حرية التجارة والتغير المناخي نقطتا الخلاف في اجتماع «العشرين»

المفوض الأوروبي: التجارة بشكل متكافئ أفضل من الحمائية

قادة {العشرين} وحكام المصارف خلال الاجتماع في بادن بادن بألمانيا أمس (رويترز)
قادة {العشرين} وحكام المصارف خلال الاجتماع في بادن بادن بألمانيا أمس (رويترز)
TT

حرية التجارة والتغير المناخي نقطتا الخلاف في اجتماع «العشرين»

قادة {العشرين} وحكام المصارف خلال الاجتماع في بادن بادن بألمانيا أمس (رويترز)
قادة {العشرين} وحكام المصارف خلال الاجتماع في بادن بادن بألمانيا أمس (رويترز)

يعقد وزراء مالية دول مجموعة العشرين اجتماعات تستمرّ على مدار يومين تنتهي، اليوم (السبت)، في بادن بادن بألمانيا، وسط مخاوف من حرب تجارية نتيجة سياسة «أميركا أولا» التي تنادي بها الإدارة الأميركية الجديدة.
ومنذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحكم في يناير (كانون الثاني) الماضي، لم تحتَكّ مواقفه، المعارضة للتقاليد السائدة على صعيد التجارة الدولية أو معدلات الفائدة، فعلياً بالواقع الجيوسياسي والدبلوماسي، ولكن الوقت حان لاختبار هذه المواقف خلال اجتماع لوزراء مالية وحكام المصارف المركزية لمجموعة الدول العشرين الأكثر ثراء في العالم، في منتجع بادن بادن بألمانيا.
ويشارك وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين في أول اجتماع متعدد الأطراف سيحاول أن يعرض خلاله توجهات رئيسه المخالفة لعقيدة مجموعة العشرين القائمة على مبدأ التبادل الحر.
وفي تحرُّك غير معتاد يشير إلى التوتر القائم حيال هذه المسألة، أعادت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الصيني شي جين بينغ التأكيد خلال محادثة هاتفية على «التبادل الحر»، بحسب بيان صدر من مكتب ميركل.
كما لَمّحت وزيرة الاقتصاد الألمانية بريجيت تسيبريس إلى إمكان التقدم بشكوى أمام منظمة التجارة العالمية، في حال نفَّذَ ترمب وعود حملته الانتخابية وفرض رسوماً جمركية على الواردات.
في هذا السياق من التوتر، أمام وزراء المالية مهلة يومين من أجل الاتفاق على بيان ختامي. وتشمل العقيدة الليبرالية للمجموعة عدة مبادئ، كما أن عليها دفعَ عدة ملفات طويلة الأمد قدماً، مثل مكافحة التهرب الضريبي والضوابط المالية.
ستكون كل كلمة في البيان الختامي موضوع نقاش ومقترحات مضادة، وسيتم اعتبار أي تعديل لمصطلحات عقيدة مجموعة العشرين بعد انتهاء القمة بعد ظهر اليوم (السبت) «تأثير دونالد ترمب».
وصرح المفوض الأوروبي بيار موسكوفيسي قبل دخوله إلى مقر الاجتماع: «سندرس ملف المصطلحات بشكل دقيق جداً»، وأضاف: «علينا الاتفاق حول أن التجارة إذا تمّت بشكل متكافئ فهي إيجابية بالنسبة إلى الاقتصاد وأن الحمائية لا يمكن أن تكون الحل أبداً».
وقالت مصادر إن «البيان أنجز تقريباً... هناك موضوعان لم يتمّ الاتفاق بشأنهما بعد: التجارة و(تمويل مكافحة) التغير المناخي».
فيما يتعلق بالتغير المناخي، يقوم الخلاف على أن المفاوضين الأميركيين لا يزالون ينتظرون الحصول على تعليمات واضحة من واشنطن، في المقابل، فيما يتعلق بالتجارة والتبادل الحر والحمائية فالموقف الأميركي صارم.
وأوضح المصدر: «لا يريدون ذكر (رفض الحمائية) في النصّ»، كما جَرَت العادة طيلة سنوات في البيان الختامي لمجموعة العشرين، وقال مصدر آخر قريب من المفاوضات: «لا يزال هناك إمكان لإجراء تعديلات».
وتم التباحث في إمكانية عدم قيام الوزراء بحسم مسالة التبادل الحر، وترك هذه المهمة لاجتماع قادة دول المجموعة المقرر في هامبورغ في يوليو (تموز) المقبل، وهو ما يشير إلى وجود خلاف كبير بين الولايات المتحدة وشركائها.
وصرح وزير المالية الفرنسي ميشال سابان بعد وصوله إلى بادن بادن: «أعتقد أنه من الممكن ألا تكون الولايات المتحدة قادرةً اليوم على توضيح ما تريده فيما عدا تصريحات بسيطة على (تويتر)»، في إشارة إلى عادة ترمب في التعبير عن مواقفه عبر التغريدات.
وأعرب وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله عن تفاؤله إزاء التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة في الخلاف حول العلاقات التجارية الدولية المستقبلية، وقال شويبله قبل بدء المشاورات الرسمية لوزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين: «أنا متفائل إزاء إمكانية توصلنا إلى نتيجة جديدة في نقاش غير سهل مع شركاء جدد»، مضيفاً أن القناعة المشتركة ترتكز على التمكُّن بهذه الطريقة من القيام بإسهامنا في استقرار الاقتصاد العالمي إلى حد ما.
وتجدر الإشارة إلى أنه من المعتاد أن تعلن مجموعة الدول الصناعية والصاعدة الكبرى العشرين في بيانها الختامي المشترك عن تمسكها بالتجارة الحرة، ورفضها للانغلاق الاقتصادي، إلا أن مسودة البيان الختامي لهذا الاجتماع تخلو من الفقرة الخاصة بموضوع «الحمائية»، وقبيل الاجتماع في ألمانيا الذي تستمر فعاليته حتى اليوم (السبت)، تم الكشف عن رفض الإدارة الأميركية لإلغاء واضح للحمائية.
ويُذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن أكثر من مرة أنه سيركز على المصالح الأميركية على وجه الخصوص في سياسته التجارية والضريبية المستقبلية.
وقال شويبله عقب لقاء نظيره الأميركي الجديد ونظيره الصيني: «أشعر بالتفاؤل إزاء قدرتنا على المضي قدماً بالأمور في الأوقات الصعبة أيضاً، الأمر يدور حول انتقاء الصياغة السليمة للتعبير عن انفتاح التجارة الدولية في البيان، إذ إن هناك بعضَ المواقف الحساسة لدى مشاركين مختلفين».
وكان شويبله ذكر في وقت سابق، أمس، أن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، الذي التقي به قال (بوضوح): «بالطبع إنهم (إدارة ترمب) مع التجارة الحرة، ويؤيدون للغاية أن نؤكد على ذلك معاً في بادن بادن».
وأضاف شويبله أن الآن يدور نقاش حول ما إذا كنا سنتبنى صياغة اجتماعات سابقة أم سنجري تغييراً طفيفاً عليها: «آمل حقاً أن يكون منطلقاً نستطيع أن نتفق منه مع الآخرين».
أظهرت مسوَّدَة الاجتماع أن كبار المسؤولين الماليين في العالم المجتمعين في ألمانيا سينبذون التخفيضات التنافسية لقيمة العملة، ويحذرون من تقلبات أسعار الصرف، لكنهم لم يتوصلوا بعد لموقف مشترك بخصوص التجارة والحماية التجارية.
وقد يواجِه وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لأكبر 20 اقتصاداً عالمياً صعوبة في تبني موقف موحّد بخصوص الحمائية التجارية، بعد أن بدأت الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترمب النظر في فرض ضريبة حدودية من شأنها أن ترفع تكلفة الواردات.
وذَكَرت مسودة البيان الختامي لمجموعة العشرين أن السياسة النقدية ستواصل دعم النمو واستقرار الأسعار، لكنها لا تكفي وحدها لتحقيق نمو اقتصادي متوازن. وتظل المسودة عرضة للتعديل ومن المقرر نشر البيان الختامي، اليوم (السبت).
وأفادت مسودة البيان بأن التقلبات المفرطة والتحركات غير المنتظمة في أسعار الصرف قد يكون لها تداعيات سلبية على الاستقرار الاقتصادي والمالي، «سنتشاور عن كَثَب بشأن أسواق الصرف، ونؤكد من جديد على التزاماتنا السابقة المتعلقة بأسعار الصرف، بما في ذلك امتناعنا عن التخفيضات التنافسية لقيمة العملة ولن نستهدف أسعاراً للصرف لأغراض تنافسية»، وفقاً لما ذكرته المسودة.
وخلَتْ مسودة البيان من هذه العبارات، لكن جرى تضمينها مرة أخرى بعد إلحاح عدد من حكومات ومؤسسات مجموعة العشرين، تجنباً لإثارة قلق الأسواق من الإعداد لتغير السياسات، وقالت المسودة مكرِّرةً موقفَ مجموعة العشرين، العام الماضي: «السياسة النقدية ستستمر في دعم النشاط الاقتصادي وضمان استقرار الأسعار بما يتسق مع سياسة البنوك المركزية، لكن السياسة النقدية وحدها لا يمكن أن تؤدي إلى نمو متوازن».
غير أن المسوّدة تخلو حتى الآن من أي إشارة إلى قضايا التجارة والحماية التجارية، مخالفةً بذلك أحد التقاليد التي اعتادته البيانات الختامية لمجموعة العشرين خلال عشر سنوات، إذا استخدمت هذه البيانات على مدى أعوام صياغات متنوعة للتأكيد على حرية التجارة ورفض الحماية التجارية.
وكان وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، قال، يوم الخميس الماضي، في برلين، إنه لا رغبة لدى إدارة ترمب في خوض حروب تجارية، لكن يجب إعادة النظر في بعض العلاقات التجارية كي تصبح أكثر إنصافاً للعاملين الأميركيين.
وقال وزير المالية الألماني الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين هذا العام، إن موقف الحماية التجارية الذي تتبناه الولايات المتحدة قد يجبر المجموعة على إغفال التجارة كلية من البيان.
وقال شويبله في إشارة إلى شعار «أميركا أولاً» الذي يتبناه ترمب وغيره من المسؤولين الحكوميين: «هناك خلاف في وجهات النظر حول هذا الموضوع»، وأضاف: «من الممكن أن نستبعد بوضوح موضوع التجارة في بادن بادن، ونقول إنه لا يمكن حله إلا في قمة قادة الدول والحكومات».



«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية شملت الحد من تدهور الأراضي والجفاف، والهجرة، والعواصف الترابية والرملية، وتعزيز دور العلوم والبحث والابتكار، وتفعيل دور المرأة والشباب والمجتمع المدني، والسكان الأصليين لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الموافقة على مواضيع جديدة ستدرج ضمن نشاطات الاتفاقية مثل المراعي، ونظم الأغذية الزراعية المستدامة.

هذا ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف، المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة بختام أعمال المؤتمر، مؤكداً التزام المملكة بمواصلة جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف، خلال فترة رئاستها للدورة الحالية للمؤتمر.

وكان مؤتمر «كوب 16» الذي استضافته المملكة بين 2 و13 ديسمبر (كانون الأول)، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤكد دور المملكة الريادي في حماية البيئة على المستويين الإقليمي والدولي.

أعلام الدول المشارِكة في «كوب 16» (واس)

وشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من الشراكات الدولية الكبرى لتعزيز جهود استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، مع تضخيم الوعي الدولي بالأزمات العالمية الناجمة عن استمرار تدهور الأراضي. ونجح في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، مما أدى إلى تعزيز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

ورفع الفضلي الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما غير المحدود لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يأتي امتداداً لاهتمامهما بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والعمل على مواجهة التحديات البيئية، خصوصاً التصحر، وتدهور الأراضي، والجفاف، مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته المملكة في استضافة هذه الدورة، حيث شهدت مشاركة فاعلة لأكثر من 85 ألف مشارك، من ممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز الأبحاث، والشعوب الأصلية، وقد نظم خلال المؤتمر أكثر من 900 فعالية في المنطقتين الزرقاء، والخضراء؛ مما يجعل من هذه الدورة للمؤتمر، نقطة تحول تاريخية في حشد الزخم الدولي لتعزيز تحقيق مستهدفات الاتفاقية على أرض الواقع، للحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف.

خارج مقر انعقاد المؤتمر في الرياض (واس)

وأوضح الفضلي أن المملكة أطلقت خلال أعمال المؤتمر، 3 مبادرات بيئية مهمة، شملت: مبادرة الإنذار المبكر من العواصف الغبارية والرملية، ومبادرة شراكة الرياض العالمية لتعزيز الصمود في مواجهة الجفاف، والموجهة لدعم 80 دولة من الدول الأكثر عُرضة لأخطار الجفاف، بالإضافة إلى مبادرة قطاع الأعمال من أجل الأرض، التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم للمشاركة في جهود المحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وتبني مفاهيم الإدارة المستدامة. كما أطلق عدد من الحكومات، وجهات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات المشاركة في المؤتمر، كثيراً من المبادرات الأخرى.

وثمّن الفضلي إعلان المانحين الإقليميين تخصيص 12 مليار دولار لدعم مشروعات الحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف؛ داعياً القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل الدولية، لاتخاذ خطوات مماثلة؛ «حتى نتمكن جميعاً من مواجهة التحديات العالمية، التي تؤثر في البيئة، والأمن المائي والغذائي، للمجتمعات في مختلف القارات».

وأعرب عن تطلُّع المملكة في أن تُسهم مخرجات هذه الدورة لمؤتمر الأطراف السادس عشر، في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، إضافةً إلى بناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات بمختلف أنحاء العالم، مؤكداً التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك مع جميع الأطراف المعنية؛ لمواجهة التحديات البيئية، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، إلى جانب التعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول آليات تعزز العمل الدولي المشترك.