الجندي السعودي يدير معركة «الحزم والأمل» بشجاعة ومبادئ إنسانية راسخة

الجندي السعودي يدير معركة «الحزم والأمل» بشجاعة ومبادئ إنسانية راسخة
TT

الجندي السعودي يدير معركة «الحزم والأمل» بشجاعة ومبادئ إنسانية راسخة

الجندي السعودي يدير معركة «الحزم والأمل» بشجاعة ومبادئ إنسانية راسخة

«ألغيت المهمة بعد رصد مدنيين بالقرب من الهدف»... بهذه العبارة كشف طيار سعودي عن سبب عودته بطائرته المقاتلة المحملة بالذخيرة دون إطلاقها، في صورة تبرز الالتزام الأخلاقي والجانب الإنساني الذي يتصدر أولويات الجندي السعودي في مختلف الظروف.
ورغم أن الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح تتخذ من المدنيين دروعا بشرية، فإن تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية أصدر تعليمات صارمة بأهمية التأكد من عدم وجود أي مدنيين مهما كانت الظروف.
وقال الطيار السعودي في تصريحات سابقة: «ألغيت المهمة بتعليمات من التحالف بعد ملاحظة مدنيين وقت الاستهداف».
يجمع الجندي السعودي بين التأهيل العالي والاحترافية، مع حفاظه والتزامه بمبادئ وأخلاقيات الحرب والتعامل بإنسانية، في ظروف صعبة. جعلت منه نموذجا إيجابيا مقارنة بغيره.
ولم تكن إنسانية الجندي السعودي شعارا وليد اللحظة، بل كانت منهجية تسير عليها القوات السعودية بمختلف قطاعاتها منذ عقود. ومن خلال مشاركته ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن يؤكد الجندي السعودي أن الإنسانية منهجية راسخة تسير عليها القوات السعودية، عندما ظهر يقبل رأس مسن في حضرموت أثناء توزيع السلال الغذائية في دلالة إنسانية عميقة تدل على قوة الترابط والمحبة بين الشعبين السعودي واليمني.
ويتضح جليا أن الجندي السعودي يدرك تماما وبما لا يدع مجالا للشك أنه في مهمة إنسانية، ولا يسعى للعدوان على أحد بقدر ما يسعى لوقف عدوان وقع على أراضيه ومواطنيه، وسعى للنيل من سيادة دولته.
ورغم زرع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح عشرات القناصين على الشريط الحدودي من الجانب اليمني، فإن الجنود السعوديين يستقبلون يوميا - في حالة حرب - آلاف المواطنين اليمنيين نساء ورجالا، كبارا وصغارا، الهاربين من بطش الانقلابيين، وهو ما يدل على احترافية الجندي السعودي وإنسانيته والجاهزية الفنية واللوجيستية للتعامل مع مختلف الظروف.
وفي مركز ضمد الحدودي كانت صورة النقيب محمد صمداني وهو يحمل أطفال اليمن الذين تم إنقاذهم وهم على حافة الموت في الأودية الحدودية الوعرة، ونال منهم الجوع والعطش والإعياء، دليلا آخر على إنسانية الجندي السعودي، وهي الصورة التي نقلها المراسلون الصحافيون على الحدود، في الوقت نفسه كان النقيب عبد الإله المطيري في مركز نيد العقبة يتقاسم طعامه مع عائلة يمنية مكونة من أم مريضة وأب هارب من تجنيد الحوثيين الإجباري وأربعة أطفال.
وأثارت صورة جندي سعودي وهو يحمي جموعا من المصلين يؤدون صلاة الجمعة في إحدى ساحات العاصمة المؤقتة عدن إعجاب الكثيرين، واصفين المشهد بالمؤثر لا سيما أن الصورة التقطت بعد أيام قليلة على تحرير عدن من أيدي الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح. وهناك موقف آخر سجله الرقيب علي شراحيلي الذي رفض استهداف طفل لم يتجاوز عمره 12 عاما زجت به الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح على الحدود السعودية اليمنية، وجسد صورة للمبادئ الأخلاقية والإنسانية التي يسير عليها الجندي السعودي، مؤكدا أن الحرب لا تظهر فقط شجاعة المقاتل السعودي، بل أيضا إنسانيته، والقدرة على اتخاذ القرار المناسب في الأوقات الصعبة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.