الخرطوم ترفض تحذيراً أميركياً من أعمال إرهابية محتملة

الخرطوم ترفض تحذيراً أميركياً من أعمال إرهابية محتملة
TT

الخرطوم ترفض تحذيراً أميركياً من أعمال إرهابية محتملة

الخرطوم ترفض تحذيراً أميركياً من أعمال إرهابية محتملة

رفضت الخارجية السودانية تحذيراً أطلقته الخارجية الأميركية للرعايا الأميركيين من أخطار إرهابية محتملة قد يتعرضون لها حال سفرهم إلى السودان، ولا سيما في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ووصفت تلك التحذيرات بـ«المتناقضة وغير الموضوعية»، وحثت الإدارة الأميركية على مراجعة المعلومات التي استندت إليها في إصدار تلك التحذيرات.
ووزعت الخارجية الأميركية الخميس تحذيرها الدوري لمواطني الولايات المتحدة نصحتهم فيه بعدم السفر للسودان، لاحتمالات تعرضهم لـ«مخاطر إرهابية»، لا سيما في المناطق التي يزداد فيها التوتر، وخصت منها ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان. ودعا التحذير الرعايا الأميركيين لاتخاذ الحيطة والحذر قبل التخطيط للسفر لمناطق خارج الخرطوم لاحتمالات تعرضهم لمخاطر «إرهابية»، خصوصاً في مناطق النزاعات المسلحة، وطلب منهم استخدام السيارات المصفحة وعدم السفر خارج الخرطوم دون إذن مسبق، مشيراً إلى أن مجموعات إرهابية «ناشطة» في السودان أعلنت نيتها إلحاق الأذى بالغربيين والمصالح الغربية بعمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات وعمليات اختطاف.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية قريب الله خضر في بيان أصدره أمس إن وزارته ترفض هذا التحذير، ووصفه بأنه «لا يراعي التطورات المهمة والتحولات الكبيرة التي شهدتها البلاد».
ووصف البيان التحذير بأنه «يتجافى وواقع الحال في السودان، الذي شهد أخيراً عدة زيارات مشهودة قام بها كل من المبعوث الأميركي السابق إلى دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ثم المبعوث البريطاني لدارفور، ووفد ضم جميع سفراء دول الاتحاد الأوروبي الذين تنقلوا بحرية تامة في جميع ولايات دارفور، كما زار وفد أميركي أخيراً أبيي، فضلاً عن زيارات كثير من الوفود الأخرى من مختلف دول العالم».
وذكر البيان أن التحذير الأميركي الدوري «لا يستند على مبررات موضوعية، ويناقض تقارير الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، التي أكدت استتباب الأمن والاستقرار في دارفور والمنطقتين»، وتابع أن «الزعم بالإرهاب في السودان يتناقض والإشادات التي أدلى بها رؤساء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وغيرها من كبار المسؤولين الأميركيين، بشأن الجهود المقدرة والتعاون الكبير لحكومة السودان في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ودورها الواضح في صون الأمن والسلم الإقليميين».
ودعا البيان الخارجية الأميركية لمراجعة معلوماتها غير الدقيقة التي استندت إليها في بيانها وتحذيراتها السالبة لتتسق مع «روح الحوار» الثنائي الإيجابي رفيع المستوى الذي يجري بين البلدين، والذي يتقدم نحو تطبيع علاقات البلدين وخدمة مصالحهما العليا، بما في ذلك مكافحة الإرهاب. وأبدت استعداد الأجهزة الأمنية السودانية ويقظتها التامة لحماية «أمن واستقرار البلاد، وتوفير الحماية التامة للزائرين من كل أنحاء المعمورة».
وتعهدت الخارجية في البيان بالتزام الحكومة السودانية بالسير قدماً في سياسات ترسيخ الأمن والسلام في البلاد، واعتبرت إعلان وقف إطلاق النار لستة أشهر، وقبولها للمقترح الأميركي بتوصيل العون الإنساني للمنطقتين تأكيداً لهذا الالتزام.
ولا تزال الإدارة الأميركية تضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، على الرغم من أنها رفعت العقوبات الاقتصادية الأحادية التي كانت تفرضها عليه جزئياً، على أن ترفعها كلياً في يوليو (تموز) المقبل حال التزام الخرطوم بخطة المسارات الخمسة، وتتضمن مكافحة الإرهاب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم