استقبال شعبي فاتر لاتفاق «الزبداني ـ كفريا والفوعة»

«هيئة تحرير الشام» تسعى للنفاذ من الضغوط بعد تسلمها الحواجز المحيطة

سهل الزبداني
سهل الزبداني
TT

استقبال شعبي فاتر لاتفاق «الزبداني ـ كفريا والفوعة»

سهل الزبداني
سهل الزبداني

كشف الاتفاق بين «جيش الفتح» والطرف الإيراني لإخلاء بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين مقابل إجلاء مدنيين من الزبداني ومضايا بريف دمشق، الذي وقّع برعاية قطرية، مؤخرا، عن أن النظام السوري، كما «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، خارج إطار التفاوض، وعلما به أول من أمس بعد تسريب المعلومات عن الاتفاق الذي بات «أمراً واقعاً» رغم اعتراض السكان في مضايا الذين عبروا عن استيائهم منه.
واللافت في الاتفاق، أنه يتيح للنظام الدخول إلى الزبداني ومضايا وبقين بريف دمشق، ورفع علمه في المنطقة، وإدخال عناصره الأمنية إليها، مقابل دخول المعارضة إلى البلدتين الشيعيتين بريف إدلب في الشمال، على أن يعطي الطرفان تعهدات بعدم اقتياد المدنيين الذين سيبقون في تلك البلدات إلى الفروع الأمنية، وعدم محاكمتهم، كما قال مصدر معني بالمفاوضات لـ«الشرق الأوسط».
ويعني ذلك، بحسب المصدر، سيطرة النظام على البلدات الثلاث بريف دمشق، كما على بلدات جنوب دمشق الخاضعة للاتفاق، ليكون مصيرها مثل مصير البلدات الأخرى التي توصلت إلى اتفاقات مع النظام، بينما تدخل كفريا والفوعة ضمن نطاق سيطرة فصائل المعارضة، على أن تصبح تحت سيطرة الإدارة المدنية في المحافظة، وتلتزم الفصائل بحماية المدنيين الراغبين بالبقاء فيها. وقال المصدر إن الاتفاق «بلوره ممثل عن (حركة تحرير الشام)، واستشار فيه «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على منطقة إدلب، التي وافقت بدورها على الاتفاق»، موضحاً أن أسباب موافقة الهيئة التي يغلب عليها نفوذ «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) يعود إلى أنها «تسعى للنفاذ من الضغوط الشعبية عليها جراء امتناعها عن اقتحام البلدتين الشيعيتين رغم القصف الروسي والنظامي في إدلب»، علما بأن الاقتحام «مقيد باتفاقيات لمنع اقتحامها منعاً لأن يقتحم (حزب الله) الزبداني ومضايا»، مضيفا: هذا فضلاً عن «القصف المتواصل الذي تتعرض له بنش إثر عمليات قصف كفريا والفوعة». ولفت أن الطرف الإيراني أيضاً «له مصلحة بإخلائهما لمنع الضغوط عليه في البلدتين، بسبب القصف الذي تتعرضان له، وعجزه عن تقديم مساعدة عسكرية».
قال القيادي في «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»: «ينتهي اتفاق الهدنة في الأول من أبريل (نيسان) المقبل، وعليه تم الإسراع في بلورة اتفاق جديد، بعد توصل الأطراف إلى قناعة بأن المشكلة تحتاج إلى حل جذري على ضوء الخروقات المتواصلة». وأضاف أن مبررات التوصل إلى الاتفاق «جاءت بهدف حماية المدنيين في ريف دمشق الذين يعانون الحصار، ويتعرض الاتفاق لخروقات متواصلة»، مشيراً إلى أن الاعتراضات عليه «تندرج في إطار التنظير البعيد عن الواقع».
ويسكن كفريا والفوعة نحو 16 ألف مدني وعسكري، سيتم إجلاؤهم جميعاً على مرحلتين، حيث يتم إجلاء 8 آلاف منهم في المرحلة الأولى، بينما يبقى مدنيون وعسكريون سينقلون في الدفعة الثانية والأخيرة من الاتفاق.
ويقول سكان كفريا والفوعة: إن الضغوط تتمثل في تسلم «هيئة تحرير الشام» الحواجز حول البلدتين من «أحرار الشام» منذ فترة شهر، بحسب ما أفادت «شبكة أخبار كفريا والفوعة» في «فيسبوك».
ووقع الاتفاق بعيدا عن النظام السوري أو «الائتلاف الوطني السوري». وفيما أكد مصدر دبلوماسي في دمشق لجريدة «الوطن» القريبة من النظام أن مجمل ما يتم تناقله من أنباء، حول اتفاق جديد بخصوص الزبداني ومضايا بريف دمشق والفوعة وكفريا بريف إدلب، يندرج ضمن اتفاق المدن الأربع، وأنها «تبقى أنباء لا يمكن تأكيدها أو نفيها»، رفض الائتلاف «أي خطة تستهدف تهجير المدنيين في أي مكان من أنحاء سوريا»، مذكراً بأن ذلك «مناقض للقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن، ويمثل جريمة ضد الإنسانية، وأن من واجب المجتمع الدولي التحرك لوقف هذا المخطط والمشروع الخطير».
وأثار الاتفاق موجتي استنكار واستياء في صفوف سكان ريف دمشق، حيث أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن هدوءاً يسود منطقتي مضايا والزبداني بريف دمشق الشمالي الغربي، وبلدتي الفوعة وكفريا الواقعة بالريف الشمالي الشرقي لإدلب، ومناطق في جنوب العاصمة، في إطار تطبيق وقف إطلاق النار، بصفته خطوة أولية لتطبيق الاتفاق في هذه المناطق. ولفت إلى أن «الاستياء الشعبي يتصاعد في مضايا بريف دمشق، من عملية التغيير الديموغرافي التي تجري من خلال اتفاق مع الإيرانيين، وما زاد الاستياء هو عدم علم الكثير من سكان وقاطني مضايا بهذا الاتفاق. ويتزامن ذلك مع استياء يسود أوساط بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية بريف إدلب، من عملية إجلائهم من منازلهم نحو مناطق أخرى في محافظات ثانية.
وأكد تلك المعلومات الناشط أبو المهاجر الزبداني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن السكان عرفوا بالاتفاق من القيادات المعارضة في المنطقة، مضيفاً: «ليس أمامنا أي خيار آخر». وأضاف: «لا وجود لأي ضمانات... ولم تتضح الأمور بعد متى سيتم الخروج».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.