المغرب يبني مدينة صناعية ذكية باسم «محمد السادس طنجة ـ تيك»

باستثمار صيني قدره 10 مليارات دولار

الملك محمد السادس يتفقد مخطط مشروع المدينة الذكية («الشرق الأوسط»)
الملك محمد السادس يتفقد مخطط مشروع المدينة الذكية («الشرق الأوسط»)
TT

المغرب يبني مدينة صناعية ذكية باسم «محمد السادس طنجة ـ تيك»

الملك محمد السادس يتفقد مخطط مشروع المدينة الذكية («الشرق الأوسط»)
الملك محمد السادس يتفقد مخطط مشروع المدينة الذكية («الشرق الأوسط»)

أعلن المغرب إطلاق مشروع بناء مدينة جديدة في منطقة طنجة أطلق عليها «مدينة محمد السادس طنجة - تيك»، وذلك باستثمار صيني إجمالي قدره 10 مليارات دولار، ويمتد على فترة 10 سنوات.
جاء ذلك خلال ترؤس العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء الاثنين بقصر مرشان بطنجة، حفل تقديم مشروع إحداث هذه المدينة، والتوقيع على بروتوكول الاتفاق المتعلق به. وكان الملك محمد السادس استقبل رئيس المجموعة الصناعية الصينية «هيتي» لي بياو. وحضر الاستقبال وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي حفيظ العلمي.
وقال مسؤولون مغاربة إن هذه المدينة الجديدة، ستسهم بكيفية متناغمة في الإقلاع السريع للأنشطة الاقتصادية بطنجة، ومنطقة الشمال برمتها.
وستقام هذه المدينة الصناعية، التي وقعت مذكرة التفاهم المتعلقة بها في 12 مايو (أيار) 2016 بين كل من وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، وجهة طنجة - تطوان - الحسيمة، والمجموعة الصينية هيتي، قرب طنجة، المدينة المغربية المينائية التاريخية الواقعة عند ملتقى طرق استراتيجي بالنسبة للتجارة العالمية.
تجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع الوازن الذي من شأنه المزاوجة بين الصناعة والتعمير وأنماط النقل البحري والسيار والسككي والبيئة، سيشيد على ثلاث مراحل، وسيشمل مساحة إجمالية قدرها 2000 هكتار.
وتتعلق المرحلة الأولى (500 هكتار) بتهيئة فضاء سكني ذكي ومنطقة مندمجة للخدمات تضم عشرة قطاعات هي: الطيران، والسيارات، والتجارة الإلكترونية، والاتصالات، والطاقات المتجددة، والنقل، والأجهزة المنزلية، والصناعة الدوائية، وتصنيع المواد، والصناعات الغذائية.
وستتحول طنجة، مدعومة بالخبرة الدولية المتقدمة لمجموعة «هيتي»، في مجال صناعة الطيران، إلى مركز للإنتاج والتكوين في مهن الطيران، كما هو الشأن بالنسبة لقطاع السيارات، حيث ستعود التجربة الناجحة لطنجة في صناعة السيارات وتوفر يد عاملة مؤهلة، مدعومة بالتكنولوجيا والخبرة الصينية في تصنيع المواد الثانوية، لا محالة، بالنفع على الصناعة العالمية للسيارات.
وسيمكن تطور التجارة الإلكترونية والاتصالات المغرب من الاعتماد على الخبرة الصينية، سعيا إلى جعله أرضية جد واعدة بالنسبة للتجارة الإلكترونية وإنتاج آليات الاتصالات.
وستشمل المرحلة الأولى من المدينة الصناعية لطنجة، أيضا، منطقة لتصنيع تجهيزات الطاقات المتجددة، مخصصة لإنتاج التجهيزات الهيدروكهربائية، والحرارية، والريحية، والشمسية، والعضوية، وآليات الشبكات الكهربائية، ومنطقة لصناعة تجهيزات النقل من شأنها الاستجابة للطلب المتزايد على البنيات التحتية الطرقية والسككية بمجموع القارة الأفريقية.كما ستضم مناطق لإنتاج الأجهزة المنزلية والأدوات المعدنية، وتصنيع التجهيزات الصيدلية، والصناعات الغذائية، وإنتاج المواد (الحديد، الإسمنت، الزجاج، النسيج). وستستفيد مختلف هذه المناطق، التي ستزاوج بين الإنتاجية الصينية والحس البيئي المغربي بهدف تطوير صناعة نظيفة وتنافسية، من وضع المغرب كعضو بمنظمة التجارة العالمية ومختلف اتفاقيات التبادل الحر الموقعة من طرف الرباط.
من جانبها، تتعلق المرحلة الثانية بتهيئة منطقة لوجيستية حرة على مساحة 500 هكتار تشتمل على عدد من المشاريع، ومنفتحة على آسيا، وأوروبا، وأفريقيا.
أما المرحلة الثالثة فتهم مساحة 1000 هكتار مخصصة لإنشاء منطقة للأعمال ستحفز استقرار شركات كبرى متعددة الجنسية.
وبوسع المدينة الصناعية في طنجة استقبال نحو 300 ألف شخص، حيث ستمكن من تسجيل رقم معاملات سنوي سيصل إلى 15 مليار دولار، ومداخيل جبائية بقيمة 300 مليون دولار.
وسيحفز إنشاء المدينة تشغيل مائة ألف شخص، بما سيمكن من تحسين معدل الأنشطة بكيفية ملحوظة. وبالموازاة مع ذلك، سيتم سنويا تكوين 6000 شخص عالي التأهيل، بما سيعزز تطوير الابتكارات التكنولوجية.
وستتيح جميع هذه المعطيات النهوض بالصناعة الوطنية، وتصدير العلوم والطاقة. وعلى ضوء مجموع هذه المزايا: الموارد الطبيعية، الموقع الجغرافي، النقل، والموارد البشرية، ستعمل المدينة الصناعية لطنجة على جذب مجموعة من الفاعلين الدوليين الخواص للاستثمار ومباشرة أنشطة لها بالمغرب. وستكون المدينة بمثابة قاطرة تنموية بين أيديهم متجهة صوب أوروبا وأفريقيا.
وقدم حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المغربي، بين يدي الملك محمد السادس، الخطوط العريضة لهذا المشروع المهيكل. وقال إنه يجسد نموذجا للشراكة الصينية - المغربية، التي ستتجاوز تأثيراتها إطار الجهة لتعود بالنفع على مجموع البلاد، مشيرا إلى أنه جرى تخصيص مخطط التسريع الصناعي 2014 - 2020 محورا استراتيجيا للشراكة الصناعية بين المغرب والصين، والتي شكلت الزيارة الملكية الأخيرة لبكين في مايو 2016 إحدى أقوى لحظاتها.
وذكر العلمي أن الصين طورت خبرة نوعية في مجال المدن الصناعية والمدن الذكية، مشيرا إلى أن هذه المدن صممت على أساس إدماج المناطق الصناعية، والتجارية، والسكنية، والخدمات العمومية والترفيهية بكيفية متناغمة، مع تزويدها بالتكنولوجيات الأكثر تطورا وتلاؤما مع متطلبات الحياة العصرية.
بدوره، قال إلياس العماري، رئيس مجلس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، إن إحداث «مدينة محمد السادس طنجة - تيك» ستمكن من توفير آلاف مناصب الشغل، ونقل التكنولوجيات الدقيقة، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، مع جعل الجهة أرضية اقتصادية من مستوى قاري ودولي.
من جانبه، قال لي بياو رئيس مجموعة «هيتي» الصينية، إنه من بين الوجهات التي تنفتح أمام الفاعلين الصينيين، تحتل المملكة المغربية مكانة متقدمة، اعتبارا لمتانة إمكانياتها المتعددة. وأضاف أن الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي ينعم به المغرب، إلى جانب اقتصاد منفتح على العالم ومندمج بكيفية جيدة في سلاسل القيم الدولية، واستقرار رواد صناعيين عالميين في قطاعات تتطلب الجودة والتنافسية، هي معطيات تجعل من المغرب بيئة مثالية للاستثمار بالنسبة للمستثمرين الصينيين.
وأشار بياو إلى أن اختيار طنجة لاحتضان هذا المشروع ليس وليد الصدفة، موضحا أن هذا الاختيار يعزى إلى الموقع الجغرافي المركزي لطنجة عند نقطة التقاء القارات، على بعد 15 كيلومترا فقط عن أوروبا، مع بنية تحتية ذائعة الصيت، لا سيما ميناء طنجة المتوسط والتجهيزات المرتبطة به.
وذكر بياو أن المشروع يهم إنشاء قطب اقتصادي بوسعه إحداث مائة ألف منصب شغل، من بينها 90 ألف منصب شغل على الأقل ستؤول إلى سكان منطقة طنجة. ويشمل هذا المشروع المدعوم بصناعة دقيقة وصناعة عصرية للخدمات، استقرار مائتي شركة صينية تنشط في صناعة السيارات، وصناعة الطيران، وقطع غيار الطائرات، والإعلام الإلكتروني، والنسيج، وصناعة الآليات وصناعات أخرى، حيث سيصل الاستثمار الإجمالي للمقاولات بالمنطقة بعد عشر سنوات ما قيمته 10 مليارات دولار.
في سياق ذلك، قال عثمان بن جلون رئيس مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية المغربي، إن هذا المشروع «سيسهم في النهوض بطريق الحرير، العزيز على شركائنا وأصدقائنا الصينيين. هذه الطريق ستمر من الآن فصاعدا عبر طنجة، ومن خلال هذه الأرض المباركة نحو بقية بلدان القارة الأفريقية وأوروبا وأميركا».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.