كيف يتم تعويض أهالي ضحايا الحرب في أفغانستان؟

الجيش الأميركي يسعى لتفادي الحساسيات الثقافية والإقليمية باعتباره قوة عسكرية أجنبية

كيف يتم تعويض أهالي ضحايا الحرب في أفغانستان؟
TT

كيف يتم تعويض أهالي ضحايا الحرب في أفغانستان؟

كيف يتم تعويض أهالي ضحايا الحرب في أفغانستان؟

أظهرت وثائق عسكرية أميركية أن الجيش الأميركي دفع لرجل أفغاني ما يزيد قليلا على 1000 دولار، تعويضا عن قتل ابنه المدني في عملية بالقرب من الحدود مع إيران في مارس (آذار) عام 2014. وبعد 6 أشهر دفع الجيش الأميركي لرجل أفغاني آخر 10 آلاف دولار تعويضا عن مقتل طفله في عملية قادتها قوات أميركية في الإقليم نفسه.
أما حاجي الله داد (68 عاما) ففقد 20 من أقاربه، من بينهم شقيقه وزوجة شقيقه، في عمليات للقوات الأميركية والأفغانية الخاصة، بالقرب من مدينة قندوز، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويقول حاجي الله داد، إنه لم يحصل على أموال من الجيش الأميركي، رغم حصوله على تعويض من الحكومة الأفغانية.
وبعد نحو 16 عاما من غزو أفغانستان، لا توجد لدى الولايات المتحدة عملية موحدة لدفع تعويضات لأسر آلاف المدنيين الأفغان من القتلى والجرحى، في العمليات التي يقودها الجيش الأميركي، بحسب وثائق عسكرية أتيح لـ«رويترز» الحصول عليها.
وقد بدأ الجيش دفع تعويضات لأسر الضحايا الأفغان، كوسيلة للتصدي لمقاتلي طالبان الذين كانوا يفعلون ذلك. والنهج الأميركي للتعويض في أفغانستان اعتباطي بطبيعته، إذ يحاول الجيش تفادي الحساسيات الثقافية والإقليمية، باعتباره قوة عسكرية أجنبية. لكن نشطاء في الحياة المدنية يقولون إن هذا النظام غير منصف ومحير للبسطاء الأفغان الفقراء غير المتعلمين في كثير من الأحيان.
وقال متحدث باسم البنتاغون، إن الجيش يترك قرار تقدير التعويض للقادة على الأرض؛ لأنهم في أفضل وضع يتيح لهم تقييم الأحداث. وقال المتحدث آدم ستمب: «مدفوعات المواساة في أفغانستان تقوم على الأعراف السائدة في منطقة بعينها، ونصيحة الشركاء الأفغان وظروف الحدث».
وقال «مركز المدنيين في الصراعات» ومقره الولايات المتحدة، إن واشنطن بدأت دفع تعويضات في أفغانستان عام 2005 بعد أن أدركت أن طالبان تكسب نفوذا بمنح المدنيين أموالا، بعد الضربات الأميركية التي يسقط فيها قتلى. والولايات المتحدة ليست مضطرة لدفع تعويضات عمن يقتل من المدنيين في العمليات الحربية بموجب القانون الدولي أو القانون الأميركي. غير أنها دفعت تعويضات أثناء الحرب الكورية في الخمسينات. وفي بعض الحالات دفعت تعويضات لأقارب مدنيين قتلتهم في حرب العراق.
ويقول المعترضون على هذا النظام، إن عدم توحيد مدفوعات التعويضات يعني أن الضحايا الأفغان لا يعاملون على قدم المساواة.
وقال أكبر قائد أميركي في أفغانستان، إن من الضروري زيادة القوات الأميركية بعدة آلاف من الجنود لكسر الجمود مع حركة طالبان.
وقالت مارلا كينان، مديرة البرامج في «مركز المدنيين في الصراعات»، إن «الحديث عن تصعيد أسلوب تنفيذ العمليات دون نظام موحد لصرف التعويضات مدعاة لقلق كبير». وأضافت: «قد يحصل رجل في قندهار على 4000 دولار تعويضا عن سيارته التي أصيبت بتلفيات، بينما تحصل امرأة في جارديز على 1000 دولار تعويضا عن طفلها القتيل. المدنيون يستحقون ما هو أفضل من ذلك».
* تباين التعويضات
وتبين الوثائق العسكرية الأميركية التي حصلت عليها «رويترز» بموجب طلب يستند إلى قانون حرية المعلومات، أن القوات الأميركية دفعت لأسر أفغانية نحو 1.2 مليون دولار، تعويضا عن مقتل 101 أفغاني على الأقل، وإصابة 270 آخرين، من أواخر 2013 إلى 2016. وتظهر الوثائق التي لم تنشر من قبل أن كل المدفوعات تقريبا كانت تعويضات عن ضحايا من المدنيين، 5 منها لأعضاء في الحكومة الأفغانية. وتتباين المبالغ حتى في الحالات التي تبدو متشابهة.
وفي حالة حاجي الله داد كانت الحكومة الأفغانية هي مصدر التعويضات لا الولايات المتحدة. وقد حقق الجيش الأميركي في الهجوم الذي قتل فيه أقاربه في بوز قرب قندوز، وتوصل في يناير (كانون الثاني) إلى أن 33 مدنيا قتلوا وجرح 27 آخرون، عندما ردت القوات الأميركية والأفغانية الخاصة على نيران مقاتلي طالبان الذين كانوا يستخدمون بيوت المدنيين، وطلبت دعما جويا أميركيا.
وقال الكابتن بيل سالفين المتحدث باسم القوات الأميركية في أفغانستان، إن الولايات المتحدة لم تدفع أي تعويضات وتركت الأمر للحكومة الأفغانية تبت فيه. ولم يتضح السبب وراء ذلك.
وقال محمد دانش، المتحدث باسم حاكم قندوز، إن الحكومة الأفغانية دفعت 100 ألف أفغاني (1500 دولار) لكل حالة وفاة و50 ألف أفغاني (750 دولارا) لكل مصاب. وقال حاجي الله داد: «لا بد من محاسبة الأميركيين على ما فعلوه لكل واحد من القتلى والمصابين في ذلك الهجوم». وأصيب 9 من أقاربه في الهجوم. وأضاف: «الحكومة الأفغانية وعدت بصرف تعويضات عن بيوتنا وسياراتنا ومعداتنا وماشيتنا، لكنها لم تفعل حتى الآن». وعندما سئلت وزارة الدفاع عن حالة حاجي الله داد، قالت إنها لا تعلق على أحداث بعينها. وأكدت الحكومة المحلية في قندوز صحة ما رواه حاجي الله داد عن التعويضات، وعدد أقاربه القتلى.
ومن أشهر حالات التعويضات، ما دفعه الجيش الأميركي بعد غارة جوية أميركية عام 2015، دمرت مستشفى تديره منظمة «أطباء بلا حدود»، سقط فيها 42 قتيلا و37 جريحا. وحظي هذا الحادث بتغطية إعلامية دولية واسعة، وباهتمام الرئيس السابق باراك أوباما.
وفي المتوسط، دفعت الولايات المتحدة 3000 دولار لكل مصاب، و6000 دولار عن كل قتيل في ذلك الحادث.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».