أصغر الشعيرات الدموية في القلب تتسبب بأكبر المشكلات

«مرض الأوعية التاجية الصغيرة جدا» يصعب تشخيصه ويصيب النساء أكثر

أصغر الشعيرات الدموية في القلب تتسبب بأكبر المشكلات
TT

أصغر الشعيرات الدموية في القلب تتسبب بأكبر المشكلات

أصغر الشعيرات الدموية في القلب تتسبب بأكبر المشكلات

تسعى الدراسات المتواصلة إلى اكتشاف طرق جديدة لمعالجة أمراض الأوعية القلبية الصغيرة التي يصعب تشخيصها. إنها ثلاثة شرايين رئيسية لا يزيد حجمها عن شرائح معكرونة الإسباغيتي الرفيعة، وتمتد عبر سطح قلبك. ويتفرع كل شريان إلى أوعية أصغر وأصغر تشق في النهاية طريقها إلى عضلة قلبك. ويمكن أن يؤدي أي ضرر يحدث لتلك الأوعية الصغيرة إلى بطء تدفق الدم إلى القلب وهي حالة تعرف طبيا باسم مرض الأوعية (أو الشعيرات الدموية) التاجية الصغيرة جدا coronary microvascular disease.
شعيرات دموية تاجية
من بين أعراض هذا المرض آلام في الصدر، أو ضيق في التنفس، وكذا الشعور بعدم الراحة في الصدر، أو شعور غير معتاد بالاختناق. هل تبدو هذه الأعراض مألوفة بالنسبة إليك؟ إنها متشابهة، وكثيراً ما تكون مسببة للوهن مثل مرض الشريان التاجي coronary artery disease الكلاسيكي، الذي ينتج عن تراكم الدهون داخل أوعية دموية أكبر. مع ذلك على عكس الأعراض الأكثر شيوعاً لأمراض القلب، من الصعب تشخيص مرض الشرايين التاجية الصغيرة.
يقول الدكتور مارسيلو دي كارلي، أستاذ الأشعة والطب في كلية الطب بجامعة هارفارد: «لأن الأوعية التي تشكل دورة دموية صغرى تكون صغيرة للغاية، فإننا لا نعرف شيئا عنها إلا من التقييمات غير المباشرة». وهذه الأوعية أصغر من أن يتم رصدها من خلال تصوير الأوعية التاجية، وهو اختبار يتم فيه استخدام الصبغة، وأشعة إكس خاصة تستطيع الكشف عن أي تضيق، أو انسداد في شرايين القلب الأكبر.
ويشك الأطباء في وجود مرض الشرايين التاجية الصغيرة إذا كان المريض يشكو من آلام في الصدر، لكن دون أي وجود دليل يشير إلى انسداد في الشرايين التاجية الكبيرة. قد يحتاج هؤلاء المرضى إلى المزيد من اختبارات الجهد المتخصصة ومنها تصوير مقطعي بالانبعاث البوزيتروني، أو تصوير بالرنين المغناطيسي. ومن خلال هذين الاختبارين يمكن تقييم «احتياطي التدفق التاجي coronary flow reserve» وهو مقياس يوضح مدى قدرة القلب على زيادة ضخّ الدم مع زيادة الجهد المبذول.
مصدر أكثر ما نعرفه عن مرض الشرايين التاجية الصغيرة هو دراسة دنماركية شارك بها أكثر من 11 ألف شخص خضعوا لتصوير مقطعي بالانبعاث البوزيتروني بسبب شعورهم بآلام في الصدر. لم يكن هناك انسداد في الشرايين التاجية لدى ثلث الرجال، ولدى ثلثي النساء. كانوا مصابين بتصلب عصيدي تاجي غير مسبب للانسداد nonobstructive atherosclerosis، وهو ما يشير إلى أن مشكلة في الأوعية الدموية الصغيرة هي السبب في ظهور هذه الأعراض على حد قول الدكتور دي كارلي. ويبدو أن النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض مقارنة بالرجال، لكن لا يزال السبب غامضاً. يبدو أن هناك الكثير من المشكلات المسببة لمرض الشرايين التاجية الصغيرة، ومنها سمك الخلايا المبطنة للجدران الداخلية للشرايين الصغيرة، والتي تؤدي إلى تقلص المساحة المتاحة داخل الوعاء الدموي. السبب الثاني هو أن طبقة الخلايا الأقرب إلى الدم تفقد قدرتها الطبيعية على تنظيم انبساط الأوعية الصغيرة عند ممارسة التمرينات الرياضية. إضافة إلى ذلك، يكون إجمالي عدد الشعيرات الدموية أقل لدى الأشخاص المصابين بمرض الشرايين التاجية الصغيرة مقارنة بالأشخاص غير المصابين به.
أسباب محتملة
العوامل نفسها، التي تؤدي إلى انسداد الشرايين التاجية، مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، والتدخين، تكون شائعة لدى الأشخاص المصابين بمرض الشرايين التاجية الصغيرة. ويبدو أن ارتفاع نسبة السكر في الدم، الذي يشير إلى الإصابة بداء السكري، من الأسباب المدمرة للأوعية الدموية الصغيرة. ويقول الدكتور دي كارلي، إن تغيير نمط الحياة والعقاقير التي يتم تناولها، بهدف الحد من هذه العوامل الخطيرة خاصة ارتفاع نسبة السكر في الدم، قد يساعد في علاج مرض الشرايين التاجية الصغيرة، وتحسين أعراض اعتلال القلب لدى عدد كبير من الناس. مع ذلك قد يستمر الشعور بآلام في الصدر، وضيق في التنفس رغم ما يبذلونه من جهد للتحكم في الأسباب المتوقعة. وقد يساعد تحديد عوامل الخطر، وتحديد المشكلة في الأوعية الدموية لدى كل مريض، ومعالجتها.
علاج مقترح
يجري التحقق في الوقت الحالي من استراتيجيات علاج جديدة لمرض الشرايين التاجية الصغيرة.
• جرعة صغيرة من ميثوتريكسات methotrexate: يمكن لهذا الدواء أن يساعد في الحد من الالتهاب لدى المرضى المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وقد يكون له فائدة مماثلة في علاج مرض الشرايين التاجية الصغيرة.
• مثبطات إنزيم «بي سي إس كيه 9 PCSK9 inhibitors»: بالنسبة إلى الأشخاص، الذين يعانون من آلام شديدة في الصدر نتيجة زيادة نسبة الكولسترول في الدم، قد تساعد هذه العقاقير الجديدة القوية، التي تخفض نسبة الكولسترول في الدم، في العلاج.
• مثبطات بروتين «إس جي إل تي 2» SGLT2 inhibitors: تساعد هذه العقاقير المستخدمة لعلاج السكري، ومنها عقار «كاناغليفلوزين canagliflozin (إينفوكانا Invokana)، و«إيمباغليفلوزين empagliflozin» (جارديانس Jardiance)، في التخلص من السكر الزائد في الدم، ويبدو أنها تساعد في تقليل معدل الإصابة بقصور القلب لدى الأشخاص المصابين بداء السكري.
في الحالة الكلاسيكية لمرض القلب، تبدأ المشكلات عندما تتراكم الترسبات داخل شريان تاجي كبير، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة سماكته، وتصلبه مما يمنع تدفق الدم، لكن يمكن أن تتصلب الشرايين الصغيرة، التي تغذي القلب، وتضيق هي الأخرى، مما يؤدي إلى ضعف تدفق الدم، وتعرف هذه الحالة بمرض الشرايين التاجية الصغيرة، والتي تصيب النساء، أكثر مما تصيب الرجال.
* رسالة هارفارد للقلب
- خدمات «تريبيون ميديا»



4 تمارين قد تقلل من خطر الإصابة بالخرف

سيدة مصابة بالخرف (رويترز)
سيدة مصابة بالخرف (رويترز)
TT

4 تمارين قد تقلل من خطر الإصابة بالخرف

سيدة مصابة بالخرف (رويترز)
سيدة مصابة بالخرف (رويترز)

كشفت دراسة نُشرت مؤخراً أن ممارسة التمارين الرياضية بشكل متكرر تمنحك الحماية من الخرف.

فبعد متابعة أكثر من 10 آلاف مشارك في الخمسينات من العمر لمدة 16 عاماً، حدد الباحثون في جامعة الأنديز في كولومبيا أن أولئك الذين يمارسون الرياضة بانتظام كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 10 في المائة بحلول السبعينات من العمر مقارنة بأولئك الذين لم يمارسوا الرياضة على الإطلاق.

ووفقاً لصحيفة «التلغراف» البريطانية، كانت هذه الدراسة هي الأولى التي تتبع الأشخاص على مدار عقود من الزمن لتقييم التأثير الذي يمكن أن يحدثه النشاط البدني على صحتهم العقلية. لكن الخبر الجيد هو أن كمية التمارين الرياضية اللازمة لجني هذه الفوائد ربما تكون أقل كثيراً مما تظن.

ويقول الدكتور غاري أودونوفان، الباحث البريطاني الذي قاد الدراسة: «لقد تبين أن أي شخص يمارس الرياضة مرة أو مرتين على الأقل في الأسبوع لديه هذا الانخفاض في المخاطر».

كما أشار إلى أن أولئك الذين يمارسون الرياضة فقط خلال عطلة نهاية الأسبوع، يستفيدون بنفس القدر الذي يستفيد به الأشخاص الذين يمارسون الرياضة يومياً.

وأكد أن ممارسة التمارين الرياضية ولو بمستويات بسيطة أفضل بكثير لعقلك من عدم ممارستها على الإطلاق، لافتاً إلى أنه يجب على الناس «العثور على نشاط يستمتعون به ويمكنهم الالتزام به».

كيف تؤثر الرياضة على الخرف؟

يقول الدكتور أودونوفان: «ببساطة، فإن التمارين الرياضية مفيدة لصحة دماغك؛ لأنها تعمل على تحسين كيمياء دماغك وحجمه ووظيفته، وكلها مرتبطة بخطر إصابتك بالخرف في وقت لاحق من الحياة».

وتقول ديفي سريدهار، أستاذة الصحة العامة العالمية في جامعة إدنبره: «عندما تمارس الرياضة، تطلق عضلاتك بروتينات صغيرة ومواد كيميائية أخرى تنتقل إلى دماغك وتساعد في الحفاظ على مادة الدماغ التي تميل إلى التدهور مع تقدم العمر».

وتوضح: «هذا ما يسمى بالتفاعل بين الدماغ والعضلات؛ إذ يتواصل الدماغ مع عضلاتك بطريقة معقدة».

وفي الوقت نفسه، تزيد التمارين الرياضية من تدفق الدم والأكسجين إلى دماغك، مما يساعده على الاحتفاظ بحجمه مع التقدم في السن. كما يرتبط التمرين المنتظم بتحسن الحالة المزاجية والنوم، فضلاً عن انخفاض ضغط الدم، ويساعدك على الحفاظ على وزن صحي. وقد ثبت أن التوتر والاكتئاب ونقص النوم المزمن وزيادة الوزن... كلها عوامل تزيد من خطر الإصابة بالخرف.

تمارين قد تقلل من خطر الإصابة بالخرف

1- التمارين الهوائية: ساعة أو ساعتين في الأسبوع

التمارين الهوائية أو تمارين «الكارديو»، كما يطلق عليها غالباً، هي تلك التي تحفز معدَّل ضربات القلب والغُدد العرقية، ومن بينها الجري والسباحة والقفز وركوب الدراجات.

ويقول الباحثون إن ممارسة هذه التمارين لمدة 30 إلى 60 دقيقة في الأسبوع هي فترة كافية لتقليل خطر الإصابة بالخرف.

وتقول سريدهار: «أود أن أشجع الناس على التفكير فيما يمكنهم القيام به في الأسبوع ككل، بدلاً مما يمكنهم القيام به كل يوم. يعيش معظمنا حياة مزدحمة، والقيام بقدر كافٍ من التمارين الرياضية باستمرار أمر بالغ الأهمية».

2- اليوغا أو البيلاتس أو «التاي تشي»: حصة واحدة في عطلة نهاية الأسبوع

يمكن أن تكون اليوغا شكلاً من أشكال التمارين الرياضية الواقية من الخرف لدى النساء بشكل خاص.

ووجدت دراسة أُجريت عام 2022 أن دورة يوغا مدتها 12 أسبوعاً تحمي أدمغة النساء من ضمور المادة الرمادية، وهي جزء أساسي مما يتغير في الدماغ عندما يصاب شخص ما بالخرف.

ومن ناحية أخرى، ثبت أن تمارين البيلاتس وفن القتال الصيني «التاي تشي» يحميان من الخرف عن طريق تقليل التوتر والقلق وتحسين الحالة المزاجية، كما يعمل «التاي تشي» أيضاً على تحسين الوظائف الإدراكية والمهارات مثل إدارة الوقت واتخاذ القرار لدى كبار السن المعرضين لخطر الخرف.

وعلاوة على ذلك، تعمل الممارسات الثلاث على تعزيز المرونة، والتي يمكن أن تمنع أو تخفف من الألم المزمن، والذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الخرف.

3- المشي 4000 خطوة أو 40 دقيقة يومياً

لقد اعتدنا سماع أن 10 آلاف خطوة يومياً هي الحد الأدنى الذي نحتاجه للصحة البدنية والعقلية. ووجدت دراسة أُجريت عام 2022 أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و79 عاماً والذين يمشون ما لا يقل عن 9800 خطوة يومياً كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنحو النصف مقارنة بأولئك الذين يمشون قليلاً جداً. لكن الدراسة وجدت أيضاً أن أولئك الذين يمشون أقل بقليل من 4000 خطوة يومياً كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 25 في المائة.

وأشارت دراسة أخرى من كلية لندن للاقتصاد، نُشرت العام الماضي، إلى أن «خمسة إلى ستة آلاف خطوة يومياً تكفي للوقاية من الخرف».

4- رفع الأثقال: 45 دقيقة مرتين في الأسبوع

ركزت معظم الأبحاث حول تأثيرات التمارين الرياضية على خطر الإصابة بالخرف، على التمارين الهوائية.

وفي حين لا يُعرف الكثير عن تأثيرات تمارين القوة على خطر الإصابة بالخرف، فقد اقترحت بعض الأبحاث أن رفع الأثقال يمكن أن يكون وقائياً بشكل خاص لكبار السن المعرضين لخطر الإصابة بالمرض.

ووجدت دراسة أُجريت عام 2020، من جامعة سيدني في أستراليا، أن ستة أشهر من رفع الأثقال يمكن أن تبطئ أو حتى توقف التنكس في مناطق الدماغ المرتبطة بالخرف.