«الدنيا هيك» يأخذك في رحلة لمذاق السبعينات بقالب حديث

اسمه مستوحى من مسلسل لبناني قديم

ديكور يتناغم مع فكرة المطعم - مذاقات السبعينات في قالب عصري
ديكور يتناغم مع فكرة المطعم - مذاقات السبعينات في قالب عصري
TT

«الدنيا هيك» يأخذك في رحلة لمذاق السبعينات بقالب حديث

ديكور يتناغم مع فكرة المطعم - مذاقات السبعينات في قالب عصري
ديكور يتناغم مع فكرة المطعم - مذاقات السبعينات في قالب عصري

الحنين إلى السبعينيات التي عاش فيها لبنان حقبة ذهبية ستكون بمتناول يديك إذا ما قصدت مطعم «الدنيا هيك»، والواقع في شارع مار مخايل في منطقة الأشرفية. هناك تستعيد شريطاً قصيراً من ذكرياتك الحلوة، التي ترتبط ارتباطاً مباشراً باسم المطعم وديكوراته ونوعية الأطباق المقدّمة فيه.
اسم هذا المطعم يذّكرك دون شكّ بعنوان المسلسل اللبناني «الدنيا هيك» الذي أنتج في السبعينات ولاقى يومها شهرة واسعة، وبمجرّد سماعك به يصيبك نوع من الحماس و«الحشرية» لارتياده واستكشاف طبيعة تلك العلاقة التي تربط بينه وبين المسلسل المذكور. «لقد أردنا أن نستحدث مفهوماً جديداً في عالم المطاعم، يحمل في طيّاته مزيجاً عفوياً ما بين لبنان الماضي والحاضر، وقد اشترينا ملكية الحقوق الفكرية لاسم المسلسل كي نستطيع استخدامه في مقهانا هذا». هكذا يقول جان كلود غصن أحد الأعضاء المؤسسين لهذا المطعم.
وبالفعل ما أن تترك سيارتك أمامه في محلّة مار مخايل حيث تتوزّع مطاعم مشهورة على يمينها ويسارها، حتى تشعر بأنك تتصفّح كتاباً من التاريخ اللبناني المحدّث، والذي ينقلك مباشرة إلى حقبة السبعينات من خلال رسمة منقوشة على الحائط الحجري لمدخله. وهي تصوّر رجلين لبنانيين أنيقين أحدهما يعتمر الطربوش اللبناني على رأسه، فيما يتزيّن الثاني بثياب حديثة تعود لتلك الحقبة. ومن هنا تبدأ رحلتك مع هذا المطعم الذي كان مجرّد منزل قديم لآل غاريوس تحيط به حديقة واسعة. فتم ترميمه وتحديث المساحة الخضراء المحيطة به، ليتضمن إلى جانب طابعه التراثي معالم قروية قلّما نشاهدها في قلب مدينة بيروت، كالبئر الارتوازية التي يستقطب اهتمام زبائنه فيقفون على حافته يتأملون الهوّة التي يحتويها وقد تدلّى فوقها ومن علو مرتفع دلو نحاسي كبير مربوط بحبل سميك. فيما تطالعك إلى جانبه مغارة صغيرة تستعملها بصّارة تكشف المستور كما يتقول كمجلس خاص بها. وفوقها مباشرة من جهة اليسار تشاهد حديقة معلّقة تتعانق أزهارها الملوّنة على شرفة مصنوعة من الحديد المطواع (Fer forge)، تيمنا بالهندسة المعمارية القديمة التي كانت تسود بيوت بيروت التراثية.
هذا الخليط بين الطابعين الحديث والقديم يقفز أمام عينيك أيضاً من خلال شجرة الجمّيز القديمة، التي قد تكون شبه الوحيدة من هذا النوع الباقي في المدينة. وهي تتوسّط شرفة الطابق الأعلى للمطعم (تيراس)، حيث يحلو الجلوس تحت ظلالها لتناول طعام العشاء أو الغداء، وأيضاً لتدخين النرجيلة في أجواء حديقة غنّاء تتعطّر أجواؤها برائحة الغاردينيا والورد الجوري والحبق البرّي المزروعة في أحواض المطعم.
«ليش هيك؟ لأن الدنيا هيك» هي العبارة الشهيرة التي نردّدها لاشعورياً عندما نسمع باسم هذا المطعم، فلقد حفظها اللبنانيون أباً عن جد من كاتب مسلسل (الدنيا هيك) ومجسّد شخصية المختار فيه الراحل محمد شامل. وفي لائحة الطعام التي تتضمن أطباقاً يفوق عددها الـ50 صنفا وتتنوّع ما بين المناقيش على الصاج (الصعتر الجنوبي ولبنة مع المكدوس ولحمة بعلبكية وفطيرة بيض مع القاورما)، والمازة الباردة (كشك أخضر وكبة بطاطا وضلوع سلق) والساخنة (القلقاس بالعدس وقوانص بالدبس كفتة بالبندورة نقانق وغيرها)، والمشاوي (من لحوم ودجاج وكباب وسجق وغيرها)، إضافة إلى الحلويات (غزل زمرّد وكروكان باسكت وعثملية وسحلب وصفوف بالدبس وغيرها)، تطالعك أيضاً لوائح لعروض خاصة تحمل أسماء أبطال المسلسل المذكور كلائحتي «المختار» و«الستّ زمرّد» وهذه الأخيرة تعود للراحلة فريال كريم.
ولا تقتصر تجربتك اللذيذة في هذا المطعم على ديكوراته القديمة، التي استخدم فيها أبواب خشبية قديمة وبلاط (موزاييك) وجلسات الديوان وكراسي قشّ، أو إلى أصناف الطعام المقدّمة فيه وإلى خريطة طريق يتفرّع منها إشارات تدلّك إلى المعالم التي يحتويها المطعم (الديوان والسطيحة والمغارة وغيرها)، بل ستشمل أيضاً جلساته المتنوعة التي بينها ما يشرف على شارع مار مخايل وأخرى تتوسطّ داره وثالثة تطلّ على مباني بيروت القديمة. ويلفتك كذلك مجموعة من الشبان التي تعمل في مجال الخدمة (النادل)، وترتدي أزياء السبعينات الرجالية والشبيهة بتلك التي كان يرتديها (علّوش)، إحدى الشخصيات الشهيرة في مسلسل (الدنيا هيك)، والذي كان يتفنّن في اعتمار قبّعات مختلفة على رأسه.
في «الدنيا هيك» ستقضي لحظات ممتعة ومسليّة في آن، فعدى كاشفة البخت (أم جورج)، والأكل البلدي بامتياز التي تسيل له اللعاب، باستطاعتك أيضاً أن تمضي جلسات ترفيهية مع الأصدقاء وأنت تلعب النرد أو الورق (كوتشينة)، فيمرّ الوقت بسرعة دون أن تشعر بالملل أو الروتين.
يتنوّع زبائن هذا المطعم الذي يشبه إلى حديقة غنّاء في الهواء الطلق، بين الشباب والعائلات إضافة إلى الأجانب، الذين يقصدونه بأعداد كبيرة نظراً لفكرته الخارجة عن المألوف. ولعلّ أثاثه الذي يرتكز على ألوان فرحة وزاهية (بنفسجي وأخضر فاهي وأزرق)، والملصقات الورقية التي تستخدم تحت الصحون وتحمل عبارات «يا وعدي» و«ليش هيك» وغيرها من الجمل المعروفة في مسلسل (الدنيا هيك)، تؤلّف مجتمعة مع شجر الليمون والأحواض الصخرية المحيطة بالمكان والمزروعة بالزهور، لوحة طبيعية تنعكس إيجابا على مشاهدها حتى يشعر وكأنه لا يستطيع مغادرتها أو الإفلات منها.



العُلا تفتتح مركز «دادان لفنون الطهي»

دادان لفنون الطهي في العلا (الشرق الأوسط)
دادان لفنون الطهي في العلا (الشرق الأوسط)
TT

العُلا تفتتح مركز «دادان لفنون الطهي»

دادان لفنون الطهي في العلا (الشرق الأوسط)
دادان لفنون الطهي في العلا (الشرق الأوسط)

اكتسبت حركة «سلوفود» العالمية زخماً جديداً مع افتتاح مركز «دادان لفنون الطهي» في العلا، وهي خطوة مهمة تحتفي بأساليب الزراعة المستدامة، وتقاليد الطهي المحلية، والاستهلاك الواعي للطعام.

تهدف حركة «سلوفود» إلى تعميق ارتباط المستهلكين بمصادر غذائهم، والدعوة إلى استخدام المكونات الموسمية والمحلية، ودعم جميع أفراد المجتمع، وهي القيم ذاتها التي استرشدت بها العلا منذ البداية في تحولها إلى وجهة مستدامة.

دادان لفنون الطهي في العلا (الشرق الأوسط)

يشكل مركز «دادان لفنون الطهي» وجهة عالمية رئيسية لفن الطهي المستدام، حيث يمزج بين تراث واحة العلا والقيم المعاصرة التي تركز على منظومة غذائية عادلة ومستدامة.

ويقع المركز بالقرب من موقع دادان الأثري الذي كان عاصمة مملكتي دادان ولحيان منذ أكثر من 2000 عام؛ ويوفر تجارب خاصة لتناول الطعام، بالإضافة إلى ورش عمل تفاعلية، ولقاءات شخصية مع مزارعي العلا وسط المناظر الطبيعية الخلابة للمنطقة.

تجارب خاصة لتناول الطعام بالإضافة إلى ورش عمل تفاعلية (الشرق الأوسط)

من أبرز معالم المركز سوق دادان للمزارعين التي تقام في نهاية كل أسبوع لعرض الثروات الزراعية للمدينة من المنتجات الموسمية الطازجة التي يحصدها المزارعون من الواحة والمزارع المحيطة بها.

تعد السوق كذلك مركزاً حيوياً للأُسر المحلية التي تعتمد في معيشتها على الزراعة في أراضي الواحة، حيث تقصدها لعرض بضائعها ودعوة الضيوف لاستكشاف نكهات العلا الأصيلة.

يُمكن لزوار السوق تذوق الكثير من الأطباق المحضرة بطرق تقليدية أو اختيار المنتجات الطازجة من خيرات الواحة للاستمتاع بتناولها أثناء التنزه؛ ويشكل ذلك جوهر مهمة المركز، فعمليات الشراء هذه تدعم المزارعين المحليين بشكل مباشر، وتعزز الروابط بين المنتجين والمستهلكين.

من المأكولات المميزة في مركز دادان لفنون الطهي (الشرق الأوسط)

يضم المركز كذلك مطعم «ديار» الذي يعكس اسمه الأجواء المنزلية الدافئة، ويوفر تجربة طعام لا تُنسى تحتفي بمبادئ حركة «سلوفود». يطل المطعم على جبال دادان المهيبة، ويقدم أطباقاً محضرة من مكونات محلية مستدامة.

تحت إشراف الشيف سيرجيو راما، الحائز على عدة جوائز، والمعروف بتخصصه في أساليب الطهي الموسمية والتقليدية، يعيد مطعم «ديار» تعريف الضيافة من خلال تحويل الوجبات البسيطة إلى تجربة تحتفي بالمجتمع والتراث.

تقاليد الطهي الأصيلة على ضفاف واحة العلا العريقة (الشرق الأوسط)

للتعرف بشكل أكبر على العلا وشعبها، يقدم مركز «دادان لفنون الطهي» كذلك ورش عمل متنوعة توفر للزوار فرصة مميزة لتعزيز ارتباطهم بالممارسات المستدامة والتقاليد المحلية.

كما يكتسب المشاركون في هذه الورش رؤى عملية في عدد من الحرف وممارسات تحضير الطعام، وذلك من خلال تعلّم أساسيات الطهي باستخدام المنتجات الطازجة من المزرعة، أو إتقان فن التخليل والتخمير، أو استكشاف الاستخدامات المتعددة لأشجار الشوع في صناعة الزيوت والصابون.

تدعو العلا ضيوفها من كل أنحاء العالم لزيارة مركز «دادان لفنون الطهي» وإعادة استكشاف متعة تناول الطعام الصحي وتقاليد الطهي الأصيلة في المدينة على ضفاف واحة العلا العريقة.