات، ولم تعد لديه قوة لتكون له فاعلية في المستقبل، أما بالنسبة للحوثيين فبعض الأطراف الدولية تنظر لهم كمكون لا بد من وجوده وبقائه في المشهد المقبل في حال حدوث أي تسوية سياسية»، حسب تعبير الجليل.
«كل ما يحدث هو مغامرة من طرفي الانقلاب»، هكذا يوصف المحلل السياسي، باسم الحكيمي التوتر القائم بين الحوثي وصالح، ويقول: «أظن أن الطرف الذي سيكسب هو الطرف الذي سيرتكب حماقات أقل، وإن كان صالح قد ارتكب أخطاء وشق التحالفات القبلية خصوصاً عندما انتقم من خصومه بيد الحوثيين بطريقة مذلة»، ثم يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الموضوع معقد، وصالح يضغط على الجميع لقبول مشروع الثورة المضادة في مواجهة مشروع انقلاب الحوثي، لهذا أنا أرى أن تسلم الحوثي مقاليد الأمور، أكثر فأكثر، سيعجل بصدام المشروعين الانقلابيين»، مشيراً إلى ضرورة أن «نحافظ على تماسك الروح الوطنية ونعزز من قدرة الأحزاب على البقاء متماسكة».
واتسعت أخيراً رقعة الخلافات بين طرفي الانقلاب، بعد أن قامت ميليشيات حوثية بالاعتداء المباشر على وزراء في حكومة الانقلابيين من المحسوبين على صالح داخل مكاتبهم، غير أن مصادر «الشرق الأوسط» تؤكد أن طبيعة الخلافات بدأت من مباشرة الحوثيين السيطرة على ألوية الحرس الجمهوري التي يراهن عليها صالح في صراعه الداخلي، منذ أن أزيح من الحكم عام 2011، إثر ثورة شعبية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.