بلباو... مدينة معلقة ما بين الثقافة والبحر

عاصمة إقليم الباسك ومدينة الألوان الزاهية

مدينة تمزج ما بين العصرية والتراث
مدينة تمزج ما بين العصرية والتراث
TT

بلباو... مدينة معلقة ما بين الثقافة والبحر

مدينة تمزج ما بين العصرية والتراث
مدينة تمزج ما بين العصرية والتراث

تقع بلباو، عاصمة إقليم الباسك، بشمال إسبانيا، وأصبحت تشتهر الآن كمنتجع ثقافي من بين أشهر معالمه متحف غاغينهايم، ومطبخها اللذيذ وقربها من البحر، والشوارع المرصوفة بقلب المدينة التاريخي.
في غضون دقائق من الهبوط بمطار بلباو، يبدأ الزائر دخول هذه المدينة الصغيرة الودودة المتألقة بألوانها الزاهية، التي تتفرد شوارعها بمزيج من فن الشوارع والمعمار الحديث، داخل مناطق كانت تعرف منذ 20 عاماً فقط بكونها مراكز لصناعة الحديد الصلب.
وفي أعقاب الأزمة التي تسببت في انهيار هذه الصناعة داخل بلباو، قررت الحكومة المحلية تحويل المدينة إلى مقصد ثقافي. وتزامن مع ذلك بحث مؤسسة سولومون غاغينهايم، في نيويورك، عن مكان لاستضافة فرع جديد لمتحف داخل أوروبا. وبعد دراسة عدة مدن أوروبية، استقرت المؤسسة على عاصمة الباسك. ومنذ تلك اللحظة، بدأت المدينة في الازدهار، من حيث إقبال السياح والتصميمات الحضرية.
وفي حوار أجرته معها «الشرق الأوسط»، قالت مديرة شؤون السياحة بالمدينة، مرسيدس رودريغيز لاراوري: «ثمة نجاح كبير آخر لجهود إحداث تحول بالمدينة، تمثل في تحقيق توازن بين إصلاح المدينة كمقصد للسياحة الآتية من خارج البلاد، وكذلك إصلاحها بالنسبة للمواطنين. ولهذا، تجدون كثيراً من المتنزهات المليئة بشتى الأزهار، والمساحات الفنية المخصصة لفن الشوارع، والميادين التي تحيطها المقاهي والمطاعم».
وإلى جانب زيارة متحف غاغينهايم الذي يعتبر واحداً من أفضل التصاميم المعمارية في العالم، تتيح المدينة أمام الزائرين الاطلاع على معين ثقافي هائل شديد التنوع. وبصورة إجمالية، تضم المدينة 12 متحفاً، منها دور أوبرا ومتحف للفنون الرفيعة تضم مجموعة منتقاة من الأعمال الفنية المنتمية لأوروبا وإقليم الباسك.
كما تتميز بلباو بهوية مميزة، فرغم كونها جزءً من إسبانيا، فإنها تملك لغة قديمة خاصة بها، تدعى اللغة الباسكية أو البشكنشية، التي يجري تدريسها بالمدارس إلى جانب الإسبانية. ولدى تجولك عبر شوارع المدينة الضيقة المغطاة بالأحجار، التي يشار إليها باسم «المدينة القديمة»، تقابلك لافتات مكتوبة باللغتين. والمثير أنك إذا ضللت الطريق داخل المدينة، ستنعم بتجربة لطيفة ممتعة، لأن هذا سيساعدك على اكتشاف شارع جديد ساحر.
وعادة ما يشكل السير السبيل الأمثل للتجول عبر أرجاء المدينة، خصوصاً أنها ليست شديدة الضخامة، ولا يتجاوز عدد سكانها قرابة 355 ألف نسمة. ويعد السير عبر شوارع بلباو تجربة بسيطة ثرية، يمكنك خلالها استكشاف الميادين العامة والمباني الأثرية التي يعود تاريخها لأكثر من 700 عام، وتتميز بجدرانها الملونة والأزهار التي تزدان بها شرفاتها. في الواقع، يبدو الأمر كما لو أنك تتجول عبر دهاليز الماضي. كما تتميز المدينة بموقع ممتاز، ذلك أنه في غضون 10 دقائق فقط بالقطار تصل إلى البحر، ويمكنك التزلج على الأمواج هناك.
وفي أعقاب السير لساعات قليلة، وبعدما عاينته من مقاهٍ ومطاعم تعرض شتى الأصناف التقليدية، من المستحيل أن تقاوم إغراء الاستمتاع بتذوق أطباق من المطبخ المحلي، الذي يضم أطباقاً مختلفة من الرقاق الإسباني، التي يمكن الاستمتاع بها بمفردها أو مع أطباق أخرى. وداخل بلباو تحديداً، تجري إضافة خضراوات أو لحوم إلى الرقاق. وبوجه عام، ترتبط زيارة المدينة بالطعام الذي يتميز بمذاقه الشهي، ومستوى جودته الرفيعة، وسعره الزهيد، مقارنة ببعض المدن الأخرى الأكثر شهرة داخل إسبانيا.
أما الأطعمة البحرية، فطازجة دائماً، وهي تتميز بألوانها المبهجة. وتعتبر أسماك القريدس رائعة على نحو خاص، ويمكن شراؤها من الأسواق المحلية القائمة على ضفاف النهر الممتد عبر المدينة. واللطيف أن بائعي القريدس شديدو السخاء، ذلك أنهم كثيراً ما يعرضون على المتسوقين فرصة تذوق منتجاتهم مجاناً، إذا ما بدا على وجوههم الفضول تجاهها. ومن الواضح أنهم يشعرون بفخر كبير تجاه الأسماك التي يعدونها.
أما أسماك القد، فمن الأطباق التقليدية تماماً بالمدينة، ويجري إعدادها بصور شتى متنوعة، أشهرها ما يطلق عليه «بيل بيل قد»، في إشارة إلى صوص ينتج عن مزيج طبيعي من الزيت وجلد السمك أثناء الإعداد. وهناك خيار آخر، يتمثل في «باكالاو آلا بيزكاينا»، الذي يتميز بصوص الطماطم والفلفل. ومن الأطباق الرائعة الأخرى التونة المحلية. وداخل المدينة القديمة، عادة ما تبلغ تكلفة وجبة تضم مقبلات وطبقاً رئيسياً وحلوى ومشروباً وخبزاً نحو 20 دولاراً للفرد فقط!
ولا تقتصر الأطباق اللذيذة على الأسماك، وإنما هناك أيضاً مجموعة هائلة من المقبلات المحلية التي يجري إعداد معظمها بالاعتماد على قطعة من الخبز المحمص وجبن أو لحوم أو زيتون أو فلفل أو مأكولات بحرية.
من ناحية أخرى، فإن بلباو ليست المقصد السياحي الوحيد بالمنطقة، وإنما يمكنك أيضاً زيارة مدن أخرى داخل إقليم الباسك، مثل غرنيكا، الواقعة على بعد 30 دقيقة فقط. وكان قصف غرنيكا وتدميرها عام 1937 قد جرى تخليده في لوحة للرسام الإسباني الشهير بابلو بيكاسو، التي حملت اسم المدينة، وتعتبر واحدة من الذكريات المؤلمة للحرب الأهلية الإسبانية.



البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد
TT

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، تتنافس بلدات ومدن لبنانية على اجتذاب الزوّار. مدينتا جبيل والبترون كما زغرتا تشكّل وجهات سياحية داخلية محببة. تتوجه إليها العائلات لتمضية يوم كامل في أسواقها وشوارعها المرتدية حلة العيد.

صاحبة لقب «عاصمة الميلاد»... البترون

كعادتها كل سنة، ترتدي بلدة البترون الشمالية حلّة الأعياد قبل غيرها من المناطق اللبنانية. وهذا العام افتتحت صاحبة لقب «عاصمة الميلاد» موسم الأعياد بنشاطات مختلفة. فأطلقت شجرة ومغارة الميلاد. وافتتحت قرية العيد ومعارض وأسواقاً خاصة بالمناسبة.

زغرتا ونشاطات مختلف بمناسبة الأعياد (انستغرام)

كل ما يخطر على بال زوّار البترون سيجدونه في أسواقها القديمة المطبوعة بعيدي الميلاد ورأس السنة. ففيها تحضّر المونة وتنتشر المقاهي والمطاعم والمنتجات اللبنانية من أشغال يدوية وحرفية وغيرها. وتعدّ من أقدم الأسواق في لبنان، وهي مبنية بأسلوب العمارة التراثية، حيث تجذب السياح والمقيمين. تتألف الأسواق من أزقة، يشعر زائرها وهو يجتازها، بأنه في قلب صفحات تاريخية. وتدأب بلدية البترون في هذا الوقت من كل سنة على تقديم أسواقها بأبهى حلة. وتبرز قناطرها الحجرية المزينة. وتصطف على جانبي السوق الحوانيت والدكاكين، فتعرض كل ما يتعلّق بهذه المناسبة من هدايا وحلويات وعطور وبخور وأزياء.

الزينة في مدينة جبيل (انستغرام)

الموسيقى الميلادية تملأ الأجواء. وفي المناسبة تم إطلاق «ورشة بابا نويل»، وفيها يتاح للأطفال والأولاد التقاط صور تذكارية مع هذه الشخصية العالمية. وكذلك القيام بنشاطات مختلفة من تلوين الرسوم واللعب والترفيه.

وللكبار حصّتهم من هذه السوق. ومع كوب شاي ونارجيلة أو بعض المرطبات والحلويات والمثلجات يستمتعون بلحظات استرخاء. كذلك بإمكانهم تناول ساندويشات الفلافل والشاورما وأكلات أخرى لبنانية وغربية.

البترون من الوجهات الجميلة فترة الاعياد (انستغرام)

«هيللو بيبلوس»... جديدها بمناسبة الأعياد

تحرص مدينة بيبلوس (جبيل) على التجدد في كل مرة تتاح لها الفرصة. هذا العام، وبمناسبة إطلاقها شهر الأعياد، أعلنت عن موقعها الإلكتروني «هيللو بيبلوس» (Hello Byblos). وهو من شأنه أن يسهّل لزوّار هذه المدينة طريقة الوصول إليها، ويضيء على أهم معالمها السياحية والأثرية. وتأتي هذه الخطوة بمناسبة مرور 15 عاماً على إدارة بلدية جبيل للمدينة.

وخلال فترة الأعياد باستطاعة زوّار هذه المدينة العريقة تمضية يوم كامل بين ربوعها. فكما أسواقها الميلادية، كذلك افتتحت شجرة العيد، وتم تزيينها بأكثر من 10 آلاف متر إنارة. وفي الشارع الروماني حيث تنتصب شجرة الميلاد تتوزّع أقسام السوق الميلادية الخاصة بهذا الموسم. وتحت عنوان: «الأمل بيضوّي بجبيل» تقام الاحتفالات في المدينة في شهر ديسمبر (كانون الأول).

ومن يقصد هذه المدينة باستطاعته القيام بعدة نشاطات سياحية، ومن بينها زيارة قلعة جبيل الأثرية ومرفئها القديم. ولهواة المتاحف يحضر في هذه المدينة متحف الأسماك المتحجرة، ومتحف الشمع الخاص بالفن الحديث والمعاصر.

مدن ومناطق لبنان تلبي حلة العيد رغم الظروف الصعبة (انستغرام)

زغرتا وللأعياد نكهتها الخاصة

تعدّ بلدة زغرتا أمّ المعالم الطبيعية والتاريخية. يزورها اللبنانيون من كل حدب وصوب للاستمتاع بنشاطات رياضية وترفيهية مختلفة.

وفي مناسبة الأعياد تقدم زغرتا نشاطات فنية وثقافية. وتحت عنوان: «ليلة عيد»، يمكن لزائرها المشاركة بفعاليات الأعياد التي تنظمها جمعية «دنيانا»، ويتخللها «قطار العيد» الذي ينظم جولات مجانية متعددة للأطفال في شارع زغرتا الرئيس. ويرتدي الشارع بدوره حلة الميلاد وزينته. وتقدّم العديد من الأنشطة الترفيهية والموسيقية. ويحضر في هذه الفعالية مجموعة من الشخصيات الكرتونية المُحببة إلى قلوب أطفالنا؛ فيطلّ «سانتا وماما كلوز»، وترافقهما فرق موسيقية تعزف أغاني وترانيم الميلاد، لبث جوّ الفرح والأمل.

وتفتح المحال التجارية أبوابها لساعات متأخرة من الليل. وتقدّم لزوّارها هدايا رمزية من وحي العيد.

وتشتهر زغرتا بمعالمها الأثرية والطبيعية المختلفة. وتكثر فيها الطواحين القديمة التي تشكّل جزءاً من تراثها. وكما طاحون نحلوس في أسفل زغرتا من الجهة الشرقية الشمالية، هناك أيضاً طاحون المخاضة العليا المشهور بأقبيته من العقد الحجري.

كل ما يخطر على بال زوّار البترون سيجدونه في أسواقها القديمة المطبوعة بعيدي الميلاد ورأس السنة

ويفتخر أهالي البلدة بكنيسة «السيدة» القديمة الأثرية، وكذلك بمواقع دينية أخرى كـ«مارت مورا» وكنيستَي «سيدة الحارة» و«الحبل بلا دنس» الأثريتين. ومن أنهارها المعروفة رشعين وجوعيت. أما بحيرة بنشعي التي تشهد سنوياً احتفالات خاصة بأعياد الميلاد ورأس السنة، فتتوزع حولها المطاعم والمقاهي. وهي تبعد عن البلدة نحو 10 دقائق، وتعدّ من المحميات الطبيعية اللبنانية المشهورة. وتسبح فيها طيور الإوز والبط، وتحتوي على مئات الأنواع من الأسماك.

وتُعرف زغرتا بمطاعمها التي تقدّم أشهى المأكولات اللبنانية العريقة. وأهمها طبق الكبة على أنواعه. ويقصدها الزوّار ليذوقوا طبق «الكبة بالشحم» و«الكبة بالصينية» و«الكبة النية».