حجم خسائر روسيا في سوريا {أكبر من المعلن}

بحسب تقرير تزامن مع بداية انتشار رئيسي لقواتها في منطقة حول تدمر

حجم خسائر روسيا في سوريا {أكبر من المعلن}
TT

حجم خسائر روسيا في سوريا {أكبر من المعلن}

حجم خسائر روسيا في سوريا {أكبر من المعلن}

أظهرت أدلة جمعتها وكالة «رويترز» للأخبار، أن القوة الروسية العاملة في سوريا مُنِيَت منذ أواخر يناير (كانون الثاني) بخسائر في صفوفها تزيد أكثر من ثلاث مرات على عدد القتلى الرسمي، وذلك في حصيلة تُبيِّن أن القتال في سوريا أصعب وأكثر كلفة، مما كشف عنه الكرملين.
وقتل 18 مواطناً روسياً كانوا يقاتلون في صفوف القوات النظام السوري المتحالفة مع موسكو، منذ 29 يناير، وهي فترة تزامنت مع اشتباكات عنيفة لاستعادة مدينة تدمر من أيدي مقاتلي «داعش». وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت مقتل خمسة من رجال الجيش في سوريا خلال تلك الفترة، ولم تذكر تصريحات المسؤولين في الوزارة شيئاً عن أي عمليات برية روسية على نطاق واسع في القتال لاستعادة تدمر.
وليس للخسائر البشرية العسكرية خارج الحدود في روسيا ما لها من حساسية سياسية في بعض الدول الأخرى، لكنها تمثل رسالة سلبية قبل الانتخابات الرئاسية التي تجري العام المقبل، ويُتوَقَّع أن يفوز فيها الرئيس فلاديمير بوتين بفترة ولاية رابعة. وانكشف عدد القتلى في مقابلات مع أقارب وأصدقاء القتلى والعاملين في مقابر ومن خلال تقارير إعلامية محلية عن تشييع جنازات، وكذلك ما جمعته مجموعة من المدونين الاستقصائيين يطلق عليها اسم «فريق استخبارات الصراعات».
وفي كل حالة على حدة تحققت «رويترز» من المعلومات من مصادر مستقلة بالتحدث إلى شخص يعرف القتيل. وتمثل الخسائر البشرية منذ نهاية يناير، واحداً من أعلى أعداد القتلى في صفوف القوات الروسية في سوريا، منذ بداية تدخل موسكو العسكري قبل 18 شهراً.
وأحال مسؤول بوزارة الخارجية الروسية الأسئلة عن هذه الخسائر إلى وزارة الدفاع. ولم ترد وزارة الدفاع على استفسارات «رويترز» عن الخسائر أو العمليات العسكرية في سوريا. ولم يردّ الكرملين على الفور على طلب التعليق.
ولم يكن أغلب القتلى من الجنود النظاميين الروس، بل كانوا مدنيين روساً يؤدون مهام عسكرية بعقود خاصة بأوامر من القادة الروس. ولم تعترف موسكو رسمياً بوجود هؤلاء المتعاقدين في سوريا. أحد القتلى يدعى يوري سوكالسكي (52 عاماً) من منتجع جيليندجيك الروسي على البحر الأسود.
وقال مصدر من المقربين منه إنه وقَّع عقداً للذهاب إلى سوريا في يناير مع مجموعة من المتعاقدين. وقال المصدر إنه أبدى في واحدة من مكالماته الهاتفية الأخيرة دهشته لضخامة عدد المتعاقدين الروس في سوريا، وروى ما قيل له عن شدة القتال. كما نقل المصدر عن سوكالسكي قوله: «من بين كل 100 واحد يعود 50 في نعوش». وطلب المصدر عدم الكشف عن هويته خوفاً من عواقب كشف معلومات حساسة للسلطات الروسية.
في 14 مارس (آذار) من العام الماضي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحباً جزئياً لقواته في سوريا، وقال إن مهمتها تحققت بصفة عامة. غير أن ما دار في تدمر هذا العام من اشتباكات يحكي قصة أخرى. وتشمل حالات القتلى التي وثقتها «رويترز» الجنود النظاميين الخمسة الذين أعلنت وزارة الدفاع مقتلهم، وأربعة متعاقدين في وحدة واحدة، قتلوا في اليوم ذاته، وسبعة متعاقدين آخرين وجنديين نظاميين لم تعلن الوزارة مقتلهما.
وتزامنت الفترة التي أجرت «رويترز» تحرياتها فيها مع بداية انتشار رئيسي للقوات الروسية في منطقة حول تدمر، وفقاً لما قاله أشخاص على صلة وثيقة بالقتلى.
وقال عدد من أقارب القتلى الذين سقطوا في سوريا إنهم تلقوا مكالمات هاتفية من أفراد يعملون في تجنيد المتعاقدين العسكريين يحذرونهم فيها من التحدث مع وسائل الإعلام. ومن بين هؤلاء القتلى سقط عشرة على الأقل في منطقة تدمر التي سيطر عليها تنظيم داعش، في ديسمبر (كانون الأول) للمرة الثانية خلال عام واحد، في انتكاسة لقوات النظام السوري ومؤيديها الروس.
وفي العاشر من يناير غادر سوكالسكي المتخصص في الألغام الأرضية بيته في جيليندجيك واتجه إلى روستوف في جنوب روسيا للانضمام إلى مجموعة من المتعاقدين المتجهين إلى سوريا. وفي سفريته الوحيدة السابقة لسوريا كان التعاقد يتم مع مقاتلين فوق سن الخامسة والثلاثين فقط، لتنفيذ مهام فنية متخصصة أو تدريب الوحدات السورية لا للمشاركة في مهام قتالية. وقال الشخص الذي تربطه بسوكالسكي صلة وثيقة: «هذه المرة كانوا يقبلون الجميع».
وتبين وثيقتان رسميتان اطلعت عليهما «رويترز» أن سوكالسكي توفي في 31 يناير من جراء إصابته بشظايا في مطار التياس بمحافظة حمص السورية على بعد 60 كيلومتراً تقريباً غرب تدمر.
وفي اليوم نفسه قُتِل ثلاثة أفراد آخرون من وحدته، وكل أفرادها من المتعاقدين وذلك حسب أقوال أقارب وأصدقاء وعاملين في مقابر. ويدعى اثنان من الثلاثة أليكسي ناينودين ورومان رودنكو، أما الثالث فلم تتمكن «رويترز» من التأكد من صحة اسمه. وقتل متعاقد آخر أيضاً اسمه ديمتري ماركيلوف في التياس التي توجد فيها قاعدة تي فور الجوية السورية، وفقاً لما ذكره معارف على صلة وثيقة به.
ولقي أربعة من الجنود الروس النظاميين مصرعهم في المنطقة ذاتها يوم 16 فبراير (شباط) الماضي، حسبما ذكرته وسائل إعلام روسية نقلا عن بيان لوزارة الدفاع. ولم تذكر أسماء الجنود الذين وصفتهم وسائل الإعلام بأنهم «مستشارون» للجيش السوري. ونقلت وسائل الإعلام عن وزارة الدفاع أيضاً مقتل جندي خامس اسمه أرتيوم جوربونوف بالقرب من تدمر في الثاني من مارس. وقُتِل ثمانية آخرون من المفرزة الروسية منذ نهاية يناير في مواقع مجهولة في سوريا، حسبما أظهرت الأدلة التي جمعتها «رويترز».
وهؤلاء هم المتعاقدون كونستانتين زادوروجيني وإيفان سليشكين وفاسيلي يورلين وألكسندر ساجايداك وألكسندر زانجييف وألكسندر تيشينين، والجنديان الروسيان النظاميان إيجور فورونا وسيرغي ترافين.
وتشير تقارير إعلامية محلية وما يُنشَر على وسائل التواصل الاجتماعي إلى سقوط قتلى آخرين من الروس في سوريا منذ نهاية يناير بخلاف هؤلاء. غير أن «رويترز» لم تتمكن من التحقق من صحة تلك المعلومات من أطراف مستقلة.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.