معرض «الطبيعة خلق وإبداع» بين المحاكاة والتجريد في مهرجان أبوظبي

أعمال فنية تستكشف الموائل الطبيعية في بيئة الإمارات

حركة الصقر - لوحة تعبّر عن الصّيد الجائر للأسماك  - تألّق اللؤلؤ رنيم عروق - الأمواج  («الشرق الأوسط»)
حركة الصقر - لوحة تعبّر عن الصّيد الجائر للأسماك - تألّق اللؤلؤ رنيم عروق - الأمواج («الشرق الأوسط»)
TT

معرض «الطبيعة خلق وإبداع» بين المحاكاة والتجريد في مهرجان أبوظبي

حركة الصقر - لوحة تعبّر عن الصّيد الجائر للأسماك  - تألّق اللؤلؤ رنيم عروق - الأمواج  («الشرق الأوسط»)
حركة الصقر - لوحة تعبّر عن الصّيد الجائر للأسماك - تألّق اللؤلؤ رنيم عروق - الأمواج («الشرق الأوسط»)

تزامناً مع فعاليات مهرجان أبوظبي الثقافي، يُنظّم معرض «الطبيعة خلق وإبداع» احتفاء بالذكرى السنوية الـ20 لتأسيس «هيئة البيئة أبوظبي»، حيث يقدم بعض الفنانين الإماراتيين والأجانب أعمالهم الفنية من خلال استكشاف الحياة النباتية والحيوانات البرية والبحرية، ضمن منطقة متخصصة تبوح بحقائق مذهلة عن بيئة دولة الإمارات، لإفساح المجال أمامهم لعرض رسوماتهم وأعمالهم الفنية.
ويضم المعرض 4 أقسام هي، المناظر الطبيعية والبحر والنباتات والحيوانات. وتتيح هذه الأقسام الفرصة لإلقاء نظرة شاملة على الموائل الطبيعية الغنية للبلاد التي تشتمل على البيئتين البرية والبحرية. وضمن إطار التحضير للمعرض أُتيحت الفرصة أمام الفنانين للقيام برحلات إلى ثلاث محميات تابعة لهيئة البيئة أبوظبي، وهي متنزه لقرى الوطني ومحمية الوثبة للأراضي الرطبة ومرافق دليجة لإدارة الحياة البرية. وقد استوحيت الكثير من الأعمال الفنية المشاركة من هذه الزيارات، وهي تقدم فكرة معمقة عن الدور المهم الذي تقوم به هيئة البيئة أبوظبي في المناطق المحمية.
المناظر الطبيعية:
أمضى روبيرتو لوباردو المصور الإيطالي الأميركي، 24 ساعة متواصلة على جزيرة بوطينة المحمية التي رُشّحت عام 2011 لتكون إحدى عجائب الطبيعة السبع الجديدة. ولا تعد هذه المهمة التي فرضها لوباردو على نفسه تحديًا فحسب، وإنما تدفع الفنان والمشاهد معاً للتركيز على أساسيات الحياة، ما الذي نحتاجه بصفتنا بشراً للبقاء على قيد الحياة؟ وما هي ردة فعل الإنسان عندما يواجه عزلة تامة؟ وكيف يمكن أن يكون في مواجهة مطلقة مع الطبيعة؟.
قد تكون الفكرة نفسها راودت طارق العصيب المصور الفلسطيني الكويتي الذي أمضى بدوره ثلاثة أيام يصور بعض الجزر المحيطة بجزيرة بوطينة. وقد حصل على فرصة نادرة لاكتشاف جزر مجهولة تماماً ضمن إطار مشروع طويل الأجل لتصوير 214 جزيرة لم تُسمَّ حتى الآن. وتظهر صور الغصين مدى استقرار الفنان بين أحضان الطبيعة وبات في صوره جزءًا لا يتجزأ منها، متفاعلاً مع هذه البيئة البكر نسبياً في إطار بحثه للقضايا المرتبطة بالهوية.
أمّا مشروع الإماراتية شيخة المزروع أرض الرمال الذي ينتمي إلى فئة فن الأرض الزائل، فيتخذ منحى مختلفاً في التجارب والتفاعل مع الطبيعة. وبمساعدة فريق عملها حفرت المزروع دوائر متحدة المركز محاطة بمربع في التربة الصخرية لجبال خور فكان، وهذا العمل حقيقة أشبه بتدخل خارجي من كواكب أخرى، يظهر كمخلوق غامض وسط الهضاب المحيطة به.
أمّا الفنانة إنجالي سرينيفاسان فقد استوحت إلهامها الأساس في عملها المميز، من الملح «أديم الأرض: الطين الجامد» تجويف جيولوجي مكون من الطبقات المتشكلة عبر التاريخ بشكلها الطبيعي. يأخذ العمل مستوى ميتافيزيقيا أبعد، إذ يشير لعودة البشر والحيوانات والنباتات إلى التربة مما يرمز إلى التطور الطبيعي للأشياء من دون زيادة أو نقصان.
وفِي عمل «هذا البحر» دأب استوديو التصميم (عامر الداعور وعمار الحسيني)، على تشكيل بحر باستخدام أوزان الصيد، العنصر الذي يجسد العلاقة المتينة التي تربط الإنسان مع البحر.
فقد عُلّقت الأوزان على خيوط نايلون بارتفاعات متفاوتة لترسم شكل الموجة. ويعتبر هذا العمل رسالة سامية بضرورة حماية مياه الخليج العربي من الصيد الجائر. تذّكر تلك الآلية الموجودة بين الأوزان، المشاهد بأنّ النظام البيئي في البحر معلق حرفياً بخيط على الرغم من طبيعته الساحرة.
أمّا العمل الفني «موجة» لصانع الخزف الآيرلندي مايكل رايس فتناول التفاعلات التي يحركها تأثير ما، مشيرًا إلى كيفية انتشار الطاقة عبر النظم الطبيعية مثل تموجات الماء على سطح البحر أو الصوت المتكرر في الصدى.
يلعب الضوء دوراً أساسياً في عمل «ما وراء المدينة»، للفنان الفلسطيني حازم حرب، وبعد زيارتين إلى «متنزه القرم الوطني، أبدع حرب بابتكار عمل تركيبي يتألف من ثلاث كتل خشبية كبيرة ثُبّتت عليها ألواح من الإكريليك تعرض صوراً فوتوغرافية متداخلة لغابات القرم في أوقات مختلفة من اليوم. وحسب وصف الفنان فإنّ تجاور البيئات الطبيعية والحضرية، ودمج الضوء ضمن تكوين العمل، يشكل حواراً لا نهاية له بين الضوء والمساحة والوقت والمشاهد.
يتفق عمل هندريك فأل مع عمل «موجة» حيث تبدو الحركات الإيقاعية للصقر والسلحفاة البحرية متباينة في مقطع الفيديو الذي أعده بعنوان «تناوبات» وتُعرض المقطع وسط بيئة غامرة في غرفة مظلمة، حيث يفرد الصقر جناحيه تاركا آثاراً رقمية تمثل حركاته الأنيقة في السماء. كما أن أسلوب فأل الذي يبدو معتمداً على الرياضيات والرسوم المتحركة في تصوير إيقاع حركات جناح الطائر ورفرفة زعانف السلحفاة، يترك المشاهد مذهولاً لدقته ومرونته. فيما اعتمد عمل «تحليق» الذي يستعرض الحركات الفاتنة لجناح الصقر التي تُرجمت إلى عمل تركيبي معقد، على الهندسة الميكانيكية حين يبدأ زوجان من الصقور بالتحرك من خلال جهاز استشعار بمجرد اقتراب الإنسان منها.
وانتقالاً من السماء إلى الأرض، يتناول عمل رنيم عروق «حياة جديدة»، نوعاً آخر من الأحياء هو ظباء المها العربي ويتلاعب هذا العمل بمستويات مختلفة من الرؤية، حيث يصور سبع مجموعات من القرون وهي تظهر بشكل تدريجي من طبقة رملية، في إشارة لحماية هذه الحيوانات وإعادتها إلى موائلها الطبيعية.
وتتناول جانيت بيلوتو في عملها التركيبي «حافة المرج: سيدة البحر»، خطر الانقراض بأسلوب مدروس يتمحور العمل حول حيوان الأطوم المهدد بالانقراض، إذ يمثل حركة هذا الحيوان عندما يغوص تحت الماء للوصل إلى الأماكن التي يتغذى منها، ويشير العمل إلى عدد الحيوانات التي تنفق منها سنوياً نتيجة وقوعها في شباك الصيد المهملة.
يشيد عمل الفنانة رنيم عروق بالدور الذي لعبه اللؤلؤ بالنسبة للإمارات في مطلع القرن العشرين، أي قبل اكتشاف النفط. ويستحضر «تألق اللؤلؤ»، الجمال الطبيعي للؤلؤ من خلال مظهر مزدوج يبدو من الخارج قاسياً وصلباً مع وجود حلقات تجسد خطوط نمو الصدفة مع تثبيت المصابيح الكهربائية بعناية كبيرة في الداخل.
ينقل عمل حازم حرب «ما وراء المدينة داخل المدينة»، من البيئة الصناعية للمعرض إلى الطبيعة الرحبة لحديقة أم الإمارات، ويوحي هذا العمل بوجود حاجة صادقة لدى الإنسان لأن يجد ذاته في الطبيعة بعيدًا عن التواصل القسري والضغوط الناجمة من العيش مع الآخرين.
وكانت الإماراتية منى عبد الله آل علي قد فازت بجائزة مبادلة للتصميم لعام 2016 عن عملها «دار التنوير» الذي يعنى بمعالجة المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة. وقد استوحت هذا التصميم من زهرة القبقاب التي تعود أصولها إلى جبال إمارة رأس الخيمة، واستند إلى عناصر هندسية مبتكرة ومحيط أخضر متناغم مع الشكل الهندسي، كما اعتمد على تطبيقات تقنية تحافظ على البيئة والطاقة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».