كاتبة كويتية تقود حملة للحوار الثقافي في 9 كلمات

فتحية الحداد
فتحية الحداد
TT

كاتبة كويتية تقود حملة للحوار الثقافي في 9 كلمات

فتحية الحداد
فتحية الحداد

تمضي الكاتبة والناشطة الثقافية الكويتية فتحية الحداد في مشاريعها الثقافية الفردية بغض النظر عن كونها مألوفة أو غير مألوفة، وبعض هذه المشاريع يحدث لأول مرة عربياً، كأن تشكل فريقاً من الناشطين الثقافيين لتوثيق معالم تراثية، أو تمد الجسور مع ثقافات بين الشعوب بإصدار سلسلة كتب عن النتاج الأدبي بين دولتين.
لكن ربما أن أغرب مشروع لديها هو المشروع المتمثل في سلسلة إصدارات بعنوان «امنحني 9 كلمات»، وهو عبارة عن كتاب يشترك في وضعه مجموعة من المؤلفين، يكتفي كل واحد منهم بوضع 9 كلمات فقط في الكتاب، تكون مكثفة ومركزة، بما يعطي مضمون نص متكامل بأقل العبارات.
تقول الكاتبة فتحية الحداد عن مشروعها الذي صدر مؤخراً الكتاب الثاني منه، إنها تحاورت مع مجموعة من المثقفين حول هذا المشروع، عبر الـ«واتساب» أولاً قبل أن تلتقي مجموعة مكونة من الأدباء في المكتبة الوطنية، وهم: أميرة عامر، واستبرق أحمد، وماجد القطامي، ومنى الحمر، وسارة العتيقي، وهديل الحساوي، وفي هذه الجلسة اقترحت فتحية الحداد عليهم كتابة نصوص تنطلق من 9 كلمات.
تعترف الحداد بأن فكرتها هذه مستوحاة من احتفالات فرنسا بالفرنكفونية وتحت منظومة «قل لي عشر كلمات»، بحيث يُترك للمشترك حرية اختيار نمط النص، ثم تصدر هذه الكلمات لاحقاً في كتاب. ولأن الحماس كان مشتعلاً لدى المجموعة التي التقت، فقد تم البدء بتنفيذ المشروع فوراً، حيث كانت الكاتبة استبرق أحمد تحمل رواية «الأفق» للمؤلف الفرنسي باتريك موديانو الحائز على جائزة نوبل عام 2014، وتم اختيار صفحة من الرواية قرأتها استبرق وتم تصنيف الكلمات المطلوبة، ثم بدأوا العمل لاحقاً من خلال الـ«واتساب»، وقرروا أن يكون للرقم 9 شأن حتى في اختيار تواريخ الطباعة، فأرسلوا عملهم الأول إلى المطبعة يوم التاسع من فبراير (شباط) الماضي.
وتضيف الحداد: «هذه النصوص تؤكد أن العمل الأدبي مهما بلغت ذروة ارتفاعه، فإنه في الأساس يعتمد على مفردات مجردة تأخذ قيمتها وخصوصيتها من خلال النسق الذي يختاره الكاتب لها، فيتكون الأسلوب الخاص بالمؤلف الذي قد يسحر القارئ أو ربما لا يغري المتلقي».
وتصف الكاتبة الحداد فكرتها بأنها تجربة شرطها التطوير والعمل كفريق، وستظل التجربة - حسب تعبيرها - لضمان تفعيل الكتابة كمجهود ذهني بالمرتبة الأولى يتحقق أفقه من خلال علاقة المتلقي بالنص.
استمرت الكتابة في الإصدار الأول ثلاثة أشهر وكان فريق العمل مكوناً من: استبرق أحمد وسارة العتيقي وفتحية الحداد وماجد القطامي، وكانت الكلمات التسع مأخوذة من رواية «أفق» للكاتب الفرنسي باتريك مودياني، وتدور حول مصطلحات محددة هي: «السبت زوالا، مارغريت، سعيدة، غليظ، مساء، الطاولة، حادة، ميرفي، عصابة».
التجربة الأولى لفتت أنظار المثقفين، الأمر الذي دفع فتحية الحداد للإقدام على مغامرة الجزء الثاني، الذي قالت عنه: «كل كلمة تخلق نصاً ومفهوماً حتى إذا ما اجتمعت النصوص كافة، وجدنا أن في الرحلة بعض السفر، وفي الغربة حلم عودة أو بعض حنين يشحذ الخيال». وتتابع وصفها للكتاب: «قد تتشابه الكلمات لكن تبقى لكل تجربة خصوصيتها، ولكل خبرة وقت وزمن يؤثر في تشكيلها ليكون الاستقرار ولو مؤقتاً زاداً لصقل التجربة والتأقلم. حالة قد يفرضها الواقع، وقد نسعى إليها ونحن ننشد السلام في وطن نختاره أو يختارنا». شارك في وضع الكتاب الثاني كل من الأدباء: أريج اليحيى وحسن الفرطوسي وحنان عبدالقادر وسوزان خواتمي وفتحية الحداد ونجوى الهمامي وهدى الشوا وشريف صالح.
تمضي الكاتبة فتحية الحداد في مشروعها هذا لتختزل العالم في 9 كلمات، ربما تراها كافية لعالم يضج بالزخم ولا يستحق التعبير عنه بأكثر من ذلك، أو ربما كانت فكرتها ترتكز على القاعدة البلاغية في اللغة العربية «الإعجاز في الإيجاز».



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.