رسائل جنبلاط السياسية «وصلت» ومقربون من عون يتوقعون رداً قريباً

رسائل جنبلاط السياسية «وصلت» ومقربون من عون يتوقعون رداً قريباً
TT

رسائل جنبلاط السياسية «وصلت» ومقربون من عون يتوقعون رداً قريباً

رسائل جنبلاط السياسية «وصلت» ومقربون من عون يتوقعون رداً قريباً

قالت مصادر لبنانية قريبة من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، إن الرسائل التي بعثها في أكثر من اتجاه خلال إحياء الذكرى الـ40 لاغتيال والده كمال جنبلاط، «لا بد من أن تكون قد وصلت إلى من يعنيهم الأمر»، مشيرة إلى أن الحشد الجماهيري الذي «فاق التوقعات»، ذكّر من يعنيهم الأمر بأنه «لا يمكن القفز فوق حيثية جنبلاط في الشوف والجبل».
اللافت أيضاً ومن خلال المتابعة للاحتفال، أن كلمة النائب جنبلاط تميّزت بالوجدانية وتقييم ممارساته السياسية طوال أربعين عاماً، بحيث حملت عناوين كثيرة أبرزها الوفاء لمن سار مع والده ولمن مشى معه. أما في السياسة، فإنه وخلافاً لما توقعه البعض، لم يهاجم العهد ولا أي جهة سياسية، بل أطلق مواقف حوارية وفاقية وخصوصاً إشارته لمصالحة الجبل، وهذه المواقف المتزنة والهادئة إنما جاءت في ظل الخلاف المستشري مع التيار الوطني الحر الذي أسسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وفي السياق عينه يقول مصدر في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما بعد هذا المهرجان الحاشد ليس كما قبله، فقد عبّرت الناس عن وفائها لزعيمها، ناهيك إلى هذا التنوّع السياسي الذي أمّ المختارة من كل التوجهات. وبمعنى أوضح لم يغب أي طرف عن المشاركة»، مشيراً إلى أن خطاب النائب جنبلاط حمل كثيراً من الدلالات السياسية والاستراتيجية فاستذكر الماضي، وحيّا رفاق والده في الحركة الوطنية ومن كان إلى جانبه في كل المراحل التي مرّت بها تلك المسيرة المضيئة». ويضيف المصدر الاشتراكي أن النائب جنبلاط «سلّم الزعامة لنجله تيمور وقال كلاماً وطنياً وعائلياً مؤثراً يدل على عمق المختارة العربي والوطني، وأن تيمور بدأ يغوص في الملفات السياسية وهو حاضر لهذا الدور وبإمكاننا القول إنه أضحى على بيّنة من كل الملفات السياسية، إلى دوره في الاستقبالات الشعبية ومتابعة قضايا المواطنين وأمور كثيرة باتت في عهدته».
وحول العلاقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يرد المصدر بالقول نحن على تواصل وتلاقٍ مع كل المكونات السياسية بما فيها مع رئيس الجمهورية، فالمشاورات قائمة والتباينات أمر طبيعي في السياسة مع أي طرف.
وفي المقابل، يقول عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب سليم سلهب لـ«الشرق الأوسط»، إن جنبلاط وجّه رسائل سياسية وغير سياسية لكثيرين، ومنهم رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، وربما قريباً جداً سيكون لنا كلام في هذا الإطار لنبني على الشيء مقتضاه. ويؤكد سلهب أن الاتصالات قائمة بين الطرفين حول قانون الانتخاب «لكن بصراحة ليست بالحجم ذاته مع الأطراف الأخرى وخصوصاً مع حركة أمل التي تفاعلت في الآونة الأخيرة، فالأمور حتى الآن غير واضحة ونحن نتعاطى بإيجابية مع الجميع، ولكن علينا الانتظار لنقرأ ونتمعّن بكلمة النائب جنبلاط لنتّخذ الموقف المناسب منها، وحتى الآن ليس هناك من أي موقف والأوضاع على حالها وبحاجة إلى اتصالات ودراسة».
أما عضو اللقاء الديمقراطي النائب نعمة طعمة، الذي واكب إلى جانب النائب وليد جنبلاط كل التحضيرات لذكرى اغتيال كمال جنبلاط الأسبوع المنصرم وعشية المهرجان الحاشد، فيكشف لـ«الشرق الأوسط» عن لقاء جمعه والأمينة العامة للقوات اللبنانية الدكتورة شانتال سركيس منذ أيام في مكتبه، والهدف كان عرضا مستفيضا لقانون الانتخاب وللوضع في الجبل من منطلق الحفاظ ثم الحفاظ على مصالحة الجبل وعدم المس بها وأيضاً التحذير من أي مساس بدور وحضور وزعامة وليد جنبلاط الحريص بدوره على التعايش الدرزي المسيحي وأيضاً بين جميع مكونات الجبل الوطنية.
ويلفت النائب طعمة إلى أنه قام بهذه الخطوات بعد التشاور مع رئيس اللقاء الديمقراطي ولأنه «يدرك أهمية هذه المصالحة وتحصينها وكل المراحل السابقة الصعبة والشاقة التي مررنا بها من أجل الوصول إلى مصالحة الجبل التاريخية، مبدياً ارتياحه لهذه المشاركة المسيحية الواسعة في مهرجان المختارة من كل قرى وبلديات الجبل والأهالي، ولذلك دلالات جدّ إيجابية تخلق مناخات مريحة في هذه المرحلة الدقيقة التي يجتازها لبنان والمنطقة وما أحوجنا إلى مثل هذه المناخات وحيث كان لكلمة النائب جنبلاط الأثر الإيجابي لدى كل الأفرقاء اللبنانيين، ولا سيما على الساحة المسيحية بحيث خصّ مصالحة الجبل بشكل دقيق، مستذكراً ذاك اليوم التاريخي».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.