إردوغان يتهم ميركل مجدداً بـ «النازية»... وبرلين تحذره من «تجاوز الحدود»

تركيا تنتقد ألمانيا لسماحها بمظاهرة للأكراد وتشكيكها في اتهام غولن بالانقلاب

إردوغان لدى إلقائه خطاباً في إسطنبول أمس (رويترز)
إردوغان لدى إلقائه خطاباً في إسطنبول أمس (رويترز)
TT

إردوغان يتهم ميركل مجدداً بـ «النازية»... وبرلين تحذره من «تجاوز الحدود»

إردوغان لدى إلقائه خطاباً في إسطنبول أمس (رويترز)
إردوغان لدى إلقائه خطاباً في إسطنبول أمس (رويترز)

تحول محور التوتر التركي - الأوروبي صوب ألمانيا، على خلفية السماح لأكراد بالتظاهر في فرانكفورت للمطالبة بالديمقراطية في تركيا، وتشكيك الاستخبارات الألمانية في رواية تركيا الرسمية عن محاولة الانقلاب التي عرفتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) الماضي، واتهامها «حركة الخدمة» بزعامة الداعية فتح الله غولن المقيم في أميركا منذ عام 1999 بالوقوف وراءها.
ووسط توتر مع هولندا وعدد من الدول الأوروبية بسبب منع فعاليات للدعاية للتصويت لصالح تعديلات دستورية للانتقال إلى النظام الرئاسي في استفتاء سيجرى في تركيا في 16 أبريل (نيسان) المقبل، استدعت الخارجية التركية أمس السفير الألماني في أنقرة مارتن إردمان لتعبر عن احتجاجها على سماح السلطات الألمانية بتنظيم مظاهرة للأكراد في فرانكفورت التي رفعت خلالها أعلاماً لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، وهو ما اعتبره المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين «فضيحة».
وكان نحو 30 ألف شخص مؤيدين للأكراد قد تظاهروا أول من أمس في فرانكفورت غرب ألمانيا، مطالبين بالديمقراطية في تركيا، ورفعوا شعارات ترمز إلى حزب العمال الكردستاني المصنف في تركيا والاتحاد الأوروبي وأميركا كمنظمة إرهابية، والذي يقاتل في تركيا منذ عام 1984 من أجل حكم ذاتي للأكراد في جنوب شرقي تركيا، إضافة إلى صور لزعيمه عبد الله أوجلان الذي يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في غرب تركيا منذ القبض عليه عام 1990.
وهذه هي المرة الثانية التي تستدعي فيها الخارجية التركية السفير الألماني بعد استدعائه في الثاني من مارس (آذار) الحالي على خلفية إلغاء سلطات بلاده تجمعات لوزراء أتراك لدعم التعديلات الدستورية.
وشن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في كلمة أمام تجمع من مؤيديه أمس هجوماً حاداً على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وجدد اتهامه لها وبلادها باللجوء إلى «ممارسات نازية»، وهو الاتهام الذي رفضته ميركل من قبل ووصفته بالسخيف.
وقال إردوغان مخاطباً ميركل: «أنت تقومين الآن بممارسات نازية. ضد من؟ ضد إخواني المواطنين الأتراك في ألمانيا، وإخواني الوزراء الذين كانوا قد توجهوا إلى ألمانيا للمشاركة في تجمعات مؤيدة لتعديل الدستور».
ورداً على هذه التصريحات، قال وزير الخارجية الألماني إنه أبلغ نظيره التركي أن رئيسه «تجاوز الحدود» باتهامه المستشارة ميركل شخصيا بـ«ممارسات نازية». وقال الوزير سيغمار غابرييل لصحيفة «باسايور نيوبرس» الألمانية في عددها المقرر صدوره اليوم الاثنين: «نحن متسامحون لكننا لسنا حمقى، ولذلك أبلغت بوضوح تام زميلي التركي (مولود جاويش أوغلو) أنه تم تجاوز حدود معينة» إثر التصريحات «الصادمة» لرجب إردوغان.
واتهم إردوغان أوروبا وألمانيا بدعم الإرهاب، وقال إننا «نطلب منكم تسليم الإرهابيين وأنتم ترفضون وتدعمونهم. إذا طلبتم منا تسليمكم مطلوبين بتهم الإرهاب فلن نسلمكم».
من جانبه، قال كالين في مقابلة تلفزيونية أمس إن «ألمانيا ألصقت باسمها فضيحة جديدة»، معبراً عن استيائه لظهور شعار حزب العمال الكردستاني خلال مظاهرة الأكراد في فرانكفورت، لافتاً إلى أن سفير ألمانيا استدعي إلى وزارة الخارجية التي أدانت ذلك بأكبر قدر ممكن من الحزم. وقال كالين إن رأس السنة الكردية (النوروز) الذي يصادف غدا الثلاثاء استخدم كـ«ذريعة» للمظاهرة الكردية.
وكانت الحكومة الألمانية أعلنت في 10 مارس الحالي أنها حظرت حمل صور أوجلان. كما حظرت ألمانيا أنشطة «العمال الكردستاني» عام 1993، إلا أن أنصارها واصلوا حمل راياتها في المظاهرات التي ينظمونها هناك.
وأدانت الخارجية التركية بشدة، سماح السلطات الألمانية لأنصار «العمال الكردستاني» بتنظيم المسيرة في مدينة فرانكفورت، وقالت الخارجية في بيان أمس إن أنصار «العمال الكردستاني» أطلقوا شعارات تدعو إلى رفض التعديلات الدستورية في الاستفتاء المرتقب. وأضاف البيان أن «منع ألمانيا وزراء في الحكومة التركية من إجراء حملات انتخابية، واللقاء مع المواطنين الأتراك، وسماحها لأنصار منظمة إرهابية بتنظيم مسيرة في إحدى مدنها، دليلان على اتباعها سياسة ازدواجية المعايير تجاه تركيا».
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إنه من الممكن أن يخطط الوزراء الأتراك لتجمع آخر في ألمانيا قبل استفتاء 16 أبريل المقبل، معتبراً أن الخوف من تركيا يتصاعد في أوروبا كلما رفعت صوتها لأنها تشير إلى أخطاء الغرب. واعتبر أن ما يحدث اليوم لا يمكن فصله عن السياق التاريخي، وقال: «الجذور التاريخية لهذه القضية كثيرة، هناك خوف قديم جداً في أوروبا من كل ما هو مسلم وتركي، يظهر ذلك بين الحين والآخر على شكل ظواهر الإسلاموفوبيا أو (التركوفوبيا) في إشارة إلى الخوف من الأتراك». وأضاف أن «فتح إسطنبول بقيادة السلطان محمد الفاتح كان بمثابة صدمة كبيرة لأوروبا، وأن الأوروبيين لم يغفروا للأتراك ذلك».
في الوقت نفسه، اعتبر كالين أن الشكوك التي عبرت عنها وكالة الاستخبارات الألمانية في دور فتح الله غولن في محاولة الانقلاب في تركيا العام الماضي دليل على أن برلين تدعم المنظمة (حركة الخدمة) التي كانت وراء المحاولة. ونشرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أول من أمس مقابلة مع رئيس جهاز الاستخبارات الألمانية بونو كال قال فيها إن الحكومة التركية لم تستطع إقناع جهازه بأن فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة كان وراء محاولة الانقلاب. وأضاف: «حاولت تركيا إقناعنا بذلك على كل المستويات لكنها لم تنجح بعد». واعتبر كالين أن تلك التعليقات تدل على أن برلين دعمت الانقلاب.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.