«المبادرة الخليجية» مفتاح إنقاذ اليمن

هدفها توفير انتقال سلمي للسلطة وتجنيب البلد الفوضى

«المبادرة الخليجية» مفتاح إنقاذ اليمن
TT

«المبادرة الخليجية» مفتاح إنقاذ اليمن

«المبادرة الخليجية» مفتاح إنقاذ اليمن

جاءت المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، لتلبي طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح، مع الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، واحتواء الأزمة إقليمياً وعربياً وعدم تدويلها، حيث أصبحت المبادرة إحدى المرجعيات الثلاث الرئيسية للحل.
واستهدفت المبادرة الخليجية التي أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، تشكيل حكومة «مناصفة» بقيادة المعارضة، وإخراج اليمن من أزمته عبر عدة خطوات، بيد أن علي عبد الله صالح وتحت عباءة الحوثيين، قاد انقلابا على السلطة والرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وتمت السيطرة بالقوة المسلحة على العاصمة صنعاء، وبقية مؤسسات الدولة.
وفي هذا الصدد، أكد الكاتب السياسي اليمني نصر طه مصطفى، أن المبادرة الخليجية كانت مفتاحا مهما لإنقاذ اليمن، ويجب أن تصل إلى هدفها النهائي بالاستفتاء على الدستور، وإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية، لافتا إلى أن هذه استحقاقات لا تقبل العبث بها، أو الالتفاف عليها، كما فعل بعض الذين حاولوا تأسيس صراعات وحروب مذهبية لا تنتهي.
ووفرت المبادرة انتقالاً سلساً وآمناً للسلطة، يجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني شامل، إلا أن ما قام به الحوثيون وصالح من انقلاب صارخ، نشر الخراب والدمار في مختلف محافظات اليمن، وأعاد اليمنيين للمربع الأول.
وألزمت المبادرة الخليجية، الأطراف كافة، إزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً، وتوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة، من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرض. ورغم أن المبادرة الخليجية، تنص على أن يشكل الرئيس الجديد «المنتخب» لجنة دستورية للإشراف على إعداد دستور جديد، ومن ثم عرضه على استفتاء شعبي، فإن الحوثي وصالح اختطفا مسودة الدستور الجديد قبل أن يصادق عليها الرئيس هادي، الأمر الذي عطل تنفيذ المبادرة الخليجية وفقاً للاتفاق المبرم.
وأكدت المبادرة الخليجية على أنه منذ اليوم الأول للاتفاق، يكلف رئيس الجمهورية المعارضة تشكيل حكومة وفاق وطني بنسبة 50 في المائة لكل طرف، على أن تُشكل الحكومة خلال مدة لا تزيد على سبعة أيام من تاريخ التكليف، وتبدأ الحكومة المُشكلة العمل على توفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً.
وكان من المقرر، أن يجيز مجلس النواب «بمن فيه من المعارضة»، القوانين التي تمنح صالح ومن عمل معه خلال فترة حكمه، الحصانة من الملاحقة القانونية والقضائية، بعد إقرار قانون الضمانات، ثم يقدم الرئيس استقالته إلى مجلس النواب، ويصبح نائب الرئيس هو الرئيس الشرعي بالإنابة، بعد مصادقة مجلس النواب على استقالة الرئيس.
ويدعو الرئيس بالإنابة - بحسب المبادرة الخليجية - إلى انتخابات رئاسية في غضون 60 يوما بموجب الدستور، وفي أعقاب الانتخابات يطلب الرئيس من رئيس الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات تشكيل الحكومة، وفي حالة إجازة الدستور في الاستفتاء، يتم وضع جدول زمني لانتخابات برلمانية جديدة بموجب أحكام الدستور الجديد، على أن تكون دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، شهوداً على تنفيذ الاتفاق.
ووفقا لطه مصطفى الذي تقلد وزارة الإعلام اليمنية في 2014، فإن المرحلة القادمة تتطلب دوراً سياسياً خليجياً أكبر بقيادة المملكة العربية السعودية، لقطع الطريق على من يحاولون إيجاد بعض الطبخات السياسية السيئة التي تجري، والتي يراد فرضها على اليمن واليمنيين. وأكد أن اليمن لن يقبل أي نفوذ إيراني فيه مهما طال الصراع، كما أنه لن يستقر ويعود إليه أمنه إلا بعلاقات عميقة متجذرة مع جيرانه الخليجيين، ومثل هذا الهدف لن يتم إنجازه إلا برؤية يمنية سعودية خليجية مشتركة، برعاية مباشرة من دول مجلس التعاون الخليجي وليس غيرهم.
ورأى طه مصطفى أن الحرب اليمنية وصلت إلى مراحلها الأخيرة، مهما تمادى الحوثيون في اندفاعهم العقائدي والمذهبي، مشيراً إلى أن أكثر من 95 في المائة من اليمنيين لن يقبلوا سيطرة هذه المجموعة المذهبية العنصرية المتعصبة عليهم، وقد آن الأوان لمصالحة يمنية شاملة لن ترى النور إلا على يد الأشقاء وليس غيرهم، على حد تعبيره.



اعتقالات حوثية في 3 محافظات ذعراً من الاختراق الإسرائيلي

الحوثيون استنفروا مسلحيهم ونفذوا اعتقالات بحق المدنيين تحت مزاعم التجسس لمصلحة إسرائيل (إ.ب.أ)
الحوثيون استنفروا مسلحيهم ونفذوا اعتقالات بحق المدنيين تحت مزاعم التجسس لمصلحة إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

اعتقالات حوثية في 3 محافظات ذعراً من الاختراق الإسرائيلي

الحوثيون استنفروا مسلحيهم ونفذوا اعتقالات بحق المدنيين تحت مزاعم التجسس لمصلحة إسرائيل (إ.ب.أ)
الحوثيون استنفروا مسلحيهم ونفذوا اعتقالات بحق المدنيين تحت مزاعم التجسس لمصلحة إسرائيل (إ.ب.أ)

ضمن حالة الذعر التي تعيشها الجماعة الحوثية بفعل التهديدات الإسرائيلية باستهداف رموزها كما حدث مع حزب الله اللبناني، نفذت الجماعة حملة اعتقالات طالت العشرات من المدنيين في صعدة وصنعاء والحديدة، حيث يُتهم هؤلاء بالسعي للحصول على معلومات عن أماكن وجود زعيم الجماعة وقادتها العسكريين.

وذكرت مصادر محلية وأخرى سياسية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لـ«الشرق الأوسط» أن أجهزة المخابرات الثلاثة التي تديرها الجماعة، وهي (الأمن الوقائي، والأمن والمخابرات، واستخبارات الشرطة)، نفذت حملة اعتقالات في صنعاء وصعدة والحديدة.

واستهدفت الجماعة - بحسب المصادر - في محافظة صعدة أقارب أو أصدقاء لأسرة آل مجلي التي ينتمي لها عضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي، حيث أشرف القيادي الحوثي مطلق المراني (أبو عماد)، وكيل جهاز الأمن والمخابرات والمسؤول عن محافظة صعدة وتأمين مواقع وتحركات عبد الملك الحوثي، على حملة الاعتقالات التي استهدفت مقربين من عضو مجلس القيادة الرئاسي، والتي تم خلالها اختطاف أعداد من المدنيين في منطقتي العبدين وغراز، الواقعتين على أطراف مدينة صعدة.

المدنيون ضحايا للذعر الحوثي من تهديد إسرائيل باستهداف قادتهم (إعلام حكومي)

وأتت هذه الحملة بعد أيام من إعلان الجماعة المدعومة من إيران، إحباط ما وصفتها بـ«أنشطة استخباراتية» تقودها أجهزة مخابرات دولية، بينها وكالة المخابرات الأميركية و«الموساد» الإسرائيلي، وزعمها أن مجموعة لم تكشف عن أسماء عناصرها أوكلت لها مهمة تحديد مواقع عسكرية واستراتيجية، من بينها منصات الصواريخ والطيران المسيّر، ورصد أماكن وجود زعيم الجماعة وعدد من قياداتها.

إرهاب السكان

في العاصمة اليمنية المختطَفة صنعاء، ذكرت مصادر سياسية أن الجماعة الحوثية اعتقلت عدداً من المدنيين بالتهمة نفسها، حيث تعيش الجماعة حالة من الذعر عقب انهيار المحور الإيراني في المنطقة، وزاد من ذلك تهديد مسؤولين إسرائيليين باستهداف قادة الجماعة وجناحها العسكري على غرار ما حدث مع «حزب الله» اللبناني.

وبينت المصادر أن الاعتقالات هدفها بث حالة من الرعب في وسط السكان لمنع أي تحركات شعبية مناهضة، واستباق حدوث أي انهيار شامل في سلطة الجماعة الانقلابية كما حدث في سوريا.

وبالمثل يواصل الحوثيون منذ أيام حملة اعتقالات واسعة في محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، طالت مراهقين وكباراً في السن للشك في ولائهم للقوات الحكومية، وخشية هجوم مفترض من القوات الحكومية التي تتمركز في المناطق الجنوبية من المحافظة، بالتزامن مع الضربات الإسرائيلية.

محتجون ينددون بقصف الحوثيين التجمعات المدنية (إعلام حكومي)

ووفق ما أفادت به المصادر المحلية، فإن الحملة تركزت في مديريتي ‫الدريهمي والحالي، وطالت كباراً في السن كل ذنبهم أن أبناءهم يعملون في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، ويرسلون الأموال لأسرهم لمواجهة متطلبات الحياة اليومية بعد أن عجزوا عن الحصول على أعمال في مناطق سيطرة الحوثيين.

وبحسب المصادر اقتيد المعتقلون إلى سجون سرية استحدثها جهاز استخبارات الشرطة الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، وأن أحد الذين أُفرج عنهم ذكر أن مخابرات الحوثيين تحقق معهم عن مصادر الأموال التي يرسلها أبناؤهم، رغم أنها مبالغ متواضعة، لكن الحوثيين يقولون إنهم يحصلون على تلك الأموال من مخابرات دولية وليس من أعمالهم.

تعذيب حتى الموت

ذكرت السلطة المحلية في الحديدة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية أنه عُثر على جثة امرأة اختطفها الحوثيون قبل أيام من داخل أحد مخيمات النزوح. وقال مكتب الإعلام في المحافظة إنه عُثر على جثة النازحة المختطفة، فاطمة عايش أحمد (45 عاماً)، في منطقة نائية خارج مركز مديرية الدريهمي، جنوب مدينة الحديدة، بعد نحو 10 أيام من إقدام الحوثيين على اختطافها من منزلها في مخيم «مركوضة» للنازحين في المديرية نفسها.

ووفق بيان المكتب الإعلامي، وُجد على جثة الضحية آثار تعذيب وحشي، ما يشير إلى تعرضها للتعذيب حتى الموت. وبيّن البيان أن مسلحين حوثيين كانوا يرتدون الأقنعة اقتحموا منزلها، واختطفوها واقتادوها على متن سيارة عسكرية إلى مكان مجهول، دون تقديم أي مبررات لهذه العملية.

الحوثيون استهدفوا المدنيين في جنوب الحديدة وبالقرب من خطوط التماس (إعلام حكومي)

ووصف المكتب الحكومي ما حدث بأنه «جريمة» في إطار سلسلة الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية بحق المدنيين، بما في ذلك الاختطاف والقتل والتعذيب، ما يثير قلقاً واسعاً بشأن الأوضاع الإنسانية المتدهورة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وطبقاً لمصادر سياسية، فإن الحوثيين يتخذون من التهديدات الإسرائيلية ذريعة لاعتقال المدنيين، استناداً إلى وشايات أو خصومة مع آخرين. وقالت المصادر إن هذه الممارسات تضع مسؤولية إضافية على فريق المراقبين التابع للأمم المتحدة في ‫الحديدة والفاعلين في المجتمع المدني الدولي والمحلي، من أجل الضغط على الجماعة لوقف الاعتقالات بمبرر الاستعداد للحرب أو غيرها من المبررات.

لا سفن في الحديدة

على صعيد متصل بتأثير الغارات الإسرائيلية الأخيرة، أكدت مصادر ملاحية في الحديدة أن المواني الثلاثة (الحديدة، الصليف، رأس عيسى) لم تستقبل أي سفينة بعد مرور 3 أيام على الضربات الإسرائيلية، وأن ممثلين عن بعثة مراقبي الأمم المتحدة في المحافظة زاروا ميناء الحديدة للاطلاع على حجم الأضرار التي أحدثتها الضربات والتي أدت، وفق مصادر ملاحية، إلى خروج رافعة عائمة ورافعات جسرية وزوارق سحب عن الخدمة، وغرق بعضها في البحر.

فريق الأمم المتحدة يطلع على الأضرار التي لحقت بميناء الحديدة (إعلام محلي)

وكان المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، جوليان هارنيس، أكد أن الضربات الجوية على ميناء الحديدة «مثيرة للقلق بشكل خاص»، خصوصاً أن اليمن يستورد ما يقرب من 80 في المائة من إمداداته الغذائية عبره.

وقال هارنيس إنه إذا تم تعطيل الميناء، فهذا يعني أن سكان شمال اليمن بالكامل، والذين يشكلون ما بين 65 و70 في المائة من السكان، سيكونون بحاجة إنسانية متزايدة.

ودعا هارنيس كل الأطراف إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي أثناء تبادل الهجمات وعدم استهداف البنى التحتية المدنية؛ لأن ذلك «سيؤدي إلى تفاقم المعاناة لنحو 18 مليون يمني في حاجة إلى مساعدات إنسانية، أي ما يقدَّر بنصف عدد السكان تقريباً».