لبنان: غضب شعبي من زيادة الضرائب ودعوات لمحاربة الفساد

تأكيد على استحالة تمويل «سلسلة الرواتب» من دونها... والجميل: فليراقبوا مداخيل الدولة

متظاهرون لبنانيون احتجوا على رفع الضرائب وبينها ضريبة القيمة المضافة التي أقرها البرلمان أخيرا لتمويل رواتب واستحقاقات مالية (أ.ب)
متظاهرون لبنانيون احتجوا على رفع الضرائب وبينها ضريبة القيمة المضافة التي أقرها البرلمان أخيرا لتمويل رواتب واستحقاقات مالية (أ.ب)
TT

لبنان: غضب شعبي من زيادة الضرائب ودعوات لمحاربة الفساد

متظاهرون لبنانيون احتجوا على رفع الضرائب وبينها ضريبة القيمة المضافة التي أقرها البرلمان أخيرا لتمويل رواتب واستحقاقات مالية (أ.ب)
متظاهرون لبنانيون احتجوا على رفع الضرائب وبينها ضريبة القيمة المضافة التي أقرها البرلمان أخيرا لتمويل رواتب واستحقاقات مالية (أ.ب)

تحوّل مطلب سلسلة الرتب والرواتب في لبنان، من نعمة كان ينشدها موظفو القطاع العام، إلى نقمة تطال الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، بمن فيهم الموظفون أيضاً، بسبب الضرائب الجديدة التي فرضتها الدولة، لتأمين الإيرادات الكمالية لهذه السلسلة المقدرة بـ(800 مليون دولار أميركي). وترافقت الجلسات التشريعية التي بدأت الأربعاء، ولا تزال مستمرة مع تحركات ومظاهرات غاضبة، يقودها قطاع التعليم الرسمي والنقابات التي حذرت من التمادي في فرض الضرائب، ولوحت بإضراب مفتوح وخطوات تصعيدية، كما بدأت الدعوات الشعبية للتظاهر على وسائل التواصل الاجتماعي يومي السبت والأحد، مطالبة بمحاربة الفساد والهدر لتمويل السلسلة بدل تمويلها من جيب المواطن.
مع العلم أنه وبعد إقرار الضرائب في الجلسة التشريعية الصباحية يوم أمس، وبعدما كان مقررا إقرار السلسلة في جلسة بعد الظهر، رفع نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الجلسة إلى موعد يحدد لاحقاً بسبب فقدان النصاب، بحسب ما أعلن.
وقال «بسبب عدم اكتمال النصاب رفعت الجلسة»، وحمّل «المزايدين والمعرقلين، في مقدمتهم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل وحزب الكتائب، مسؤولية الالتفاف على سلسلة الرتب والرواتب وإلغائها». من جهته، وصف رئيس الحكومة سعد الحريري لائحة الضرائب التي تم التداول بها بـ«الأكاذيب»، وقال إن «هناك محاولة لضرب السلسلة، ونحن مصرّون على إقرارها، والرؤساء الثلاثة سيعيدون الثقة بالحكومة».
ورد الجميل بالقول «لا علاقة لنا بالإشاعات، ووسائل الإعلام التي كانت حاضرة تشهد أن الحزب لم يعطل إقرار السلسلة»، سائلاً «نحن 4 نواب فقط تمكنا من تعطيل الجلسة؟»، معتبرا أن من يتحمل المسؤولية هو من رفع الجلسة والنواب ممن غابوا، مضيفا «ليراقبوا مداخيل الدولة والفساد والهدر ويوقفوا مخالفة قرارات ديوان المحاسبة».
وناقش البرلمان اللبناني على مدى اليومين الماضيين، بنود سلسلة الرتب والرواتب، وبدأ بإقرار الضرائب الكفيلة بتأمين المال للخزينة لدفع تكاليف هذه السلسلة (زيادة الرواتب)، وتمنى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الذي يرأس الجلسات، على النواب «عدم التأخير في إقرار السلسلة»، متهماُ بعضهم بأنه «يقوم بمحاولات تخالف ما يقوله أمام الناس».
الصوت الاعتراضي الأقوى على رفض الضرائب، وإعطاء سلسلة لا تفي بحقوق الموظفين المهضومة، جاء من أساتذة التعليم الرسمي، حيث اتهم مدير عام التعليم الثانوي الرسمي في لبنان نعمة محفوظ، الطبقة السياسية بـ«تحويل السلسلة إلى شماعة لتجميع الأموال من أجل تغطية العجز في الموازنة». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «النواب يمارسون هواية اللعب في المجلس النيابي، لأنهم بدل أن يدخلوا ويقروا السلسلة بدأوا بإقرار الضرائب لتأمين الإيرادات، وراحوا يلهون الناس بنقاشات واستعراضات ملّ منها الجميع، وهم يكررون السيناريو نفسه منذ عام 2014». وقال «نحن ننتظر انتهاء الجلسات والقرارات والقوانين التي ستقر، وبعدها نحدد المواقف التصعيدية التي سنلجأ إليها».
ولا تكمن المشكلة في توفير الأموال للإنفاق على السلسلة، بقدر ما تكمن في رفض الطبقة السياسية وقف الهدر في مالية الدولة، برأي نعمة محفوظ، الذي اعتبر أن «الإصلاح الحقيقي يبدأ بصرف 100 ألف متعاقد في الدولة، يقبضون رواتبهم ولا يعملون، عدا عن الهدر في الكهرباء والتهرب الجمركي والنفايات، وغيرها». وأضاف مدير التعليم الثانوي «هناك وسائل ضغط كثيرة سنمارسها على السلطة السياسية، لكن من دون المساس بالعام الدراسي والشهادة الرسمية، خصوصاً بعدما ثبت لنا أن الطبقة السياسية غير مسؤولة عن مصير عشرات آلاف الطلاب ولا تكترث بالشهادة الرسمية». وختم «لن نفرط بالشهادة الرسمية حتى لو لم نقبض أي قرش».
أما عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر، فأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «أكثر ما يعني قطاعات التعليم وأساتذة الجامعة اللبنانية وحتى القضاة، هي صناديق التعاضد، وتحسين أمنهم الاجتماعي». وقال «كل هذه الأمور قيد البحث، والمجلس لن يحرم أحدا حقه بالأمان الاجتماعي، ولكن تعدد الصناديق، والصرف من خارج ميزانية الدولة يعد مشكلة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الدول الأكثر حضارة، مثل فرنسا وبريطانيا، لا توجد فيها صناديق خارج الرقابة وتعمل من خارج المالية العامة».
وإذا كانت زيادة الرواتب حقا مكتسبا للموظفين، فإن سلامة الاستقرار المالي حق مقدس للدولة، حيث أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إقرار السلسلة ونفقاتها، من دون البحث عن واردات لتغطية النفقات أمر مستحيل»، معتبراً أن «الضرائب التي أقرت، بدءاُ من رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المائة إلى 11 بالمائة، لا تطال الطبقة الفقيرة؛ لأنها لا تشمل الأدوية والمواد الغذائية». وقال «نحن حريصون على ألا تشكل الضرائب عبئاً على أصحاب الدخل المحدود».
ورداُ على التلويح بمظاهرات وتصعيد في الشارع، بسبب الضرائب الجديدة، نبه حوري إلى أن «البديل عن هذه الضرائب والإيرادات، هو إلغاء السلسلة»، أما بشأن إضراب القضاة الذين يحذرون من المساس بمكتسباتهم، فأشار إلى أن «الرئيس سعد الحريري هو من يتواصل مع المراجع القضائية لمعالجة هذا الأمر». علما بأن مجلس القضاء الأعلى في لبنان، أعلن في بيان أصدره مساء أمس، انتهاء الإضراب الذي بدأه القضاة منذ يوم الثلاثاء، على أن تستأنف المحاكم جلساتها كالمعتاد بدءا من اليوم.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.