دائرة خصوم شباط تتسع وسط قيادات «الاستقلال»

غالبية أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب تنزع الشرعية عن أمينه العام

حميد شباط
حميد شباط
TT

دائرة خصوم شباط تتسع وسط قيادات «الاستقلال»

حميد شباط
حميد شباط

أصدر 14 عضوا من بين 27 عضوا، الذين تتكون منهم اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال المغربي أمس بيانا شديد اللهجة، ينزع الشرعية عن حميد شباط الأمين العام للحزب، ويدعو إلى ضرورة تنفيذ قرار سابق للمجلس الوطني للحزب يقضي «بتفويض اختصاصات الأمين العام إلى لجنة ثلاثية من أعضاء اللجنة التنفيذية»، في مؤشر على أن دائرة القيادات المعارضة لشباط داخل اللجنة التنفيذية بدأت تتسع، وأصبحت تشمل شخصيات كانت تدعم شباط في الماضي.
وارتفعت حدة التوتر بين شباط وقيادات الحزب في اليومين الأخيرين بسبب إصراره على تجميد عضوية كريم غلاب وياسمينة بادو في الحزب، رغم صدور حكم قضائي الخميس الماضي يلغي القرار السابق للمجلس الوطني بتجميد عضويتهما، على خلفية تصريحاتهما المنتقدة للأمين العام خلال الأزمة التي تسببت فيها تصريحات شباط، بخصوص حدود موريتانيا وكونها جزءا من المغرب.
وأصدر شباط بيانا أول من أمس يعلن فيه عن «شغور أربعة مقاعد في اللجنة التنفيذية للحزب لأسباب قانونية، وأخرى مرتبطة بحالة التنافي»، في إشارة إلى كريم غلاب وياسمينة بادو وتوفيق حجيرة، الذين سبق أن طردهم من الحزب، بالإضافة إلى كنزة الغالي التي عينت أخيرا سفيرة للمغرب في تشيلي.
وأضاف بيان شباط أن «إدارة المركز العام للحزب سوف تعمل على الاتصال بالإخوة المعنيين بتعويض المقاعد الشاغرة للالتحاق بمهامهم الجديدة بقيادة الحزب».
ولم يتأخر رد فعل القيادات الغاضبة في اللجنة التنفيذية، إذ أصدرت في نفس اليوم بيانا تنتقد فيه قرار الأمين العام، وتعتبره غير قانوني. وأوضح القياديون الغاضبون في بيانهم أن غلاب وبادو «يتوفران على حكم قضائي مشمول بالنفاذ المعجل، يقضي بإيقاف القرار الصادر في 4 مارس (آذار) بتوقيفهما لمدة 9 أشهر»، أما في حالة توفيق حجيرة، فيقول بيان القياديين الـ14 إنه لم يصدر في حقه قرار نهائي بالطرد من الحزب، بل فقط قرار توقيف لمدة محدودة، وبالتالي فإنه لا يمكن الحديث عن شغور مقعده. أما بخصوص الغالي السفيرة المعينة حديثا فيشير البيان إلى أنها لم تقدم بعد استقالتها ليعتبر مقعدها شاغرا.
ولم تمض سوى أقل من 24 ساعة عن ذلك البيان حتى أصدر القياديون الـ14، وهم حمدي ولد الرشيد، ونور الدين مضيان، وفؤاد القادري، وعبد الصمد قيوح، ومحمد سعود، ومحمد ولد الرشيد، ومحمد الأنصاري، وعبد السلام اللبار، ورحال المكاوي، وبوعمر تغوان، ونعيمة رباع، ومريم ماء العينين، وياسمينة بادو، وكريم غلاب، بيانا ثانيا يوم أمس يعلنون فيه «شجبنا التام لتصرفات الأمين العام للحزب التي تمس بمبادئ وثوابت الحزب، وتضرب في الصميم وديعة الرواد الأوائل وصورة الحزب»، وإجماعهم «على أن التغيير أصبح ضرورة ملحة لإعادة الحزب إلى مساره ومكانته الطبيعيين داخل المجتمع المغربي». كما أعلن الموقعون على البيان إدانتهم «لما اتخذه الأمين العام من قرارات انفرادية دون الرجوع إلى اللجنة التنفيذية»، كما ينص على ذلك النظام الأساسي للحزب، معتبرين أن «تلك القرارات باطلة».
كما تضمن البيان إشارة إلى عدم ارتياح القياديين الموقعين عليه لتشكيلة اللجنة المكلفة الإعداد للمؤتمر الـ17 للحزب، وذلك من خلال دعوتهم إلى عقد اجتماع استثنائي للمجلس الوطني للحزب «من أجل ملاءمة تكوين اللجنة التحضيرية للمؤتمر مع مقتضيات النظام الأساسي».
وتجري المجموعة الموقعة على البيان عدة اتصالات لضم قياديين آخرين، وجمع توقيعات من أجل المطالبة بعقد اجتماع المجلس الوطني للحزب، الذي يعتبر بمثابة برلمان الحزب، والذي في حالة انعقاده مع ازدياد الخناق حول شباط قد تخرج عنه قرارات مفاجئة قبل انعقاد مؤتمر الحزب.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.