زعيم «القاعدة المغاربية» يهدد بشن هجمات على فرنسا

المتطرف الجزائري أعلن تزكيته تحالفاً بين 4 تنظيمات بمالي

أبو مصعب عبد الودود
أبو مصعب عبد الودود
TT

زعيم «القاعدة المغاربية» يهدد بشن هجمات على فرنسا

أبو مصعب عبد الودود
أبو مصعب عبد الودود

هدد المتطرف الجزائري عبد المالك دروكدال، زعيم التنظيم المسمى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، فرنسا بـ«الجهاد ومقاومة اعتداءاتها». وأعلن دعمه حلفا أقامته، مطلع الشهر، أربعة تنظيمات متطرفة بـ«مالي»، توعدت حكومات منطقة الساحل باستهدافها في حال تعاونت ضدها مع قوى غربية، وبخاصة فرنسا.
ونشرت مواقع إلكترونية تابعة لمتشددين، أمس، تسجيلا لدروكدال، مدته 4 دقائق، قال فيه إن فرنسا «قطعت البحار والفيافي، لتغزو أرضنا وتسفك دماءنا وتنتهك حرماتنا وتمنعنا من إقامة شرع ربنا وممارسة شعائر ديننا». وقال إن «ظلم فرنسا وعدوانها على شعوب وقبائل الساحل والصحراء، لن يزيد هذه القبائل إلا أخوة وتلاحما ووحدة، كما لن يزيدها إلا إصرارا على الجهاد ومقاومة المعتدين، ولن يزيد المسلمين جميعا إلا إصرارا على نقل الحرب إلى أرضها ومدنها، حتى تعيش الخوف الذي يعيشه أهلنا في أراضينا المحتلة»، في إشارة إلى دولة مالي التي يوجد فوق أرضها آلاف من العساكر الفرنسيين. وليست هذه المرة الأولى التي يهدد دروكدال فيها بضرب الفرنسيين فوق أرضهم.
وشنت فرنسا على عناصر «القاعدة»، وأفراد جماعات مسلحة بشمال مالي، حملة عسكرية كبيرة مطلع 2013 انتهت بقتل كثير منهم، وإجبار قياداتهم على تغيير مواقعهم. وأقامت فرنسا قوة عسكرية قوامها 4 آلاف جندي، بعد هذه الحملة، سميت «قوة برخان». وقد شنت حملات كثيرة على معاقل الإرهابيين، وأضعفت قوتهم إلى حد كبير، بحسب مراقبين محليين.
غير أن معطى جديدا طرأ على المشهد الأمني، في بداية الشهر الحالي، تمثل في انصهار أربع جماعات متشددة في تنظيم واحد، في محاولة للتصدي للضغط العسكري الذي تواجهه. وقد تحدث دروكدال، الشهير بـ«أبو مصعب عبد الودود» في التسجيل الصوتي، عن هذا التحالف، فقال: «منذ أيام قلائل أعلنت 4 فصائل جهادية في دول الساحل والصحراء، اندماجها في جماعة واحدة، سمتها على بركة الله: جماعة نصرة الإسلام والمسلمين. ولا شك أن هذا الإعلان قد أدخل السرور على قلوب المسلمين وأفرحهم، وأغاظ الكافرين وأحزنهم».
وأفاد المتطرف، الذي التحق بالعمل المسلح في الجزائر عام 1993، بأنه «لا يسعني إلا أن أهنئ أمتنا الإسلامية، خير أمة أخرجت للناس، على هذه الخطوة التي حققها أبناؤها»، كما تقدم بالشكر لمن ساهم فيما أسماه «الإنجاز الذي بعد العهد بمثله»، وقال: «وأشكرهم على ما بذلوه من جهد مضن وعمل دؤوب، وأشكرهم على ما أبدوه من علو الهمة ونكران الذات، والنصح لهذا الدين».
ودعا دروكدال (47 سنة): «الجماعات الجهادية كافة أن يتأسوا بإخوانهم في الساحل والصحراء، فيسارعوا إلى لمّ الشمل وتحقيق الوحدة، التي هي في الحقيقة مطلب شرعي وضرورة واقعية، وأمنية الأمة الإسلامية قاطبة، رجالها ونسائها شيبها وشبابها».
وبث تحالف المتطرفين الجديد، شريط فيديو ظهر فيه زعيم «أنصار الدين»، الطرقي المالي إياد آغ غالي، ومتشدد من «المرابطون» يكنى حسن الأنصاري. وآخر يدعى «يحيى أبو الهمام الجزائري» من «إمارة منطقة الصحراء» (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، وقيادي من «كتائب ماسينا» يسمى بول أمادو كوفا وهو من مالي. وصرح آغ غالي، في تسجيل صوتي بتلك المناسبة، بأن التنظيم الجديد يبايع زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، وقائد «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أبو مصعب عبد الودود، وأمير حركة «طالبان» أفغانستان الملا هيبة الله. وأشاد بزعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، الذي قتل في هجوم لفرقة كوماندوز أميركية، بباكستان في مايو (أيار) 2011.
وتوقف دروكدال عن إصدار البيانات وبث التسجيلات، في السنوات الأخيرة، بسبب الملاحقة الأمنية التي يتعرض لها من طرف جهاز الاستخبارات العسكرية الجزائري. ويعتقد أنه يوجد في جبال تيزي وزو بشرق الجزائر، حيث معاقل «القاعدة». وكان دروكدال زعيما لـ«الجماعة السلفية للدعوة والقتال» منذ مقتل قائدها نبيل صحراوي في 2005، وتحولت «الجماعة» إلى فرع لشبكة «القاعدة» منذ مطلع 2007.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.