تراشق كلامي بين رئيس الحكومة المغربية وأمين «الاستقلال» المعارض في يوم العمال

ابن كيران يتهم جهات بتوظيف المكر والخداع لكسر حزبه * شباط يبشر أنصاره بأنه «البديل المنتظر» لإنقاذ الأوضاع

عبد الإله ابن كيران خلال مشاركته في مسيرة النقابة المقربة لحزب العدالة والتنمية بمناسبة يوم العمال أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الإله ابن كيران خلال مشاركته في مسيرة النقابة المقربة لحزب العدالة والتنمية بمناسبة يوم العمال أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

تراشق كلامي بين رئيس الحكومة المغربية وأمين «الاستقلال» المعارض في يوم العمال

عبد الإله ابن كيران خلال مشاركته في مسيرة النقابة المقربة لحزب العدالة والتنمية بمناسبة يوم العمال أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الإله ابن كيران خلال مشاركته في مسيرة النقابة المقربة لحزب العدالة والتنمية بمناسبة يوم العمال أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، إن السياسة أولا وقبل كل شيء هي أخلاق ولا يمكن أن تكون دون ذلك، وأن الحقيقة لا بد أن تظهر رغم كل أدوات التجميل التي تختبئ خلفها.
واتهم ابن كيران بعض الجهات دون أن يسميها بتوظيف المكر والخداع والتشويش من أجل كسر حزب العدالة والتنمية، الذي يرأس أمانته العامة.
وردد ابن كيران، الذي كان يتحدث أمس في مهرجان خطابي نظمه الاتحاد الوطني للشغل (اتحاد عمالي مقرب لحزبه) في الدار البيضاء «نعم للإصلاح ولا للمساس بالملكية والمؤسسات والاستقرار».
وفي غضون ذلك، حشد أمس حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي المعارض والأمين العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابي للحزب، الآلاف من أنصاره، في استعراض جديد للقوة بمناسبة الاحتفال بيوم العمال. ووجه انتقادات لاذعة للحكومة، وبشر أنصاره بأنه «البديل المنتظر لإنقاذ الأوضاع» في البلاد.
بدوره، انتقد ابن كيران غريمه شباط (دون ذكر اسمه)، وقال إنه حاول زعزعة الحكومة من الداخل، وكان السبب في خروج حزب الاستقلال منها، وأوهم أصدقاءه أنه سيصبح رئيسا للحكومة. ووصف ابن كيران شباط بأنه «سيئ الحظ»، مذكرا بأنه نظم مسيرة شارك فيها البشر والحمير، وأنه حاول أن يصبح رئيسا للبرلمان.
وزاد ابن كيران قائلا «إذا كانت تلك أساليبكم لإخافتي فإنني لا أخاف من ذلك».
وبشأن مشاركته في مسيرة الاتحاد الوطني للشغل، قال ابن كيران «أنا أستفيد من هذا اليوم أو بالأحرى أستغله لكي أمرر رسالة للشعب المغربي»، وطلب من المشاركين ألا يصدقوا ما يقال عن تعليقه للحوار الاجتماعي مع النقابات، مؤكدا أنه التقى الكثير من النقابات، وعلى الرغم من ذلك ما زال يشعر أن ما تحقق للعمال لا يكفي، مشيرا إلى أن هناك مشكلات حقيقية توجب الحفاظ على مناصب الشغل وتشجيع المقاولات.
وأوضح ابن كيران أنه يشارك في مسيرة «الاتحاد الوطني للشغل» لأنها النقابة التي ولد فيها، على الرغم من أن البعض يعيبون عليه ذلك لأنه رئيس حكومة، وقال إن الاتحاد الوطني للشغل نقابة تمضي في طريقها بخطى ثابتة، لكونها اختارت المصالحة مع الشعب ونهجت التفاهم والود عوض الصراع لحل المشكلات.
وبخصوص مقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي، الذي ينتمي إلى فصيل «التجديد الطلابي» الإسلامي على أيدي طلبة ينتمون إلى فصيل «النهج القاعدي» اليساري الراديكالي، الأسبوع الماضي، ذكر ابن كيران أن «التجديد الطلابي» تيار يحتاج إلى شهداء لا يموتون في القتال بل وأيضا للمطالبة بأحقيتهم، وقال «لقد حاربوكم وارتكبوا في حقكم الكثير من الجرائم وهذه المرة قتلوا، والدولة لن تسامحهم»، وتأسف على من لامه لأنه شارك في تأبين الشاب القتيل، مؤكدا أن الدولة لم تتحمل مصاريف انتقاله عبر الطائرة كما تروج بعض الجهات.
من جهته، قال محمد يتيم، الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل في المغرب، الذي احتفل بيوم العمال هذه السنة تحت شعار «لنضالنا مواصلون وبالإصلاح ملتزمون»، إن العمل النقابي لا يخضع لمنطق المساندة أو المعارضة ولا يجوز له أن ينزلق نحو ذلك، مشيرا إلى أنه يعتز بالانتساب إلى حزب العدالة والتنمية رغم استقلالية القرار النقابي.
وذكر يتيم أن البعض سعى لإقحام العمل النقابي ضمن التخندق السياسي المقاوم لمسار الإصلاح والساعي للعودة بالعجلة إلى الوراء، واستغلال الورقة الاجتماعية والمطلبية وبعض المطالب الفئوية من أجل إجهاض تجربة الإصلاح، موضحا أن نقابته اختارت أن تتموقع في معسكر الإصلاح وعيا منها بمقتضيات المرحلة ومن زاوية مسؤوليتها الوطنية ووعيها التاريخي بحساسية المرحلة.
وقال الميلودي مخارق، أمين عام الاتحاد المغربي للشغل (مستقل) إن يوم العمال «يعد يوما للاحتجاج والاستنكار على الأوضاع المزرية للطبقة العاملة المغربية».
وبشأن الزيادة الأخيرة في الأجور التي أقرتها الحكومة، أوضح مخاريق أنه سيلتقي مع رئيس الحكومة لتجديد المفاوضات والمطالبة بالزيادة أكثر في الأجور وتحقيق كل المطالب.
وذكر في كلمته أمام الحشود المتظاهرة، أن الوضع لم يتغير، وأن الحكومات المتعاقبة لم تعرف كيف تحسن تدبير الثروات الطبيعية والبشرية.
وأضاف «إن منطق انحياز الحكومة للمحظوظين وخدمتها لمصالح الرأسمال المتوحش، يقود إلى مخططات تصفية المكاسب النقابية التي حققتها الطبقة العاملة».
وفي السياق ذاته، حشد الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي المعارض والأمين العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الآلاف من أنصاره بالرباط، في استعراض جديد للقوة بمناسبة الاحتفال يوم العمال.
وأراد شباط من خلال ذلك التذكير بالمسيرة الحاشدة التي نظمها العام الماضي في الرباط بالمناسبة ذاتها وأطلق عليها اسم «جهاد الكرامة»، في عز الصراع الذي قاده آنذاك ضد غريمه السياسي ابن كيران، والتي أعلن أياما قليلة بعدها انسحاب حزبه من الحكومة.
وخصص شباط أمس حيزا كبيرا من خطابه لانتقاد حكومة ابن كيران التي تمارس «التخويف والترهيب» ضد معارضيها من الأحزاب والعاطلين والمجتمع المدني، على حد قوله.
وقال شباط إنه انسحب من الحكومة لتأكده من فشلها، مشيرا إلى أن حزبه «زهد» في الوزارات والمناصب، وفي السلطة وفضل الانضمام إلى الفقراء والدفاع عن مصالح الطبقة العاملة.
وانتقد شباط حضور ابن كيران في التجمع الخطابي الذي نظمته النقابة التابعة لحزبه في الدار البيضاء، بمناسبة يوم العمال، وقال إنه «خرج ليحتج على نفسه وعلى سياسة حكومته».
ولم يخل خطاب شباط من السخرية والتهكم على الحكومة التي تضم 40 وزيرا، ووصفها بأنها «أكبر تجمع وزاري في العالم ». وقال إنها تضم أيضا وزراء أشباح.
وقلل شباط من أهمية النتائج التي أفضت إليها جولات الحوار التي جرت بين الحكومة والنقابات، ووصفه بأنه «حوار مغشوش» أريد من خلاله إثارة الفتنة داخل الحركة النقابية.
وقارن شباط بين إنجازات الحكومة السابقة التي كان يقودها عباس الفاسي الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، وبين إنجازات حكومة ابن كيران، التي أجهزت، برأيه، على القدرة الشرائية للمواطنين.
وبشر أنصاره بأنه «البديل المنتظر لإنقاذ الأوضاع» في البلاد، ووعد بالتراجع عن الزيادة في الأسعار إذا ما وصل حزبه إلى رئاسة الحكومة.
وكرم شباط عباس الفاسي الأمين العام السابق لحزب الاستقلال الذي حضر التجمع الخطابي إلى جانب محمد الديوري عضو مجلس الرئاسة في الحزب. وشكره على ما قدمه من إنجازات للطبقة العاملة.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.