خادم الحرمين: حريصون على تقديم نموذج يحتذى لحماية الحقوق والحريات المشروعة

افتتاح المؤتمر الدولي «الاتجاهات الفكرية بين حرية التعبير ومُحْكَمَات الشريعة» بمكة المكرمة

الأمير خالد الفيصل وعلى يمينه مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ ومحمد كورماز رئيس الشؤون الدينية في تركيا... وعلى اليسار: الدكتور محمد العيسى أمين رابطة العالم الإسلامي وعبد الله بن بيه (تصوير: أحمد حشاد)
الأمير خالد الفيصل وعلى يمينه مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ ومحمد كورماز رئيس الشؤون الدينية في تركيا... وعلى اليسار: الدكتور محمد العيسى أمين رابطة العالم الإسلامي وعبد الله بن بيه (تصوير: أحمد حشاد)
TT

خادم الحرمين: حريصون على تقديم نموذج يحتذى لحماية الحقوق والحريات المشروعة

الأمير خالد الفيصل وعلى يمينه مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ ومحمد كورماز رئيس الشؤون الدينية في تركيا... وعلى اليسار: الدكتور محمد العيسى أمين رابطة العالم الإسلامي وعبد الله بن بيه (تصوير: أحمد حشاد)
الأمير خالد الفيصل وعلى يمينه مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ ومحمد كورماز رئيس الشؤون الدينية في تركيا... وعلى اليسار: الدكتور محمد العيسى أمين رابطة العالم الإسلامي وعبد الله بن بيه (تصوير: أحمد حشاد)

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حرص السعودية على أن تقدم أنموذجاً يحتذى لحماية الحقوق والحريات المشروعة، وتحقيق الرفاه والتنمية الشاملة للمجتمع، بما يتوافق مع القيم الإسلامية، ويحافظ على الأمن المجتمعي والتآلف بين أفراده، ويعزز التمسك بدينه، والثقة والوئام بين المواطن والمسؤول.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، في افتتاح المؤتمر الدولي الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي ممثلة في مجمعها الفقهي بعنوان: «الاتجاهات الفكرية بين حرية التعبير ومُحْكَمَات الشريعة»، وذلك في مقر الرابطة بمكة المكرمة أمس.
وخاطب الملك سلمان بن عبد العزيز حضور المؤتمر بالقول: «إن حرية التعبير التي يناقش مؤتمركم الاتجاهات الفكرية بينها وبين محكمات الشريعة، إنما هي - كما هو معلوم بالضرورة - فرع أصيل من المفهوم الكلي للحرية (المشروطة) في الإسلام، حيث خلق الله الناس أحراراً، وتفضل عليهم بنعمه فأكرمهم، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ ممنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)» (الإسراء: 70).
وأضاف أن من كرامة الإنسان أن يكون من حيث الأصل، حراً في التصرف والاختيار، كما أن شريعتنا الإسلامية الغرّاء قضت بحفظ دم الإنسان وماله وعرضه، فحررته من كل عبودية عدا عبوديته لخالقه، شريطة التزام الإنسان بالضوابط التي شرعها - سبحانه وتعالى - بما يحقق صلاح حاله في دنياه وأخراه.
وتابع: «حسناً فعل مجمعكم الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة قبل نحو ثماني سنوات، حيث أكد أن التعبير عن الرأي حق مُصان في الإسلام، وفقاً لضوابط الشريعة ومن أهمها، أن تكون الغاية مرضاة الله تعالى، وخدمة مصالح المسلمين، وألا يتضمن الرأي أي تهجم على الدين أو شعائره أو شرائعه أو مقدساته، مع التزام الموضوعية والصدق والنزاهة والتجرد عن الهوى، والمحافظة على مصالح المجتمع وقيمه، وعدم الإخلال بالنظام العام للأمة، أو إحداث الفرقة بين المسلمين، وأن تكون وسيلة التعبير مشروعة، مع عدم الإساءة للغير، ومراعاة قاعدة التوازن بين المصالح والمفاسد، وأن يكون الرأي مستنداً إلى مصادر موثوقة وأن يتجنب ترويج الإشاعات»، مشيراً إلى صدور أربع توصيات عن المجمع تحمي ذلك.
وقال خادم الحرمين الشريفين: «ولكننا في الآونة الأخيرة شهدنا الكثير من السجالات والتجاذبات واللغط حول حرية التعبير، خصوصاً في الفضاء الفكري المفتوح بلا ضوابط، ونحن إذ نؤمن بسعة الشريعة الإسلامية وحفظها للحقوق والحريات (المشروعة) إلا أنه يتحتم علينا الالتزام بهديها الحكيم في مواجهة المحاذير الخطيرة التي يعج بها هذا الفضاء، ضماناً لسلامة منهج أمتنا بما لها من خصوصية دينية وحضارية، تميزها عن الأمم الأخرى، فمن حقنا بل من واجبنا أن نراعي هذه المقومات والخصوصيات في المعايير المعرفة لحقوق الإنسان في الأنظمة الأساسية (أو الدساتير) التي تحكم الدول الأخرى، والأنظمة الفرعية التي تنظم وتكفل الحقوق والحريات فيها، بحيث نأخذ منها ما يلائم هذه الخصوصية، ولا ننجرف إلى ما يخالف شرعنا الحنيف».
وأشار إلى أن التوفيق حالف مجمع الفقه الإسلامي وهو يعيد اليوم طرق الموضوع ذاته مجدداً، لمواجهة ما نعيشه من تحديات صعبة، يلعب فيها الفكر دوراً خطيراً -سلباً وإيجاباً- وتتطلع الأمة إليكم لوضع الخطط والبرامج المتنوعة لقراءة المشاهد الفكرية قراءة معمقة، وفحص أطروحاتها المنهجية، والأخذ بالجوانب الإيجابية فيها، وتوظيف تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في خدمة ديننا وتنمية أوطاننا ورفاهية شعوبنا، على أن يتم ذلك كله بما يتفق وخصوصيتنا الإسلامية.
ولفت إلى أن المأمول من هذا المؤتمر أن يسهم بإضاءات مميزة تتعلق بموضوعه، تزيل الشبهات حول منهجنا الإسلامي التي تنشأ غالباً عن فهم قاصر أو تصور خاطئ لحقائق الإسلام، أو اندفاع غير متوازن في الرؤى والتصورات جهلاً أو عمداً.
وأكد الملك سلمان بن عبد العزيز حرص السعودية على أن تقدم أنموذجاً يحتذى لحماية الحقوق والحريات المشروعة، وتحقيق الرفاه والتنمية الشاملة للمجتمع، بما يتوافق مع القيم الإسلامية، ويحافظ على الأمن المجتمعي والتآلف بين أفراده، ويعزز التمسك بدينه، والثقة والوئام بين المواطن والمسؤول.
وتمنى من ذوي الاهتمام بالشأن الإسلامي، والمؤثرين في مجتمعاتهم، أن يركزوا على إبراز المزايا التي يقدمها الإسلام في الحفاظ على كرامة الإنسان، والحرص على إسعاده وتنمية الفضائل فيه، وتوجيهه نحو الخير والنفع والتأثير الإيجابي، وأن يعرضوا حقوق الإنسان في صورتها المترابطة الكاملة حقوقاً وضوابط، كما أن المأمول من وسائل الإعلام والاتصال والنشر، أن تكون أداة خير لنشر القيم الروحية والإنسانية، والشعور بمسؤولية الكلمة وأمانتها، وخطر بث المواد والمعلومات المسيئة لمنظومة القيم والمثيرة للفتن.
ولفت خادم الحرمين إلى أن الأنظمة في السعودية حفلت بهذه الضوابط إذ نصت المادة التاسعة والثلاثون من النظام الأساسي للحكم على التزام وسائل الإعلام والنشر، وجميع وسائل التعبير، بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، والإسهام في تثقيف الأمة ودعم وحدتها، وحظر ما يؤدي إلى الفتنة أو الانقسام، أو يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه، كما نصت المادة الثامنة من نظام المطبوعات والنشر على أن «حرية التعبير عن الرأي مكفولة، بمختلف وسائل النشر، في نطاق الأحكام الشرعية والنظامية»، وتطرق إلى أن أهداف لائحة النشر الإلكتروني تضمنت دعم ثقافة الحوار والتنوع، وتكريس ثقافة حقوق الإنسان، المتمثلة في حرية التعبير المكفولة للجميع، وفق أحكام النظام وكذلك نشر ثقافة الإعلام الجديد ووسائله في المجتمع، إضافة إلى حفظ حقوق الأشخاص في إنشاء وتسجيل أي شكل من أشكال النشر الإلكتروني.
* مواجهة التيارات الفكرية المنحرفة
قال الدكتور صالح المرزوقي الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي، في كلمته إن الإسلام ركيزة أساسية في بناء الحياة البشرية السوية، التي تحقق العدالة والكرامة والأمن والتنمية، وكل ما يصبو إليه البشر من حياة طيبة هنية، وهو في ثوابته لا يتعارض مع منتجات العصر، بل إنه يشجع على تحصيل الرقي المادي، والتقدم الحضاري، والإسهام في بناء الإنسانية وعمارة الأرض.
وأضاف أن السعودية قامت منذ تأسيسها على خدمة الإسلام والمسلمين، وتبني قضاياهم، ووقف ملوك هذه البلاد ضد التيارات الفكرية المنحرفة التي عصفت ببعض الدول العربية والإسلامية في وقت من الأوقات، كما حاربوا موجات الغلو والتطرف والإرهاب.
وأوضح أن المجمع الفقهي منذ بدء نشاطه عام 1388هـ، عقد 22 دورة صدر عنها أكثر من 130 قراراً في أمور العقيدة والأحكام الفقهية العامة، والاقتصادية والطبية والفلكية والاجتماعية، وسيعقد دورته الثالثة والعشرين هذا العام، وعقد ثلاثة مؤتمرات عالمية، وتسع ندوات، منها ثلاث ندوات عُقدت هذا العام، وسيعقد هذا العام ندوتين إحداهما في أوروبا، مشيراً إلى أن المجمع أصدر عدداً من البيانات والتوصيات، وأصدر ميثاق الفتوى، في 41 مادة، وعدداً من التوصيات، كما أصدر عدداً من البيانات والقرارات، منها ما رد فيها على من حاول إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام، أو البلدان الإسلامية، ومن بينها السعودية، وترجم قراراته إلى لغات عدة، وهو مستمر في الترجمة إلى لغات أخرى، وقدّم للعالم أكثر من 400 مطبوعة.
وشدد رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، في كلمة الهيئات والمؤسسات الإسلامية العالمية المشاركة، على أهمية الجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين في خدمة الإسلام ونصرة المسلمين، مثنيا على النموذج الحضاري الذي تنتهجه منذ تأسيسها، معتمدة في حكمها على كتاب الله وسنة رسوله وقياس علماء الأمة وإجماعها.
إلى ذلك، ألقى المفتي العام للسعودية رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ كلمة، ذكر فيها أن الإسلام جاء لهداية البشرية، وإخراجهم من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإيمان والهداية إلى الصراط المستقيم، ونزل الله كتابه الكريم فيه الهدى والبيان والنور والشفاء لما في الصدور، وتضمن هذا الكتاب الكريم بيان جميع الأحكام المتعلقة بأمور العقيدة من الإيمان بالله وكتبه ورسله والإيمان بالغيب والإيمان بالآخرة وما فيها من البعث والنشور والجزاء ثم الحياة الأبدية إما في الجنة والنعيم للمؤمنين أو في النار والجحيم للكافرين.
وأشار إلى أن هذا الكتاب بيّن أيضاً جميع الأحكام المتعلقة بالإنسان في هذه الحياة الدنيا، من تنظيم الأمور الشخصية للفرد، والشؤون المتعلقة بالجماعة، والأسرة المسلمة، والمعاملات، والقضاء، والعلاقات بين أفراد المجتمع المسلم بمختلف طبقاته.
وتطرق آل الشيخ إلى أن المحرمات والمعاصي التي يحرم ارتكابها وما يترتب على ذلك من عقاب في الدنيا أو عذاب في الآخرة لم يترك الإسلام أمرا منها إلا وبين حكمه في نصوص صريحة واضحة في كتاب الله الكريم، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ببيان شاف ليس للشك فيها مجال ولا للزيغ عنها مساغ، ولا لأحد في مخالفتها عذر ولا حجة ولا برهان.



السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم

نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
TT

السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم

نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)

نفَّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول، بتكلفة تتجاوز 7 مليارات و113 مليون دولار، من بينها 965 مشروعاً بقيمة 924 مليوناً و961 ألف دولار تهدف إلى تحسين ظروف الأطفال وأسرهم؛ مما يُسهم في رفع معاناتهم، وضمان حصولهم على التعليم في بيئة آمنة وصحية، وتقديم الدعم للأطفال في مختلف أنحاء العالم.

يُعدّ مركز الملك سلمان للإغاثة من الداعمين الرئيسين لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» (واس)

ويحتفي العالم باليوم العالمي للطفل في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، وهو يوم يهدف إلى تعزيز حقوق الأطفال من خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي تضمن لهم بيئة آمنة وصحية، وتشمل حقوق الطفل في التعليم، والمساواة، والعناية، والحماية من العنف والإهمال، كما نصت على ذلك المواثيق والأعراف الدولية.

من ضمن مشروعات السعودية ضمان حصول الأطفال على التعليم في بيئة آمنة وصحية (واس)

ومن المشروعات النوعية التي ينفّذها المركز، مشروع «إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين في النزاع المسلح باليمن» الذي يهدف إلى تأهيل الأطفال المجندين وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية، حيث استفاد منه حتى الآن 530 طفلاً و60 ألفاً و560 فرداً من عوائلهم، يشمل المشروع إدماج الأطفال في المجتمع وإلحاقهم بالمدارس، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي إليهم وإلى أسرهم من خلال دورات تدريبية تهدف إلى مساعدتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

تشمل مشروعات السعودية إدماج الأطفال في المجتمع وإلحاقهم بالمدارس بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم (واس)

ويُعد مركز الملك سلمان للإغاثة من الداعمين الرئيسين لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ حيث يُسهم هذا الدعم في توفير الخدمات الصحية ومشروعات التغذية للأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم، إلى جانب دعم العملية التعليمية؛ مما يضمن استمرارية التعليم في مناطق الأزمات والكوارث.

ويشارك المركز العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للطفل؛ مما يجسّد التزامه ببناء مستقبل أفضل للأطفال في جميع أنحاء العالم، ويعزّز الوعي بأهمية حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية.