ترجيحات بلجوء «داعش» لـ«الذئاب المنفردة» في هجوم لندن استجابة لدعوات العدناني

خبراء أمنيون: مُنفذه ضمن خلايا صغيرة تتواصل عبر مواقع التواصل وبعدها يعلن التنظيم الأم مسؤوليته

ضابط شرطة مسلح من «اسكتلنديارد» يحذر المارة أمام مجلس العموم  (إ.ب.أ)
ضابط شرطة مسلح من «اسكتلنديارد» يحذر المارة أمام مجلس العموم (إ.ب.أ)
TT

ترجيحات بلجوء «داعش» لـ«الذئاب المنفردة» في هجوم لندن استجابة لدعوات العدناني

ضابط شرطة مسلح من «اسكتلنديارد» يحذر المارة أمام مجلس العموم  (إ.ب.أ)
ضابط شرطة مسلح من «اسكتلنديارد» يحذر المارة أمام مجلس العموم (إ.ب.أ)

رجح خبراء أمنيون واستراتيجيون في مصر، لجوء تنظيم «داعش» الإرهابي إلى استراتيجية «الذئاب المنفردة» في هجوم لندن الأخير، وقال الخبراء إن «مُنفذ هجوم لندن ضمن الخلايا الصغيرة لـ(داعش) التي تتصل ببعضها بعضاً عن طريق موقعي التواصل الاجتماعي (فيسبوك) و(تويتر) لتنفيذ أي عملية إرهابية، وبعد ذلك يعلن التنظيم الرئيسي مسؤوليته عن الهجوم». وأكد الخبراء أن «هجوم لندن جاء استجابة للدعوات التي أطلقها محمد العدناني الناطق باسم التنظيم لشن هجمات ضد مواطني الدول الأوروبية لتخفيف الضغط على معاقل التنظيم الرئيسية في سوريا والعراق».
بينما قال مراقبون إن «داعش» تبنى الهجوم بالفعل لكن لا توجد صلة واضحة بين منفذ الهجوم بالتنظيم الأم... فضلاً عن أن التنظيم لم يقدم حتى الآن أي دليل على أن مُنفذ الهجوم تصرف بناء على تعليمات محددة من قيادات التنظيم، مثلما كان يفعل «داعش» في أوقات سابقة، حيث كان يقوم بتصوير مُنفذ الهجمات وعرضها للعالم ليبرهن على قوته.
ودهس خالد مسعود البريطاني المولد، مجموعة من المارة بسيارة على جسر وستمنستر، وطعن شرطياً قرب البرلمان حتى الموت، في هجوم يشبه هجمات أخرى دموية في أوروبا، أعلن إسلاميون متشددون مسؤوليتهم عنها.
وأعلن «داعش» مسؤوليته عن هجوم لندن في بيان مُقتضب، وصف فيه مسعود بأنه أحد جنوده؛ لكنه لم يقدم تفاصيل تدل على أن قيادة التنظيم، الذي يخسر أراضي في سوريا والعراق، كانت على علم مُسبق بخطة التنفيذ.
ويشار إلى أنه كثيراً ما يؤخر التنظيم نشر تسجيلات فيديو أو غيرها من المواد التي تشرح تخطيط وتنفيذ العمليات؛ لكن طبيعة الهجوم الذي نفذه مسعود بمفرده مسلحاً بسيارة مستأجرة وسكين، يُشبه نمطاً من الهجمات في الآونة الأخيرة لا تحتاج تدريباً أو خبرة عسكرية أو توجيهاً خارجياً من التنظيم الأم.
ويشار إلى أن الناطق باسم تنظيم «داعش» العدناني دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم إلى قتل رعايا الدول في أي مكان، باستخدام أي سلاح متاح دون العودة إلى قيادة «داعش» أو حتى الانضمام إليه تنظيمياً.
كما دعا العدناني قبل يومين، أنصار التنظيم في البلدان الأوروبية إلى شن هجمات في البلدان الأوروبية ضد مواطني تلك الدولة، لتخفيف الضغط على معاقل التنظيم الرئيسية في سوريا والعراق.
وقال العدناني: «وإن كان الواحد منكم يتمنى أن يكون بيننا الآن فإن الواحد منا يتمنى أن يكون في مكانه ليثخن في الكافرين ويشرد بهم».
ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء كمال مغربي، أنه منذ «دعوة العدناني الأولى قبل 3 أعوام ويشن عدد ممن يوصفون بجنود التنظيم هجمات في الولايات المتحدة وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وأخيراً لندن استجابة للدعوات التي أطلقها العدناني». مضيفاً: «قد يكون مُنفذ هجوم لندن أحد المتعاطفين مع التنظيم أو الموالين له من بعيد وليس عنصراً أو مقاتلاً رئيسياً فيه».
ويشار إلى أنه عقب الإعلان عن هجوم لندن احتفى مناصرو التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي بالهجوم، ناشرين صوراً للبيان الصادر عن وكالة «أعماق» الناطقة باسم التنظيم. وقال قيادي بتنظيم «داعش» إن منفذ هجوم لندن أمام البرلمان البريطاني هو «جندي للدولة»، مضيفاً أن «منفذ هجوم لندن نفذ العملية استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف».
وأدين مسعود في عدة قضايا جنائية دخل على أثرها السجن مرتين خلال الـ20 عاماً الماضية. وفي عام 2003 اتهم بالاعتداء على عامل بناء بسكين، تسبب في قطع أنفه.
وأوضح مغربي أن «داعش» يلجأ لهجمات «الذئاب المنفردة» بعد تراجعه في العراق وسوريا، متوقعاً أن تجتاح موجهة من العنف والإرهاب أوروبا في الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن التنظيم يلجأ لاستهداف الدول المشاركة في التحالف الدولي؛ لكي يصل إلى هذه الدول برسالة أنها ستدفع ثمن حربها على الإرهاب، مشيراً إلى أن هذا النوع من الهجمات (أي هجوم لندن) لا يمكن منعه بأي شكل، وسبق تكراره في هجمات فرنسا وألمانيا.
وتختلف الهجمات «المنفردة» هذه عن هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015 في باريس، والهجمات على مطار ومحطة قطارات أنفاق في بروكسل بعدها بأربعة أشهر، والتي شهدت عمليات قتل منسقة نفذتها خلايا متشددة تدربت في سوريا.
ويواجه «داعش» هزائم كبيرة في سوريا والعراق من قبل قوات التحالف الدولي التي سيطرت على قرى بأكملها مؤخراً، عكس ما كان يزعمه لعناصره من أنه تنظيم قوي، وأكثر التنظيمات تأثيراً في العالم.
وقال الخبير الأمني والاستراتيجي في مصر العميد السيد عبد المحسن، إن خسائر «داعش» تدفعه للتأكيد على أن محبيه ومواليه يندفعون بقوة لتنفيذ أي عمليات انتحارية دون الرجوع للتنظيم الرئيسي، ليوضح للجميع بأنه ما زال موجوداً لعمل تعبئة معنوية لمحبيه وأيضاً لمقاتليه في سوريا والعراق.
مرجحاً أن «مُنفذ عملية لندن ضمن الخلايا الصغيرة لـ(داعش) التي تتصل ببعضها بعضاً عن طريق موقعي التواصل الاجتماعي (فيسبوك) و(تويتر) لتنفيذ أي عملية إرهابية، بعد ذلك يعلن التنظيم الرئيسي مسؤوليته».
وأضاف عبد المحسن أن «داعش» يعتمد في ذلك على استراتيجية «الذئاب المنفردة» ويتم جذب وتجنيد عناصر «الذئاب المنفردة» من خلال شبكة الإنترنت، كما يتم من خلال الإنترنت التعرف على استراتيجيات التنظيم والأهداف التي يضعها بهدف شن هجمات إرهابية محتملة، موضحاً أن توفر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت يكمل مهمة تدريب أفراد «الذئاب المنفردة» من خلال توفير الإرشادات اللازمة لصناعة القنابل الناسفة واستخدام السلاح وغيره من التدريبات العسكرية التي تحول هؤلاء الأشخاص لمنفذين ماهرين. المراقبون أكدوا أن «الذئاب المنفردة» هم أشخاص عاديون يقومون بهجمات بشكل منفرد، دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم داعش؛ لكنهم ينفذون هجمات مسلحة بدوافع عقائدية لإيمانهم بأفكار التنظيم.. سواء أكانت هذه العمليات بالأسلحة المتطورة، أو بالدهس بواسطة سيارة أو شاحنة، أو بالطرق البدائية مثل سكين المطبخ أو العصا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».