لا توقعات باختراقات كبيرة في {جنيف 5}

أصدقاء المعارضة السورية المجتمعون في واشنطن يسعون لشد أزرها

منطقة ساحة العباسيين شرق دمشق شبه خالية من المارة أمس (رويترز)
منطقة ساحة العباسيين شرق دمشق شبه خالية من المارة أمس (رويترز)
TT

لا توقعات باختراقات كبيرة في {جنيف 5}

منطقة ساحة العباسيين شرق دمشق شبه خالية من المارة أمس (رويترز)
منطقة ساحة العباسيين شرق دمشق شبه خالية من المارة أمس (رويترز)

فيما ينتظر وصول «الوفود» السورية إلى جنيف ابتداء من اليوم الأربعاء للمشاركة في الجولة الخامسة من المحادثات التي دعا إليها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الخميس، ترى مصادر دبلوماسية غربية واسعة الاطلاع أن ظروف استئنافها بعد انقطاع دام عشرين يوما «لا تبشر بالوصول إلى نتائج رئيسية» بسبب العوائق «الجدية» التي تسد طريقها إلى النجاح. وقالت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، إنه رغم توصل الجولة الرابعة من المحادثات إلى بلورة «أجندة» الجولة الخامسة التي ستحضرها، وفق أليساندرا فيلوتشي، الناطقة باسم دي ميستورا، الأطراف السورية كافة، فإن «الخلافات ما زالت قائمة» بسبب قراءتين «متضاربتين» يسعى المبعوث الأممي إلى التغلب عليهما. وأسفرت الجولة السابقة عن تفاهم على طرح «أربع سلال» أو «3 زائد واحد»، بحسب تعبير المبعوث الأممي نفسه، وهي الحوكمة والدستور والانتخابات والإرهاب. لكن المعضلة تكمن في أن المعارضة ما زالت «إما رافضة وإما مترددة» في قبول مبدأ الخوض في الملفات الأربعة «بالتوازي» وهو ما يسعى دي ميستورا للتغلب عليه من خلال مناقشاته أمس في الرياض مع الهيئة العليا للمعارضة ووفدها إلى جنيف. وأشارت المصادر الغربية إلى وجود «تناحر» داخل الهيئة ووفدها بين قابل بالتوازي ومن يتمسك بأولوية بحث عملية الحوكمة، أي تشكيل حكم أو حكومة شاملة لا طائفية وذات تمثيل واسع وفق منطوق القرار الأممي رقم 2254 قبل الغوص في الملفات الأخرى.
تفيد المصادر الغربية أن العواصم الداعمة للمعارضة التي يلتقي بعض من وزراء خارجيتها في واشنطن «السعودية، الإمارات، الأردن، قطر وتركيا» بدعوة من نظيرهم الفرنسي جان مارك أيرولت على هامش اجتماع ليومي 21 و22 مارس (آذار) في العاصمة الأميركية لدول التحالف التي تحارب «داعش»، سوف تبحث «في وسائل مساعدة ودعم المعارضة السورية» قبل انطلاقة جنيف-5. وتفصيلا، تدفع هذه العواصم المعارضة السورية إلى المشاركة «بإيجابية» في محادثات جنيف والاستفادة منها للتركيز على طرح الحل السياسي وفق القرار 2254. ولكن أيضا بيان جنيف لصيف عام 2012 فضلا عن «حثها» على الخوض في الملفات والسلال كافة «رغم الصعوبات المتوقعة». فضلا عن ذلك، تعمل العواصم المشار إليها التي ليس بينها العاصمة الأميركية، على «مساعدة المعارضة على تقديم اقتراحات إيجابية» وعلى «تحاشي أن تُحمل مسؤولية الفشل» في حال أخفقت الجولة الجديدة من المحادثات. وفي أي حال، تعتبر هذه المصادر أن العمل بمبدأ «لا اتفاق على شيء من غير الاتفاق على كل شيء»، المنصوص عليه بهذا الشكل في رسالة الدعوة الرسمية إلى جنيف، كفيل بتجنب المطبات والكمائن، فضلا عن أنه سيساعد على الإبقاء على المحادثات رغم التعثر الذي قد يصيبها في الملف الأول «الحوكمة».
بيد أن هذه المقاربة «الإيجابية» ترتطم بتطورات الوضع الميداني، حيث ترى الأوساط الغربية أنه «مصدر قلق كبير» ويكشف بوضوح أن الدول الضامنة لوقف إطلاق النار وهي روسيا وتركيا «وإيران المنضمة حديثا»، إما أنها «غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها وإما أنها ضحية تضارب في أهدافها ومصالحها» في سوريا. وتعتبر هذه المصادر أن أفضل «ترجمة» لذلك التناحر المستجد الذي خرج إلى العلن مؤخرا بين تركيا وروسيا، بشأن طموحات أنقرة في شمال سوريا ومنعها أميركيا وروسيا من الوصول إلى منبج والمشاركة في معركة الرقة.
تندرج في هذا السياق الزيارة التي سيقوم بها المبعوث الأممي إلى أنقرة «بعد موسكو». وبحسب ما نقل إلى «الشرق الأوسط»، فإن دي ميستورا «يريد التأكد من أن الطرف التركي سيلعب دورا إيجابيا عن طريق دفع المعارضة التي يؤثر عليها إلى أن تكون إيجابية في جنيف» وأنه سيكون مستعدا «للضغط» عليها. فضلا عن رغبته في التعرف عن قرب على «مخططات» تركيا في سوريا وعلى «رؤيتها» لمستقبل هذا البلد في الوقت الذي يريد أن تدخل محادثات جنيف في «صلب الموضوع» وأن تتناول «القضايا السياسية الجوهرية» وفق الناطقة باسمه في المدينة السويسرية. وبشكل عام، فإن دي ميستورا الذي سيغيب في اليوم الأول عن استئناف المحادثات في جنيف يسعى للتأكد من أن «كل الأطراف تدفع في الاتجاه نفسه». وعندما سينتهي من جولته التي ستكون قد قادته إلى نيويورك وواشنطن والرياض وموسكو والقاهرة، يكون قد جال على العواصم الإقليمية والأممية كافة المؤثرة في الوضع السوري. أما الاستثناء الوحيد فيتمثل في أن دي ميستورا أراد أن يزور دمشق في الأيام الماضية لكن النظام السوري لم يرد استقباله وفق الخبر الذي نقلته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأخبار دون أن تأتي على ذكر الأسباب. وأول من أمس، أعلن كونستنتان كوزاتشيف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الهيئة التشريعية الثانية في موسكو، أن بلاده «تسعى لتسوية الخلافات» بين دي ميستورا ودمشق دون أن يغوص كثيرا على التفاصيل فيما يرفض مكتب المبعوث الأممي تناولها علنا. وتتردد معلومات مفادها، دمشق تأخذ على دي ميستورا «انحيازه» إلى جانب المعارضة.
في أي حال، ترى الأوساط الغربية أن المحطة الأهم في جولة الأخير هي قطعا موسكو لمجموعة من الأسباب، أبرزها أن الجانب الروسي ما زال الممسك بالمبادرة السياسية والدبلوماسية والميدانية، وأنه الطرف الذي يتعين به أن يلعب دور المسهل الذي من دونه لا سبيل للتوصل إلى بداية تسوية في سوريا. ويريد المبعوث الأممي «فهم» رؤية موسكو لكيفية السير في العملية السياسية كما أنه يراهن عليها لكي تضغط على النظام لوقف القصف و«عدم إجهاض جنيف- 5 قبل أن تنطلق» عن طريق تسخين الجبهات كافة. وكان هذا الأمر السبب الرئيسي الذي حفز المعارضة المسلحة على مقاطعة آستانة- 3. وواضح أن دي ميستورا يريد أن يتحاشى الترجيعات السلبية لإخفاق آستانة على محادثات جنيف التي يريدها سياسية بامتياز. ولذا من المهم، في نظره، أن تلعب موسكو دورا إيجابيا من أجل تمكينه من الخوض، أخيرا، في الجوهر وليس إضاعة مزيد من الوقت للاتفاق على الإجراءات الشكلية التي استحوذت على غالبية الجهود في الجولة السابقة. فضلا عن ذلك، فإن استمرار غياب الرؤية السياسية الأميركية يزيد من ثقل وأهمية مواقف موسكو.
يبقى أن كثيرا من العوائق يمكن أن تعرقل العملية السياسية وتعيدها إلى المربع الأول، وأهمها تضارب الفهم لموضوع الانتقال السياسي الذي تحول إلى الصخرة التي تتكسر عندها كل الإرادات الطيبة. والسؤال المطروح اليوم هو: هل تريد موسكو، رغم معارضة طهران، لي ذراع النظام السوري ليكون أكثر تقبلا للسير في حل سياسي اليوم كان رفضه في الأمس، علما بأن أوضاعه الميدانية قد تحسنت كثيرا قياسا لما كانت عليه في عام 2015 قبل التدخل الروسي المكثف؟ هذا ما ستظهره خامس جولات جنيف السورية.



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.