احتجاجات المعارضة الروسية تصل إلى المجلس الفيدرالي

سياسي روسي تعرض للتسميم يدلي بشهادة أمام الكونغرس في واشنطن

المعارض الروسي أليكسي نافالني (وسط) خلال حضوره جلسات المحكمة أمس بخصوص الاستئناف الذي قدمه ضد اعتقاله (أ.ب)
المعارض الروسي أليكسي نافالني (وسط) خلال حضوره جلسات المحكمة أمس بخصوص الاستئناف الذي قدمه ضد اعتقاله (أ.ب)
TT

احتجاجات المعارضة الروسية تصل إلى المجلس الفيدرالي

المعارض الروسي أليكسي نافالني (وسط) خلال حضوره جلسات المحكمة أمس بخصوص الاستئناف الذي قدمه ضد اعتقاله (أ.ب)
المعارض الروسي أليكسي نافالني (وسط) خلال حضوره جلسات المحكمة أمس بخصوص الاستئناف الذي قدمه ضد اعتقاله (أ.ب)

انتقدت وزارة الخارجية الروسية رد فعل الدول الغربية على مظاهرات شهدتها مدن روسية الأسبوع الماضي ضد الفساد، هذا في الوقت الذي انتقل فيه موضوع تلك المظاهرات إلى صالة جلسات أعضاء المجلس الفيدرالي، الذين ناقشوا ما جرى، وشدد بعضهم على ضرورة أن تستمع السلطات لصوت الشباب، بينما عبر سينمائيون روس خلال مهرجان موسكو السينمائي، عن موقف مؤيد للمتظاهرين. وتوقفت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، في تصريحات أمس عند رد الفعل الغربي على تلك المظاهرات، وأعربت عن أسفها لما وصفته «حملة إعلامية مناهضة لروسيا ظهرت على خلفية الفوضى في الفضاء الإعلامي العالمي»، واصفة تلك الحملة بأنها «نسخ لذات الكلمات لكن بلغات مختلفة، عندما بدأت وزارات خارجية دول أجنبية تدين روسيا»، لأنها أوقفت أشخاصاً شاركوا المظاهرات غير المرخصة، التي ووصفتها زاخاروفا بأنها «ممارسات غير قانونية هددت الأمن العام بالمعنى الحرفي للكلمة، وألحقوا الأذى وتسببوا بتشوهات لعناصر قوات حفظ النظام، ومواطنين آخرين».
واعتبرت زاخاروفا أن رد فعل الدول الغربية على كل ما يجري في روسيا، بما في ذلك الاحتجاجات، عبارة عن «حملة إعلامية ضخمة معد ومخطط لها مسبقاً، وبرنامج تم تصميمه في داخل البُنى الأورو - أطلسية»، معربة عن قناعها بأن هذا البرنامج بدأ تنفيذه منذ عامين إلى ثلاث سنوات، وأن «أولى بوادر ذلك البرنامج كانت بالطبع فيلم قناة (بي بي سي) حول الروس المرعبين، مشجعي كرة القدم الروس»، على حد قولها. وشهدت نحو 100 مدينة روسية، حسب ما ذكرت وكالة «تاس»، مظاهرات يوم 26 مارس (آذار)، بدعوة من المعارض الروسي أليكسي نافالني، احتجاجاً على الفساد في روسيا. وشارك في المظاهرة التي سارت عبر شارع تفيرساكايا وسط موسكو 8 آلاف متظاهر وفق تقديرات الأجهزة الرسمية الروسية، بينما قدر المنظمون عدد المشاركين بنحو 25 ألف متظاهر. واعتقل عناصر البوليس الروسي 900 من المشاركين في المظاهرة، التي شكلت بالنسبة للسلطات انتهاكاً للقانون، لأنها خرجت دون الحصول على التراخيص الضرورية. وكان لافتاً المشاركة الواسعة لجيل الشباب في المظاهرات، لا سيما تلاميذ الصفوف الأخيرة في المدارس، وطلاب السنوات الجامعية الأولى. واتهم ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين المنظمين بأنهم وعدوا بمكافآت مالية لكل شاب يشارك في المظاهرة ويعتقله البوليس.
وأثارت تلك المظاهرات جدلاً في أوساط النخب الفنية والفكرية والسياسية في روسيا، لم يقتصر على مشاركات في برامج تلفزيونية كثيرة خصصتها القنوات الرسمية لبحث أسباب خروج المظاهرات وخلفياتها. وكان لافتاً أن عبر السينمائيون، خلال حفل توزيع الجوائز على الأفلام الروسية في مهرجان «نيكا» السينمائي الروسي، عن موقف داعم للمتظاهرين. وبرز هذا الموقف حين استقبلت صالة المهرجان بتصفيق حار كلمة المخرج ألكسندر سوكوروف، خلال تسلمه جائزة المهرجان، قال فيها إن «الدولة ترتكب خطأ عندما تتعامل بهذا الأسلوب مع التلاميذ والطلاب»، في إشارة منه إلى الاعتقالات خلال الاحتجاجات، وأردف مشدداً: «لا يجوز بدء حرب أهلية في أوساط التلاميذ والطلاب، لا بد من الاستماع لهم. لا أحد من سياسيينا يرغب في الاستماع لهم، لا أحد يتحدث معهم»، «هم يخشون القيام بهذا الأمر (أن يتحدثوا مع الشباب)»، متسائلا: «لماذا؟»، وختم بالقول: «هذا أمر غير ممكن، لا يمكن الصبر أكثر من ذلك»، حسب قول سوركوف. أما المخرج أليكسي كراسوفسكي، فقد دعا السينمائيين الروس في كلمة من على منبر المهرجان، خلال تسلمه جائزة أيضاً، دعاهم للتأثير على مصير المتظاهرين الموقوفين، وقال: «أريد أن أرجوكم استخدام سلطاتكم لتغيير قدرهم»، وأيده بذلك المخرج السوفياتي الروسي الشهير مارك زاخاروف، مدير مسرح «لينكوم».
كما فرضت المظاهرات نفسها على عمل مجلس الاتحاد الروسي (المجلس الفيدرالي)، الذي بدأ جلسته من بحث الاحتجاجات في المدن الروسية، والأسباب التي دفعت صندوق مكافحة الفساد بإدارة المعارضة نافالني إلى توجيه اتهامات في تحقيقات لرئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف ومسؤولين آخرين. وخلال الجلسة اقترح فياتشيسلاف مارخايف، العضو في الحزب الشيوعي الروسي، تكليف الأجهزة الأمنية بالتحقق من الوقائع حول دخل وممتلكات رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف. من جانبها شددت فالنتينا ماتفيينكا، رئيسة المجلس، على ضرورة «تقييم ما جرى»، وأعربت عن قناعتها بأنه لا يحق للسلطات أن «تخفي رأسها تحت جناحها»، داعية إلى «الحديث مع الناس، وفهم لماذا يخرجون إلى الاحتجاجات، وما الذي يقلقهم، وبحث كيفية حل هذه القضايا».
ومن جانب آخر أدلى المعارض الروسي فلاديمير قره ميرزا الذي تعرض للتسميم مرتين في موسكو في السنتين الأخيرتين، بشهادة في الكونغرس دعا خلالها الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب إلى مواصلة دعم المجتمع المدني الروسي. وذكر نائب رئيس حركة «أوبن راشا» أسماء ناشطين ومعارضين للسلطة الروسية قتلوا في السنوات الأخيرة، أمام عدد من أعضاء مجلس الشيوخ بينهم الجمهوريان جون ماكين وليندسي غراهام اللذان يعدان من أشد أعداء الرئيس فلاديمير بوتين في واشنطن. وروى أنه تعرض للتسميم مرتين، في مايو (أيار) 2015 وفي فبراير (شباط) الماضي. وقد نجا من غيبوبة وغادر روسيا في 19 فبراير للعلاج. وبدا الروسي البالغ من العمر 35 عاما في صحة جيدة، وأدلى بشهادته بلغة إنجليزية متقنة أمام لجنة النفقات في مجلس الشيوخ. وجلست زوجته بجانبه.
كما دعا واشنطن إلى أن تواصل تطبيق قانون ماننيتسكي الذي أقره الكونغرس في 2012 ويفرض عقوبات على نحو أربعين روسياً بتهمة «انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان».
وقال: «إنها ليست مسألة مال»، مؤكدا أن «الرسالة التي توجهها الولايات المتحدة إلى المجتمع المدني أهم بكثير. هل ستشاركون أم تعودون أدراجكم؟». وقال السيناتور غراهام أنه يرغب في تخصيص اعتمادات جديدة «ضد روسيا» في الميزانية الأميركية المقبلة من أجل مساعدة الدول والمنظمات العاملة «على جبهة» محاربة «نظام بوتين».
كان قره ميرزا دخل في غيبوبة مطلع فبراير بعدما تسمم «بمادة مجهولة»، كما قال محاميه في حادث مماثل لما جرى في 2015 عندما كاد يموت. ووجد الأطباء في دمه حينذاك آثار تسمم بمعادن ثقيلة. وقره ميرزا الذي كان قريبا من الزعيم المعارض بوريس نيمتسوف الذي اغتيل في 2015، شغل حتى العام الماضي منصب نائب رئيس حزب بارناس الليبرالي المعارض.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.