التقديم الثلاثي للبرامج... جذب للمعلن أم كسب للمشاهد؟

انتقادات مصرية لانتشار الصيغة الجديدة على الفضائيات

التقديم الثلاثي للبرامج... جذب للمعلن أم كسب للمشاهد؟
TT

التقديم الثلاثي للبرامج... جذب للمعلن أم كسب للمشاهد؟

التقديم الثلاثي للبرامج... جذب للمعلن أم كسب للمشاهد؟

أصبحت البرامج ذات المقدِّمَين أو المقدمات الثلاث نهج تمشي عليه جميع القنوات الفضائية، فلا تخلو أي قناة من نوعية هذه البرامج، التي قد يقدمها ثلاثة فنانين أو ثلاث مذيعات.
أبرز هذه البرامج برنامج «نفسنة» الذي يُذاع على قناة «القاهرة والناس»، وهو البرنامج صاحب أكبر الأزمات الداخلية بين مذيعات البرنامج، التي لا تتوقف على الإطلاق، وآخرها اعتذار الفنانة بدرية طلبة عن تقديمه، إلى جانب النقد الذي يوجَّه دائما إلى المحتوى.
وسبق ذلك تجربة «الستات مايعرفوش يكدبوا»، الذي تقدمه الفنانة منى عبد الغني والمذيعة مفيدة شيحة.
ومع انطلاق قنوات dmc»»، ترسخت تجربة التقديم الثلاثي، فمنذ أسابيع ظهرت للنور تجربة تقدمها الإعلامية سناء منصور بعنوان «السفيرة عزيزة»، ويشاركها التقديم جاسمين طه زكي، وشيرين عفت، ونهى عبد العزيز، وتدور فكرة البرنامج حول قضايا المرأة، والعلاقات الزوجية والأبناء، والفن والموسيقى والتاريخ، ونماذج للمرأة المجتهدة الإيجابية وطموحاتها وهمومها ومشكلاتها.
على القناة ذاتها يوجد برنامج «قعدة رجالة»، للثلاثي شريف سلامة، وإياد نصار، والسوري مكسيم خليل. أما آخر التجارب، فهي بعنوان «ثلاثة في واحد»، وتقدمها الفنانات شيماء سيف، ونشوى مصطفى، وليلى عز العرب، على قناة «one»، وهو برنامج اجتماعي كوميدي.
طرحنا سؤالاً على المتخصصين عن أسباب لجوء إدارات القنوات إلى التقديم «الثلاثي» للبرامج، وهل هو جذب للمعلِن أم محاولة لكسب المشاهد من خلال جماهيرية كل طرف من المقدِّمين؟!
في البداية قال د. ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي: «أزمة كبيرة يعانيها الإعلام المصري، ومن أهم عناصر هذه الأزمة تراجع عائدات الإعلان وانصراف الجمهور عن المحتوى الجاد والميل الكبير لأنماط المحتوى الترفيهي، وضيق أفق الصناعة ومحددات برامج (الفورمات)، وبسبب هذه العوامل السابقة التي هي جزء من أزمة الإعلام المصري، ظهر ميل كبير في الصناعة لبرامج (فورمات) يقدمها فنانون أو إعلاميون للترفيه».
وأضاف الخبير: «مع نجاح أول برنامج من هذه النوعية سعى آخرون لاستنساخه، ومن سمات الإعلام المصري الاستسهال والاستنساخ، والدروس السابقة تؤكد ذلك، وبعد الهجمة الكبيرة على هذه البرامج سيبدأ الجمهور في الملل، وتقلّ عائداتها الإعلانية وتظهر موضة جديدة».
ويوضح: «لدينا تجربة شهيرة هي تجربة (التوك شو) السياسي الذي كان في الماضي يقدمه معتز الدمرادش ومنى الشاذلي، ثم تم استنساخه، وبعد أن تعلمنا الدرس حدثت (هجمة مرتدة) عليها لصالح البرامج الترفيهية، ومنها برنامج الترفيهي الثلاثي»، وأرجع سبب تقديم هذه النوعية لمحتوى ضعيف، بسبب تدني المعايير المهنية وضيق أفق الصناعة، وانصراف الجمهور عن المحتوى السياسي، وضيق تناول هوامش السياسي الجاد، لذلك اتجهت لتقديم محتوى في مستوى ترفيهي ذي السمة الهزلية، وتوقع أنه سيحدث تشبُّع فضمور في فترة أقل من عام، وفي هذا السياق يقول الإعلامي المصري محمود الورواري: «نحن أمام مدرستين؛ الأولى مدرسة الشكل، والثانية الموضوع والمضمون، في الماضي كان هناك مذيع واحد يحاوِر أكثر من ضيف، وكان التركيز أكثر على المحتوى وليس الشكل، ثم بدأنا نرى بعض الظواهر، وهي ثلاث مذيعات يحاورن ضيفاً واحداً أو ضيفين على الأكثر، وهنا تم إحلال وتبديل بمعنى أن الشكل أصبح قبل المضمون. أصحاب هذه المدرسة يبررون ذلك بأن الإعلام هو لغة الكيف، وليس لغة السؤال، وكيف يتم عرض الموضوع عن طريق الشكل والإبهار، بالتأكيد له كامل الاحترام والتقديم في رأيهم، لستُ ضدّ هذا الشكل من الحوار في حال إذا كانت الحصة البرامجية تسمح بذلك».
وأضاف الورواري: «أما إذا كان الأمر في إطار الاستعراض، أي إرضاء المشاهد شكلاً وليس مضموناً، أو تقديم شكل فارغ دون محتوى، هنا يتحول الأمر إلى (شو)، فمن الممكن أن يكون في هذه الحالة شكلاً آخر غير أن يكون برنامجاً تلفزيونياً معتاداً عليه، ونحن أمام مضمون، والمضمون يختار شكله، والقاعدة التلفزيونية تقول: (المضمون الجاد يفرض شكلاً جاداً، والمضمون الساخر والكوميدي يفرض شكلاً ساخراً وكوميدياً)»، لافتاً إلى أنه ليس ضد أن يوجد برامج تقدِّم أنواعاً كثيرة من الموضوعات، لكن بشرط أن تكون واضحة في مضمونها، بمعنى أنه من الممكن تقديم شكل جاد بطريقة ساخرة، وهذا شكل تلفزيوني، ولكن يكون واضحاً في التناول، و«أحترم وأقدِّر ذلك، ويكون ذلك في برنامج واحد بالقناة».
ومن جهتها، هاجمت مذيعة «النيل للأخبار» بالتلفزيون المصري، ماجدة القاضي، هذه النوعية من البرامج قائلة: «تقليد وهوجة ودلالة ضعف من صنّاعها ولا يوجد فيها حالة فكرية حقيقة، ومجرد ضحك وتسلية دون مضمون، ولم يستطِع صنَّاعها أن يأتوا بشخصيات متنوعة تملأ برنامجاً بشكل حقيقي، لذلك يعتمدون على التعدد في التوجهات وإن كانت مصطَنَعة وساذجة، وليست حقيقية».
واستطردت القاضي: «إننا أصبحنا نرى أن هذه البرامج نسخ من بعضها، واعتمدت على أنصاف النجوم، وعادة على فنانين من الطراز الكوميدي اعتماداً على أنهم (كاريكاتيريون) بالنسبة للجمهور».
وبالنسبة لآراء البعض من الجمهور عن هذه البرامج، يقول المهندس الشاب محمد فريد: «لستُ من مؤيدي هذه النوعية من البرامج، لا سيما أنها أثبتَتْ فشَلَها بتقديم محتوى فارغ، بالإضافة إلى تحويل الحلقة إلى خناقة بين المذيعات، وتنتهي بترك المذيعة البرنامج على الهواء دون احترام المشاهد كما حدث في برنامج (نفسنة)»، ويعتبر المهندس أن «هذا البرنامج نموذج سيئ لهذه النوعية»، ويؤكد أن تجربة المذيع الواحد هي الأنجح على الإطلاق حتى الآن».
أما نسمة محمود ربة منزل فترى أن «هذه البرامج مليئة بالإسفاف وتناقش موضوعات وأفكاراً لا يجوز تناولها، وبعيدة عن مجتمعنا المصري والعربي. وأخشى على أطفالي منها، وهذا البرامج موجودة لملء وقت على الشاشة».
وخُتِم الحديث مع آية عبد الله (طالبة جامعية) التي قالت: «أتابع هذه البرامج عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) ليس من أجل الاستفادة ولكن للسخرية من تصرفات مذيعاتها وطريقة حوارهنّ مع بعضهن».



لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
TT

لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})

رغم تمتع بعض متسابقي برامج اكتشاف المواهب الغنائية العربية بشهرة واسعة خلال عرض حلقاتها المتتابعة، فإن تلك الشهرة لم تصمد طويلاً وتوارت بفعل اختفاء بعض المواهب الصاعدة من الشاشات عقب انتهاء مواسم تلك البرامج، وفق موسيقيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» وأثاروا تساؤلات بشأن أسباب تعثر خطوات المواهب الصغيرة والشابة وانطلاقها بشكل احترافي في عالم الغناء.

الناقد الفني المصري أحمد السماحي الذي كان مسؤولاً في أحد هذه البرامج أكد أن «الغرض من هذه البرامج هو الربح المادي وليس الاكتشاف الفني»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بعض القنوات تستغل طموحات الشباب الباحثين عن الشهرة لتحقيق مكاسب دون إضافة حقيقية للفن، والدليل أن كثيراً من المواهب التي ظهرت من خلال هذه البرامج، وصوّت لها الملايين في أنحاء العالم العربي تعثرت بل واختفت في ظروف غامضة».

محمد عطية ({فيسبوك})

وتعددت برامج اكتشاف المواهب الغنائية عبر الفضائيات العربية خلال الألفية الجديدة ومنها «سوبر ستار»، و«ستار أكاديمي»، و«أراب أيدول»، و«ذا فويس»، و«ذا إكس فاكتور»، و«ستار ميكر».

ويوضح السماحي: «رغم أن كثيراً من هذه الأصوات رائعة، لكنها للأسف الشديد تجلس في البيوت، ولا تجد فرصة عمل، مثل المطرب الرائع الصوت محمود محيي الذي هاجر من مصر بعد حصوله على لقب (ستار أكاديمي) في الموسم التاسع عام 2014، حيث اضطر للتخلي عن حلمه بالغناء، متوجهاً للعمل موظفاً في إحدى الشركات».

نسمة محجوب ({فيسبوك})

ويؤكد الناقد الفني أن «هذه البرامج اكتشفت مواهب حقيقية، وسلطت الضوء على كثير من الأصوات الجيدة، لكن أين هم الآن في عالم النجوم؟».

ورغم أن «مسابقات الغناء كانت تركز على الدعاية والأنشطة التجارية، فإنها في الوقت نفسه قدمت فرصاً لكثيرين، فإن الحكم في النهاية يكون للكاريزما وحلاوة الصوت، ما يساعد على الانطلاق والمضي قدماً، وتحقيق جماهيرية بالاعتماد على النفس». وفق الشاعرة السورية راميا بدور.

محمد رشاد ({فيسبوك})

وأوضحت بدور في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه البرامج كانت النقطة المحورية التي ساعدت بعض المواهب على الانتشار، لكنها ليست منصفة أحياناً وكلما خاضت الموهبة منافسات أكبر واستمرت ذاع صيتها، ولكن بالنهاية أين هم حاملو الألقاب؟».

في المقابل، يشدد الملحن المصري وليد منير على أن برامج مسابقات الغناء تسلط الضوء على المواهب وتمنحهم فرصة الظهور، لكن النجومية تأتي عقب الشهرة المبدئية. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «صناعة قاعدة جماهيرية للمواهب أمر صعب، ويبقى الاعتماد على اجتهاد المطرب من خلال (السوشيال ميديا) لاستكمال الطريق بمفرده». وحققت كلٌّ من جويرية حمدي ولين الحايك ونور وسام وأشرقت، شهرة على مستوى العالم العربي عبر برنامج «ذا فويس كيدز»، لكن الأضواء توارت عن معظمهن.

أماني السويسي ({فيسبوك})

ويرى الناقد الفني اللبناني جمال فياض أن «جيل ما قبل الألفية الجديدة حقق علامة بارزة من خلال برامج اكتشاف المواهب في لبنان»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نجوم كثر خرجوا من هذه البرامج وأصبحوا نجوماً حتى اليوم، لكن البرامج التي أنتجت خلال الألفية الجديدة لم تؤثر مواهبها في الساحة باستثناء حالات نادرة». وأوضح فياض أن «سيمون أسمر صاحب برنامج (استوديو الفن) كان يرعى النجم فنياً بشكل شامل، ويقيم حفلات كبيرة لتفعيل علاقاته بالإعلام»، وأشار إلى أن «بعض المواهب هي اكتشافات ولدت ميتة، وقبل ذلك تركت بلا ظل ولا رعاية، لذلك لا بد أن يعي المشاركون أن نهاية البرنامج هي بداية المشوار بعد الشهرة والضجة».

فادي أندراوس ({إنستغرام})

وساهمت هذه البرامج في بروز أسماء فنية على الساحة خلال العقود الماضية، من بينها وليد توفيق، ماجدة الرومي، وائل كفوري، راغب علامة، غسان صليبا، نوال الزغبي، ديانا حداد، ميريام فارس، رامي عياش، علاء زلزلي، وائل جسار، إليسا، وإبراهيم الحكمي، وديانا كرزون، و ملحم زين، شادي أسود، رويدا عطية، شهد برمدا، سعود بن سلطان، سعد المجرد، وكارمن سليمان، ومحمد عساف، دنيا بطمة، ونداء شرارة، ومحمد عطية، هشام عبد الرحمن، جوزيف عطية، شذى حسون، نادر قيراط، عبد العزيز عبد الرحمن، ناصيف زيتون، نسمة محجوب، وفادي أندراوس، وأماني السويسي.

لكن موسيقيين يفرقون بين برامج الألفية القديمة التي كانت تعتني بالمواهب وتدعمها حتى تكون قادرة على المنافسة، وبرامج الألفية الجديدة التي كانت تهتم بـ«الشو» على حساب دعم المواهب.

ويؤكد الناقد الفني المصري أمجد مصطفى أن «سيمون أسمر عندما قدم برنامجه (استوديو الفن)، كان الأوحد في العالم العربي، وكانت نتائجه واضحة، لكن عندما انتشرت برامج أخرى لم يكن هدفها اكتشاف أصوات بل التجارة». على حد تعبيره.

ويرى مصطفى أن «(السوشيال ميديا) سحبت البساط من برامج المسابقات التي يعدها (موضة) انتهت». فيما يرهن الملحن المصري يحيى الموجي نجاح برامج اكتشاف المواهب بوجود شركة إنتاج تدعمها أو إنتاج ذاتي لاستكمال المشوار، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه البرامج إذا كانت جادة فعليها أن تتبنى المواهب وتنتج لهم أغانيّ، لكن ذلك لم يحدث مطلقاً، والنتيجة تعثرهم وعدم وجودهم على الساحة».