الجيش الإسرائيلي يطلق مناورات في الضفة الغربية

مستوطنون يقتحمون الأقصى وجماعات يهودية تدعو إلى تكثيف الاقتحامات الشهر المقبل

فلسطيني يرفع لافتة تدعو إلى مقاطعة نظام الأبارتهايد الإسرائيلي خلال مظاهرة احتجاج في الخليل   (إ.ب.أ)
فلسطيني يرفع لافتة تدعو إلى مقاطعة نظام الأبارتهايد الإسرائيلي خلال مظاهرة احتجاج في الخليل (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يطلق مناورات في الضفة الغربية

فلسطيني يرفع لافتة تدعو إلى مقاطعة نظام الأبارتهايد الإسرائيلي خلال مظاهرة احتجاج في الخليل   (إ.ب.أ)
فلسطيني يرفع لافتة تدعو إلى مقاطعة نظام الأبارتهايد الإسرائيلي خلال مظاهرة احتجاج في الخليل (إ.ب.أ)

اقتحم عشرات المستوطنين، المسجد الأقصى، أمس، وسط حراسات مشددة ومعززة من قوات الشرطة الإسرائيلية في خرق للتفاهمات الإسرائيلية - الأردنية السابقة.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا): إن «نحو 53 مستوطنا تجولوا في أرجاء المسجد الأقصى بصورة استفزازية، وتصدى لهم مصلون بهتافات التكبير الاحتجاجية».
وسمح للمستوطنين بدخول الأقصى، في حين منع فلسطينيون في الفترة الصباحية.
واحتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي البطاقات الشخصية لعدد كبير من المصلين من فئة الشبان، على أبواب المسجد الرئيسية الخارجية، ومنعتهم من الدخول، في حين أبقت البطاقات محتجزة للبعض حتى خروجهم.
وجاءت الاقتحامات الجديدة بعد أيام من الهدوء. وعادة ما يكثف المستوطنون الاقتحامات مع قرب الأعياد اليهودية.
وكانت منظمات وجماعات يهودية دعت إلى تنشيط وتكثيف اقتحامات المسجد الأقصى خلال الشهر الحالي؛ تمهيدا لعيد «الفصح العبري» في أبريل (نيسان) المقبل.
وتسبب مثل هذه الاقتحامات عادة، استفزازات واسعة تقود إلى توتر كبير واشتباكات. وفي مرات سابقة، تسبب تكرار الاقتحامات إلى اندلاع انتفاضات، منها الثانية والأخيرة المعروفة بـ«انتفاضة السكاكين».
وتدخلت الولايات المتحدة سابقا في محاولة لتنظيم الأمر، بعدما اتهم الفلسطينيون والأردنيون الحكومة الإسرائيلية بمحاولة تغيير الوضع القائم، وقالت إسرائيل إنها لا تسعى إلى ذلك أبدا.
وكان الأردن توصل إلى اتفاق مع إسرائيل بوساطة أميركية في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015، بتركيب كاميرات بث مباشر في الأقصى طيلة الوقت؛ لمراقبة الجهات التي تتسبب في بث التوتر داخله، لكن خلافا إسرائيليا أردنيا حال دون ذلك.
وتطلب السلطة والأردن عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2000 في المسجد الأقصى، أي تسليم الإشراف الكامل على الأقصى للأوقاف، بما في ذلك السياحة الدينية.
ويسمح ذلك لليهود بزيارة الأقصى ضمن فترة زيارة الأجانب وبأعداد محدودة للغاية وليس بشكل يومي، لكن المستوطنين يدخلون بالعشرات مقتحمين ساحات المسجد وسط حراسات مشددة.
وطالما حذرت السلطة الفلسطينية من أن يؤدي استمرار الأمر إلى حرب دينية.
وبموازاة اقتحام الأقصى، بدأ الجيش الإسرائيلي أمس، مناورات عسكرية في الضفة الغربية، تستمر طيلة أيام الأسبوع. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن «المناورة مخططة بشكل مسبق، وتستهدف الحفاظ على جاهزية القوات الإسرائيلية واستعدادها»، موضحا أنه «تمت توصية الجيش بالامتناع عن الوصول إلى حاجز (عوفر) على شارع 443 غرب مدينة رام الله، يوم الاثنين»
وأجبرت التدريبات، 9 عائلات فلسطينية تقطن في منطقة الأغوار الشمالية، على إخلاء منازلهم وهجرها.
وقالت قوات الاحتلال، إن تهجيرها الفلسطينيين من مساكنهم في بعض مناطق الأغوار، يأتي «لتهيئة الأجواء لإجراء تدريبات عسكرية للجيش الإسرائيلي في المنطقة».
وسلّمت قوات الاحتلال إخطارات مكتوبة لتسع عائلات فلسطينية تقيم في خربة «الرأس الأحمر»، يبلغ عدد أفرادها 43 مواطناً؛ غالبيتهم من النساء والأطفال؛ لإخلاء منازلها يومي الأربعاء والخميس المقبلين؛ تمهيداً للتدريبات العسكرية التي ستجري في المنطقة.
وتستخدم إسرائيل مساحات واسعة في الضفة الغربية للتدريبات العسكرية، وتخطط لإزالة قرى في الأغوار وجنوب الخليل، تقول إنها «مقامة على أراضي تدريبات» أو «تعيق حركة الجيش في المنطقة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.