تحقيق أميركي ـ عراقي في «مجزرة الموصل»... وشهود عيان يروون التفاصيل

العفو الدولية تتهم التحالف الدولي بالفشل في حماية المدنيين

عناصر أمن يفتشون نازحين في غرب الموصل أمس (رويترز)
عناصر أمن يفتشون نازحين في غرب الموصل أمس (رويترز)
TT

تحقيق أميركي ـ عراقي في «مجزرة الموصل»... وشهود عيان يروون التفاصيل

عناصر أمن يفتشون نازحين في غرب الموصل أمس (رويترز)
عناصر أمن يفتشون نازحين في غرب الموصل أمس (رويترز)

أعلن قائد عسكري أميركي أن محققين موجودون في غرب الموصل للتحقيق فيما إذا كانت ضربة نفذتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة قبل نحو أسبوعين أم متفجرات زرعها تنظيم داعش سببت انفجارا كبيرا دمر مباني، ما تسبب بمجزرة راح ضحيتها أكثر من 200 شخص.
وظهرت روايات متضاربة منذ الانفجار الذي وقع في 17 مارس (آذار) في منطقة الموصل الجديدة في الشطر الغربي من المدينة، حيث تقاتل القوات العراقية المدعومة بضربات جوية ينفذها التحالف، من أجل طرد متشددي «داعش» من ثاني أكبر مدينة في العراق.
واتهمت القيادة العسكرية العراقية المتشددين بزرع متفجرات في مبنى لإسقاط ضحايا من المدنيين، لكن بعض شهود العيان يقولون إنه انهار نتيجة ضربة جوية دفنت كثيرا من العائلات تحت الأنقاض. وإذا تأكد ذلك فستكون تلك من أسوأ الهجمات منذ غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، وسيثير تساؤلات بخصوص سلامة المدنيين، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة تفادي إثارة غضب الأغلبية السنية من سكان الموصل.
ونقلت وكالة «رويترز» عن رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي، أنه قال بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزير الدفاع العراقي في وقت متأخر من مساء أول من أمس، إنه كانت هناك ضربات جوية في المكان في ذلك اليوم وفي أيام سابقة، ولكن لم يتضح ما إذا كانت تسببت في سقوط الضحايا. وتابع: «من المحتمل جدا أن يكون (داعش) فجّر هذا المبنى لإلقاء اللوم على التحالف حتى يسبب تأخيرا في الهجوم في الموصل، ويؤخر استخدام التحالف للضربات الجوية. من المحتمل أن تكون ضربة جوية للتحالف. لا نعلم بعد. هناك محققون على الأرض».
وقال مصدر مقرب من مكتب العبادي، إن الوفد العسكري الأميركي دعا أيضا إلى مزيد من التعاون بين وحدات قوات الأمن العراقية على الأرض، مع مراعاة أن آلاف المدنيين عالقون في منازلهم.
واستعادت القوات العراقية السيطرة على شرق الموصل، وتتقدم في الغرب، لكنها تواجه مقاومة شرسة في الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية حول المدينة القديمة. وقال قائد الشرطة الفريق رائد شاكر جودت، إن القوات العراقية التي تقاتل حول المدينة القديمة حاولت اقتحام حي الميدان وحي سوق الشعارين، حيث يدير تنظيم داعش شرطة دينية (الحسبة) تنفذ عقوبات وحشية مثل الصلب والجلد على الملأ. وتتركز المعركة الآن على المدينة القديمة، مع تحرك القوات صوب جامع النوري الذي أعلن منه زعيم «داعش»، أبو بكر البغدادي، الخلافة قبل 3 أعوام، بعد سيطرة التنظيم على أراض في العراق وسوريا.
ويفر آلاف المدنيين من القتال والقصف والضربات الجوية، ولكن ما يصل إلى نصف مليون شخص قد يكونون محاصرين داخل المدينة.
وقالت منظمة العفو الدولية أمس، إن عدد القتلى المدنيين المرتفع يشير إلى أن قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة فشلت في اتخاذ الاحتياطات الكافية في الموصل للحيلولة دون سقوط قتلى بين المدنيين. وأضافت دوناتيلا روفيرا، من منظمة العفو، التي أجرت تحقيقات ميدانية في الموصل: «نُصح السلطات العراقية المدنيين مرارا بالبقاء في منازلهم بدلا من الفرار من المنطقة، يشير إلى أن قوات التحالف كان يجب أن تعلم أن هذه الضربات ستسفر على الأرجح عن عدد كبير من الضحايا المدنيين».
بدوره، قال الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أمس، إن 307 مدنيين على الأقل قُتلوا كما أُصيب 273 شخصا في غرب الموصل، مع تجميع مقاتلي «داعش» مواطنين داخل مبان ملغمة واستخدامهم دروعا بشرية وإطلاق النار على الفارين. وتابع في بيان: «إنه عدو يستغل بلا رحمة المدنيين لتحقيق أهداف. ومن الواضح أنه لا يعبأ إطلاقا بتعريضهم للخطر... من المهم أن تتفادى قوات الأمن العراقية وحلفاؤها في التحالف هذا الفخ». ودعا القوات العراقية وحلفاءها إلى إجراء تحقيقات شفافة في أحداث دامية كانت قواتهم طرفا فيها.
وشرح شهود عيان في مخيمات النازحين لـ«الشرق الأوسط» حقيقة ما حدث في الموصل الجديدة، وقال المواطن سرمد عمر: «مسلحو (داعش) يجمعون المئات من المدنيين بالقوة ويحتجزونهم في المنازل المكونة من طابقين أو أكثر، ويفخخون هذه المنازل بالمتفجرات، ومن ثم يفجرونها». وروى عمر ما شاهده قائلا: «قبل أيام من تحرير حي الموصل الجديدة شن مسلحو (داعش) حملة على المنازل وجمعوا النساء والأطفال والرجال بالقوة في منزل مكون من 3 طوابق وقبو، في الأزقة الواقعة نهاية الحي، وكان المنزل مفخخا بالكامل، وكان التنظيم يعد لذلك منذ أيام. أنا علمت ببدء التنظيم جمع الأهالي فاختبأت مع عائلتي في قبو منزل أبي القديم حيث مدخله سري لا يمكن لأي شخص غريب اكتشافه بسهولة، وفي اليوم نفسه فجر التنظيم المنزل المفخخ في الحي بمن فيه».
بدورها قالت المواطنة حمدية سلام، التي فقدت اثنين من أبناء عمومتها وعائلاتهم في مجزرة الموصل الجديدة: «تنظيم داعش قتلهم، مسلحو التنظيم من العراقيين والروس يفجرون المنازل المكتظة بالمدنيين المختبئين من المعارك، كي يُوقفوا تقدم القوات الأمنية، والطائرات لم تشن أي غارة منذ وصول القوات الأمنية إلى الأحياء القديمة من الموصل. (داعش) يضع العشرات من السيارات المفخخة في مداخل الأزقة وفي الأحياء لتفجيرها، وإسقاط أكبر عدد من القتلى المدنيين».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».