«الفراغ» سيّد الموقف في غياب بوادر توافق لبناني على مرشّح رئاسي

«8 آذار» تنتظر مباحثات عون مع الخصوم.. و«14 آذار» تؤكّد وحدة قرارها

لبنانيون يحتفلون ويتظاهرون ضد تردي الأوضاع الاقتصادية في وسط بيروت أمس بمناسبة يوم العمال (أ.ب)
لبنانيون يحتفلون ويتظاهرون ضد تردي الأوضاع الاقتصادية في وسط بيروت أمس بمناسبة يوم العمال (أ.ب)
TT

«الفراغ» سيّد الموقف في غياب بوادر توافق لبناني على مرشّح رئاسي

لبنانيون يحتفلون ويتظاهرون ضد تردي الأوضاع الاقتصادية في وسط بيروت أمس بمناسبة يوم العمال (أ.ب)
لبنانيون يحتفلون ويتظاهرون ضد تردي الأوضاع الاقتصادية في وسط بيروت أمس بمناسبة يوم العمال (أ.ب)

يكرر الأفرقاء السياسيون واللبنانيون في اليومين الأخيرين إبداء خشيتهم من «الفراغ الرئاسي» الذي يبدو شبه محسوم في ظل تعثّر التوافق على مرشّح من قبل فريقي 8 و14 آذار، وفشل البرلمان في جلستين متتاليتين في انتخاب رئيس خلفا للرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في الخامس والعشرين من الشهر الحالي.
وفي حين ينتظر فريق «8 آذار» نتائج مشاورات الحليف المسيحي الأساسي، والمرشّح «غير الرسمي» النائب ميشال عون، مع رئيس «تيار المستقبل» رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، والتي تبدو سلبية حتى الآن، يتمسّك فريق 14 آذار بموقفه لجهة دعم ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وأشارت المعلومات المتوفرة في بيروت إلى أنّ الحريري طلب من وزير الخارجية جبران باسيل الذي التقاه موفدا من عون في باريس قبل ثلاثة أيام التواصل مع حلفاء «المستقبل»، ولا سيما المسيحيين منهم، فيما يتعلّق بمحاولة طرح عون نفسه كمرشّح توافقي، وهو الأمر الذي يرفضه فريق 14 آذار. بينما لم تستبعد مصادر أخرى التزام فريق 8 آذار، بقرار المقاطعة في جلسة الانتخاب المقبلة وما يليها من جلسات، إذا لم يرض الفريق الآخر بترشيح عون.
وكان نواب كل من حزب الله وتكتل «التغيير والإصلاح» قاطعوا جلسة الانتخاب الثانية أوّل من أمس، ما أدى إلى تعطيل النصاب، بخلاف الجلسة الأولى التي حضرها 124 نائبا، وانتهت بحصول جعجع على 48 صوتا من قبل فريق «14 آذار»، فيما اقترعت قوى «8 آذار» بورقة بيضاء، وحصل النائب هنري حلو المرشح من قبل النائب وليد جنبلاط على 16 صوتا. علما أنه في حين يفترض بالمرشح نيل ثلثي أصوات أعضاء البرلمان الـ128 لينتخب من الدورة الأولى، أي 86 صوتا، يتطلب انتخابه في الدورات التي تليها النصف زائد واحد من أصوات النواب.
وفي موازاة تحذير البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي التقى أول من أمس الحريري في باريس، من أن «الفراغ جرم وطني كبير بحق لبنان، ولا يحق للنائب الغياب عن جلسات الانتخاب، لأن حضوره واجب وطني ودستوري وضميري، بحكم وكالة الشعب له»، ذكرت «القوات اللبنانية» أمس أن «قوى 14 آذار التزمت بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في بكركي، فثابرت على حضور جلسات النصاب، على الرغم من وجود احتمال لتفاهم الكتلة الوسطية مع قوى 8 آذار للإتيان برئيسٍ من خارج 14 آذار».
وقالت، في بيان صادر عنها، إن «قوى 8 آذار أمعنت وتُمعن في طعن اتفاق بكركي، ولا تجد حرجا في التنصّل من تعهداتها هي بالذات»، مشيرة إلى أن «وضع المُسهلّين والحريصين على إتمام الاستحقاق الرئاسي، في كفّة واحدة مع المعطلين والمعرقلين، يُعطي هؤلاء بعض المبرر للاستمرار في مخططهم التعطيلي، بما يتعارض مع دعوات وتمنيات وأهداف الكاردينال الراعي ومجلس المطارنة وخلفهم غالبية اللبنانيين».
وفي سياق متصل، رأى النائب في كتلة «المستقبل» هادي حبيش أن «تعطيل نصاب جلسة الانتخاب الأخيرة هو عمل ديكتاتوري ومسألة خطرة جدا، واستخدام النصاب يهدف إلى تعطيل انتخابات الرئاسة وتفريغ الجمهورية من شخصها كما حصل قبل ستة أشهر من انتخاب الرئيس الحالي ميشال سليمان عام 2008، وأيضا من قبل فريق 8 آذار الذي يكرر اليوم الأداء عينه».
وأشار في حديث تلفزيوني إلى أنّه «إذا كان المطلوب أن يأتي عون رئيسا أو الفراغ، نؤكد أن هذه ليست الحياة الديمقراطية التي يفترض أن تكون مشاركة بها الكتل السياسية». وأوضح أن «الحريري لا يستطيع أن يأخذ موقفا عن كل قوى 14 آذار، ومن الطبيعي أن يقول إنه إذا كان هناك من حوار بشأن الرئاسة فهذا الحوار لا يناقش معي شخصيا فقط بل مع كل الحلفاء في 14 آذار». ورأى أنّ الجلسة الثالثة ستكون كما الثانية وإذا بقيت الأمور على ما هي عليه «سنذهب إلى الفراغ»، مشيرا إلى أنّ البطريرك الراعي ليس لديه «فيتو» على أحد، وهو يدعم أي رئيس يتّفق عليه، كما أنّ عليه مسؤولية أساسية وهي تأكيده أن غياب النواب عن الجلسة أمر غير مقبول.
وأشار النائب عاصم عراجي إلى أن «عون من فريق 8 آذار، ولديه تطلعات تختلف عن تطلعات قوى 14 آذار بالنسبة إلى مواضيع خلافية كبيرة، منها سلاح حزب الله وتدخله في الأزمة السورية، وهناك اختلافات جوهرية في المواضيع الاستراتيجية في البلد».
في المقابل، أكد النائب في كتلة عون إبراهيم كنعان «ضرورة انتخاب رئيس قوي يتمتع بالقدرة على الجمع بين اللبنانيين وعلى حماية المؤسسات، وعلى رأسها مؤسسة الجيش، وبالتالي حماية الوطن»، مؤكدا «إننا مؤتمنون على إيصال هكذا رئيس».
وسأل كنعان، في كلمة ألقاها خلال عشاء حزبي في مدينة زحلة: «لماذا لا ينطبق على الرئاسة الأولى ما ينطبق على الرئاستين الثانية والثالثة؟»، موضحا أن «المجتمع السياسي اليوم بحاجة لأن ينتفض على نفسه للوصول إلى الحلول المطلوبة، التي تقوم على احترام الصيغة واحترام الشعب قبل البحث بالأسماء، وعند الوصول إلى هذه المقومات نكون قد وصلنا إلى بداية الحلول».
وفي سياق متصل، رفض النائب في كتلة حزب الله كامل الرفاعي ما يشاع عن أنّ «لبنان ذاهب إلى الفراغ في الرئاسة الأولى»، ورأى في الوقت عينه أنه «ليس هناك أي مشكلة إذا شغر موقع الرئاسة أشهرا قليلة، ما دام هناك حكومة وفاقية تقوم بواجباتها، ولا يمكن لرئيس الجمهورية إلا أن يكون توافقيا على قاعدة لا غالب ولا مغلوب». وأوضح في تصريح له أن «مقاطعة جلسة الانتخاب الثانية أوّل من أمس، ستنسحب على الجلسة الثالثة الأسبوع المقبل، بسبب عدم التوافق على مرشح يرضي الجميع واقتصار الترشح على سمير جعجع»، مشيرا إلى «مساع حثيثة وحوار متواصل بين عون الذي تدعمه 8 آذار، وبين تيار المستقبل لجعله مرشحا توافقيا بين 8 و14 آذار».
من جهته، تمنى النائب في كتلة التنمية والتحرير ميشال موسى «أن ينجز الاستحقاق الرئاسي قبل انتهاء المهلة الدستورية في 25 مايو (أيار) الحالي، وألا نقع في الفراغ نظرا لأهمية هذا الموقع»، معولا على «الربع الساعة الأخير». وأكد في حديث له أنه «من دون التوافق، لا إمكان للوصول إلى النصاب المطلوب لانتخاب رئيس»، مشيرا إلى أنه «ليس هناك ترشيح معلن من فريق 8 آذار، وعون هو من يحدد صفة ترشيحه، ويحاول خرق الحواجز عند الآخرين»، مضيفا «علينا انتظار نتيجة التواصل الحاصل بين المرشحين المحتملين بين 8 و14 آذار ليبنى على الشيء مقتضاه».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.