الإعلام الأميركي يشرّح الميزانية الأولى لترمب

الصحف الأوروبية منشغلة بهولندا وكابوس لوبان ومتابعة تحرير الموصل

الإعلام الأميركي يشرّح الميزانية الأولى لترمب
TT

الإعلام الأميركي يشرّح الميزانية الأولى لترمب

الإعلام الأميركي يشرّح الميزانية الأولى لترمب

كان الأسبوع الماضي هو أسبوع تعليقات الإعلام الأميركي على الميزانية التي أرسلها الرئيس دونالد ترمب إلى الكونغرس. (حسب الدستور الأميركي، الرئيس يقترح، والكونغرس يجيز، والرئيس يوقع). استعملت افتتاحيات صحف كثيرة، وتعليقات في التلفزيونات والإذاعات، كلمات مثل «ظالمة» و«غير إنسانية» في وصف الميزانية.
قالت افتتاحية صحيفة «ديترويت نيوز» (ولاية أوهايو): «لا يهم إذا زاد ترمب ميزانية الدفاع أو إذا خفضها، أو ميزانيات الوزارات الاجتماعية. المهم جدا أن هذه ميزانية لا تضع اعتبارا للعجز فيها. لكن، ليس الذنب ذنب ترمب وحده. الذنب ذنب كثير من الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه. منذ عام 1960 لم يقدم الرئيس (ولم يجز الكونغرس) ميزانية من دون عجز. حدث ذلك فقط لأربعة أعوام خلال إدارة الرئيس بيل كلينتون».
وقالت افتتاحية صحيفة «نيوجيرسي نيوز» (ولاية نيوجيرسي): «لم يفاجئ الرئيس ترمب أي شخص بميزانيته التي زاد فيها النفقات العسكرية، وخفض النفقات الاجتماعية والإنسانية. يقولون إن ترمب ينفذ ما وعد به خلال الحملة الانتخابية. نعم، ينفذ».
وقالت افتتاحية صحيفة «كانساس سيتي ستار» (ولاية ميزوري): «الذي يضحك أخيرا، يضحك كثيرا. ها هي ميزانية ترمب تؤذي كثيرا من الذين صوتوا له. ها هو يخفض ميزانيات الشؤون الاجتماعية والتعليمية والصحية. ونحن حتى لا نتحدث عن إلغاء (أوباما كير)».
وفي الوقت نفسه الذي قدم فيه ترمب ميزانيته إلى الكونغرس، قدم حكام ولايات ميزانياتهم إلى مجالسهم التشريعية.
قالت صحيفة «تامبا باي» (ولاية فلوريدا): «يحتاج الحاكم ريك سكوت إلى ألا يهمل ميزانية الصحة العقلية في الولاية، بسبب وجود كثير من المتقاعدين وكبار السن والمهاجرين. تزيد نسبة الأمراض العقلية في الولاية عن ولايات أخرى كثيرة».
وقالت افتتاحية أخرى لصحيفة «كانساس سيتي ستار» عن ميزانية ولاية ميزوري: «قالت لنا سوزان واغل، رئيسة مجلس النواب (في الولاية) إنها تريد إصدار ميزانية من دون عجز. نؤيدها، لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب التعليم؛ لأنها تريد تخفيض ميزانيته».
وقالت افتتاحية صحيفة «ميلووكي جورنال» (ولاية وسيكنسون)، مخاطبة سكوت ووكر، حاكم الولاية: «قدمت ميزانية فيها زيادات في برنامج التعليم. نؤيد هذا، لكن نلاحظ بندا جديدا في هذه الميزانية التعليمية يدعو إلى تقديم مساعدات حكومية إلى مدارس غير حكومية. نخشى أن يؤثر هذا على التعليم الحكومي».
تنوعت اهتمامات الصحف الأوروبية، بين ملفات الانتخابات الرئاسية في فرنسا، وتصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وخلافاته مع ألمانيا وهولندا، وأيضا ملف تطورات الأحداث في الموصل بالعراق، إلى جانب قضايا أخرى دولية وإقليمية.
ونبدأ جولتنا من لندن والصحف البريطانية. نشرت صحيفة «صنداي تلغراف» تقريرا من مدينة الموصل بالعراق، أعدته جوزي إنسور، عن عمليات التفتيش التي تقوم بها أجهزة الأمن العراقية، شرق مدينة الموصل، بحثا عن منتسبين لتنظيم داعش ومتعاطفين معه.
وتقول جوزي إنه بينما تخوض القوات العراقية المعارك ضد عناصر تنظيم داعش غرب الموصل، تقوم الأجهزة الأمنية في المناطق الشرقية المحررة بمهمة أخرى ضد التنظيم. وتضيف أن جهاز الأمن الوطني يعتقل كل أسبوع من 30 إلى 35 مشتبها، أصغرهم سنا عمره 13 عاما وأكبرهم عمره 70 عاما، ويجري التحقيق معهم في مركز يقع جنوب الموصل، ثم ينقلون إلى وزارة الداخلية وقسم مكافحة الإرهاب الذي يقرر إذا كانت الأدلة كافية لإحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم.
وتذكر الكاتبة أن رقم جهاز الأمن الوطني مكتوب على كل الجدران شرق الموصل، ويمكن للجهاز استقبال 250 مكالمة يوميا. وتقول إن أغلب الموقوفين من المتعاطفين البسطاء مع التنظيم، إذ إن جل القادة والمسؤولين فروا إلى سوريا قبل بدء الحملة على الموصل أو قتلوا في المعارك.
ونشرت صحيفة «الأوبزرفر» تقريرا، كتبته كارن ماكفي، على الحدود الصربية المجرية، وتحدثت فيه مع لاجئين عالقين هناك، يخشون من خطة رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوروبن، لاحتجاز جميع المهاجرين بمن فيهم الأطفال.
إلى باريس والصحف والمجلات الفرنسية، ونستهلها بمجلة «لوبينيون» مع مقال بعنوان: كابوس لوبان. ويتساءل ماتيو كرواساندو: «ما الصورة التي ستكون عليها فرنسا في حال فوز زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بانتخابات الرئاسة يوم 7 من مايو (أيار) المقبل؟»، ويقول: «قبل بضعة أشهر كان هذا السيناريو من ضرب الخيال، رغم الارتفاع المطرد لشعبية الجبهة الوطنية لدى الرأي العام الفرنسي... ولكن واقع الحال اليوم في فرنسا هو أن اليمين المتطرف بات أكثر من أي وقت مضى على مشارف السلطة، مستفيدا من أرض خصبة في المجتمع الفرنسي لنشر أفكاره، فالبطالة التي بلغت معدلا قياسيا والتذمر على نطاق واسع بسبب غياب رؤية سياسية واضحة للخروج من الأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى أجواء التوتر والانقسام التي خلفتها موجة الاعتداءات الإرهابية التي ضربت فرنسا خلال العامين الماضيين، واستمرار الخطر الإرهابي... كل هذه العوامل، بالإضافة إلى تنامي نفوذ التيارات الشعوبية في الغرب، تشكل مطية لليمين المتطرف في فرنسا للوصول إلى السلطة، ويبقى السؤال: هل سيفلح هذا اليمين المتطرف في كسر آخر العقبات التي تحول دون تجسيد طموحاته للوصول إلى سُدّة الرئاسة؟».
كريستيان ماكاريان كتب في مجلة «الإكسبرس»: «إردوغان يفجّر جدلا في أوروبا». إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومن دون مراعاة لمصالح بلاده واستقرارها - برأي الكاتب - ومن دون تفكير استراتيجي، اختار مواجهة أوروبا مجددا، فهو يحب استفزاز الأنظمة الديمقراطية مستخدما آلة الضجيج الإعلامي، ليرفع من منسوب الحمى الوطنية لدى مناصريه. ويتابع كريستيان ماكاريان في مجلة «الإكسبرس» أن هذا التحدي وصل إلى أقصاه يوم السبت 11 مارس (آذار) الماضي، مع قرار بلدية روتردام الهولندية إلغاء تجمع مؤيد للاستفتاء على توسيع سلطات إردوغان، كان مقررا في المدينة بحضور وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي أصر على السفر إلى روتردام رغم تلقيه منعا مسبقا من السلطات الهولندية التي منعت هبوط طائرة أوغلو، ما دفع إردوغان إلى وصف الحكومة الهولندية بأنها «من بقايا النازيين». وقد استدعت تركيا القائم بأعمال السفير الهولندي في أنقرة وطلبت منه تقديم تفسير لمنع طائرة وزير الخارجية من الهبوط في هولندا. كما جرى حظر مسيرات وخطب ترويجية مماثلة في النمسا وألمانيا وسويسرا. لي الأذرع هذا بين إردوغان وعواصم أوروبية يأتي على خلفية الاستفتاء الذي يسعى إردوغان من خلاله إلى توسيع سلطاته عبر تعديلات دستورية، ومن المقرر أن يجري الاستفتاء عليها في 16 أبريل (نيسان) المقبل.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».