ابتسامة هوليوود ليست قصراً على المشاهير

احتل تجميل الأسنان مساحة لا يستهان بها من اهتمامات اللبنانيين مؤخرا. فلم يعد رائجا فقط في مجتمعات المشاهير من فنانين ومطربين، بل انتقل إلى الأشخاص العاديين، إشباعا لرغباتهم في تحسين مظهرهم الخارجي.
ويشهد لبنان حاليًا إقبالا كبيرًا على هذا النوع من التجميل تتراوح نسبته ما بين الثلثين لدى النساء وثلث واحد لدى الرجال.
ويمكن القول إنّ نماذج كثيرة وكثيرة بإمكاننا ذكرها، تلفت النظر بسبب التحولات الإيجابية الكبيرة التي وصلت إليها، إثر خضوعها لعمليات مشابهة. ولعلّ المخرج اللبناني سعيد الماروق يعدّ نموذجا حيّا، بعد تجميل أسنانه لتتغيّر إطلالته وتبدو لافتة، خصوصا أنه كان يفتقد إلى الابتسامة الجميلة منذ صغره. «بالفعل أصابني تغيير جذري بعد خضوعي لهذه التقنيات لدى أحد أطباء التجميل في لبنان، وكانت انعكاساتها جيدة وإيجابية على الآخرين، إذ كانوا يمعنون النظر في وجهي وهم يتساءلون عن التغيير الذي أصابني». هكذا يقول سعيد الماروق في حديث لـ«الشرق الأوسط».
تتصدّر ابتسامة هوليود «Hollywood smile» كما يعرف اسمها عالميا، لائحة أنواع التجميل التي تجرى في عيادات خاصة، مقابل مبلغ لا يستهان به من المال (يتراوح ما بين 5000 و20000 دولار)، وذلك حسب عدد الأسنان التي تطالها.
وحسب نقابة أطباء الأسنان في لبنان، فإنّ كلفة تجميل سِنّ واحد فقط تبلغ 400 دولار (فاسيت سيراميك)، وتصل أحيانا إلى 650 دولارا، حسب نوعية المادة المستخدمة من قبل الطبيب المختص، وغالبًا ما تكون من السيراميك.
ولكن ما الذي يدفع باللبنانيين إلى تجميل أسنانهم؟ يوضح دكتور مجد معوّض (اختصاصي في إجراء عمليات تجميل الأسنان): «لكلّ مريض سببه الخاص. منهم من يجد ابتسامته غير جذّابة ويكون غير راض عليها، وآخرون يخضعون للتجميل لإصابتهم بحادث ما، أتى على أسنانهم، فيما تعدّه شريحة أخرى من الناس استثمارا تجميليا طويل الأمد يخوّلهم التمتّع بابتسامة وصحّة أسنان جيّدة لفترة تتجاوز السنوات الخمس»، ويتابع: «النساء يتقدّمن على الرجال في هذا الموضوع كغيره من التجميل الرائج في لبنان بحيث يشكلن نسبة 65 في المائة مقابل 35 في المائة من الرجال».
وحسب د. معوّض الذي أجرى هذا النوع من العمليات لمشاهير في عالم الفن ولشخصيات سياسية واجتماعية معروفة، فإنّ الابتسامة تشكّل عنصرًا مهما من عناصر إطلالة أي شخص، وقد أظهر إحصاء أخير في الولايات المتحدة أنّ أرباب العمل يركنون إلى توظيف أصحاب الابتسامة الجميلة بشكل أكبر من غيرهم؛ لأنّهم يساهمون في إعطاء الشركة الطابع الإيجابي لدى تعاملهم مع الزبائن.
ويعود إجراء هذا النوع من التجميل في لبنان إلى أوائل التسعينات، إلا أنّ نسبة التهافت عليه حاليًا تضاعفت كثيرا، وصار رائجًا، كما يوضح لنا نقيب أطباء الأسنان في لبنان البروفسور كارلوس خيرالله. ويقول: «المشكلة في هذا الموضوع كما في غيره بمجال عمليات التجميل عامة، هو أنّ المريض لا يقصد الاختصاصي المناسب في كثير من الأحيان للقيام بهذه الخطوة، فيتأثّر بإعلانات تجارية وأخرى على صفحات إلكترونية تحكي عن إنجازات هذا الطبيب أو ذاك، من دون التأكّد من جدارته من خلال استيضاح نقابتنا في هذا الشأن». ويتابع: «إن عدد الأطباء الاختصاصيين في تجميل الأسنان في لبنان لا يتجاوز أصابع اليدين، ولكنّنا على أرض الواقع نجدهم منتشرين بالعشرات على وسائل التواصل الاجتماعية». ويشير خيرالله إلى أنّ بعض الحالات لا تتطلّب بالضرورة إجراء عملية تجميل؛ إذ يمكن الاكتفاء بتبييض الأسنان.
عادة ما يشكّل رجال الأعمال النسبة الأكبر من الذكور الذين يخضعون لتقنيات تجميل لأسنانهم (ابتسامة هوليوود)، فيما يرى ممثلون ومطربون ومشاهير بأنّها باتت حاجة ماسة تكمل إطلالتهم على المسرح وعلى شاشات التلفزة. وكالفنانين، بات الإعلاميون أيضًا يجمّلون أسنانهم أسوة بضيوفهم. فهو لا يلائم بكلفته العالية، ميزانيات من ينتمون إلى طبقة الدخل المنخفض أو المحدود.
شهد تجميل الأسنان تطورًا كبيرًا منذ نشأته بين مشاهير هوليوود (بيفرلي هيلز)، ومن ثم انتشاره في أوروبا. وعلى اللائحة أكثر من 50 نوعا من السيراميك وبينها الزيركون الذي يشكّل واحدا من عائلة الأول. وشهد هذا النوع من التجميل تطورا في التقنيات والآلات المستخدمة.
تشبه الماكينات المستعملة حاليًا إلى حدّ كبير تلك التي تتعلق بصناعة الألماس واللؤلؤ، ويستغرق العمل من الطبيب مهارة يدوية تمامّا كعملية تركيب الأحجار الكريمة ولذلك يلقّب طبيبها المختص بالـ«جوهرجي». ويعدّ لبنان متقدّمًا في هذا المجال أسوة ببلدان أوروبية أخرى، إن من ناحية التقنية المعتمدة لديه أو من ناحية جدارة أطباء الأسنان الذين يعملون في مجال التجميل ويحرزون تقدما ملحوظا في العالم العربي.
كما صارت عمليات تلبيس الأسنان أسهل، ولا ينتج عنها أي آلام تذكر. وفي حال كانت ميزانية الشخص لا تسمح له بدفع المبلغ المرقوم، فإنّ أطباء الأسنان يعمدون إلى استخدام مادة سيراميك أقل كلفة للأسنان الخلفية التي لا تظهر عند الابتسامة. البعض يكتفي بتجميل أسنانهم الأمامية (بين 6 و10 أسنان) فيما يذهب آخرون إلى تغييرها جميعها؛ لأنّ ابتسامتهم العريضة تفرض عليهم ذلك.
«على الطبيب المختص أن يعمل شخصيًا على ابتسامة الزبون ويحلّل ويفكّر في كيفية ترتيبها لتكون ملائمة لملامحه الأصلية فتحمل الطبيعية بشكل ملائم». يقول د. مجد معوّض. ويتابع: «من شأن هذا النوع من العمليات أن يضفي الشباب على صاحبه، فيبدو أصغر سنًا. فالأسنان تلعب دورًا أساسيا في إطلالة صاحبها تماما كدور جمال العينين، فتزيده ثقة في النفس وتترك لدى الشخص الآخر انطباعا إيجابيا محوره النظافة والترتيب والجمال». ولا تخلو هذه العمليات من النتائج السلبية في حال إجرائها لدى طبيب غير مختصّ وقد تؤثر على «العضّة» وتعيق عملية المضغ وتجلب التجاعيد حول الفم وتتسبب في ترهل أو انفلاش الشفاه.
فالابتسامة كما هو معروف تشغّل 17 عضلة، في حين العبوس يشغل 43 عضلة مما يتعب الوجه بشكل عام. وغالبا ما تستقطب عملية تجميل الأسنان الأشخاص المتقدمين في العمر بفعل انسحاق أسنانهم وتغيّر حجمها مع العمر.
وعادة ما يستعمل في (ابتسامة هوليوود) عدسات أسنان لاصقة وهي رائجة في عمليات التلبيس الكاملة للأسنان وليست الجزئية والمعروفة بالـ(فاسيت).