انتقاد دولي لاحتجاز موسكو أكثر من ألف شخص على خلفية تظاهرات

«الأوروبي» يدعو إلى «الإفراج فوراً» عنهم

جانب من الاحتجاجات في روسيا (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في روسيا (أ.ف.ب)
TT

انتقاد دولي لاحتجاز موسكو أكثر من ألف شخص على خلفية تظاهرات

جانب من الاحتجاجات في روسيا (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في روسيا (أ.ف.ب)

عدّ الكرملين المظاهرة المعارضة للفساد التي نظمها أمس (الأحد) في موسكو المعارض ألكسي نافالني، «استفزازا» غداة توقيف أكثر من ألف شخص.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «ما رأيناه أمس في كثير من المواقع وربما في موسكو أكثر من غيرها، كان استفزازا وكذبا»، وأضاف أن نافالني «كذب صراحة» بقوله إن هذه المظاهرات «قانونية».
من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي اليوم (الاثنين) روسيا إلى «الإفراج بلا تأخير عن المتظاهرين السلميين» الذين أوقفوا بالمئات خلال تحركات احتجاج ضد الفساد.
وقالت ناطقة باسم الاتحاد الأوروبي في بيان إن «عمليات الشرطة في الاتحاد الروسي حاولت تفريق متظاهرين وأوقفت مئات المواطنين بينهم زعيم المعارضة أليكسي نافالني، ومنعتهم من ممارسة حرياتهم الأساسية؛ بما فيها حرية التعبير والتجمع السلمي والاجتماع، المدرجة كلها في الدستور الروسي».
وأضافت: «ندعو السلطات الروسية إلى احترام التزاماتها الدولية بالكامل (...) وإلى احترام الحقوق، والإفراج بلا تأخير عن المتظاهرين السلميين الذين أوقفوا».
واعتقل المعارض الروسي ألكسي نافالني ومئات من أنصاره الأحد في مختلف أنحاء روسيا خلال مظاهرات ضد الفساد شكّلت أحد أكبر التحركات التي تستهدف فلاديمير بوتين منذ عودته إلى الكرملين في 2012.
وكان نافالني دعا إلى هذه التحركات بعدما نشر تقريراً اتهم فيه رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف بأنه على رأس إمبراطورية عقارية يموّلها أثرياء.
وتمت مشاهدة التقرير 11 مليون مرة على موقع «يوتيوب»، لكنه لم يُثر أي رد فعل من جانب السلطات. وسبق لمنظمة يترأسها نافالني أن نشرت تقارير أخرى مماثلة من قبل. وبات نافالني المعارض الأول للكرملين انطلاقا من تنديده بفساد النخبة الروسية.
وبدأت اليوم (الاثنين) محاكمة المعارض الروسي أليكسي نافالني غداة توقيفه مع أكثر من ألف شخص خلال مظاهرات ضخمة غير مسبوقة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجا على الفساد.
واقتيد المعارض الأول للكرملين، وقد بدا عليه التعب، إلى محكمة تفيرسكوي في وسط موسكو بحضور صحافيين ونحو 20 من مؤيديه. وكتب المعارض في تغريدة: «سيأتي اليوم الذي سنحاكمهم فيه (بنزاهة هذه المرة)»، في إشارة إلى السلطات الروسية.
وكان نافالني وراء التعبئة ضد فساد النخب، التي شارك فيها عشرات آلاف الأشخاص في مختلف أنحاء البلاد. وأوقف نافالني في مستهل التجمع بموسكو وأمضى ليلته في التوقيف.
ويمثل المدون نافالني الذي يعتزم الترشح ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية مطلع 2018، بتهمة الدعوة إلى تجمعات أدت إلى بلبلة النظام العام، ويواجه إمكان توقيفه احترازيا لمدة 15 يوما.
وشهدت مظاهرات الأحد حدثين جديدين: المشاركة كانت كبيرة في مدن ومناطق هادئة عادة، كما أن معدل أعمار المشاركين كان أصغر بكثير من المعتاد؛ فقد انضم إلى المعارضين «التاريخيين» للكرملين طلاب مدارس ثانوية ولدوا في مطلع الألفية ولم يعاصروا سوى بوتين رئيسا.
وأوقفت السلطات إضافة إلى نافالني 1030 شخصا على الأقل في موسكو؛ حيث تحدى آلاف الأشخاص حظر السلطات للتظاهر، بحسب منظمة «أو في دي إنفو» المتخصصة في مراقبة المظاهرات، التي أشارت أيضا إلى عشرات عمليات التوقيف في عدة مناطق.
وأفرجت الشرطة عن الغالبية الكبرى من الموقوفين خلال الليل، لكن بعد اتهامهم بارتكاب «جنحة إدارية» نتيجة مشاركتهم في تجمع غير مرخص له. ولا يزال 120 شخصا على الأقل موقوفين لدى الشرطة صباح الاثنين، بحسب المصدر نفسه.
وأعلنت وزارة الداخلية أن شرطيا نقل إلى المستشفى بعدما تسبب متظاهر بجروح في رأسه، وأنه تم فتح تحقيق في الأمر.
ودعا الاتحاد الأوروبي الاثنين إلى «الإفراج بلا تأخير عن المتظاهرين السلميين» الذين أوقفوا بالمئات أمس الأحد خلال تحركات احتجاج ضد الفساد.
من جهتها، نددت وزارة الخارجية الأميركية بقمع المظاهرات، وعدّته «إهانة» للديمقراطية.
ولفتت صحيفة «كومرسانت» إلى تدني متوسط أعمار المتظاهرين الذين غالبيتهم كانت من الطلاب أو التلاميذ.
أما صحيفة «فيدوموستي» المتخصصة في الأعمال، فعدّت أن تعبئة الأحد تذكر بالمظاهرات ضد الكرملين التي شهدها شتاء 2011، عندما شارك فيها عشرات الآلاف للتنديد بأعمال التزوير في الانتخابات التشريعية. وكتبت الصحيفة: «أليكسي نافالني نجح في تعبئة الشباب».
من جهتها، تجاهلت قنوات التلفزيون الحكومي المظاهرات، باستثناء شبكة «روسيا 1»، وفيها انتقد مقدم برامج نافالني، ووصفه بأنه «محرض» يسعى إلى «تدمير البلاد».
وكان نافالني دعا إلى التجمعات بعد نشره تقريرا يتهم رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف بأنه على رأس إمبراطورية عقارية يمولها رجال أعمال أثرياء.
وحصد التحقيق الذي أجراه على هيئة فيلم، أكثر من 12. 5 مليون مشاهدة على «يوتيوب»، ولم يثر أي رد فعل من السلطات كما حصل مع تحقيقات أخرى مسجلة لمنظمة نافالني.
وأعرب نافالني عن «اعتزازه» بمؤيديه وعن «تفهمه» لعمليات الاعتقال.
وأعلنت منظمته «صندوق مكافحة الفساد» خلال المظاهرات أنها تعرضت لحملة تفتيش وأن موظفيها اقتيدوا إلى مخفر الشرطة. ولا يزال 13 منهم قيد التوقيف الاثنين، بينما ضبطت الشرطة كل أجهزة كومبيوتر المنظمة، بحسب نافالني.
وكان نافالني حصل في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 على تأييد 27. 2 في المائة من الأصوات في الانتخابات البلدية لموسكو، لكن ترشحه في الاقتراع الرئاسي المقبل يمكن أن يعرقله الحكم عليه مؤخرا بالسجن 5 سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة اختلاس أموال.



وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)

أفاد مصدران من وكالة استخبارات أوروبية، ووثائق راجعتها وكالة «رويترز»، بأن روسيا وضعت برنامجاً للأسلحة في الصين لتطوير وإنتاج طائرات مسيّرة هجومية بعيدة المدى لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

وتطور شركة «آي إي إم زد كوبول» التابعة لشركة صناعة الأسلحة الروسية المملوكة للدولة «ألماز-أنتي»، وتجري اختبارات الطيران لنموذج جديد لطائرة مسيّرة تسمى «جاربيا-3» (جي3) في الصين بمساعدة متخصصين محليين، وفقاً لإحدى الوثائق، وهي تقرير أرسلته «كوبول» لوزارة الدفاع الروسية في وقت سابق من العام يحدد عملها.

وأبلغت «كوبول» وزارة الدفاع في تحديث لاحق أنها قادرة على إنتاج طائرات مسيّرة، بما في ذلك طائرات «جي 3»، على نطاق واسع في مصنع بالصين ليتسنى نشر الأسلحة في «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا، وهو المصطلح الذي تستخدمه موسكو للحرب.

ولم ترد «كوبول» و«ألماز-أنتي» ووزارة الدفاع الروسية على طلبات للتعليق.

وقالت وزارة الخارجية الصينية للوكالة إنها ليست على دراية بمثل هذا المشروع، مضيفة أن البلاد لديها إجراءات رقابة صارمة على تصدير الطائرات المسيّرة.

وقال فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة فكرية دفاعية مقرها في لندن، إن تسليم طائرات مسيّرة من الصين إلى روسيا، إذا تأكد، سيكون تطوراً مهماً. وأضاف: «إذا نظرت إلى ما يُعرف أن الصين سلمته حتى الآن، فقد كان في الغالب سلعاً مزدوجة الاستخدام، مكونات ومكونات فرعية يمكن استخدامها في أنظمة الأسلحة. هذا ما وردت تقارير عنه حتى الآن. لكن ما لم نره حقاً، على الأقل بشكل علني، هو عمليات نقل موثقة لأنظمة أسلحة كاملة».

ومع ذلك، قال سامويل بينديت، الزميل البارز المساعد في مركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، إن بكين ستتردد في الانكشاف على العقوبات الدولية بمساعدة آلة الحرب في موسكو، وإن هناك حاجة لمزيد من المعلومات لإثبات أن الصين تستضيف إنتاج طائرات مسيّرة عسكرية روسية.

وعبَّر مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض عن قلقه البالغ إزاء تقرير «رويترز» عن برنامج الطائرات المسيّرة، الذي قال إنه يبدو حالة عن شركة صينية تقدم مساعدات فتاكة لشركة روسية تخضع لعقوبات أميركية.

وقال متحدث إن البيت الأبيض لم ير أي شيء يشير إلى علم الحكومة الصينية بمثل هذه الصفقة، لكن بكين تتحمل مسؤولية ضمان عدم تقديم الشركات مساعدات فتاكة لروسيا لتستخدمها قواتها.

وأوضحت تقارير شركة «كوبول» لوزارة الدفاع الروسية أنه يمكن للطائرة «جي 3» أن تقطع مسافة تقدر بنحو ألفي كيلومتر بحمولة 50 كيلوغراماً. وفُرضت عقوبات أميركية على شركة «كوبول» في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وأفادت التقارير بأنه تم تسليم عينات من الطائرة وبعض نماذج طائرات أخرى مصنوعة في الصين إلى «كوبول» في روسيا لإجراء مزيد من الاختبارات عليها، بمشاركة خبراء صينيين مجدداً.

ولم تكشف الوثائق هويات المتخصصين الصينيين في الطائرات المسيّرة المشاركين في المشروع الذي أوردته، ولم يتسن للوكالة تحديد هوياتهم.

وكشفت وثيقتان منفصلتان راجعتهما «رويترز»، وهما فاتورتان أرسلتهما إلى «كوبول» في الصيف شركة روسية، قال مصدرا المخابرات الأوروبيان إنها تعمل وسيطاً مع الموردين الصينيين، عن أن «كوبول» تسلمت 7 طائرات عسكرية مسيّرة مصنوعة في الصين، بما في ذلك طائرتان «جي 3»، في مقرها الرئيسي بمدينة إيجيفسك الروسية.

ولم تحدد الفاتورتان، التي تطلب إحداهما الدفع باليوان الصيني، تواريخ تسليم، كما لم تحدد الموردين في الصين.

وقال مصدرا الاستخبارات إن تسليم عينة من الطائرات المسيّرة إلى «كوبول» لهو أول دليل ملموس عثرت عليه وكالتهما على تسليم طائرات مسيّرة كاملة مصنعة في الصين إلى روسيا منذ بدء حرب أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وطلبا عدم كشف هويتيهما، ولا وكالتهما؛ بسبب حساسية المعلومات. كما طلبا حجب بعض التفاصيل المتعلقة بالوثائق، بما في ذلك تواريخها الدقيقة.

وعرض المصدران على الوكالة 5 وثائق في المجمل، بينها تقريران من شركة «كوبول» لوزارة الدفاع في النصف الأول من العام والفاتورتان، لدعم ما ذكراه عن وجود مشروع روسي في الصين لتصنيع طائرات مسيّرة لاستخدامها في أوكرانيا. ولم ترد أنباء من قبل عن هذا البرنامج.

ولم تقدم تقارير «كوبول» للوزارة مواقع أكثر دقة للأماكن المتصلة بالمشروع. كما لم يتسن للوكالة تحديد ما إذا كانت وزارة الدفاع قد أعطت الشركة الضوء الأخضر للمضي قدماً في الإنتاج المتسلسل المقترح.

ودأبت بكين على نفي تزويد الصين أو الشركات الصينية لروسيا بأسلحة لاستخدامها في أوكرانيا، قائلة إن البلاد لا تزال محايدة.