نائب وزير الخارجية الأفغاني: جهات تسعى لإفساد علاقتنا بالخليج

الدكتور نصير أنديشة قال لـ«الشرق الأوسط» إن المصالحة مع طالبان مستمرة ونبحث عن رئيس للجنتها

الدكتور نصير أحمد أنديشة نائب وزير خارجية أفغانستان (تصوير: حميد الحازمي)
الدكتور نصير أحمد أنديشة نائب وزير خارجية أفغانستان (تصوير: حميد الحازمي)
TT

نائب وزير الخارجية الأفغاني: جهات تسعى لإفساد علاقتنا بالخليج

الدكتور نصير أحمد أنديشة نائب وزير خارجية أفغانستان (تصوير: حميد الحازمي)
الدكتور نصير أحمد أنديشة نائب وزير خارجية أفغانستان (تصوير: حميد الحازمي)

كشف نائب وزير الخارجية الأفغاني أن جهات تسعى لإفساد علاقة بلاده مع الخليج، مؤكدا أن حكومته لن تسمح لإيران بتصدير التشييع لجامعاتها، مشيرا إلى أن العلاقات بين الرياض وكابل في أفضل حالاتها وتعمقت أكثر خلال العاميين الماضيين بالزيارات الرفيعة.
وقال الدكتور نصير أنديشة نائب وزير الخارجية الأفغاني: «جادّون في الحوار مع طالبان والعمل جار لتغليب المصالحة ومستمرون حتى الآن، رغم وفاة رئيس لجنتها أحمد الجيلاني، وننظر حاليا في إحلال رئيس جديد للجنة المصالحة خلفا للجيلاني، يستطيع قيادة المصالحة إلى برّ الأمان بمشاركة الصين والولايات المتحدة الأميركية وغيرهما من الشركاء».
وتابع: «طريق الوصول لنقطة حاسمة لوضع حد لإنهاء الحرب هو الحوار والتفاوض، وإلا فستستعر الحرب بأطراف داخلية وخارجية، ليس فقط داخليا، وإنما على مستوى العالم، والإرهاب سيظل أسوأ طريق للحصول على نتيجة نهائية لأي من الأطراف».
وزاد: «إذا كانت طالبان تعتقد أن الناس يقعون في حبها، فهي لديها فرصة في أن تأتي العام المقبل عبر صناديق الاختراع، بعيدا عن الحرب والدمار والإرهاب، وعلى طالبان أن تستوعب التغيرات وأهمية إشراك المرأة في التنمية وفي الحكم وفي الموقع الذي تستطيع إدارته، مع الشركاء الآخرين من شرائح المجتمع والأحزاب. وهذا أفضل لهم وللأمن والسلام في أفغانستان كقيم نؤمن بها ونسعى لتعزيزها».
وعن حقيقة الخلاف داخل الحكومة الأفغانية خصوصا بين رئيس الجمهورية والرئيس التنفيذي، قال أنديشة: «ليس هناك خلاف بقدر ما هناك اختلاف في وجهات النظر هنا وهناك حول بعض القضايا الصغيرة، وهذا طبيعي لقائدين ينحدران من آيديولوجيات سياسية وشعبوية وفكرية مختلفة، ولكل أسلوب وطريق ينبع من قناعاته وجذور آيديولوجياته».
وقال: «المصلحة العليا للبلاد والقضايا الوطنية الكبرى، تظل هي نقاط الاتفاق دائما بين الفرقاء، وفي أفغانستان لا تؤثر وجهات النظر المختلفة حول بعض القضايا الصغيرة جدا، ولكن ليس هناك أي اختلاف على القضايا الكلية العليا ومصلحة البلد العليا كقضايا السلام والأمن والتنمية، وفي ذلك يعملان مع بعضهما البعض بكل أريحية، وليس هناك ما يزعج كالاختلاف الذي قاده الخارجون على الشرعية باليمن أو الحالات الليبية والسورية والعراقية».
وعلى صعيد العلاقات الأفغانية الإيرانية، قال أنديشة: «العلاقة تصعد أحيانا وتهبط أحيانا أخرى، وهناك نقاط تعاون محدودة ونقاط اختلاف أيضا، وليس هناك أي تدخلات إيرانية في شؤوننا، ولا يمكن أن نقبل دعما إيرانيا مباشرا من أجهزة إيرانية لجامعاتنا، لأن ذلك ضد القانون الأفغاني».
وأضاف في حواره على هامش المعرض الثقافي الأفغاني بالرياض الذي اختتم أعماله أخيرا: «هذا مبدأ ينطبق على الجميع، وأي تشويش أو محاولة للتأثير الفكري في المجتمع الأفغاني من الخارج ممنوعة بنص القانون، وفي حالة حدث ذلك سنتعامل معه بكل حسم وحزم».
ونفى إنشاء جامعات إيرانية في أفغانستان، مبينا أن «هناك فرعا لإحدى جامعاتها مثلها مثل بعض فروع جامعات أميركية وهندية وسعودية، وهذا في إطار المواد العلمية والتخصصية والبحثية، ليس له علاقة البتة بأي نشاط شيعي، فنحن لا نسمح لها بذلك، وليس مسموحا لفرع الجامعة الإيرانية أن يمارس التشييع في بلادنا، وليس لدينا معلومات تثبت أنه يمارس التشييع بين الطلاب».
وعن تحديات العلاقة المتصلة بالأنهار التي تجري في أفغانستان وتصبّ في إيران، قال أنديشة: «خطتنا تتجه لكيفية إدارة هذه المياه بأفضل ما يحقق المنفعة، مع الوضع في الاعتبار أن هناك قانونا دوليا وقبلنا به، فهو ينظم العلاقة بين دول المصدر ودول المصب، وفي مجالات إنتاج الكهرباء والري، لدينا اتفاقية في 1963 تعنى بـ5 أنهار، لتنظيم المنفعة وتقسيم المياه، وبالتالي ليست هناك مشكلة فيما يتعلق بتقسيم المياه».
وأضاف: «لا بد أن تحقق لنا هذه الأنهار مطالبنا وحد الاكتفاء لكلا البلدين، وما يتبقى من فائض يمكن تقاسمه مع الدول التي تعاني نقصا فيها، وما ينطبق على إيران ينطبق على باكستان وغيرها من دول آسيا الوسطى، وكنا قد عقدنا مؤتمرا لتنظيم الطاقة المائية، وفق استراتيجية وطنية لإدارة المياه، وربما تستطيع التفاوض حول ذلك مع الدول التي تشاركها تلك الأنهار مستقبلا».
وبالرغم من أن أفغانستان تلقت أضعاف ما قدمه المجتمع الدولي للإعمار لغيرها، قال أنديشة: «في السابق كنا نواجه بعض المشكلات فيما يتعلق بإدارة مشاريع التعمير والتنمية، وخاصة في الفترة من عام 2000 إلى عام 2008، وعام 2009 لم يكن هناك وقت كاف بالقدر الذي كنا نوظفه في إدارة شؤون البلاد وصناعة الأمن والسلام».
وزاد: «من عام 2009 و2011 في عهد باراك أوباما، وعدتنا الإدارة الأميركية بدعم مالي كبير وكذلك الأمم المتحدة، وكان ذلك في وقت يصعب فيه إدارة الأمر، ولكن للأسف فإن الأمم المتحدة لم تكن قد استثمرت تلك الأموال في مشاريع البنى التحتية الاستراتيجية الرئيسية الكبرى، والتي كان من الممكن أن تكون الأجدى والأنفع للبلد ككل، بل غالبها استثمرت في مجالات ثانوية».
وقال: «تركّز الحكومة الأفغانية على توجيه مساعدات ودعم المجتمع الدولي في المشاريع الكبرى المهمة بالفعل، ومن بينها مشروعات السكك الحديد والطرق المعبدة العملاقة ومشروعات إنتاج الطاقة والكهرباء والطاقة المتجددة، وعليه تمت مفاوضاتنا مع المجتمع الدولي والبنك الدولي حول هذه الموضوعات».
وتابع: «نفكر جديا في كيفية الحصول على دعم من جهات وبنوك أخرى جديدة من الصين ومن البنك الدولي للاستثمار، وأعتقد أن الدعم الصيني متوفر، عموما أعتقد أن أموال التعمير ذهبت في اتجاهات لا أقول ليست مهمة أو ليست صحيحة ولكن بالفعل حدثت أخطاء، ولكن بالمقارنة بين أفغانستان في عام 2000 والآن هناك فرق كبير جدا على مختلف المستويات». وعن مغزى إغلاق المنفذ بين أفغانستان وباكستان، قال أنديشة: «المنفذ أغلق من طرف باكستان، وقواتها، بشكل غير مبرر، رغم أهميته لأفغانستان لتمرير المساعدات الضرورية عبره، ولكن بعد الإغلاق أصبح الوضع صعبا وخلق بالنسبة لنا مشكلة كبيرة، لأنه حرم الكثيرين من الرحلات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من النواحي المهمة».
وأضاف: «باكستان منذ 3 أسابيع أغلقت حدودها، وتفاوضنا معها، باعتبار أن علاقاتنا شديدة التعقيد والتداخل، ونتشارك معهم نفس القبائل على الحدود، وكنا نقول لهم يمكنكم غلق المنفذ من طرفكم، ولكنكم لن تستطيعوا فصل القبيلة الواحدة إلى قسمين، وإن كانت الحجة الخوف من عبور الإرهابيين، فإن هناك الكثير من الإرهابيين بالداخل، مثل أولئك الذين أوقعوا هجوما على المستشفى العسكري».
وقال: «إن الخلاف الذي يقع بين أفغانستان وباكستان حول هذا الوضع لا يخدم مصلحة أي من البلدين أو الشعبين، بل يجب العمل معا لوضع حد لذلك، ودائما نقول لباكستان ليس من الحكمة التمييز بين إرهابي جيد وآخر سيئ أو طالباني جيد وآخر سيئ، إن احتفظت بالثعبان في بيتك لا بد أن يلدغك يوما وتلقى حتفك بسمه».

* أنديشة ملمّحا لباكستان: الاحتفاظ بالثعبان سينتهي بلدغ صاحبه
أوضح نائب وزير الخارجية الأفغاني نصير أنديشة، أن تفجيرات المستشفى العسكري الأخيرة، تخضع للتحقيقات، في حين أنكرت طالبان مسؤوليتها عنها تبنّاها «داعش»، مشيرا إلى أن هناك على الأقل 22 من المجموعات الإرهابية المختلفة تنشط الآن في أفغانستان.
ونوه إلى أن بعض هذه المجموعات مدعوم من قبل جهات خارجية وأجنبية، وبعضها مكون من ميليشيات إرهابية أجنبية قدمت من آسيا الوسطى، وبعضها من دول أجنبية مختلفة، وبعضها تتكون من خلايا صغيرة من الصين وبعضها ميليشيات من باكستان تتبع لـ«جند الله»، ولذلك كل هذه المجموعات الإرهابية، تنشط في أفغانستان، علما بأن طالبان هي المجموعة الرئيسية.
وقال: «قناعتنا أن تلك التفجيرات وهذا النشاط الإرهابي الموسع والمتعدد لا يمكن أن يحقق مآربه ما لم تكن جهات داعمة له بشكل منظم على مستوى كبير، وتقدم لها كل التسهيلات والتمويلات ماديا ومعنويا، عموما نعتقد أن التفجيرات الأخيرة ما كان لها أن تنجح من دون دعم مباشر أو غير مباشر من باكستان، مع التدريب والتجهيز، غير أننا ننتظر ما ستسفر عنه التحقيقات قريبا».
وفيما يتعلق الأحداث التي حصلت في قندهار، بيّن أنديشة أن السلطات الأمنية حاولت التوصل لعلاقة مع بعض المجموعات من طالبان التي تقبع في كويتا، لأن هذا الحادث سبقته أحداث إرهابية في كابل وهلمند وغيرهما، وأخيرا قندهار، ومع أن طالبان تبنت حادث كابل الذي وقع بالمدرسة، ولكن في وقت لاحق أنكرت تبنيها للهجوم الذي راح ضحيته السفير الإماراتي.
وأضاف: «إن الهدف إضعاف العلاقات التجارية والاستثمارية والشعبية مع الإمارات، لأن دبي تفتح قنوات التجارة والاستثمار مع بلادنا، حيث تستقبل رحلات جوية يومية بمعدل 4 إلى 5 إلى 6 رحلات يوميا بين كابل والإمارات، ودبي تحديدا، على متن الخطوط الإماراتية».
وعن تلميحات أفغانية بأن إسلام آباد مستفيدة من التفجيرات قال أنديشة: «هذه إحدى النظريات التي يفسّر بها البعض المسعى الباكستاني لتوسيع الوقيعة بين أفغانستان والدول العربية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية من خلال دعم بعض المجموعات الإرهابية لإحداث بلبلة وأضرار على مختلف الصعد، لكن حتى الآن ليس لدينا ما يكفي من الدلائل والبراهين على ذلك».
وتابع: «العلاقات التجارية الاقتصادية والاستثمارية مع أفغانستان تمر عبر باكستان، ولكن خلال الفترة الأخيرة من 6 إلى 10 أعوام، ضعفت العلاقات الاقتصادية العربية مع الأخيرة، في حين زادت مع أفغانستان، عبر بيشاور، فبدت باكستان كما لو أنها أضاعت خطتها البارعة في الاستفادة من الوضعية القديمة، خاصة أن البلاد العربية عامة والدول الخليجية خاصة، تتوسع معنا بهذه العلاقات».
لا يعتقد أنديشة أن «داعش» يشكل خطرا على أمن أفغانستان، بالقدر الذي يشكله في دول أخرى كالعراق وسوريا، ولكن هناك مجاميع أخرى إرهابية تواجهها أيضا، وكبار طالبان لم يعد لهم نفس الروح القتالية كالسابق، فمنهم من يمتلك الأموال ومنهم من أسس عوائل كبيرة، بخلاف شبابهم الذين أصبحوا أكثر إرهابا وتطرفا تحت الراية السوداء، و«هذا ما يقلقنا».
وقال: «ليس هناك محاربة جدية بين داعش وطالبان، والأخيرة إلى حد ما وفرت البيئة الخصبة لتفريخ شباب داعش المتطرفين الإرهابيين الذين يطالبون بتنفيذ المطالب المتطرفة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.