«التحالف» يطالب بإشراف الأمم المتحدة على أكبر موانئ اليمن

الجيش يكمل سيطرته على «ضبوعة نهم» ويتقدم صوب أرحب

جانب من عمليات إجلاء المصابين عند رسو قارب اللاجئين الصوماليين في الحديدة يوم الجمعة الماضي (رويترز)
جانب من عمليات إجلاء المصابين عند رسو قارب اللاجئين الصوماليين في الحديدة يوم الجمعة الماضي (رويترز)
TT

«التحالف» يطالب بإشراف الأمم المتحدة على أكبر موانئ اليمن

جانب من عمليات إجلاء المصابين عند رسو قارب اللاجئين الصوماليين في الحديدة يوم الجمعة الماضي (رويترز)
جانب من عمليات إجلاء المصابين عند رسو قارب اللاجئين الصوماليين في الحديدة يوم الجمعة الماضي (رويترز)

دعا بيان لتحالف دعم الشرعية في اليمن، أمس، إلى وضع ميناء الحديدة (غرب اليمن) تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، وذلك من أجل تسهيل تدفق الإمدادات الإنسانية إلى الشعب اليمني، كما طالب في الوقت نفسه بوضع حد لاستخدام الميناء في تهريب الأسلحة والبشر.
ويأتي بيان التحالف في أعقاب هجوم تعرض له قارب لاجئين صومالي يوم الجمعة الماضي، ونفى التحالف للمرة الثانية «مسؤوليته عن أي هجوم على قارب اللاجئين»، وكرر أنه في ذلك اليوم لم تكن هناك طلعات لطائرات التحالف في المنطقة التي هوجم فيها القارب.
وكان اللواء أحمد عسيري، المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، نفى ذلك في اليوم الذي بدأت فيه أنباء تروج بأن التحالف قصف بمروحية قارب اللاجئين.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر طبية أن «العلامات الموجودة في أجساد الضحايا تبين أن الهجوم تم بأسلحة خفيفة».
وراح ضحية الهجوم نحو 42 قتيلا من أصل 140 لاجئا، ولم يكن القارب تابعا للمنظمة لتنفيذ عملية إجلاء، علما بأن المنظمة تحرص عموما على الحصول على تراخيص من أطراف النزاع لتنفيذ عمليات مماثلة.
إلى ذلك، احتدمت المواجهات في جبهتي نهم، البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء، والساحل الغربي شمال المخا، غرب تعز، واستكملت قوات الجيش اليمني سيطرتها بشكل كامل على منطقة الضبوعة بنهم، بغطاء جوي من طيران التحالف العربي، ما مكنها من الاقتراب إلى مديرية أرحب، المطلة على مطار صنعاء الدولي.
وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»: «شهدت جبهة نهم، أمس، هجومين، الأول من قبل قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية على التبة الحمراء والضبوعة، حيث تمكنت قواتنا من التقدم، والثاني كان من قبل ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية على مواقع الجيش في المواقع الأخرى التي تمت استعادتها، لكن الميليشيات لم تستطع تحقيق أي تقدم يذكر».
وأضاف المصدر الذي فضّل حجب اسمه: «من خلال سيطرة قوات الجيش على الضبوعة، اقتربنا إلى مناطق مديرية أرحب، المحاذية لمديرية نهم، وهذه المنطقة هي من أهم معاقل الميليشيات الانقلابية، وذلك بعد هجوم من قبل قوات الجيش اليمني وسط تبادل لإطلاق النار بمختلف الأسلحة، سقط خلالها قتلى وجرحى من صفوف الميليشيات الانقلابية، إضافة إلى استعادة عدد من الأسلحة والذخائر التي كانت بحوزة الانقلابيين».
وأكد المصدر ذاته أنه «لم يتم استكمال تطهير مديرية نهم بالكامل، وأنه لا تزال هناك جيوب للميليشيات الانقلابية تتحصن فيها وسيتم تطهيرها خلال الأيام المقبلة إن لم يكن خلال الساعات المقبلة، في حين أن التوجه الآن إلى قرية الحول (أسفل تبة القناصين على الخط العام مأرب - صنعاء) لكن هذا الأمر خلق ارتباكاً كبيراً في صفوف ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بعد تكبيدهم خسائر مادية وبشرية وخسارتهم مواقع وأسلحة».
وفي جبهة الساحل الغربي، تستمر المعارك بين الجيش اليمني والميليشيات الانقلابية في جبهة المخا، في مسعى من قوات الجيش لاستكمال السيطرة على الشريط الساحلي ومعسكر خالد بن الوليد، في موزع، والوصول إلى محافظة الحديدة الساحلية بعدما اقتربت من أولى مديريات المحافظة، الخوخة، في الوقت الذي كثفت فيه طائرات التحالف غاراتها على مواقع وأهداف عسكرية ثابتة ومتحركة للميليشيات الانقلابية.
وجددت الميليشيات هجومها على مواقع الجيش والمقاومة الشعبية في ريف تعز، حيث شنت هجومها، أمس، على مواقع الجيش والمقاومة من 3 محاور على جبهة جبل الكدحة ومحيط مستوصف الكدحة بمديرية مقبنة، غرب تعز، وسقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين.
وتواصل الميليشيات الانقلابية قصف أحياء الكمب والشماسي وحوض الأشراف بعدد من قذائف المدفعية الثقيلة، يرافقه هجوم على مواقع الجيش الوطني في محيط معسكر التشريفات وحي الدعوة، شرقاً.
وأعلنت قوات الجيش إحباطها لهجمات الميليشيات المستمرة على مواقعها في الجبهة الشرقية والشمالية بمدينة تعز، وعلى منطقة الصباحي في الضباب، غربا، وعلى مواقع أخرى في جبهة الأحكوم بمديرية حيفان الريفية، جنوب المحافظة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.