مكاسب جديدة ضد «داعش»... واشتباكات متواصلة بالطبقة السورية

«قوات سوريا الديمقراطية» سيطرت على مطار المدينة العسكري

أفراد من «قوات سوريا الديمقراطية» يقومون بدوريات في بلدة الكرامة السورية بعد السيطرة عليها (أ.ف.ب)
أفراد من «قوات سوريا الديمقراطية» يقومون بدوريات في بلدة الكرامة السورية بعد السيطرة عليها (أ.ف.ب)
TT

مكاسب جديدة ضد «داعش»... واشتباكات متواصلة بالطبقة السورية

أفراد من «قوات سوريا الديمقراطية» يقومون بدوريات في بلدة الكرامة السورية بعد السيطرة عليها (أ.ف.ب)
أفراد من «قوات سوريا الديمقراطية» يقومون بدوريات في بلدة الكرامة السورية بعد السيطرة عليها (أ.ف.ب)

تتواصل المعارك بين «قوات سوريا الديمقراطية» وتنظيم داعش قرب مدينة الطبقة في شمال سوريا غداة طرد المتطرفين من مطار عسكري قريب منها، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان» اليوم (الاثنين).
وتتجه الأنظار حاليا إلى مدينة الطبقة وسد الفرات في ريف الرقة (شمال غرب) اللذين من شأن السيطرة عليهما أن تمكن «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف يضم فصائل عربية وكردية، من التقدم أكثر باتجاه مدينة الرقة، أكبر معقل للتنظيم المتطرف في سوريا، وتطويقها بشكل كامل.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن: «تدور اشتباكات جنوب مدينة الطبقة ضمن مساعي (قوات سوريا الديمقراطية) لتحصين محيط مطار الطبقة العسكري غداة السيطرة عليه».
وباتت «قوات سوريا الديمقراطية» بسيطرتها على المطار العسكري تبعد نحو 2.7 كيلومتر جنوب مدينة الطبقة، التي تعد معقلاً للتنظيم المتطرف ومقرا لأبرز قياداته.
وتساهم السيطرة على المطار، وفق عبد الرحمن، في «عملية التقدم والالتفاف على مدينة الطبقة» كما قد «يستخدم في الأيام المقبلة نقطة انطلاق جديدة لـ(قوات سوريا الديمقراطية) لبدء عمليات عسكرية جديدة» باتجاه مدينة الرقة.
وقال المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» طلال سلو، إنه بعد سيطرتها على المطار، ستواصل تلك القوات تقدمها في محيط سد الفرات وباتجاه مدينة الطبقة فضلا عن بلدة المنصورة الواقعة في ريف الرقة الجنوبي الغربي بهدف «إتمام حصار مدينة الرقة بشكل شبه كامل».
وتتواصل الاشتباكات أيضا، وفق المرصد، خارج المدخل الشمالي الشرقي لسد الفرات الذي توقف عن العمل نتيجة المعارك.
وفرضت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس (الأحد) سيطرتها على مطار الطبقة العسكري الذي كان خاضعاً لسيطرة تنظيم داعش شمال سوريا ويقع قرب أكبر سد في البلاد الذي يواجه خطر الانهيار.
وقال التحالف في بيان إنه استولى على المطار، فيما كان أعلن في وقت سابق سيطرته على ما بين 60 و70 في المائة من المطار القريب من مدينة الطبقة الواقعة على نهر الفرات، لكن القتال يتواصل داخل المطار وعلى أطرافه.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكدت الأربعاء الماضي تنفيذها عملية إنزال قوات برية خلف خطوط العدو قرب الطبقة في خطوة استهدفت استعادة السد. وحذرت الأمم المتحدة من فيضان كارثي سببه خطر ارتفاع منسوب المياه وعمليات التخريب المتعمد من «داعش» للسد والأضرار التي لحقت به بفعل الغارات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وأعلنت «قوات سوريا» في وقت سابق سيطرتها على بلدة الكرامة آخر بلدة كبيرة تبعد نحو 18 كيلومتراً شرق الرقة. وتمكن مقاتلو التحالف من الوصول بالفعل إلى منطقة تبعد بضعة كيلومترات عن الرقة من جهة الشمال الشرقي، بينما تستعد لشن هجوم على معقل «داعش» في الرقة من المتوقع أن يبدأ أوائل أبريل (نيسان) المقبل.
وتضيق «قوات سوريا الديمقراطية» الخناق على الرقة المحاصرة داخل جيب آخذ في التناقص على الضفة الشمالية لنهر الفرات، وتقدمت نحوها في هجوم متعدد المراحل على مدى أشهر عدة.
وسيطر مقاتلون من المعارضة يحاربون تحت راية «الجيش السوري الحر» وهم مدعومون من تركيا، على مساحات من الأراضي في الشمال على الحدود مع تركيا، بينما تتقدم قوات النظام السوري والميليشيات الداعمة لها إلى الشرق من حلب والشرق من تدمر.
ووصلت قوات النظام التي تتقدم إلى الشرق من حلب إلى نهر الفرات على بعد نحو 55 كيلومتراً شمال غربي الطبقة، لكن «القوات» لا تعتقد أن النظام السوري لديه قوات كافية لدخول معركة للسيطرة على المدينة.
ويقع السد على بعد 500 متر إلى الشمال من مدينة الطبقة.
وأكدت «قوات سوريا الديمقراطية» في بيان عدم استهداف التحالف الدولي بقيادة واشنطن السد بأي غارات جوية، مشددة على أن العملية العسكرية «تتم ببطء وبشكل دقيق» تفاديا لحصول أي أضرار في السد، ولذلك تتطلب السيطرة عليه «مزيدا من الوقت».
وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عملية عسكرية واسعة لطرد تنظيم داعش من الرقة.
وتتلقى تلك العملية دعما واسعا من التحالف الدولي إن كان بالغارات الجوية أو بالمستشارين على الأرض.
وأكد عبد الرحمن أن «الغارات الكثيفة مستمرة دون توقف من ريف الرقة الشرقي وصولا إلى الريف الغربي».
وتمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» حتى الآن من قطع كل طرق الإمداد الرئيسية للمتطرفين إلى مدينة الرقة من الجهات الشمالية والغربية والشرقية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.